مع إعلان تركيا إصرارها على إتمام صفقة صواريخ "إس 400" الروسية، صعدت واشنطن من لهجتها ضد أنقرة، رغم اتصالات أردوغان الهاتفية بالرئيس دونالد ترامب.
قال المتحدث باسم الكرملين دمتري بسكوف، الأربعاء، إن تسليم أنظمة الصواريخ الروسية "إس 400" إلى تركيا تسير وفقا للجدول الزمني المخطط له، مضيفًا أن "عملية التسليم ستتم في وقت أبكر مما كان مخططا له، نزولا على رغبة الجانب التركي".
من جانبها قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن تركيا ستواجه عواقب خطيرة، إذا استكملت صفقة صواريخ "إس 400" مع روسيا.
صفقة إس 400
وأعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن فريق خبراء روس سيزور تركيا قريبا لنصب منظومات الصواريخ من طراز "إس-400"، التي اشترتها أنقرة من موسكو.
وقال أكار: "نشتري عددا من المنظومات لضمان حياة 82 مليون شخص (سكان تركيا)، ومن بين منظومات الدفاع الجوي اخترنا إس-400".
وتابع أكار: "هذه الصفقة مبرمة وناجزة، ورئيسنا أكد ذلك مرارا، وسيحضر من روسيا فريق فني لنصب هذه المنظومات".
وفي تطرقه إلى موعد توريد المنظومات، أشار وزير الدفاع التركي إلى أنها قد لا تمنح لتركيا في يونيو، مثلما قيل سابقا، "لكنها ستصل في الأشهر المقبلة"، مضيفا: "العملية بدأت".
ونفى أكار صحة التقارير التي تحدثت عن إمهال الولايات المتحدة تركيا، حتى الأسبوع الأول من يونيو، للتخلي عن صفقة "إس400"، وإلا فستعرض نفسها لعقوبات أمريكية.
تحذيرات أمريكية
قالت وزارة الخارجية الأمريكية، على لسان المتحدثة مورغان أورتاغوس إن تركيا ستواجه عواقب خطيرة، إذا استكملت صفقة صواريخ "إس 400" مع روسيا.
وأعلن رئيس قسم الاتصالات في إدارة الرئيس التركي، فخر الدين ألطون، أن الرئيس رجب طيب أردوغان، اقترح مجددا خلال محادثة هاتفية مع نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، إنشاء مجموعة عمل حول توريد منظومة "إس-400" الروسية إلى بلاده.
يأتي التصريح الأمريكي، بعدما أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن عمليات تسليم منظومات "إس — 400" إلى تركيا تتم قبل المواعيد المخطط لها بناء على طلب الجانب التركي ولا يوجد أي تأخير.
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أعلن أن تركيا ربما لا تتسلم منظومة صواريخ إس-400 الروسية في يونيو، ونقلت محطة "خبر ترك" التلفزيونية عن أكار، قوله في مقابلة يوم الاثنين الماضي، إن تسليم "إس-400" ربما لا يتم في يونيو، وهو الموعد الذي قالت تركيا في وقت سابق إن من المقرر وصول الصواريخ فيه، لكنه أضاف أن الاتفاق صفقة محسومة.
وأثار نبأ تعاقد تركيا على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية حفيظة واشنطن، التي ترى ضرورة بأن تشتري تركيا تقنيات عسكرية من صنع أمريكي أو أطلسي، كونها عضواً في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأعلنت تركيا أنها لن تتخلى عن صفقة شراء منظومات صواريخ الدفاع الجوي الروسية من طراز "إس — 400" وأن الدفعة الأولى من هذه الصواريخ ستصل إلى البلاد في يوليو هذا العام.
مخاوف ترامب
من جانبها تزعم الولايات المتحدة الأمريكية، أن منظومات صواريخ "إس — 400"، لا تتطابق ومعايير حلف الناتو، مهددة تركيا بفرض عقوبات، بل وأعلنت مرارا، أنه بإمكانها تأخير أو إلغاء عملية بيع أحدث طائراتها من طراز "إف — 35" لأنقرة، خاصة وأن تركيا تعتبر إحدى الدول الأعضاء في البرنامج الدولي الأمريكي الخاص بتصنيع الطائرة "إف-35"، إلا أن تركيا أعلنت أكثر من مرة من جانبها، بأن منظومات صواريخ "إس — 400 "، لا تعد تهديدا بالنسبة لطائرات "إف — 35".
