فاز الرئيس النيجيري محمد بخاري بولاية ثانية في الانتخابات التي جرت السبت متقدّماً بفارق شاسع يناهز خمسة ملايين صوت على أقرب منافسيه نائب الرئيس السابق عتيق أبو بكر، كما أعلنت مفوضية الانتخابات ليل الثلاثاء.
وأوضحت المفوضيّة أنّ عمليات فرز الأصوات انتهت في سائر ولايات البلاد باستثناء ولاية واحدة فقط هي ريفرز، ولكن التقدّم الكبير الذي أحرزه بخاري على أبو بكر يجعل من المستحيل على الأخير اللحاق به حتى لو فاز بأصوات هذه الولاية، ما يعني فوز بخاري بولاية ثانية.
ورفض حزب الشعب الديمقراطي المعارض الذي يقوده عتيق أبو بكر الاعتراف بالنتائج بعد ساعات من مطالبته بوقف فرز الأصوات بسبب "تجاوزات في عمليات فرز الأصوات وعدها".
وعلى الرّغم من أنّ إعلان النتائج تمّ في وقت متأخّر من الليل إلاّ أنّ هذا لم يمنع المئات من أنصار بخاري من التجمهر أمام المقرّ الرئيسي لحزب "مؤتمر التقدميّين" في أبوجا للاحتفال بفوز مرشّحهم على وقع صيحات الفرح والموسيقى الصاخبة.
وبخاري جنرال سابق في الجيش يبلغ من العمر 76 عامًا، وكان خلال انتخابه عام 2015 أول مرة يفوز فيها مرشح على رئيس في الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في إفريقيا مع 190 مليون نسمة، والمنتجة الكبرى للنفط على مدى أربع سنوات.
وكان بخاري قد قال عقب الإدلاء بصوته في بلدته دورا (ولاية كاتسينا) في أقصى شمال البلاد، "قريبا سأحتفل بالفوز، سأكون الفائز".
وعلى تويتر كتب بشير أحمد المتحدث باسم الرئيس المنتهية ولايته إنّ "بخاري فاز"، من دون أن ينتظر الإعلان رسمياً عن اسم الفائز ، بحسب " أ ف ب".
Sweet victory, we all are now at the #NextLevel. Thank you for the message, thank you Nigerians. #BuhariHasWon! pic.twitter.com/qK8Mc8BA9F
— Bashir Ahmad (@BashirAhmaad) ٢٦ فبراير ٢٠١٩
وتواجه بخاري تحديات كبيرة في ولايته الرئاسية الثانية من أبرزها الحرب على الفساد ومواصلة الحرب على " بوكو حرام " التي تعهد في ولايته الأولى بالقضاء عليها وكبدها خسائر كبيرة ولكنها عادت من جديد لتجميع صفوفها.
ورغم حصيلته الامنية المثيرة للجدل وواقع ان اكثر من 1,8 مليون شخص لم يتمكنوا حتى الان من العودة الى منازلهم بسبب العنف، فان بخاري لازال يحظى بدعم قوي جدا في شمال البلاد.
تزوير الانتخابات
وكان "الحزب الشعبي الديموقراطي" المعارض الذي رشّح أبو بكر ضدّ بخاري، طالب في وقت سابق الثلاثاء مفوضية الانتخابات بوقف فرز الأصوات، مدّعيا حصول تزوير.
ويحتاج المرشّح للفوز برئاسة نيجيريا للحصول على غالبية الأصوات وعلى ما لا يقل عن ربع الأصوات في ثلثي ولايات البلاد الـ36 إضافة إلى "منطقة العاصمة الاتّحادية" التي تضم أبوجا .
وجرى التصويت السبت بعد أسبوع من تأجيل اللجنة الانتخابية الاستحقاق جراء الصعوبات اللوجستية التي عرقلت إيصال صناديق الاقتراع وغيرها ومن المواد اللازمة.
وتبادل الحزبان الاتهامات بالتآمر مع اللجنة الانتخابية للتلاعب بالنتائج.
لكنّ أياً من الحزبين لم يقدّم أدلة رغم تحدّث المراقبين عن وجود عمليات شراء أصوات وترهيب وعنف استهدفت الناخبين والمسئولين يوم الانتخابات.
ودعي 72,7 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت بالتزامن.
من هو محمد بخاري؟
ولد محمد بخاري عام 1942 في قرية صغيرة تدعى "دورا" تقع في ولاية "كاتسينا" شمال نيجيريا قرب الحدود مع تشاد.
التحق بعد ذلك بالجيش وعمره لم يتجاوز 19 سنة. ثم درس الفنون العسكرية ببريطانيا قبل أن يعود إلى بلاده ليقلد مناصب عسكرية هامة، إذ تم تعيينه في 1980 جنرالا ومسئولا للقوات العسكرية النيجيرية.
في عام 1983، شارك محمد بخاري في الانقلاب العسكري الذي استهدف آنذاك الرئيس شيهو شغاري المنتخب في عام 1979 ليتربع على السلطة إلى غاية 1985، وهو تاريخ تعرضه هو الآخر إلى انقلاب عسكري قاده جنرال آخر يدعى إبراهيم بابنغيدا.
ودافع بخاري خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات في 2011 على فكرة فرض الشريعة الإسلامية في نيجيريا، لكن غير رأيه في 2015 ودافع عن فكرة حرية الاعتقاد الديني.
وجاء فوز بخاري في انتخابات ولايته الأولي في 2015بعد أن مني في الماضي بثلاث هزائم متتالية، الأولى في 2003 والثانية في 2007 والثالثة في 2011 أمام الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان، فهو ليس ليس جديدا في عالم السياسة، بل سبق له تولي الحكم عام 1985، كما تقلد مناصب عليا في المؤسسة العسكرية ولعب أدوارا هامة في صفوف المعارضة.
وخلال حكمه للبلاد من 1983 إلى 1985، تعامل مع المواطنين بالقوة والعنف وزج بالعديد من المعارضين السياسيين والعسكريين في السجون.
لكن الحادث الأليم الذي اشتهر به محمد بخاري، هو عندما طرد مئات الآلاف من مواطني النيجر الذين جاءوا إلى نيجيريا هربا من المجاعة التي عرفتها بلادهم ودول أخرى من غرب أفريقيا بين 1983 و1985، ولايزال حتى اليوم يطلق على هذه المجاعة التي مست شرق النيجر اسم "مجاعة بخاري".
وللفوز بالانتخابات الرئاسية، تحالف محمد بخاري مع الرئيس الأسبق أوباسانجو الذي شغل منصب رئيس نيجيريا في 2003.
الرجلان اشتغلا سويا في الجيش وتمكنا من توحيد صفوفهما من أجل التغلب على غودلاك جوناثان.