رئيس التحرير: عادل صبري 09:40 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بطون اليمنيين.. أمعاء تقصفها حرب الشرعية والانقلاب

بطون اليمنيين.. أمعاء تقصفها حرب الشرعية والانقلاب

العرب والعالم

الأزمة الإنسانية في اليمن

بطون اليمنيين.. أمعاء تقصفها حرب الشرعية والانقلاب

أحمد علاء 12 فبراير 2019 21:13
في بلدٍ يعاني أزمة سياسية وعسكرية معقدة، يحدث أن تسقط البلاد فريسة لأزمة إنسانية حادة تتناقص فيها مواد الإعاشة، لكنّ أن تتواجد تلك المواد بما يبقى إنسانًا على قيد الحياة ليعيش جائعًا لا محرومًا، ولا يتمكن من الوصول إليها أو الحصول عليها، فذاك أكثر بشاعةً.
 
يحدث ذلك في اليمن، فمخازن البحر الأحمر بمحافظة الحديدة توجد بها كميات من القمح تسد رمق أكثر من ثلاثة ملايين إنسان على الأقل لمدة شهر إن لم يمت بقنص "انقلابي" أو "شرعي"، إلا أنّ هذه الكميات معرضة للموت هي نفسها.
 
أمس الاثنين، حذّرت الأمم المتحدة من أنّ كميات كبيرة من القمح في الحديدة تكفي لإطعام ملايين المواطنين، باتت معرضة لخطر التلف في ظل تعذّر الوصول إليها بسبب النزاع.
 
وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك - في بيان مشترك: "تتزايد الأهمية العاجلة لوصول الأمم المتحدة إلى مخازن البحر الأحمر في الحديدة يوما بعد يوم".
 
وأضاف المسؤولان: "تعذّر الوصول إلى كميات الحبوب التي قام برنامج الأغذية العالمي بتخزينها والكافية لإطعام 3.7 ملايين شخص لمدة شهر، ولم يكن من الممكن الوصول إليها لأكثر من خمسة أشهر مضت ما يعرضها لخطر التلف".
 
 
لوكوك كان قد دعا ميليشيا الحوثي للسماح بالوصول إلى مخازن القمح الواقعة عند الأطراف الشرقية لمدينة الحديدة في منطقة تخضع لسيطرة القوات الموالية للحكومة لكنها تتعرّض لقصف الانقلابيين.
 
يعيش ملايين اليمنيين على إثر أزمة إنسانية كبيرة صنعتها الحرب الدائرة في البلاد منذ 2014 بعد انقلابها على الشرعية بدعمٍ من إيران.
 
وترى المليشيات الحوثية أنّ من مصلحتها استمرار الحرب والتصعيد، في محاولة ربما لفرض سياسة الأمر الواقع وبالتالي جني أكبر قدر ممكن من صفقة سياسية لحل الأزمة، ولهذا الأمر تعوّل الميليشيات كثيرًا من دورها على تصعيد معاناة المدنيين صحيًا وغذائيًّا.
 
قبل أسابيع، أفاد بيانٌ صدر عن برنامج الغذاء العالمي أنّ الحوثيين يسرقون الأغذية من أفواه الجائعين ويحوِّلون شحنات الطعام، مؤكدًا وجود أدلة على استيلاء الانقلابيين على شحنات الإغاثة، وارتكابهم هذه الانتهاكات فى المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
 
وطالب البرنامج، بوضع حد فوري للتلاعب في توزيع مساعدات الإغاثة الإنسانية في اليمن، وأضاف: "تمّ الكشف عن التلاعب في تخصيص مواد الإغاثة الغذائية، في مراجعة أجراها برنامج الأغذية العالمي خلال الأشهر الأخيرة، وأجريت هذه المراجعة بعد ازدياد التقارير عن عرض المساعدات الغذائية للبيع في أسواق العاصمة".
 
اكتشف البرنامج هذا التلاعب من قبل منظمة واحدة على الأقل من الشركاء المحليين الذين يكلفهم بمناولة مساعداته الغذائية وتوزيعها، المؤسسة المحلية تابعة لوزارة التربية والتعليم في صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي.
 
 
وفي هذا السياق، صرح ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي: "هذه الممارسات هي بمثابة سرقة الغذاء من أفواه الجوعى.. يحدث هذا في الوقت الذي يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يجدون ما يكفيهم من الطعام، وهذا اعتداء بالغ، يجب العمل على وضع حد فوري لهذا السلوك الإجرامي".
 
اللافت أنّ المليشيات أخذت تبيع هذه المنتجات في السوق السوداء بالأسواق لتحقيق أرباح حتى وإن كانت على حساب أوجاع الشعب، ورغم المزاعم الحوثية بنفي تورطها في هذه الجرائم، لكنّ المليشيات حاصرتها أدلة كثيرة على سرقتها لطعام المواطنين وتحويل المساعدات إلى وسيلة للابتزاز والضغط على الأسر المحتاجة للدفع بأبنائها للانخراط معسكرات الحوثيين وإرسالهم إلى جبهات الموت.
 
