تظاهر مئات الآلاف من البريطانيين المعارضين لانسحاب بلادهم من الاتحاد الأوروبي في مسيرة وسط لندن، للمطالبة باستفتاء جديد على الانفصال في أزمة متصاعدة باتت تهدد بقاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي في السلطة.
وبعد 3 سنوات من الجدل الشديد لا يزال الغموض يكتنف كيفية وتوقيت الخروج من التكتل، أو إن كان ذلك سيتم في الأصل مع محاولة ماي التوصل لسبيل للخروج من أصعب أزمة سياسية في البلاد منذ نحو 30 عاماً.
"Where's Jeremy Corbyn?!" at #PutitothePeopleMarch pic.twitter.com/7rWiCIkvmI
— Fraser MacDonald (@fr4ser) ٢٣ مارس ٢٠١٩
وفي ظل الانقسام بين الشعب والسياسيين فإن أغلبية البريطانيين يرون قرار الخروج من الاتحاد أهم قرار استراتيجي تواجهه المملكة المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
وألمحت ماي ، الجمعة، أنها قد لا تعيد طرح اتفاق توصلت إليه للانسحاب من الاتحاد الأوروبي على البرلمان للتصويت للمرة الثالثة الأسبوع القادم، إذا لم يكن هناك تأييد كافٍ لإقراره ، بحسب "رويترز".
وذكرت صحيفتا «التايمز» و«الديلي تلجراف» أن الضغوط تتزايد عليها للاستقالة.
مسيرة شعب
وانطلق المحتجون وسط لندن ورفع البعض منهم لافتات تقول: «أفضل اتفاق هو عدم الخروج»، و«نحن نطالب بتصويت للشعب» "أحب الاتحاد الأوروبي"، و"الخروج من الاتحاد الأوروبي لن ينجح"، في تجمع وصفه منظموه بأنه قد يكون أكبر احتجاج ضد الانفصال حتى اليوم.
وقال جاريث راي (59 عاماً) الذي جاء من بريستول للمشاركة في المظاهرة في تصريح لرويترز: «كنت سأشعر بإحساس مختلف لو كانت عملية منظمة جيداً واتخذت الحكومة قرارات راشدة. لكنها فوضى تامة».
وأضاف: «البلاد ستنقسم بصرف النظر عما سيحدث، ومن السيئ أن تنقسم على كذبة».
ونالت تيريزا ماي نصيبها من الانتقادات، فتعددت الرسوم الكاريكاتورية التي تظهرها مسئولة عاجزة وقد تجاوزتها الأحداث.
وقال المتظاهر روب وورثي (62 عاما) ل"بي بي سي" وهو يسير إلى جانب أولاده وأحفاده "إنها المرة الأولى في حياتي التي أكون فيها شاهدا على حدث من هذا النوع".
وشاركت رئيسة حكومة اسكتلندا نيكولا ستورجين المعارضة الشرسة لبريكست في التظاهرة ودعت الذين يعارضون الطلاق مع الاتحاد الأوروبي الى الاستفادة "إلى أقصى حد ممكن من الفرصة" المتمثلة بالمهلة الجديدة التي حددتها بروكسل.
وقالت في هذا الإطار "علينا ان نتجنب في الوقت نفسه، كارثة ألا اتفاق من جهة والتداعيات السيئة التي قد تنتج من الاتفاق السيئ لرئيسة الحكومة تيريزا ماي، من جهة ثانية" ، بحسب " أ ف ب" .
Great reception for @NicolaSturgeon and @theSNP at the #PutItToThePeople rally outside Westminster. Theresa May must give the people a say over their future in a fresh referendum with Remain on the ballot #BrexitCrisis #PeoplesVote pic.twitter.com/mRy1wUrQ9G
— Tom French (@tomfrench85) ٢٣ مارس ٢٠١٩
وتجمع المتظاهرون المؤيدون للاتحاد الأوروبي من أجل "مسيرة الشعب" في ماربل آرك، على حافة هايد بارك، حوالي منتصف النهار، قبل السير نحو مكتب رئيسة الوزراء في داونينغ ستريت وثم إلى خارج البرلمان.
وقدرت منظمة "بيبولز فوت" التي تقوم بحملة لإجراء استفتاء جديد، عدد المشاركين في التظاهرة بنحو مليون، في حين لم تقدم شرطة سكتلنديارد أي رقم.
وكانت تظاهرة مماثلة جرت في اكتوبر الماضي جمعت نحو 700 الف شخص في العاصمة البريطانية.
At the #PutitothePeople march. Do you hear the people sing, singing the song of angry men (and women), it is the music of the people who would like to vote again. pic.twitter.com/PYJmrW6d63
— Camilla S Andersen (@c_siggaard) ٢٣ مارس ٢٠١٩
التماس "الإلغاء"
حصل التماس لإلغاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالكامل على 4 ملايين توقيع في 3 أيام فقط بعد أن أخبرت ماي الناس: "أنا في صفكم"، وحثت المشرعين على تأجيل صفقتها.
