تحركت ألمانيا على أعلى المستويات وتدخلت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل كما أعرب الرئيس الإسرائيلي عن قلقه، عقب تصريحات أدلى بها مسئول حكومي ألماني حول قلنسوة (الكيباه) اليهودية.. فماذا قال؟ ولماذا تدخلت ميركل؟.
أطلق فليكس كلاين، المسول عن ملف معاداة السامية لدى الحكومة الألمانية تحذيرات لليهود من ارتداء القلنسوة الخاصة بهم في الأماكن العامة.
وأشار كلاين إلى أنه لا ينصح اليهود بارتداء القلنسوة في كل مكان وفي جميع الأوقات في ألمانيا بسبب تنامي مناخ معاداة السامية.
وأثار تحذير كلاين الكثير من الجدل ، ودعت ألمانيا مواطنيها إلى ارتداء القلنسوة اليهودية تضامنا مع اليهود، وذلك بالتزامن مع تظاهرة مناهضة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
ما الذي قاله فيلكس كلاين؟
برأي كلاين فإن "الفظاظة وغياب الضوابط" في المجتمع قد تكون وراء الارتفاع الكبير في الجرائم المعادية للسامية.
وأضاف أن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي و"الهجمات المستمرة التي تستهدف ثقافة تذكر ما حصل" لليهود قد تكون عوامل مساهمة أيضا في زيادة هذه النسبة.
كما دعا ضباط الشرطة والمعلمين والمحامين لاتباع تدريبات لتوضيح "ما المسموح وما الممنوع" عند "التعامل مع معاداة السامية".
وجاءت تصريحات كلاين بعد أسابيع من إعلان خبيرة قانونية مختصة بقضايا معاداة السامية في ألمانيا أن الأحكام المسبقة بحق اليهود لا تزال "متجذرة بعمق" في المجتمع الألماني.
وقالت كلوديا فانوني لوكالة الأنباء الفرنسية: "لطالما تجلت معاداة السامية هنا. لكنني أعتقد أنها أصبحت في الآونة الأخيرة أكثر وضوحا وأكثر عدوانية وفظاظة".
كيف رد رئيس إسرائيل؟
وعلق رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي رؤوفين ريفلين على تصريحات كلاين ، وأعرب عن صدمته مؤكدا أن كلام كلاين يمثل استسلاما أمام معاداة السامية ومؤشرا واضحا على أن اليهود ليسوا في مأمن بألمانيا.
وأكد ريفلين في بيان: "إننا نقدر الموقف الأخلاقي للحكومة الألمانية والتزامها تجاه الجالية اليهودية التي تعيش هناك، لكن المخاوف بشأن أمن اليهود الألمان هي استسلام لمعاداة السامية والاعتراف مرة أخرى بأنّ اليهود ليسوا آمنين على الأراضي الألمانية"، وتابع: "لن نخضع أبدا، ولن نخفف من نظرتنا ولن نتفاعل أبدًا مع معاداة السامية بالهزيمة، ونطالب حلفاءنا بالتصرف بالطريقة نفسها".
ما تعليق الحكومة الألمانية؟
سرعان ما تدخلت الحكومة الألمانية على الخط لتخفيف التوتر حيث قال ستافان سيبرت، المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "يجب على الدولة ضمان أن تكون حرية التعبير الديني متاحة للجميع"، مضيفا: "يجب أن يكون بإمكان كل شخص أن يذهب لأي مكان في بلدنا بأمان كلّي وهو يرتدي القلنسوة".
من جهته دعا فليكس كلاين مجددا جميع المواطنين في برلين وألمانيا إلى ارتداء القلنسوة السبت المقبل في حال حدوث اعتداءات جديدة تستهدف إسرائيليين أو يهود بمناسبة يوم القدس في برلين، وهي المناسبة السنوية التي يتم الاحتفال بها تضامنا مع الفلسطينيين ضدّ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على القدس.
