يحبس الجزائريون أنفاسهم تحسبا لثامن جمعة من المظاهرات في اليوم الـ 48 من الحراك الشعبي، للمطالبة برحيل عبد القادر بن صالح رئيس الـ 90 يومًا، وحكومة نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري، الطيب بلعيز، وكل أفراد من يُسمونهم بـ"العصابة".
وهذه الجمعة في وقت صعب، وفي توقيت يشعر فيه الشعب بالإهانة، بعد تعيين عبد القادر بن صالح على رأس الدولة، وتأكيد الجيش أن المخرج الوحيد من الأزمة هو التمسك بالمسار الدستوري، وهو الأمر الذي يرفضه الشارع الجزائري، خاصة في ظل بقاء وجوه مثل بن صالح في السلطة.
جمعة "لا تراجع"
وبين تعنت السلطة وإرادة الشعب المصمم على المضي قدما في تحقيق مطالبه، يؤكد المعارضون والناشطون على أن التحضيرات للجمعة الثامنة قائمة، حيث يحضر الشعب لمسيرة لم تشهدها البلاد رغم الحصار الذي فرضه الجيش.
والتقى الخميس مئات من المشاركين الدائمين في الحراك داخل مقرات تنظيمات المجتمع المدني، والنقابات والجمعيات، بغرض ترتيب «الجمعة الثامنة».
وقالت نظيرة مرباح، وهي ناشطة معروفة «سيكون الحراك هذا الأسبوع بصوت واحد وقوي، موجه إلى السيد قايد صالح: يا سيد صالح، إما أن تلبي مطالبنا كلها مثلما وعدت بذلك، فتدخل التاريخ من بابه الواسع، وإما أنك مع العصابة التي أنت سميتها كذلك».
فالآن وبعد أن تم تنصيب عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة، تبين أن النظام، وخاصة الجيش، متمسك به لقيادة المرحلة الانتقالية، وتنظيم انتخابات رئاسية في الرابع من يوليو المقبل.
ويظهر جليا أن الشارع الجزائري رافض لتولي بن صالح تسيير البلاد خلال الثلاثة أشهر المقبلة، ويرفض كذلك أن يشرف بن صالح على تنظيم الانتخابات الرئاسية، ويتمسك بمطلب رحيل الباءات الثلاث، يضاف إليهم الباء الرابعة وهو معاذ بوشارب رئيس مجلس الشعب.
ففي وقت كان فيه الجزائريون ينتظرون من قيادة الجيش أن تدعم مطالبهم، فوجئوا بقائد أركان الجيش يصر على بن صالح في إطار الحل الدستوري، الذي لا يرى غيره من أجل الخروج من الأزمة.
حصار المتظاهرين
في سياق تدابير أمنية تسهتدف محاصرة المظاهرات المتوقعة الجمعة في العاصمة الجزائرية، أغلقت السلطات المنافذ الغربية والشرقية والجنوبية للعاصمة، لمنع تدفق مزيد من أعداد المتظاهرين الذين تعوّدوا على الالتحاق، مساء الخميس، بالعاصمة الجزائرية، للمشاركة في مسيرات الجمعة.
ونشرت السلطات قوات كبيرة من الدرك، وأقامت حواجز أمنية مشددة على مداخل العاصمة الجزائرية.
وأغلقت قوات الأمن الجزائرية ساحة البريد المركزي وسط العاصمة الجزائرية، وأحاطتها بقوات الشرطة، منذ لصباح الخميس، لمنع المتظاهرين من الوصول إليها، ما دفع المتظاهرين إلى التجمع في الطريق والفضاءات المحيطة بساحة البريد، رافعين الأعلام الوطنية وشعارات مناوئة لبن صالح، وتطالب برحيل من يصفهم الجزائريون بـ"الباءات الثلاث"، بن صالح، وبدوي رئيس الحكومة، وبلعيز رئيس المجلس الدستوري.
ويتوقع أن تمنع السلطات، الجمعة، دخول الحافلات، وتعطل سير القطارات القادمة إلى وسط العاصمة الجزائرية من الولايات القريبة، خاصة تيزي وزو وبجاية شرقي العاصمة، وتيبازة غربي الجزائر، والبليدة والمدية وعين الدفلى والشف غربي العاصمة، والمدية والجلفة جنوبي العاصمة.
وللمرة الأولى منذ بداية الاحتجاجات السلمية استخدمت الشرطة الثلاثاء ، الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه في محاولة لتفريق تظاهرة الطلاب خرجت عقب تنصيب بن صالح رئيسا مؤقتا للبلاد.
وتعتبر محاولات السلطة التعامل بمنطق أمني مع المظاهرات خطأ جسيما، لأنه لا الحواجز تنفع، ولا خراطيم المياه تكفي، ولا القنابل المسيلة للدموع تجدي، ولا المدافع الصوتية كفيلة بإسكات أصوات المواطنين الراغبين في تغيير حقيقي، بعيدا عن المسكنات والحلول الترقيعية، التي سبق وأن جربوا ووقعوا في فخها.
ودان رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي، في بيان، الاستخدام غير المبرر للقوة وإطلاق القنابل المسيلة وخراطيم المياه على المتظاهرين، برغم عدم وجود أي سلوك من قبلهم يبرر رد فعل الشرطة، مشيرا إلى أن الشرطة تستخدم مجنزرة جديدة تدخل الخدمة، تطلق قنابل صوت داخلية يمكن أن تؤذي المتظاهرين وتصيبهم بفقدان السمع، مشيرا إلى أنها محرمة دوليا، حيث سبق لمحكمة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية إصدار حكم بمنع الشرطة من استخدامها.
غديري أول المرشحين للرئاسيات
وسياسيًا، أعلن الجنرال الجزائري المتقاعد علي غديري، الخميس ، عزمه خوض الانتخابات الرئاسية المقررة 4 يوليو 2019، في أول إعلان ترشح لهذا السباق الانتخابي.
وجاء ذلك في مقابلة للجنرال المتقاعد علي غديري مع قناة «دزاير نيوز» الجزائرية الخاصة.
وذكر علي لغديري -في رد على سؤال حول إمكانية مشاركته في الانتخابات الرئاسية- بالقول: «طبعا سأترشح».
وأضاف «ملف ترشحي لرئاسيات 18 أبريل 2019 الملغاة، أصلاً موجود على مستوى المجلس الدستوري».
مشيراً إلى أن إلغاء الانتخابات بالصفة التي تمت بالنظر لرجال الاختصاص تعتبر أمراً غير قانوني.
وحدد الأربعاء 10 أبريل 2019 عبدالقادر بن صالح، الرئيس الجزائري المؤقت، 4 يوليو 2019 تاريخاً لانتخابات الرئاسة، وهو موعد يتزامن مع الذكرى الـ57 لاستقلال البلاد عام 1962.
وجاء إعلان القرار بعد يوم واحد من ترسيم البرلمان الجزائري شغور منصب رئيس الجمهورية، وتولي رئيس مجلس الأمة، (الغرفة الثانية للبرلمان) عبدالقادر بن صالح، رئاسة الدولة 3 أشهر، وفقاً للمادة 102 من الدستور.