توترت العلاقات أكثر فأكثر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية على خلفية إدراج الأخيرة للحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
العلاقات والتي توترت بين الجانبين لمرات عديدة، كان آخرها بانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران، إلا أنه اشتعل أكثر بعد إعلان ترامب الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، الأمر الذي ربما يربك المنطقة.
وقبل ساعات، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، لتكون تلك المرة الأولى التي تصنف فيها واشنطن رسمياً قوة عسكرية في بلد آخر جماعة إرهابية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في مؤتمر صحفي له عقب إعلان ترامب: إن "إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب رد طبيعي على سياسة إيران بدعم الإرهاب"، وأضاف أن "الحرس الثوري أسس للإرهاب وقاد عمليات عسكرية ضد القوات الأمريكية في بيروت".
وأوضح أن "الحرس الثوري يدعم مليشيات حزب الله في لبنان"، معتبراً أنه "منذ تأسيسه يبث الرعب والفوضى".
فبإعلان تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية تضيف إدارة الرئيس الأميركي دونالد عنصرا جديدا للتأزم إلى سلسلة طويلة من سياسات واشنطن المناهضة لإيران منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الحكم.
ومنذ وصوله للحكم قبل عامين عمل ترامب على الوفاء بوعده الانتخابي، وأعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة سلفه باراك أوباما إضافة إلى الدول الخمس الكبرى مع إيران.
وتبع ذلك تصنيف وزارة الخزانة الأميركية في يوليو 2017 الحرس الثوري الإيراني "جهة داعمة للإرهاب العالمي"، وفرضت العديد من العقوبات المالية على قادة في الحرس الثوري وشركات وجهات اقتصادية تابعة له.
وطبقا لتقرير "سي إن إن" أشار مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية إلى أن القوات الأميركية الموجودة في سوريا والعراق لا تبتعد كثيرا عن تشكيلات لقوات الحرس الثوري الإيراني.
وفي إفادة صحفية قبل أيام بشأن إيران، قال مبعوث وزارة الخارجية الأميركية براين هوك "إن قوات الحرس الثوري تحاول بناء قواعد عسكرية داخل سوريا بطرق ملتوية الآن كي تتمكن من خلالها من تهديد بعض الجيران كإسرائيل".
وأضاف هوك "أستطيع التأكيد أن إيران مسؤولة عن مقتل 608 أميركيين بين عامي 2003 و2011 أو ما يقارب 17% من الضحايا الأميركيين في نفس الفترة في العراق عن طريق عملاء للحرس الثوري الإيراني".
وتقدر المراكز البحثية المتخصصة في الشؤون الإيرانية عدد قوات الحرس الثوري بما لا يقل عن 125 ألف مقاتل، وتسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد الإيراني.
وكان مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس قد حذر إدارة ترامب قبل عام من تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية، نظرا " للتداعيات الخطرة لتلك الخطوة وتحسبا لرد فعل من جانب الحرس الثوري".
لكن يبدو أن مثل هذا التحذير لا يحظى بصدى كبير لدى صانع القرار، حيث ذكرت إستراتيجية الأمن القومي الأميركية ثلاثة تحديات رئيسية كشف عنها ترامب في ديسمبر الماضي، فإضافة إلى التحدي الروسي والصيني وتحدي الجماعات الإرهابية أشار ترامب إلى دولتين "مارقتين"، هما إيران وكوريا الشمالية كمصدر تهديد رئيسي لبلاده.
وذكر ترامب أن "دكتاتورية إيران الإقليمية تنشر الرعب وتهدد جيرانها في المنطقة، إضافة إلى سعيها لامتلاك قدرات نووية".
وتعهد في إستراتيجية الأمن القومي بالعمل مع "حلفاء واشنطن لتحييد المساعي الإيرانية في الشرق الأوسط".
وتعمل واشنطن منذ وصول ترامب إلى الحكم على الضغط على طهران، ومحاولة بناء تحالف دولي لمواجهة المخاطر الإيرانية كما تراها واشنطن وحلفاؤها بالمنطقة، خاصة إسرائيل والسعودية.
وشهدت العلاقات بين طهران وواشنطن من قبل سجالات لفظية عدائية متبادلة، وهدد ترامب في تغريدة له الرئيس الإيراني حسن روحاني، قائلا "لا تهدد أبدا الولايات المتحدة مرة أخرى أو أنك ستعاني عقبات وخيمة لم يرها مثلك من قبل على مر التاريخ، نحن لم نعد البلد الذي سيقف على تهديدك بكلمات العنف والوفاة، كن حذرا".
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة له "نحن موجودون منذ آلاف السنين، وشهدنا سقوط إمبراطوريات، من بينها إمبراطوريتنا التي دامت أكثر من عمر بعض الدول".
وقبل ساعات علن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية عباس عراقجي، أن مجلس الأمن القومي الإيراني في بيانه صنف قيادة القوات الأميركية في غرب أسيا والقوات التابعة لها منظمة إرهابية.
وقال عراقجي عبر التلفزيون الإيراني: "مجلس الأمن القومي الإيراني في بيانه صنف قيادة القوات الأميركية في غرب أسيا والقوات التابعة لها منظمة إرهابية وهذا القرار سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة".
وأضاف عراقجي: "من الآن وصاعدا لن نعتبر القوات الأميركية في المنطقة قوات نظامية، نعتبرهم جماعة إرهابية والقواعد الأميركية هي قواعد للإرهابيين وسيكون تعاملنا معهم مختلف عن تعاملنا في السابق، والقوات الأميركية تعبر من الخليج (الفارسي) والمسؤول عن أمن الخليج هو الحرس الثوري".
وأوضح عراقجي: "وجهنا من خلال السفير السويسري في طهران رسالة واضحة ومباشرة إلى الولايات المتحدة مفادها أنه إذا فعلوا ذلك (تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية)، فسيكون ردنا سريع ومباشر وبالمثل وأي حادثة تقع، سوف تكون مسؤوليتها على الولايات المتحدة الأميركية".
وكان مجلس الأمن القومي الإيراني، أعلن، اعتبار الإدارة الأميركية والقوات الأميركية في غرب آسيا كمجموعات إرهابية، وذلك بعد إعلان واشنطن تصنيف الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي.
يذكر أن الحرس الثوري الإيراني هو فرع من فروع القوات المسلحة الإيرانية، أُسس بعد الثورة الإيرانية عام 1979 بأمر من المرشد الراحل آية الله الخميني.
ووفقاً للدستور الإيراني فإن الحرس الثوري (الباسدران بالفارسية) يحمي نظام الجمهورية في الداخل والخارج، ويمنع التدخل الأجنبي، بالإضافة إلى منع الانقلابات العسكرية.
ويتكون الحرس الثوري من قرابة 125 ألف عسكري، ويتحكم أيضاً في جهاز الأمن "الباسيج" الذي يضم نحو 90 ألف عنصر، وكان رأس حربة في قمع احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009.