رئيس التحرير: عادل صبري 09:14 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

السعودية تحاول «الاكتفاء الذاتي» عسكريًا.. وهذه هي العقبات

السعودية تحاول «الاكتفاء الذاتي» عسكريًا.. وهذه هي العقبات

العرب والعالم

الصناعات العسكرية السعودية

السعودية تحاول «الاكتفاء الذاتي» عسكريًا.. وهذه هي العقبات

إنجي الخولي 18 فبراير 2019 04:53

تسعى السعودية - التي تحتل المرتبة الأولى من بين دول الشرق الأوسط من حيث استيراد الأسلحة - إلى تأسيس صناعة الدفاع العسكري المحلي، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبرة والمعرفة الصناعية العسكرية، ضمن خطة رؤية 2030.

 

أثناء رحلته الخارجية الأولى بعد توليه منصب الرئيس، أعلن دونالد ترامب عن حجم مبيعات مثير للدهشة للمعدات العسكرية الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية.

 

وبعد عامين تقريباً، لم تتحول هذه الصفقات الجديدة المنتظرة إلى خطابات طلب رسمية حتى، ولم تصبح عقوداً ، بحسب مجلة" "Defense News الأمريكية.
 

وفي حين كان هذا الانقطاع في الاتصالات مصدراً لتزايد الانتقادات الداخلية للرئيس، فلن يندهش المتابع لصفقات الجيش السعودي منذ فترة طويلة من هذه الفجوة الزمنية الكبيرة بين الإعلان عن الصفقات وتنفيذها.

 

لكن حضور القادة العسكريين الإقليميين والتنفيذيين في هذا المجال واجتماعهم معاً في معرض ومؤتمر الدفاع الدولي، «آيدكس»، يشير إلى استعدادات الهيئة العامة للصناعات العسكرية (جامي) وهي الجهاز الحكومي المعني بالتجارة الدفاعية في المملكة إلى التحرك بشكل أسرع في المستقبل وإنهاء كل هذه الأعمال العالقة.

 

على الرغم من تعرض السعودية إلى تدقيق دولي غير عادي خلال الأشهر الماضية بسبب أزمة مقتل الصحفي السعودية جمال خاشقجي في السفارة السعودية بأنقرة ، ما زالت المملكة تحاول وفقاً لرؤية 2030 تنويع مصادرها الاقتصادية، ولا سيمّا تشجيع مجالات صناعة الأجهزة والخدمات الدفاعية المحلية.

 

 

خطة المملكة الطموحة

 

قالت مجلة "أخبار الدفاع" (Defense News) إن خطة المملكة في هذا المجال "طموحة" في إطار رؤية 2030، وأضافت أنه من المتوقع أن يتجاوز هذا البرنامج أكثر من 426 مليار دولار من الاستثمارات بحلول عام 2030 ويخلق 1.6 مليون وظيفة، وفقا لبيان حكومي.

 

 

وأوضحت المجلة الأمريكية المهتمة بموضوعات الدفاع والتسليح حول العالم في تقرير لها أنه "كجزء من المقاربة الاقتصادية لرؤية 2030، تريد الرياض على الأقل إنتاج نصف المعدات التي يحتاجها للأمن القومي وينتجها جيشها محليًا بحلول عام 2030".


وقالت المجلة إن المملكة تريد أيضا إعادة تنظيم الحكومة لتحسين إدارة نمو صناعة الدفاع المحلية. مشيرة إلى أنه في مايو 2017، أقامت الدولة شركة الدفاع السعودية المملوكة للدولة (الشركة العربية السعودية للصناعات العسكرية)، والتي تعمل في الأسواق المحلية والإقليمية. كما تم إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية لتنسيق عمليات شراء الأسلحة بالإضافة إلى البحث والتطوير مع التركيز على المصادر المحلية.

 

ونقلت المجلة عن مصدر عسكري سعودي طلب عدم الكشف عن هويته قوله: "لا شك أن صناعة الدفاع أصبحت على دراية تامة بأهمية بناء وتطوير معداتها العسكرية الخاصة للتحرر من القيود الدولية". "إن السعوديين يقومون بتنويع وضعهم الاقتصادي حتى لا يظلوا يعتمدون على النفط، ولديهم قاعدة صناعية لمختلف المناطق المدنية والعسكرية، مع توفير احتياجات قواتهم المسلحة ووكالات الأمن وجعل بلادهم أكثر اكتفاءً ذاتيًا".

ومن بين الصفقات التي تم الإعلان عنها كجزء من خطة الشهر الماضي التي تم الكشف عنها، الاتفاق مع شركة الطيران الفرنسية والدفاع تاليس وشركة CMI البلجيكية للتعاون العسكري الصناعي.

 

وتعليقًا على دورها في الصفقة، قالت "تاليس" لمجلة "ديفينس نيوز" إنه "تمشيا مع رؤية 2030، تقوم الشركة بتطوير العديد من الشراكات مع الشركات المحلية والجامعات في المملكة من أجل تلبية احتياجات البلاد والمنطقة في المجال من التقنيات العالية".

 

 

الأزمة الحقيقية

 

وتواجه المملكة أزمة حقيقية في تأسيس صناعة الدفاع العسكري المحلي ،   حيث أن حجم الأعمال غير المنجزة بالنسبة لوزارة الدفاع السعودية كبير جداً، كما أن هناك اتفاقيات متعثرة وأخرى متوقفة، لأسباب تتعلق بفقدان الإدارة والعدد الكافي من العاملين في الهيئات العسكرية السعودية التي تم إنشاؤها لهذه الأهداف خصيصاً، خلال السنوات الأخيرة.

وكما هو الحال مع القوى الإقليمية الأخرى –وخاصة تركيا والهند – لم تعد السعودية راضية عن العلاقات التقليدية بين العملاء والموردين والتي تتبعها شركات الدفاع الأمريكية والأوروبية لعقود ،بحسب  مجلة Defense News الأمريكية .

 

 من الآن فصاعداً، أي صفقة دفاعية كبيرة ستتطلب مشاركة أكبر بالأعمال في الشركات المحلية، وهذه المشاركة ستتجاوز متابعة العمل والصيانة الدورية وبرامج التعويض (التي كانت تنفّذ أحياناً) في الماضي. ولتأسيس صناعة دفاع محلية حقيقية بعمالة مدربّة، سيكون السعوديون مطالبين بتسليم كمية كبيرة من الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخبرة والمعرفة إلى جانب عمليات نقل التقنيات "غير البسيطة".

 

لا إدارة لا عاملين!

 

وفي مايو 2017، جرى اتخاذ خطوات كبيرة ومهمة نحو إضفاء الطابع المؤسسي على هذا التحول، إذ أسست المملكة الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وجرى تقسيمها إلى وحدات عمل تغطي البر والبحر والجو والأنظمة الإلكترونية، ووضعت الشركة أهدافاً طموحة لتطوير حلول جديدة، وقدرات التصنيع داخل الدولة وخدمات الدعم اللازمة.

 

واعترفت الحكومة السعودية بحاجتها إلى قدر أكبر من التنسيق الحكومي والرقابي، وأسست الهيئة العامة للصناعات العسكرية.

وتتمتع هذه المؤسسة، المنفصلة عن وزارة الدفاع، بسلطات واسعة في عمليات البحث والتطوير والمشتريات. كما تشرف الهيئة على متطلبات الموازنة والتعديل لمناسبة الصناعة المحلية، مما يوفر مساحة تواصل أخرى لشركات الدفاع الغربية الراغبة في الدخول في المشهد الواعد لهذه الصناعة في السعودية.

 

وفي ضوء هذه المستجدات، عانت الحكومات الحليفة ومتعاقدو الدفاع العالميون لبعض الوقت في محاولة التكيف والاستجابة مع هذه التطورات.

 

ولم يساعد تأسيس هاتين المؤسستين بسياسة الأمر الواقع بلا تخطيط، لتصبح هيئات "جوفاء" تفتقر إلى العدد الكافي من العاملين أو الإدارة.

 

وتسبب هذا التأخير والجمود في قلق وتوجس شركات الدفاع الأمريكية، لتبدأ في إطلاق تنبيهات وإنذارات لمسئولي الحكومة الأمريكية لاتخاذ إجراءات.

 

 وبالمثل، أحبط القرار الإسباني بإلغاء صفقة الأسلحة إلى السعودية العام الماضي مخططات الإنتاج المشترك لخمس سفن من طراز أفانتي كورفيت مع الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وهي المحاولة المعنية بتقديم صورة مصغرة للنهج الجديد لصناعة الدفاع.

 

 

اتفاقيات متعثرة

 

وفي نهاية عام 2017، جرى تعيين مسئول تنفيذي مخضرم من شركة راينميتال لقيادة الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وتشير التقارير إلى زيادة فعالة في دمج أعمال شركات الدفاع السعودية المختلفة.

 

كما يجري ممارسة الضغط على هيئات تطوير الأعمال التابعة للحكومة السعودية في أقسام التقنية، والدفاع والحماية (مثل؛ الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني «تقنية») للامتثال أو التنحي جانباً.

 ويبدو أن الهيئة العامة للصناعات العسكرية بدأت في الآونة الأخيرة تكليف العاملين والإدارة بالعمل على ملفات الاتفاقيات المتوقفة أو المتعثرة، وتطبيق السياسات الصناعية الجديدة للمملكة.

 

على سبيل المثال، فقد راجعت المبادئ التوجيهية لمشتريات وزارة الدفاع، بحيث يلتزم المتعاقدين الأجانب باتفاقية الإنتاج المحلي لما لا يقل عن 50 % من قيمة التعاقد.

 

 وفي الوقت نفسه، أكدت إدارة ترامب مجدداً دعمها لمبيعات الأسلحة الأمريكية بالخارج ودفع الهيئة المعنية بمراقبة الصادرات الأمريكية على قبول تغييرات بعدما كانت تعيق قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة في أعمال منطقة الخليج بتقنيات الطائرات بدون طيّار وغيرها من المنتجات الدفاعية.

 

وبالمثل، جدد القادة الأوروبيون جهودهم لتعزيز ودعم مبيعات الدفاع العالمية.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان