تظاهر نحو ألفي طالب جزائري الأحد بمناسبة عيدهم الوطني للمطالبة برحيل كل رموز السلطة الحاكمة المرتبطة بنظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة ورفض الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 يوليو.
اعتاد الطلاب على التظاهر كل يوم ثلاثاء منذ بداية الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة في 22 فبراير، إلا انهم استغلوا هذه المرة ذكرى يوم الطالب في 19 مايو 1956 حين ترك الطلاب الجزائريون مقاعد الجامعات والتحقوا بحرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي.
ولأول مرة منذ سنوات يتم الاحتفال باليوم الوطني للطلاب بهذه الطريقة، فقد اختار الطلبة أن يكون مكانهم في الشارع من أجل التظاهر، وإعطاء شحنات إضافية للحراك الشعبي الذي بدأ يوم 22 فبراير الماضي، والذي غير حركة التاريخ في البلاد.
وغابت لأول مرة الاحتفالات الرسمية والبروتوكولية، وغابت أيضا عبارة «تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية»، وطبعا لم تكن هناك رسالة مكتوبة طويلة عريضة تقرأها مقدمة أو يقرأها مقدم نشرة الثامنة مساء في التلفزيون الحكومي، وفضل الطلبة النزول إلى الشارع لتجديد المطالب المرفوعة في كل المظاهرات السابقة، خاصة ما تعلق بمطلب تغيير النظام، وضرورة رحيل الباءات الثلاث، والمقصود به رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس مجلس الشعب معاذ بوشارب، وكذلك تأجيل الانتخابات الرئاسية التي من المقرر إجراؤها في الرابع من يوليو المقبل.
ويبدو أن الصيام والحرارة في اليوم الرابع عشر من شهر رمضان، لم يؤثرا على التعبئة الكبيرة للطلاب، كما لم يؤثر الانتشار الكبير لقوات الأمن في وسط العاصمة.
وبدأ تجمع الطلاب أمام الجامعة المركزية بوسط الجزائر العاصمة وحاولوا تنظيم مسيرة نحو مقر المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) لكن الشرطة المنتشرة بكثافة منعتهم بالقوة مستخدمة الهراوات ، بحسب "أ ف ب".
وردّد الطلاب في وجه قوات الأمن "يا للعار يا للعار" وهم يحاولون الهرب من ضربات الهروات، نحو الشوارع المجاورة لشارع زيغود يوسف حيث مقر البرلمان.
وأطلق الطلبة صفارات استهجان أمام مبنى مجلس الأمة، الذي كان يترأسه عبد القادر بن صالح، قبل تعيينه رئيسا مؤقتا للبلاد بعد استقالة بوتفليقة، في 2 أبريل الماضي.
كما ردّد الطلاب المتجمعون في ساحة البريد المركزي، التي أصبحت نقطة التقاء كل المتظاهرين، شعار "ماكانش انتخابات يا العصابات" (لا للانتخابات أيتها العصابات).
ويسود تخوف لدى نقابة الأساتذة، من سنة بيضاء (بدون دراسة) في ظل استمرار مقاطعة الطلبة للدراسة منذ مارس الماضي، وإصرارهم على رحيل رموز النظام.
وأصبح رفض الانتخابات مطلبا ملحّا للحركة الاحتجاجية كما في التظاهرة الكبرىة كل يوم الجمعة، وهو ما عبرت عنه كذلك ثلاث شخصيات بارزة، داعية القيادة العسكرية إلى الحوار.
وتساءل كل من أحمد طالب الابراهيمي وزير الخارجية الأسبق، والمحامي علي يحيى عبد النور المناضل من اجل حقوق الانسان والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، "كيف يمكن أن نتصور إجراء انتخابات" تنظمها "مؤسسات ما زالت تديرها قوى غير مؤهلة معادية للتغيير البناء؟".
ودعت 46 منظمة وجمعية جزائرية، الأحد، قيادة الجيش إلى فتح حوار مع الطبقة السياسية والمجتمعية من أجل إيجاد حل توافقي للأزمة، وعدم إجراء انتخابات الرابع من يوليو ، التي دعا إليها الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح.
جاء ذلك في بيان عقب اجتماع لها في العاصمة تحت عنوان «اللقاء التشاوري للمجتمع المدني إسهاما في حل الأزمة السياسية للبلاد»، تلقت الأناضول نسخة منه.
وورد في الوثيقة «ندعو مؤسسة الجيش الوطني الشعبي، إلى فتح حوار صريح مع ممثلي المجتمع المدني والطبقة السياسية من أجل إيجاد حل سياسي توافقي يستجيب للطموحات الشعبية في أقرب الآجال».
كما أعلنوا «الرفض المطلق» لإجراء الانتخابات الرئاسية في 04 يوليو، مع ضرورة رحيل رموز النظام الحالي تلبية للمطالب الشعبية.
وقبل أيام، أعلن بن صالح، خلال استقباله لرئيس الوزراء نور الدين بدوي، تمسكه بإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها، رغم رفضها شعبيا ومن طرف جل أطياف المعارضة في البلاد.
وسابقا دعت قيادة الجيش إلى فتح حوار مع مؤسسات الدولة، لتوفير الظروف لتنظيم انتخابات في أقرب الآجال، بشكل أعطى الانطباع أنها غير متمسكة بموعد الرابع من يوليو، الذي ترفضه المعارضة والحراك الشعبي.
والجمعة، تجددت المظاهرات في عدة مدن في مقدمتها العاصمة، للجمعة الـ 13 على التوالي؛ للمطالبة برحيل رموز نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ورفض انتخابات الرئاسة المقررة في الرابع يوليو.
ومنذ استقالة الرئيس بوتفليقة في 2 أبريل ، عاد الجيش لاداء دور محوري في الحياة السياسية وأصبح رئيس أركانه الفريق أحمد قايد صالح الرجل القوي في الدولة وهو الذي خدم مع بوتفليقة 15 سنة.
ولم تهدئ هذه الاستقالة غضب الشارع الذي أصبح يطالب برحيل كل "النظام" الموروث من عهد بوتفليقة الذي عمّر عشرين سنة في الحكم.