في سياقٍ مشابه، اتهمت الحكومة "الشرعية" - في مطلع يناير الماضي - مليشيا الحوثي بنهب واحتجاز نحو 697 شاحنة تحمل موادًا إغاثية، ومنع 88 أخرى من الدخول، خلال أكثر من ثلاث سنوات.
 
وقال بيانٌ صدر عن اللجنة الإغاثية العليا التابعة للحكومة، إنّ مليشيا الحوثي احتجزت ومنعت دخول أكثر من 88 سفينة إغاثية وتجارية ونفطية إلى مينائي الحديدة والصليف بمحافظة الحديدة في الفترة من مايو 2015 إلى ديسمبر 2018.
 
ومن بين هذه السفن، 34 سفينة احتجزها الحوثيون لأكثر من ستة أشهر حتى تلفت معظم حمولاتها، إضافةً إلى استهداف سبع سفن إغاثية وتجارية ونفطية بالقصف المباشر.
 
وخلال نفس الفترة، قام الحوثيون بنهب واحتجاز 697 شاحنة إغاثية في الطرق الرابطة بين محافظات الحديدة وصنعاء وإب وتعز وحجة وذمار، ومداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتهم.
 
 
 
تُضاف هذه الجرائم إلى سلسلة طويلة من معاناة المدنيين في اليمن، وهو ما فرض كثيرًا من الدعوات نحو التوصّل إلى حل سياسي ينهي الأزمة في البلاد، على الأقل مراعاةً لمعاناة المدنيين.
 
الدكتور عمر الشرعبي "كبير باحثين" في مشروع الاستجابة الطارئة في اليمن، تحدث لـ"مصر العربية" عن تلك المآسي الإنسانية في البلاد، وكشف أرقامًا مفزعة عن مأساة اليمن.
 
يقول الشرعبي إنّ التقارير الدولية بشأن الأوضاع الإنسانية في اليمن ترى أنّها الأسوأ عالميًّا، لكن هنالك دراسة مهمة ودقيقة النتائج بشكل كبير جدًا أشرف عليها البنك الدولي، توصلت إلى نتائج خطيرة.
 
الباحث اليمني - من خلال تجربته وعمله على الدراسة مع مجموعة من المتخصصين باعتباره كبير باحثين لمشروع البنك الدولي التابع للأمم المتحدة للاستجابة الطارئة في اليمن - يوضح أنّها هدفت إلى معرفة المناطق المهددة لخطر المجاعة ومعرفة مدى انعدام الأمن الغذائي فيها.
 
خلصت تلك الدراسة المستفيضة - يوضح الشرعبي - أنّ دولة اليمن تعاني من ماسأة إنسانية مهولة وأنّها الأسوأ عالميًّا بأرقام مخيفة، حيث أنّ أكثر من 18 مليون شخص يعانون من قلة الغذاء وانعدامه لقلة الدخل للأفراد والأسر بشكل عام، وأكثر من 12 مليونًا يعانون من قلة الدواء وعدم توفره لهم وذلك لعدم مقدرتهم لشرائه إجمالًا.
 
وهناك أيضًا مأساة أخرى، بحسب الباحث، تتمثل في أنّ أكثر من ثلاثة مليون ونصف من الأطفال يعانون من سوء تغذية حاد بالإضافة إلى الحوامل.
 
ويشير إلى عدم صرف الرواتب للموظفين لمدة أكثر من عام ونصف من قِبل الأطراف السياسية، ومنها الحكومة الشرعية التي أخطات بقرارها المتسرع بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن رغم التقارير للخبراء الاقتصاديين الذين قدموا تقريرًا استراتيجيًّا بخطورة هذه الخطوة، لما يمثله ذلك من كوارث اقتصادية على الشعب.
 
ويتابع: "قرار رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي هو القشة التي قسمت ظهر البعير، وجعلت من جماعة الحوثي يلقون المسؤولية للحكومة الشرعية بعدن أو الرياض حسب تواجدها، وأرى أنّ الحكومة الشرعية أصبحت ولا زالت في تخبط اقتصادي وإداري، وهو سبب رئيسي أيضًا إلى جانب الصراع والأزمة التي ضاعفت المأساة في اليمن".
 
من أجل مواجهة هذه المأساة، يتحدث الشرعبي عن سيناريوهين، الأول تكثيف المساعدات وأن يتم الصرف مباشرة للحالات المستحقة عبر منظمات مدنية تعمل في العمل الطوعي تحت إشراف البنك للدولي واليونيسف.
 
أمّا السيناريو الثاني، فهو يتمثل في أنّ تسعى المنظمات الدولي للضغط على أطراف الصراع في اليمن للوصول للحل السياسي، والأهم ضغط البنك الدولي كونه الذراع المالي والاقتصادي للأمم المتحدة، متحدثًا عن دور واضح للولايات المتحدة وروسيا في تعقيد الأزمة والصراع في اليمن أو حلها.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان