قبل أيام تدخلت طائرات الميراج الفرنسية عسكريًا في تشاد لقصف رتل عسكري يسعى للإطاحة بالرئيس الحالي إدريس إيبي.. وهو ما يطرح تساؤلات حول ما يحدث في المستعمرة الفرنسية السابقة وعن قوة الجيش، الذي طلب دعما فرنسيا رغم أن عدد المركبات العسكرية المشاركة في الهجوم حوالي 40 مركبة فقط.
يومي 5 و6 فبراير الجاري قامت فرنسا، بقصف رتل عسكري، كان يتجه إلى العاصمة التشادية أنجمينا، بطلب من الرئيس التشادي إدريس ديبي.
انقلاب عسكري
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الثلاثاء، إن تدخل بلاده عسكريا في تشاد، الأسبوع الماضي، كان يهدف لوقف انقلاب عسكري، يسعى للإطاحة بديبي، مشيرا إلى أن التحرك العسكري الفرنسي جرى وفقا للقانون الدولي، بعد رسالة خطية من رئيس تشاد إلى فرنسا لحمايته، بحسب صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية.
وذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة التشادية، في 9 فبراير، أنها قامت بعملية عسكرية بدعم جوي من الطيران الفرنسي ضد ما وصفته بـ"الغزو الإرهابي"، مشيرة إلى أن المعارضة المتمردة تحاول استخدامه لغزو البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش، الكولونيل عزم برمندوا، إنه تم تدمير أكثر من 40 مركبة، بحسب وكالة الأنباء التشادية الرسمية، بينما قالت وكالة "فرانس برس" إن مقاتلات فرنسية نفذت غارات جوية، استهدفت مجموعة مسلحة حاولت عبور الحدود الشمالية لتشاد من ليبيا بناء على طلب من الجيش التشادي".
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب) أن الرتل العسكري، الذي تم تدميره تابع لـ"اتحاد قوى المقاومة" المسلحة، التي قامت بمحاولة انقلاب عام 2008، تمكنت فرنسا من إفشالها عندما تدخلت لصالح الرئيس إدريس ديبي.
ومن جانبها، نقلت وكالة الأنباء التشادية الرسمية عن المتحدث باسم الجيش، الكولونيل عزم برمندوا أغونا، قوله إن حوالي 40 مركبة من كل الأنواع قد جرى تدميرها.
وأضاف المتحدث أن الجيش التشادي استولى على 18 مركبة منها 16 مزودة بأسلحة ثقيلة إضافة لمئات القطع من الأسلحة الصغيرة والرشاشة وكمية كبيرة من الذخيرة من مختلف الأعيرة.
وأكد المتحدث "أسر أكثر من 250 متمردا من الفارين من ليبيا بما يعادل كتيبتين كاملتين"، مؤكدا أن من بينهم أربعة زعماء رئيسيين لم يكشف عن أسماؤهم مؤكدا استيلاء الجيش على عدة وثائق مهمة.
وختم المتحدث، كولينيل عزم أغونا، بأن عملية الجيش التشادي لا زالت مستمرة لتحييد ومطاردة بقية هؤلاء المتمردين مؤكدا أن القوات المسلحة التشادية لم تسجل أي خسائر بشرية ومادية في جانبها.
وأشار الجيش التشادي، في بيان له، إلى أن "أكثر من أربعين سيارة دمرت، كما تم مصادرة مئات قطع السلاح"، مضيفا أن "عمليات التطهير تتواصل في منطقة أنيدي في شمال شرق تشاد على مقربة من الحدود مع ليبيا والسودان"، وذلك وفقا لقناة "LBC" اللبنانية.
وعللت رئاسة الأركان الفرنسية تدخل قواتها بأن توغل هذا الرتل المسلح في عمق الأراضي التشادية كان من شأنه أن يزعزع استقرار هذا البلد"، مشيرة إلى أن القوات المسلحة التشادية، شريكا أساسيا لفرنسا في مكافحة الإرهاب في مالي، والقوات المشتركة في دول مجموعة الساحل الخمس.
وبحسب "فرانس برس" التي أشارت إلى انتقاد زعيمين للمعارضة التشادية، للتدخل العسكري الفرنسي في شمال البلاد، مؤكدين أنه غير مناسب وينتهك القانون الدولي، وهو ما رد عليه مكتب وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي "هذا التدخل يعد استجابة لطلب دعم فرنسي صدر بصورة رسميا من دولة ذات سيادة".
ويقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يرغب في إقامة علاقة جديدة مع المستعمرات الفرنسية السابقة، وإن عهد دعم الزعماء مقابل الحصول على عقود مجزية للشركات الفرنسية قد انتهى ، بحسب "رويترز".
لكن فرنسا تنظر إلى القوات التشادية التي اكتسبت خبرة قتالية على أنها مهمة في المعركة ضد المتشددين في غرب أفريقيا.
وتنشر فرنسا 4500 جندي في العاصمة التشادية نجامينا، في إطار عملية تُعرف باسم قوة برخان لمكافحة الإرهاب.
من أبرز المقربين إلى زعيم انقلاب
وأعلنت قيادة أركان الجيش التشادى، مؤخرًا، عن تمكنها من اعتقال رئيس أركان المعارضة تيمان أرديمى، الهارب من ليبيا برفقة المتحدث باسم "اتحاد قوى المعارضة"، والذى أنشأه تيمان.
