رئيس التحرير: عادل صبري 10:40 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

«رجل الزيت والسكر».. من هو يسعد ربراب الذي اعتقلته السلطات بالجزائر؟

«رجل الزيت والسكر».. من هو يسعد ربراب الذي اعتقلته السلطات بالجزائر؟

العرب والعالم

يسعد ربراب

«رجل الزيت والسكر».. من هو يسعد ربراب الذي اعتقلته السلطات بالجزائر؟

إنجي الخولي 23 أبريل 2019 05:44

في إطار حرب النفوذ وإثبات القوى الدائرة في الجزائر، حظى خبر إلقاء القبض على رجل الأعمال يسعد ربراب على أهمية شديدة.. فمن هو الرجل الذي يعتبر من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في البلاد، الذي تصدرت صوره وفيديو اعتقاله وسائل الإعلام ؟.

 

يسعد ربراب ، أحد أهم وأغنى رجال الأعمال، ليس في الجزائر وحدها ولكن في العالم العربي كله ، وهو أول ملياردير جزائري بعد الاستقلال ، أوقفته مصالح الدرك الوطني الجزائري الاثنين.

وبحسب التلفزيون العمومي، فإن التهم الموجهة لرجل الأعمال تتمثل في تورّطه بالتصريح الكاذب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، كما اتهم بتضخیم فواتیر واستیراد عتاد مُستعمل، بالرغم من الاستفادة من امتیازات جبائیة ومصرفیة.

 

أغنى رجال إفريقيا

 

يسعد ربراب هو رجل أعمال وملياردير جزائري، وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة سيفيتال Cevital الصناعية، أكبر شركة خاصة في الجزائر، والتي تنشط في مجال الصلب والمواد الغذائية والصناعات الزراعية والإلكترونيات.

 

ووفقاً لموقع  "فوربس" فإن ربراب أصبح أغنى رجل في إفريقيا في يونيو 2017، إذ تقدر ثروته الصافية بـ 4.31 مليار دولار أمريكي. لكن في 2019، تراجعت ثروة ربراب إلى 3.8 مليار دولار، ليصبح سادس أغنى رجل في القارة السمراء. ويحتل ربراب المركز الثاني خلف المصري ناصيف ساويرس في قائمة أغنى أغنياء العرب.

 

قصة أول ملياردير جزائري

 

وُلد عام 1945 في ولاية تيزي وزو، منطقة القبائل. بعد تخرجه من المدرسة المهنية، درس ربراب المحاسبة والقانون التجاري، و ترك الدراسة، وبدأ شركته المحاسبية الخاصة عام 1968.

 

بدأ يسعد ربراب حياته المهنية الصناعية عام 1971، عندما اقترح أحد عملائه أن يشارك في شركة صغيرة في مجال تحويل الحديد.

 

كانت الشركة واسمها «سيتوكوم Sotecom» مكونة من 5 شركاء و5 عمال مبتدئين فقط، وقام بدفع مبلغ 27 ألف دينار جزائري مقابل حصوله على 20% من الأسهم. ولأن رواتب الشركاء لم تتجاوز 400 دينار شهرياً، ظل محتفظاً بمكتب المحاسبة.

 

لكن في عام 1974، قرر شركاء ربراب الانسحاب من الشركة، وقرر ربراب إنشاء شركته الخاصة، والتي رأت النور عام 1975 تحت اسم «بروفيلور Profilor»، التي بدأت نشاطها بأربعة موظفين فقط وبعد 4 سنوات باتت توظف 200 عامل.

 

نجاح الشركة دفع رجل الأعمال الجزائري إلى شراء عدة شركات أخرى كلها في مجال تحويل الحديد. دخل ربراب عالم كبار رجال الأعمال سنة 1988 حين قرر إنشاء شركة ميتال سيدار Metal Sider. حققت هذه الشركة رقم أعمال عام 1992 قدر بـ 6.4 مليار دينار، أي ما يعادل 300 مليون دولار في ذلك الوقت، وبلغ الربح الصافي 33 مليون دولار ، بحسب "هاف بوست عربي".