ومطلع أبريل، علقت واشنطن تسليم معدات إلى تركيا تنشر على الأرض، مرتبطة باستخدام طائرات إف-35 المصممة، لتكون قادرة على الاتصال في الوقت الحي بأنظمة الحلف الأطلسي العسكرية، وبينها الدفاع المضاد للصواريخ.
ودافع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في 21 مايو، عن موقف بلاده بشأن الصواريخ الروسية، مؤكدا أن أنقرة مستعدة لمواجهة عقوبات أميركية محتملة.
وعرضت واشنطن على أنقرة تسليمها صواريخ أمريكية من نوع باتريوت كبديل من الصواريخ الروسية إس-400، لكن المحادثات بهذا الشأن لم تتقدم.
وقالت المفوضية الأوروبية الأربعاء إن آمال تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي تتلاشى، مشيرة إلى ما وصفته بتدهور الأوضاع في المحاكم والسجون والاقتصاد، في حين اعتبرت أنقرة أن التقرير يعكس أزمة وجودية تعيشها أوروبا.
وأوضحت المفوضية في تقريرها السنوي -عن التقدم الذي أحرزته أنقرة نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي، وهو المسار الذي اتخذته رسميا منذ عام 2005- أن "تركيا مستمرة في التحرك بعيدا عن الاتحاد الأوروبي".
وأضافت أن ترشح تركيا للانضمام إلى أكبر مجموعة تجارية في العالم مجمد بسبب "مزيد من التراجع الخطير" في مجالات حقوق الإنسان واستقلال القضاء والسياسات الاقتصادية المستقرة، غير أن التكتل لا يزال يعتبر تركيا حليفا أمنيا وثيقا.
وتقول دول عديدة بالاتحاد الأوروبي إن تركيا لم تعد تستوفي المعايير الديمقراطية لتكون مرشحا، ناهيك عن أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وجاء في التقرير أيضا أن حرية التعبير والاحتجاج تواجه قيودا، وأن الديمقراطية المحلية في خطر، بالإضافة إلى استمرار التراجع الخطير في الاقتصاد التركي؛ مما يؤدي إلى مخاوف أعمق بشأن أداء اقتصاد السوق في البلاد".
وقالت المفوضية إن من دواعي القلق البالغ إلغاء الانتخابات البلدية في إسطنبول التي أجريت في مارس/آذار الماضي، وفازت فيها المعارضة بعد 25 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، وتحديد موعد جديد لها في 23 يونيو/حزيران المقبل.
وأكدت المفوضية أن ذلك "يتعارض مع جوهر العملية الانتخابية الديمقراطية، أي ضمان سيادة إرادة الشعب".
تركيا ترد
وفي معرض الرد التركي على هذه الانتقادات، أكد رئيس شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا فاروق قايمقجي أنه لا يمكن قبول الانتقادات "غير العادلة وغير المتناسبة الواردة" في تقرير الاتحاد الأوروبي عن تركيا.
وقال إنه لا يمكن قبول الحديث عن منظمة "الخدمة" التي يقودها المعارض التركي فتح الله غولن في التقرير، وكأنها منظمة مجتمع مدني، وذكرها على شكل "حركة غولن".
وبيّن أن تقرير الاتحاد الأوروبي عن تركيا يتضمن عبارات غير صحيحة بشأن ابتعاد تركيا عن الاتحاد، لافتا إلى أن تركيا ستسجل الانتقادات المتناسبة والمعقولة بعناية وستستخدمها باعتبارها عوامل بناءة تسهم في الإصلاحات.
وأشار قايمقجي إلى أن التقرير يعكس ما وصفها "بالأزمات الوجودية للاتحاد الأوروبي"، مضيفا أنه "كما رأينا في انتخابات البرلمان الأوروبي، فالتيارات الشعبوية لقيت استجابة في الرأي العام الأوروبي".
يذكر أن أنقرة واجهت تقارير قاسية من المفوضية على مدى سنوات، لكن لم يكن أي منها شديد الانتقاد على هذا النحو في العديد من المجالات.