وكان أرديمى من أبرز المقربين لديبى، وتربطه به صلات قرابة، لدرجة أنه عينه مديرًا لمكتبه خلال الفترة من 1993 حتى 1997، ثم تمرد على ديبى فى 2006، واختار السلاح طريقًا لمواجهة رئيس البلاد.
واعترف أرديمى، بتعرض قواته لخسائر كبيرة جراء الضربات الموجعة التى تلقتها فى ليبيا وتشاد، قائلاً إنه ما بين 3 إلى 7 فبراير الماضى، تعرضت قواته وعلى فترات منتظمة لضربات من قبل الطيران الفرنسى على طول خط يمتد لأكثر من 700 كلم.
وأقر بوقوع أضرار بشرية ومادية هائلة بين صفوف قواته مع وجود بعض الناجين، الذين قال إنهم يعانون من شح الدعم والجوع والعطش ويفتقرون إلى الوقود، ما دفعهم إلى الاستسلام للقوات الحكومية التشادية، فيما كان البعض الآخر مبعثراً واستطاع إعادة التجمع والعودة إلى القاعدة الخلفية فى ليبيا.
كما كشف عن أن خسائر هى لواء كامل، بينما لا تزال ثلاثة ألوية أخرى تتواجد فى الأراضى الليبية.
حرب فبراير
وربطت صحيفة "أنجمينا اليوم" التشادية، بين ما تشهده البلاد حاليا، وبين ما حدث يومي 2 و3 فبراير عام 2008، عندما اندلعت المواجهات في العاصمة أنجمينا، التي خرجت عن سيطرة جيش الإنقاذ، مشيرة إلى أن تحالف المعارضة العسكرية لم يستطع إدارة الصراع داخل العاصمة مما أفقده السيطرة على مقاليد السلطة السياسية.
ولفتت إلى أن تدخل القاعدة العسكرية الفرنسية في آخر لحظات الصراع قلب المعادلة لصالح الرئيس إدريس ديبي، مشيرة إلى أنه لولا التدخل الفرنسي لاستطاعت المعارضة السيطرة على الأمور في البلاد ، بحسب "سبوتنك"الروسية.
ولفتت الصحيفة إلى أن التدخل الفرنسي في العملية الأخيرة، التي شهدتها البلاد قبل أيام يطرح تساؤلا مهما عن قوة الجيش التشادي، الذي طلب دعما فرنسيا رغم أن عدد المركبات العسكرية المشاركة في الهجوم حوالي 40 مركبة فقط.
ونالت تشاد استقلالها عن فرنسا عام 1960، وتولى الحكم فيها حاكم مسيحي من الجنوب.
في الفترة بين عامي 1883 حتى 1893 كانت مناطق تشاد تخضع للسيطرة السودانية بقيادة رابح الزبيري، بحسب موقع "الألوكة" السعودي.
وعام 1900 استطاعت فرنسا هزيمة جيش الزبيري، في تشاد، وفي عام 1913 استكملت السيطرة على الدولة، التي أصبحت مستعمرة فرنسية.
واندلعت احتجاجات وأعمال عنف من المعارضة الإسلامية المسلحة في الشمال، بعد حظر الأحزاب السياسية، في عام 1963.
في عام 1973 شاركت القوات الفرنسية في إنهاء الثورة في الشمال المسلم، الذي يمثل نصف السكان، بحسب مجلة "تايم" الأمريكية.
وضمت ليبيا شريط حدودي شمالي تشاد يطلق عليه "قطاع أوزو" في عام 1977، وأرسلت قواتها عام 1980 لدعم الرئيس جوكوني كوايدي، الذي ظل في السلطة حتى عام 1982.
وتم عزل الرئيس حسين حبري عام 1990 بواسطة حليفه السابق إدريس ديبي، حسب "بي بي سي".
وقاد الاحتجاجات جبهة التحرير الوطنية التشادية أو (فروتينات)، وبعد 3 سنوات تحولت الثورة إلى حرب عصابات.
وفي عام 2011، قاطعت المعارضة الانتخابات الرئاسية، لكن الرئيس إدريس ديبي أعلن الفوز فيها.
ويشكك المراقبون الدوليون في نزاهة الانتخابات التي أبقته في السلطة. وأشرف ديبي، العام الماضي، على تعديل الدستور الذي سيتيح له البقاء في السلطة حتى عام 2033.
وشهد عام 2016 الحكم على الرئيس السابق حسين حبري، بالسجن مدى الحياة بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب، وفقا لـ"بي بي سي".
وتحتل تشاد المرتبة رقم 159 على قائمة عالمية تصنف الدول حسب الغنى والفقر وتضم 189 دولة، حسب موقع "غلوبال فاينانس".
أما موقع "وورلد أتلس"، فيقول إن تشاد تحتل المرتبة رقم 30 بين 55 دولة أفريقية في مستوى دخل الأفراد.
تشاد وإسرائيل
ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 25 نوفمبر عام 2018، أن الرئيس التشادي يزور إسرائيل بعد قطيعة دامت 46 عاما، مشيرة إلى أنها أول زيارة لرئيس تشادي إلى إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في تشاد، قولها إن إسرائيل تمد الدولة ذات الأغلبية المسلمة، بأسلحة متطورة لدعمها في مواجهة المتمردين.
وتجدر الإشارة إلى أن مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية السابق دوري غولد، قد كان أجرى زيارة في أغسطس 2016 إلى تشاد.
وزار رئيس الوزراء نتنياهو تشاد، في 20 يناير الجاري، وذلك ردا على زيارة إدريس ديبي، إلى تل أبيب التاريخية في نوفمبر الماضي.