وفي استفتاء 23 يونيو 2016، دعم 17.4 مليون ناخب، أو 52 في المائة، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بينما دعم 16.1 مليون أو 48 في المائة البقاء في الكتلة ، بحسب "يورو نيوز".
لكن منذ ذلك الحين، يستكشف معارضو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي طرقا لإجراء استفتاء آخر.
واستبعدت ماي مرارا إجراء استفتاء آخر على "بريكست"، قائلا إنه سيعمق الانقسامات ويقوض الديمقراطية. كما يقول مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إن الاستفتاء الثاني سيؤدي إلى أزمة دستورية كبيرة.
كما يقول مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أنه في حين أن الطلاق قد يجلب بعض عدم الاستقرار على المدى القصير، فإن بريطانيا ستزدهر على المدى الطويل إذا تحررت مما اعتبرته كتجربة محكوم عليها بالوحدة تحت سيطرة ألمانية دائمة، والتي تتخلف كثيراً عن القوى الكبرى الأخرى.
من جهة أخرى، يقول العديد من الناخبين في بريطانيا إنهم شعروا بالملل المتزايد من قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقالت ماي يوم الأربعاء إنها تريد "إنهاء هذه المرحلة من عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
لكن المتظاهرين عارضوا ادعاء ماي بأنها تقف إلى جانب الرأي العام البريطاني، حيث كتب على لافتة كتب عليها: "أنت لا تتحدث نيابة عنا تيريزا"
"انقلاب وزاري وشيك"
ويبقى احتمال موافقة النواب على الاتفاق يبقى ضعيفا. فقد تم التوصل إلى هذا الاتفاق اثر مفاوضات شاقة بين لندن والاتحاد الأوروبي دامت 17 شهرا بهدف حصول طلاق سلس.
لكن الاتفاق لا يزال بعيدا عن رغبات النواب البريطانيين الذين سبق أن رفضوه مرتين، الأولى في الخامس عشر من يناير والثانية في الثاني عشر من مارس.
وما يزيد من التشاؤم هو اعتبار الحزب الوحدوي الايرلندي الذي يؤمن الأكثرية لماي في البرلمان، ان الأخيرة "فوتت فرصة" تحسين اتفاق الطلاق خلال لقائها الأخير مع قادة الاتحاد الأوروبي.
واستشعارا منها بالفشل المحتمل حذرت ماي النواب في رسالة وجهتها اليهم من أن التصويت الثالث قد لا يحصل "في حال تبين عدم وجود دعم كاف للاتفاق".
وظهر خيار جديد في لندن خلال الأيام الأخيرة يتمثل في تنظيم سلسلة من الاقتراعات لتحديد ما يريده البرلمان.
ونقلت صحيفة "تايمز" السبت أن تيريزا ماي باتت تواجه اليوم "ضغوطا لدفعها لتحديد موعد رحيلها" من رئاسة الحكومة.
واعتبرت الصحيفة في افتتاحية لها أن ماي تحولت اليوم الى "عقبة" أمام حل المشاكل التي تواجه بريكست.
I made it as far as Trafalgar Square. It was a good natured, funny and fun slow amble through the streets of London. #PeoplesVoteMarch pic.twitter.com/H8NEIF2p5t
— stew dean (@stewdean) ٢٣ مارس ٢٠١٩
وأضافت "في حال لم تنجح في إقرار اتفاقها داخل البرلمان مطلع الأسبوع المقبل، من الأفضل أن تنسحب وتفتح الباب أمام رئيس حكومة بالوكالة ينقل البلاد إلى شاطىء الأمان".
ونقلت وكالة "رويترز "عن المحرر السياسي في صحيفة "صنداي تايمز" إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تواجه مؤامرة حكومية شاملة لإزاحتها، وأضاف أن 11 وزيراً بالحكومة إنهم يريدونها أن تستقيل.
وقال إن وزراء كبار متفقون على أن ماي يجب أن تعلن تخليها عن منصبها، محذرين من أنها أصبحت رمزاً "مضطرباً" أحكامه "حمقاء".
وقال تيم شيبمان "انقلاب وزاري مكتمل الأركان يتحضر الليلة لإبعاد تيريزا ماي من رئاسة الحكومة."
ونقل شيبمان عن وزير في الحكومة لم يحدد هويته قوله: "النهاية قريبة. وسترحل في غضون عشرة أيام".
وقال شيبمان إن نائب ماي ديفيد ليدينغتون هو أحد الأسماء المطروحة لخلافتها مؤقتاً، في حين هناك ضغوط لتنصيب وزير البيئة مايكل جوف أو وزير الخارجية جيريمي هانت.