للمرة الأولى منذ عام 1994، تمكن سياسي من حزب ذي مرجعية غير إسلامية، وهو أكرم إمام أوغلو، من انتزاع رئاسة بلدية إسطنبول إثر فوزه على مرشح مقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات البلدية الأخيرة.
تقول وكالة الصحافة الفرنسية، في تقرير لها، إنّ هذا الفوز يحمل أهمية سياسية كبيرة فإسطنبول أكبر مدن تركيا، ورئاسة بلديتها كانت قد مهدت الطريق لأردوغان للوصول إلى سدة الحكم.
لم يكن أكرم إمام أوغلو، السياسي المغمور البالغ من العمر 49 عامًا، وجهًا معروفًا على الساحة السياسية التركية قبل إعلان ترشحه للانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد في 31 مارس الماضي، لكن ذلك تغير بعد أن تمكن من انتزاع رئاسة بلدية إسطنبول من أردوغان وحلفائه لأول مرة منذ خمسة وعشرين عامًا.
ويشير التقرير إلى أنّ رئاسة بلدية إسطنبول تعد من أهم المناصب السياسية في البلاد، فالمدينة هي أكبر مدن تركيا، وعاصمتها الثقافية والاقتصادية، ويبلغ عدد سكانها 15 مليون نسمة، أي نحو ربع عدد سكان البلاد.
ومن هذا المنصب بالذات بدأ النجم السياسي لرجب طيب أردوغان بالبروز، إذ فاز به عام 1994، عندما كان عضوًا في حزب الرفاه الإسلامي، ثم حزب الفضيلة الإسلامي الذي شغل مكان حزب الرفاه بعد حله عام 199، واحتفظ حزب الرفاه بالمنصب حتى تأسيس حزب العدالة والتنمية الذي حل محله عام 2001.
"بينما تستمر إعادة فرز الأصوات في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول بعد اعتراض من حزب العدالة والتنمية الحاكم على النتائج، يبدو أنّ إمام أوغلو، المتحدث اللبق والسياسي المعارض، متقدم على بن علي يلديريم، رئيس الوزراء السابق والحليف المخلص للرئيس أردوغان، وإن بفارق ضئيل".. تذكر الوكالة.
وشكَّلت هزيمة يلديريم، الذي كان آخر من تولى رئاسة الحكومة قبل إلغاء المنصب، ضربة موجعة للحزب الحاكم، بسبب قامته السياسية وبسبب إلقاء أردوغان بكل وزنه السياسي لدعم يلديريم، الذي كان معظم المراقبين يرجحون فوزه.
وكان فوز يلديريم - بحسب الوكالة - يعتبر مضمونًا، لدرجة أنّ ملصقات كبيرة تحمل صورتي الرئيس ورئيس الوزراء السابق وعبارة "شكرًا إسطنبول"، قد انتشرت في المدينة الاثنين الماضي، بينما كانت عمليات فرز الأصوات ما زالت مستمرة، ولكنها أزيلت صباح الاثنين عندما ظهر أن السباق سيكون محتدمًا بين الحزب الحاكم والمعارضة.
وعلى صعيد أعمال إعادة الفرز التي جرت في بعض دوائر مدينة إسطنبول، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، علي إحسان ياووز، إن أعمال الفرز في إسطنبول قادت إلى تصحيح 11 ألفا و109 أصوات لصالح حزبه، بعد إعادة فرز 530 صندوقا منذ الأول من أبريل الجاري (صبيحة يوم الانتخابات).
وأضاف ياووز، في مؤتمر صحفي عقده بمقر الحزب في إسطنبول أمس للتعليق على التطورات الخاصة بإعادة فرز الأصوات بناء على طعون تقدم بها الحزب إلى اللجنة العليا للانتخابات: "اتضح أيضًا أن هناك 1641 صوتًا لصالح حزب العدالة والتنمية، في مجموع 5857 صندوقا، في إطار إعادة فرز الأصوات الباطلة... وجرى كذلك تسجيل 64 صوتا لصالح الحزب في 121 من الصناديق التي أعيد فرز الأصوات فيها بشكل كامل".
وكانت اللجنة العليا للانتخابات، قد أعلنت يوم الاثنين الماضي، تفوق مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، على مرشح العدالة والتنمية رئيس البرلمان رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم بإجمالي نحو 29 ألف صوت.
من جانبه، قال يلدريم إنّ سكان إسطنبول أعطوا قرارهم في الانتخابات المحلية، واللجنة العليا للانتخابات ستعلنه، وخاطب منافسه، الفائز حتى الآن بالانتخابات، أكرم إمام أوغلو: "التصرف غير المسؤول، قبل البت بالاعتراضات من شأنه أن يثير التوتر في المجتمع ويضر البلد والشعب".