قال المحلل والأكاديمي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب إنّ الأطفال شكّلوا رقمًا كبيرًا في معادلة التصدي للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف في حوارٍ لـ"مصر العربية": "أطفال فلسطين صحيح أنهم يفقدون طفولتهم لكنهم يكسبون رجولتهم، في حين أنه في مجتمعات عربية وغربية ينعم الأطفال بالألعاب وبكل ملذات الحياة، والطفل الفلسطيني يبحث عن كيف يلهو في جنود الاحتلال ويزعجهم".
وتابع: "الطفل الفلسطيني في الداخل يجد أنّ أحد أفراد أسرته وربما كلهم قد اعتقلوا أو استشهدوا، وبالتالي يرضع الوطنية منذ بداية طفولته، وينتج عن ذلك أن يصبح جزءًا من هذه الحالة".
إلى نص الحوار..
كيف يعيش أطفال فلسطين تحت وطأة الاحتلال؟
منذ أن وطأت أقدام الاحتلال أرض فلسطين، لم ينعم أطفالها، كما ينعم كل أقرانهم في العالم، بعيش طفولتهم ولم يتمتعوا بممارسة هواياتهم، لكنّ عندما يُولد الطفل الفلسطيني فإنّه يولد ومعه الهم لأنه موجود تحت الاحتلال ويتحمل أعباء الأوضاع المترتبة عنه.
وما فلسفة تعامل الاحتلال مع الأطفال؟
منذ نشأة الاحتلال، كان يراهن على أنّ الأجيال ستنسى، لكن وقائع عديدة ومنها مسيرات العودة التي انطلقت في قطاع غزة مؤخرًا أثبتت فشل ذلك، فالأطفال تقدموا الصفوف بالآلاف ليؤكدوا إصرارهم على العودة إلى أرضهم.

وما تفسيركم لهذا النضال؟
الطفل الفلسطيني في الداخل يجد أنّ أحد أفراد أسرته وربما كلهم قد اعتقلوا أو استشهدوا، وبالتالي يرضع الوطنية منذ بداية طفولته، وينتج عن ذلك أن يصبح جزءًا من هذه الحالة.
هل لعبت الظروف في الداخل جزءًا من هذا الأمر؟
الظروف في الداخل فرضت نفسها، وتجربة الخارج ارتبطت بنموذج آخر وهو وجود فلسطينيي المهجر الذين تعرضت بعض مخيماتهم للدك والقصف مثلما حدث في لبنان، في عدة مناسبات أكبرها ما حدث في بيروت عام 1982، حين قتل الإسرائيليون الأطفال جنبًا إلى جنب مع الفدائيين الفلسطينيين، ومن ثم أطلق عليهم لقب أطفال الآر بي جي.

وماذا عن أطفال الحجارة؟
أطفال الحجارة هي تسمية كانت قد برزت خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، وفي خضم تلك الأحداث، انتشرت صورٌ لأطفال عزل في المدن والقرى الفلسطينية، يحملون الحجارة مجتمعين في مواجهة الآليات العسكرية وأمام الرصاص الكثيف الذي كان يرد به جنود الاحتلال الإسرائيلي.
في تلك الفترة، شاركت في الانتفاضة كل مكونات الشعب الفلسطيني، وحمل الأطفال
الحجارة وأشعلوا الإطارات، ووصل عدد الأطفال الذين اعتقلوا إلى الآلاف.
هل هناك إحصائيات لعدد المعتقلين؟
منذ احتلال فلسطين حتى الآن، بلغ عدد مَن اعتقلوا مليون فلسطيني، ما يعني أن خمس الشعب تقريبًا تعرض للاعتقال، وبالتالي فإنّ الطفل الفلسطيني وجد نفسه يشارك الشعب في فعاليات المقاومة.
لكنهم لا يستمتعون بطفولتهم.. أليس كذلك؟
أطفال فلسطين صحيح أنهم يفقدون طفولتهم لكنهم يكسبون رجولتهم، في حين أنه في مجتمعات عربية وغربية ينعم الأطفال بالألعاب وبكل ملذات الحياة، والطفل الفلسطيني يبحث عن كيف يلهو في جنود الاحتلال ويزعجهم.
أعتقد أنّ هذه لعبة من الألعاب المتطورة تكنولوجيًّا وميدانيًّا، فهو يمارسها مباشرة في مواجهة مع الاحتلال بدلاً من الألعاب الإلكترونية.
كيف نعوّل على هذه النماذج؟
الرهان معقود على هذه الأجيال التي تكبر، وفي آخر إحصائية كانت نسبة مَن هم دون الـ18 عامًا في المجتمع الفلسطيني 65%، ما يعني أنّ هذه النسبة من المجتمع أطفال، بحسب المعايير الدولية، وبالتالي نتحدث عن مجتمع فتي وناضج ونسبة الرجولة فيه عالية جداً، وهذا يؤكد أنّه لا يزال هناك أمل رغم سوداوية الصورة في المنطقة بشكل عام.
وأين المنظمات الدولية من الانتهاكات ضد الأطفال؟
جهات دولية كثيرة مثل تلك المعنية بحقوق الإنسان، لا تفعل سوى إطلاق شعارات ولا يمكنها تنفيذ أي قرار.. كم من قرار صدر من تلك المنظمات حول الأطفال الفلسطينيين وحرمانية اعتقالهم ولم يُنفّذ منها شيء؟ كم قرار صدر من اليونسكو حول الأطفال أيضاً؟ هذا مجتمع ظالم، تتحكم فيه دولة القهر، الولايات المتحدة.