 

 وتحولت الأمور بشكل دراماتيكي، في عام 1995، تم تدمير منشآته الرئيسية في هجوم عنيف. فقد تسلل 50 شخصاً داخل المؤسسة، ووضعوا 14 قنبلة حولت مجمع المصانع إلى حطام، وذلك في فترة العشرية السوداء.

 

بعد هذه الحادثة قرر ربراب غلق المصنع. وبحسب مصادر محلية، فقد قرر وقتها إنهاء علاقاته مع رجال النفوذ في السلطة، الذين يقال إنهم من أوصلوه إلى ما هو عليه الآن بعدم دفعه للضرائب وبضرب المنافسة وتحطيمها لصالحه. وبعد إدراكه لمخاطر البقاء، قرر ربراب مغادرة الجزائر والتوجه إلى فرنسا.

 

وبدأ ربراب مشواره مرة أخرى من الصفر، ولكن هذه المرة بعد الهجرة لفرنسا، بعدما تلقَّى تهديدات بالقتل من إرهابيين، ليكوّن ثروة صغيرة تمكنه من العودة للعمل في الجزائر مرة أخرى، حيث عاد مستورداً لبعض المنتجات، ولكنه سرعان ما عاد للصناعة مرة أخرى، حيث امتلك بعد ذلك أهم مصنع للزيوت، ليبدأ رحلة تكوين إمبراطورية كبيرة في الجزائر.

 

عاد ربراب عام 1998 إلى الجزائر من خلال شركة سيفيتال Cevital، أكبر مجموعة في مجال الأعمال الزراعية، والتي أصبحت فيما بعد أكبر شركة جزائرية خاصة. وتمتلك سيفيتال واحدة من أكبر مصافي السكر في العالم.

 

العداء العلني مع النظام

 

ويعد يسعد ربراب من رجال الأعمال الأقوياء، الذين تربطهم علاقات قوية برجال الحكم والنفوذ في أوروبا، وخاصة فرنسا، التي ساعدته على الصمود في وجه الحرب الداخلية ضده، بعدما وصلت علاقته بالحكومة لمرحلة عداء علني، وتبادل تصريحات وحرب كلامية.

 

السبب هو عرقلة الحكومة الجزائرية للعديد من مشاريعه، مثل مشروع بناء حي من ناطحات السحاب، يطل على ميناء العاصمة، مثل حي «لاديفوس» في باريس، وهو مشروع ترفض الحكومة تنفيذه، وتعرقل السلطات كذلك صفقة شرائه لشركة «ميشلان» في الجزائر، ورُفض مشروع تطوير ميناء «كاب جنات»، وغيرها من المشاريع.

 

وتقول تحليلات إن عزل الجنرال توفيق الملقب بـ "رب الجزائر" من قيادة المخابرات العسكرية العام 2013، قد أثر بشكل مباشر على تراجع حجم استثمارات يسعد ربراب المعروف بلقب "رجل الزيت والسكر".

واتهمته أوساط سياسية بمحاولة إشعال ثورة الزيت والسكر في يناير 2011، توازيًا مع احتجاجات واسعة ضد النظام في ذروة المظاهرات التي شهدتها بلدان عربية ضمن ما سمي بموجة "الربيع العربي".

 

ووصل الأمر لمرحلة الصراع العلني بين ربراب والدولة، وتحدثت تقارير عربية وأجنبية كثيرة عن هذا الصراع، الذي توالت فصوله بين الطرفين، في محاولات متكرّرة لعرقلة أعمال ربراب، ومحاولاته هو لإحراج النظام أمام العالم.


وتوترت علاقة يسعد ربراب والحكومة الجزائرية؛ عقب اتهامات خطيرة طالته من قبل وزير الصناعة السابق، عبد السلام بوشوارب، بعقد "صفقات مشبوهة وخدمة مصالح أجنبية"، وتم اعتبار ذلك توجيهًا من السعيد شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

هذا الأمر جعله يخطط لإنشاء محطة تلفزيونية كبرى، يسعى من خلالها للتأثير على سير انتخابات الرئاسة الجزائرية، التي كان من المفترض أن تقام عام 2019، ورصد لحفل افتتاحها فقط 25 مليون دولار.