ويوم القدس هو حدث سنوي يقام نهاية شهر رمضان، وقد أطلقته إيران في العام 79 من القرن الماضي لدعم الفلسطينيين ومعارضة احتلال إسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
واستقطب الحدث في السنوات الماضية متظاهرين مناهضين لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت وزيرة العدل الألمانية كاتارينا بارلي: "إن المجتمع بأسره بحاجة إلى توخي الحذر"، مضيفة: "يجب أن نحمي الحياة اليهودية بكل الوسائل القانونية لدولتنا الدستورية ونحمل مرتكبيها المسئولية على الفور".
وأضافت بارلي: "تزايد العنف ضد اليهود أمر مخزٍ بالنسبة لألمانيا حيث تهاجم الحركات اليمينية ديمقراطيتنا وتستهدف تعايشنا السلمي".
كيف تدخلت ميركل؟
ومع تزايد الجدل و نشر صحيفة "بيلد" الألمانية على صدر صفحتها صورة لقلنسوة ودعوتها قراءها إلى التضامن مع جيرانهم اليهود من خلال صنع قلنسوة خاصة بهم تحمل نجمة داوود لمواجهة معاداة السامية.
كما شنت صحيفة "بيلد" الشهيرة حملة، نشرت خلالها على الصحيفة قلنسوة "كيبا" يمكن قصها ووضعها على الرأس.
وكتب الصحيفة في عنوانها الرئيسي: "القلنسوة ألمانية". وكتب رئيس التحرير، جوليان ريشيلت، افتتاحية قال فيها إن نشر صورة القلنسوة التي تحمل نجمة داود جاء ردا على كلمات كلاين. وتابع: "اشرحوا لأطفالكم ماهية القلنسوة وارفعوا صوركم على فيسبوك وتويتر وانستغرام وأنتم ترتدون القلنسوة اليهودية".
وتدخلت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعلقت على الحملة قائله إنه لا توجد مؤسسة يهودية في ألمانيا لا تحتاج إلى الحماية الأمنية.
وفي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الثلاثاء، أوضحت ميركل "أن ألمانيا يجب ألا تتسامح مع مظاهر العداء للسامية"، وذلك على ضوء العاصفة التي أحدثتها تصريحات كلاين .
وقالت ميركل: "كان هناك دائما معادون للسامية بيننا. لسوء الحظ، حتى يومنا هذا، ما من كنيس أو حضانة أطفال يهود أو مدرسة يهودية ليست بحاجة الى الحماية الأمنية بواسطة رجال شرطة ألمان". وتابعت ميركل إن هذه ظاهرة صعبة يجب عدم التهادن معها.
لماذا تصاعدت الاعتداءات ضد اليهود؟
تشير الإحصاءات التي نشرتها الداخلية الألمانية إلى تصاعدت معدلات العنف المرتبط بمعاداة السامية العام الماضي حيث تم تسجيل 1664 جريمة كراهية ضد اليهود خلال العام 2018، وذلك بزيادة 10 في المائة مقارنة بالعام 2017.
كما ارتفعت معدلات جرائم العنف البدني بحق اليهود خلال الفترة نفسها لتصل إلى 62 حالة مقارنة بـ 37 خلال العام 2017، وأوضحت الداخلية الألمانية أن ارتفاع عدد الجرائم الناتجة عن معاداة للسامية مرده بالدرجة الأولى إلى تصاعد أسهم اليمن المتطرف، فصعود حزب البديل من اجل المانيا اليميني المتطرف، ساهم في تغيير الأجواء.
وحذرت جماعات يهودية من أن ارتفاع شعبية أحزاب اليمين المتطرف يعزز من معاداة السامية ومن كراهية الأقليات الأخرى في جميع أنحاء أوروبا.
فمنذ عام 2017، أصبح حزب "البديل من أجل ألمانيا AFD" اليميني المتطرف هو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد. ويعارض هذا الحزب علنا الهجرة، لكن الحزب ينفي اعتناقه أية آراء معادية للسامية.
وبالرغم من ذلك، أثارت تعليقات عدد من سياسيهم، بما في ذلك ملاحظات تتعلق بالهولوكوست، انتقادات جماعات يهودية وسياسيين آخرين.
وكشف مسح أجري العام الماضي وشمل آلاف اليهود الأوروبيين أن كثيرين منهم كانوا قلقين بشكل تزايد معاداة السامية.