مع تواصل الحراك الجماهيري في الجزائر الذي دخل شهره الثاني احتجاجًا على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، بدأت العديد من الأسئلة تطرح حول الأوضاع أيضًا في البلاد المجاورة، تونس والمغرب، وإمكانية أن تسبّب الأوضاع السياسية في هذين البلدين بانطلاق حراك مشابه للحراك الجزائري.
بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، كان 22 فبراير الماضي يومًا فارقًا في تاريخ الجزائر الحديث، ففي هذا اليوم خرج آلاف الجزائريين إلى الشوارع للاحتجاج على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل المقبل.
وأضافت الوكالة - في تقرير - أنّ هذه كانت هي المرة الأولى منذ عقود التي يخرج فيها الجزائريون للتظاهر بهذه الأعداد، لكنّها لم تكن المرة الأخيرة، فمنذ ذاك اليوم تشكل حراك جماهيري كبير استقطب العديد من فئات المجتمع وبدأ ينتظم كل يوم جمعة وتزداد أعداد المشاركين فيه، وفيما كانت ردود أفعال الدولة غير مقنعة للحشود الجماهيرية، زاد زخم الحراك وخاصة أنه إلى الآن لا يزال يتسم بالسلمية.
.jpg)
ومع تواصل الحراك في الجزائر الذي دخل شهره الثاني، بدأت العديد من الأسئلة تطرح حول الأوضاع أيضًا في البلاد المجاورة، تونس والمغرب، والتي تشهد بشكل أو بآخر عدم استقرار سياسي ومناكفات بين القوى السياسية في البلاد في مناسبات مختلفة.
تونس كانت هي البلد التي أطلقت شرارة "الربيع العربي" في عام 2011 بعد ثورتها على حكم الرئيس زين العابدين بن علي، والتي أدت إلى تنحيه في 14 يناير.
ثمانية أعوام مرّت على هذه الثورة لكن الأوضاع في البلاد لم تتحسن وتعمقت الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، ومع تزايد العمليات الإرهابية انهارت السياحة، أحد المصادر الرئيسية للدخل القومي، وهبط سعر الدينار في مواجهة العملات العالمية وارتفعت أسعار السلع الأساسية وانهارت القدرة الشرائية للكثير من التونسيين.
يقول الأكاديمي التونسي والباحث في شؤون الإسلام السياسي عبد اللطيف الحناشي في تصريحات للوكالة: "ما يحدث الآن في الجزائر مهم بلا شك.. ليس فقط لتونس وإنما للمنطقة والإقليم ككل، وهذا راجع بالطبع للدور السياسي والاقتصادي للجزائر وعوامل الجوار الإقليمي والارتباط التاريخي".
ويضيف: "الوضع السياسي في تونس مختلف عنه في الجزائر بشكل كبير؛ فتونس تشهد تحولا ديمقراطيا منذ العام 2011، وهناك إنجازات تمت على هذا الصعيد، لكن لا يزال الطريق طويلًا وهناك كثير من العراقيل غير أنّ هذا في حد ذاته يمثل حصانة لتونس تقيها الوقوع في شرك تجربة ما قبل الحراك الجزائري".
كما أنَّه يوجد بالبلاد ما يقرب من 216 حزبًا سياسيًّا، والتجمعات والمظاهرات مكفولة قانونيًّا، وهو ما يعطي متنفسًا واسعًا للشعب التونسي في التعبير عن آرائه السياسية، بحسب الخناشي.
كما يرى أستاذ تاريخ العالم العربي المعاصر بجامعة باريس الثالثة عادل اللطيفي أنّه لا يوجد جديد قادم من الجزائر على المستوى الديمقراطي، وأضاف: "هذا ما قام به التونسيون منذ العام 2011، لكن ما يهم تونس في هذا الحراك هو موقع الإسلاميين منه، وهل سيستفيدون منه للوصول إلى السلطة هناك أم لا في انتخابات حرة ونزيهة، وهو ما قد ترى فيه حركة النهضة التونسية سندًا وظهيًرا لها".
ويستبعد اللطيفي ذلك نظرًا لتجربة الجزائريين الأليمة مع العشرية السوداء، إضافة للتوجس من الإسلاميين في المنطقة بأكملها، موضحًا أنّه إذا كان للنهضة من عودة في تونس إلى السلطة، فلن تكون بسبب من ظهير خارجي وإنما للتشتت السياسي في الداخل.
.jpg)
أمّا في المغرب، فقد هبَّت رياح الربيع العربي والتغيير أيضاً على المغرب في العام 2011 وجسَّدتها حركة "20 فبراير"، لكنّ سرعان ما احتواها القصر عبر الإقدام على إصلاح دستوري شامل واستفتاء على دستور جديد يحد من صلاحيات الملك، ويعطي جزءًا من السلطة إلى حكومة حزبية.
كما دعا الملك إلى انتخابات عامة مبكرة أدَّت إلى تشكيل حكومة ذات صبغة إسلامية بقيادة حزب "العدالة والتنمية" وزعيمه عبد الإله بنكيران، وهو ما كان عاملًا في تهدئة الحراك المجتمعي الذي تفجر في العام 2011، وأقنع الشارع بجدوى المشاركة في الخيار السياسي وجدوى الإصلاح في ظل الاستقرار.
في هذا السياق، يقول يونس مجاهد الصحفي المغربي ورئيس المجلس الوطني للصحافة: "من المستبعد جدًا أن يكون هناك تأثير للحراك في الجزائر على الوضع المغربي، وذلك لاختلاف المعطيات والمطالب كلية بين الحالتين.. المغرب به حركة اجتماعية ونقابية عمالية متواصلة منذ عقود ولا تتوقف به الإضرابات والاحتجاجات منذ ستينيات القرن المنصرم، وتقريبًا كل عشر سنوات هناك حركات كبرى قد تصل أحيانا إلى انتفاضات مثل حركات الأعوام 1965 و1981 انتفاضة الدار البيضاء و1984 إضراب تطوان وشمال المغرب إلى الإضراب العام بداية التسعينيات".
ويضيف: "المقارنة التي يمكن أن تحدث بين المشهدين هي مقارنة سوسيولوجية بالدرجة الأولى نظرًا للمعطيات الديمغرافية المتشابهة بين البلدين، لأنّ الشباب يمثل نسبة كبيرة جدًا من عدد السكان، وهي نسبة تتزايد يومًا بعد يوم في المغرب وحتى العام 2030 تقريبًا.. كل هذا العدد من الشباب وصل لسن العمل ويحتاج إلى وظائف كثيرة، ليس بمقدور الدولة توفيرها، وعددها 300 ألف وظيفة سنوية".