 

وأشيع أن يسعد ربراب جهر بخلافه العلني مع بوتفليقة، تنفيذًا لتوجيهات الجنرال توفيق، مدير الاستخبارات العسكرية السابق، وأبرز داعميه.

 

في عام 2016، حاول ربراب الاستحواذ على مجموعة الخبر الإعلامية، مقابل 45 مليون دولار. كان هذا ثاني استثمار له في وسائل الإعلام، لأنه يمتلك بالفعل الصحيفة الفرنسية الجزائرية ليبرتي.

 

استغلَّ رجل الأعمال إغلاق قناة «الخبر» بسبب أزمات مالية، وحاول شراءها، لكن الحكومة الجزائرية حرَّكت دعوى قضائية لوقف عملية البيع.

 

وبالفعل تم إيقاف عملية البيع، التي أكد ربراب نفسه أنها قانونية ومطابقة للتشريعات الجزائرية، ولكن الحكومة الجزائرية أوقفت الصفقة بحجة أن ربراب يمتلك صحيفة «ليبرتي»، والقانون الجزائري يمنع امتلاك شخص معنوي لمطبوعتين.

 

ورغم نفيه المتكرر، إلا أن أحزابًا موالية لبوتفليقة اتهمته علنًا بالضلوع في مخطط سياسي يخص ترتيبات مرحلة خلافة الرئيس السابق، أو السعي للتأثير في مجريات انتخابات الرئاسة التي كانت مقررة في ربيع 2019.

 

وعلى هذا الأساس؛ وضعت السلطات المصرفية جميع العلاقات والتعاملات المالية التي ارتبط بها، أو أجراها يسعد ربراب تحت المجهر، انطلاقًا من متعاملين اقتصاديين أجانب في مجال البنوك، وفروا له الأرضية وتسهيلات "غير شرعية" بمنظور السلطات.

 

واعتبرها يسعد ربراب "مخططًا شريرً" من قبل حكومة بوتفليقة  لعرقلة مشاريعه الاستثمارية، وأثارت تصريحاته زلزالًا سياسيًا، حين قال إنه يتعرض لهجمة بسبب عدم انتمائه لمعسكر الرئاسة، قاصدًا بذلك شقيق بوتفليقة ورجل الأعمال المقرب منه علي حداد.

 

 

محاكمة النخبة

 

وأفاد التلفزيون الجزائري الرسمي بأن خمسة مليارديرات جزائريين قد تم توقيفهم في إطار تحقيقات في قضايا فساد، من بينهم يسعد ربراب، وكذلك أربعة أشقاء من عائلة كونيناف التي يعتقد أنها مقربة من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

 

وكان التلفزيون الجزائري قد أعلن يوم السبت أن محكمة جزائرية استدعت رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى ووزير المالية الحالي محمد لوكال، وهما من المحيط المقرب من الرئيس المتنحي عبد العزيز بوتفليقة، في إطار تحقيق بشأن تبديد المال العام.

 

وجاءت هذه الموجة من الاعتقالات بعد إعلان قائد الجيش أحمد قايد صالح الأسبوع الماضي إمكانية محاكمة أفراد من كبار النخبة الحاكمة في الجزائر.

 

وفي خطابه الثلاثاء بالناحية العسكرية الرابعة بورقلة دعا قايد صالح، القضاء بتسريع التحقيقات في ملفات فساد شهدتها البلاد في العقدين الأخيرين (خلال حكم بوتفليقة).

وأضاف: "ننتظر من الجهات القضائية المعنية أن تسرع في وتيرة معالجة مختلف القضايا المتعلقة باستفادة بعض الأشخاص، بغير وجه حق، من قروض بآلاف المليارات وإلحاق الضرر بخزينة الدولة واختلاس أموال الشعب".

 

وبالإضافة إلى المطالب التي يرفعها المتظاهرون في الجزائر في كل مناسبة لأجل إبعاد مجموعة من الأسماء من المسؤولية في الدولة، والمحسوبة على النظام، يدعون في هذه الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 فبراير ، إلى محاكمة الفاسدين.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان