ساعات قليلة وتبدأ القمة التاريخية الثانية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، وسط تشديدات أمنية مكثفة من قبل الطرفين قبل بدء القمة بنحو 72 ساعة.
وعبر مساء السبت قطار كوري شمالي مصفح إلى الصين يقل الزعيم كيم جونغ أون، وذلك قبل أيام من القمة المرتقبة بين كيم والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فيتنام.
reminder that the top speed of Kim Jong Un's lame old bulletproof train is 37 mph pic.twitter.com/lzatq9G7ND
— Shane Bettenhausen (@ShaneWatch) February 20, 2019
وأكدت كوريا الشمالية لأول مرة أن زعيمها كيم جونغ أون سيعقد ثاني اجتماع قمة مع الرئيس الأمريكي .
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية، اليوم الأحد، أن كيم غادر بيونج يانج بالقطار بعد ظهر السبت لحضور اجتماع القمة الذي يعقد يومي 27 و28 فبراير يرافقه مسئولون كوريون شماليون كبار من بينهم وزير الخارجية ري يونغ هو وشقيقته كيم يو جونغ.
كما يرافق الزعيم الكوري الشمالي مساعده الرئيسي كيم يونغ تشول الذي التقى ترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي وعددا من الشخصيات البارزة.
ويأتي ذلك بعد أيام من التكهنات حول خطط سفر كيم جونغ اون التي تحاط بسرية، فيما وصل فريقه الى هانوي قبل القمة المرتقبة الاربعاء والخميس المقبلين.
وبحسب "بلومبيرغ"، قالت الوكالة إن "زيارة الزعيم الكوري البالغ من العمر 35 عاما لفيتنام ستكون أول زيارة لقائد كوري شمالي للبلاد منذ أكثر من نصف قرن. منذ أن زارها جده ومؤسس الدولة، كيم إيل سونغ، آخر مرة في عام 1964".
رحلة القطار المصفح
وقد يستغرق كيم يومين ونصف اليوم على الأقل لقطع آلاف الكيلومترات بالقطار من بيونج يانج عاصمة كوريا الشمالية إلى فيتنام، مروراً بالصين.
وكشفت وسائل الإعلام الروسية أن الرئيس الكوري توجه إلى هانوي في حوالي الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، يوم السبت، في قطاره المصفح عبر السكك الحديدية العابرة عبر الصين، وتبلغ مسافة السفر نحو 4000 كيلومتر.
وكان القطار قد سلك الجسر الذي يعبر نهر يالو الفاصل بين كوريا الشمالية والصين كما أفادت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب)، فيما عمدت قوات الأمن إلى إبعاد الصحافيين المتواجدين في مدينة داندونغ الحدودية الصينية عن خط السكك الحديدية.
وقالت يونهاب إن القطار وصل إلى داندونغ عند الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي (س 13 ت.غ).
وقال مصدر لموقع "إن كاي نيوز" إن "القطار طويل وعبر الجسر بشكل أبطأ من القطارات السياحية".
ونقل موقع "ان كاي نيوز" الإخباري في سيول عن مصدر قوله إن مثل هذه الرحلة ستخلق "الكثير من المشاكل" لأنها ستتسبب في اضطرابات في شبكة القطارات الصينية الفائقة السرعة، جراء بطء القطارات التي يستخدمها القادة في كوريا الشمالية.
وقامت الشرطة بتشديد الأمن قبل وصول القطار وأغلقت المنطقة المحيطة بالسكك الحديد، كما طُلب فجأة، يوم الجمعة، من نزلاء فندق قبالة الجسر أن يغادروا وتم إبلاغهم بأنه سيتم إغلاقه للترميم.
وذكرت مصادر عدة لوكالة فرانس برس الجمعة أن قطار كيم سيتوقف في محطة القطارات في دونغ دانغ قرب الحدود الصينية وسيواصل بالسيارة إلى هانوي التي تبعد 170 كلم.
وتم نشر جنود في محطة دونغ دانغ السبت وعلى طول الطريق المؤدي إلى هانوي، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس الذين شاهدوا العديد من الآليات العسكرية ومعدات الاتصال في المنطقة.
وأعلنت السلطات الفيتنامية إغلاق جزء من طريق بطول 170 كيلومترا من الساعة 06,00 إلى الساعة 14,00 بالتوقيت المحلي، ما يوحي بأن كيم سيسلك هذا الطريق السريع المزدحم عادة.
وطبقا لبيان من وزارة الخارجية، فإنه سيتم استقبال كيم بشكل رسمي من قبل رئيس فيتنام، الأمين العام للحزب الشيوعي الحاكم، نغوين فو ترونغ، في الأيام المقبلة في هانوي.
على خطى جدّه
يقول خبراء إن القطار الذي يستعمله كيم شبيه جداً بذلك الذي استخدمه والده وجدّه، وهذا يعني أن سرعته القصوى قد لا تتعدّى، في هذه الحالة، 60 كيلومتراً في الساعة.
والسفر بالقطار تقليد عائلي متوارث عن مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ، جد كيم جونغ أون الذي سافر والده إلى روسيا بالقطار في 2001.
وهناك إجماعا لدى المختصين في الشئون الكورية على أن كيم يفضل ركوب القطار خلال رحلاته الخارجية لعدة أسباب منها أنه ورث عن والده وجده الخوف من ركوب الطائرة من جهة ولأنه من جهة أخرى حريص على رفاهه الشخصي وعلى ألا تتسرب معلومات عن وضعه الصحي خلال السفر.
ولذلك فإن لديه عادة ثلاثة قطارات مصفحة أحدها لنقله والثاني لنقل الأشخاص المكلفين بحمايته بينما يخصص القطار الثالث لنقل أغراضه وحرسه الخاص.
ويحرص كيم جونج أون على السفر في القطار حتى يتسنى له تذوق وجبته المفضلة المصنوعة من عجين الحنطة السوداء والتي تصنع خصيصا في مطبخ القطار. كما يحرص على أن يُحمل مرحاضه الخاص في القطار الذي يركبه وعلى أن يُعهد في حراسته إلى أشخاص موثوق بهم خوفا من أن تشي المراحيض العامة التي يجد كيم نفسه مضطرا إلى استخدامها بمعلومات عن وضعه الصحي في حال إخضاعها بشكل متعمد من قِبل الخصوم.
وقال البروفسور كوه يوهوان في جامعة دونغوك في سيول إن السفر بالقطار "رسالة قوية إلى الكوريين الشماليين بأن كيم جونغ أون قد ورث صفات جده الحميدة، وأن سلالة كيم أقوى من أي وقت مضى".
من جهته قال جيونغ يونغ تاي الباحث في معهد الدراسات حول كوريا الشمالية في سيول إن وسيلة السفر الأكثر أمانا هي طائرة تؤمنها بكين.
وتابع الباحث "لكن تفضيل الكوريين الشماليين السفر بواسطة قطارهم الخاص على طائرة صينية قد يكون مؤشرا لاستعدادهم للاستقلالية" ، بحسب "سويس انفو".
وتملك الصين إحدى أكبر سكك الحديد في العالم، لكن وعلى الرغم من ذلك يطرح السفر بواسطة القطار إلى هانوي تحديا لوجستيا وأمنيا كبيرين.
ترامب في "الوحش"
من جانبه ركب رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب سيارة ليموزين من طراز "كاديلاك وان"، المعروفة أيضا باسم "الوحش"، أثناء زيارته إلى العاصمة هانوي للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
وفقا لصحيفة "Vnexpress" الفيتنامية سارت سيارة "الوحش" صباح اليوم السبت 23 فبراير في شوارع العاصمة الفيتنامية.
The Secret Service is ready to roll into #UNGA 2018! pic.twitter.com/Ady0kISVy3
— U.S. Secret Service (@SecretService) September 24, 2018
كما ذكرت الصحيفة أن طائرة النقل العسكرية الأمريكية " بوينغ C-17" نقلت إلى البلد الآسيوي، سيارتين من طراز كاديلاك وان، وعدد من المركبات المرافقة والمعدات اللازمة لعقد القمة.
يذكر أن سيارة "كاديلاك وان" عبارة عن سيارة ليموزين صنعت خصيصا لتقوم بنقل الرئيس الأمريكي ترامب وتوفر أعلى درجات الحماية.
وتمتلك السيارة مقصورة خاصة مزودة بفلتر هواء وأنابيب تحمل فصيلة دم الرئيس الأمريكي، ليتم استخدامها في أوضاع الطوارئ وفي حال تعرضه لوعكة صحية من أجل الإسعافات الأولية.
ويعتبر فندق "ماريوت" المرشح الأول لإقامة الرئيس الأمريكي، بينما سيقيم الزعيم الكوري الشمالي على الأرجح في فندق "ميليا".
وكانت حكومة فيتنام قد أعلنت في وقت سابق السبت، المناطق القريبة من الفندقين، إلى جانب بحيرة هوان كيم ، كمناطق أمنية.
يذكر أن القمة الأولى بين الرئيس الأمريكي والزعيم الكوري الشمالي عقدت في يونيو عام 2018 حيث أكد الطرفان التزامهما بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية.
هانوي طرفا محايدا
وكان ترامب قد أعلن في 9 فبراير في تغريدة على موقع "تويتر" أنَّ القمة الثانية ستعقد في مدينة هانوي، التي تقع على مسافة حوالي 4 ساعات طيران مباشر من بيونج يانج.
My representatives have just left North Korea after a very productive meeting and an agreed upon time and date for the second Summit with Kim Jong Un. It will take place in Hanoi, Vietnam, on February 27 & 28. I look forward to seeing Chairman Kim & advancing the cause of peace!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) February 9, 2019
وفيتنام، مثل سنغافورة التي استضافت قمة ترامب- كيم الأولى في شهر يونيو ، واحدة من بين 48 دولة لديها سفارة كورية شمالية على أراضيها.
وتعد فيتنام نقطة التقاء محايدة نادرة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، فربما يتحوَّل موقع أكبر مستنقع للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة إلى موقع إنهاء النزاع الأطول أمداً في هذا العصر أخيراً ، فقد تتحول فيتنام من دولة عدوة لأمريكا إلى شريك أمني ناشئ خارطة طريق لكيم من أجل صنع السلام مع أعتى قوة عظمى في العالم.
وليس غريبا على فيتنام احتضان لقاء ترامب/كيم، فقد اعتادت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا استضافة اجتماعات رفيعة المستوى ومتعددة الأطراف بمشاركة كبار قادة العالم، حيث استضافت قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (ابيك) مرتين، في عامي 2006 و 2017 في مدينتي هانوي ودا نانج على التوالي.
وشارك ترامب في قمة دا نانج عام 2017 ، إلى جانب عدد من زعماء العالم، ومن بينهم الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينج .
وفي الآونة الأخيرة، استضافت هانوي قادة إقليميين، مثل الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو وزعيمة ميانمار أون سان سو تشي، في مؤتمر المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2018 في هانوي.