من يشعل الصراع في ليبيا؟، ولمصلحة من؟، أسئلة كثيرة تدور داخل المشهد الليبي، على خلفية إصرار الجنرال الليبي خليفة حفتر استمرار عمليته العسكرية نحو طرابلس.
الأحداث في ليبيا تطورت بشكل سريع والتي لربما يكون الحرب طويلة الأمد عنوانها، بسبب إصرار الجنرال الليبي على استمرار زحفه، رغم المناشدات الدولية والعربية بوقف القتال.
تحركات حفتر وقواته جاءت لـ"تحرير" العاصمة من قبضة من وصفهم بـ"المليشيات والجماعات المسلحة"، إذ قال في كلمة مسجلة سبقت انطلاق العملية إن "ساعة الزحف المبين (لطرابلس) قد حانت".
وعلى الأرض تتواصل أعمال القتال بين الأطراف الليبية، بشكل كبير، صراع في محيط مطار العاصمة، بينما تستعر العمليات العسكرية منطقة العزيزية.
وشهد محيط المطار معارك كر وفر مع قوات تابعة للواء حفتر، التي أعلنت سيطرتها، في وقت سابق من أمس، على المطار ومنطقة قصر بن غشير، وفق ما ذكر أحمد المسماري، الناطق باسم قوات "الشرق الليبي".
مؤشرات كثيرة، تؤكد ضلوع قوى عربية وإقليمية في دعم خليفة حفتر، خصوصا مع تجاهل الأخير لكل دعوات وقف إطلاق النار.
المحلل السياسي سليمان بن صالح أكد أن تحرك قوات حفتر لم يأتِ من تلقاء نفسه؛ إذ إنه مدعوم من دول لها دور كبير في المشهد الليبي.
ودلل بن صالح على حديثه بـ"وجود أسلحة جديدة، وخرق قوات حفتر لقرار حظر التسليح، ومساندة دول إقليمية له في تنفيذ أجندتهم".
وحول دور المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق (المعترف بها دولياً - غرب) في مواجهة تلك التحركات، أشار إلى أن "فائز السراج لم يتحرك لمواجهة القوات القادمة إلى غريان (جنوب طرابلس)".
وأوضح في تصريحات صحفية أن "عميد بلدية المدينة أرسل له بريداً عاجلاً يخبره بوجود حشود كبيرة على مشارف غريان، تمهيداً للوصول إلى طرابلس، محذراً في الوقت ذاته من خطورة الموقف، لكن السراج لم يأخذ تلك التحذيرات على محمل الجد".
وأعرب بن صالح عن استغرابه من عدم اهتمام المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، ولا حتى عند زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى ليبيا، بتقدم حفتر نحو طرابلس والاستعداد لدخولها.
كما استغرب عدم الضغط على غوتيريش أو اتخاذ موقف واضح تجاه هذه التحركات، التي تأتي قبيل عقد المؤتمر الوطني الجامع، منتصف أبريل في غدامس، وأن دخول القوات يثبت أن ثمة تآمراً من جهات خارجية بمباركة أممية لتلك التحركات.
في حين، قال الكاتب فريدريك ويهري مؤلف كتاب "الشواطئ التي تحترق.. من داخل المعركة من أجل ليبيا الجديدة" والدبلوماسي الأميركي السابق جيفري فيلتمان وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة للشؤون السياسية في مقال لهما بصحيفة نيويورك تايمز، إن الصراع المتصاعد في ليبيا يهدد بتدمير الجهود المستمرة للتوصل لتسوية سلمية ويعزز تنظيم الدولة الإسلامية هناك.
وأوضح الكاتبان أن زحف قوات حفتر إلى طرابلس في الوقت الذي يوجد فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالمدينة للتحضير لعقد المؤتمر الوطني للسلام منتصف الشهر الجاري، يعني أن حفتر يزدري وبوضوح لا لبس فيه جهود السلام الأممية.
وانتقد الكاتبان إدارة دونالد ترامب قائلين إنها ورغم مناشدات الأمم المتحدة ممارسة ضغط دبلوماسي فعّال لوقف تدخل داعمي حفتر في شؤون ليبيا، فإنها لم تظهر رغبة في مساعدة هذه البلاد وحسب، بل بدأت مؤخرا تشجع حفتر في اتساق مع روابطها بالرياض وأبو ظبي ومع تفضيل ترامب للقادة المستبدين.
وكشف الكاتبان أن حفتر وجد تشجيعا على ما يقوم به حاليا من ملك السعودية لدى اجتماعه به أواخر الشهر المنصرم.
وختم الكاتبان مقالهما بقولهما إن الفوضى في ليبيا ستعزز تنظيم الدولة الذي نفذ سلسلة من الهجمات هناك العام الماضي.
الجدير ذكره أن عملية حفتر جاءت قبل 10 أيام من انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الجامع بمدينة غدامس، برعاية أممية، ما أثار رفضاً محلياً ودولياً.
ومنذ سنوات، تشهد ليبيا صراعاً على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، في طرابلس (غرب)، وقوات حفتر المدعومة من مجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق.