رئيس التحرير: عادل صبري 05:24 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«مشروع عابر».. هل تنجح محاولات السعودية والإمارات في إنتاج عملة رقمية؟

«مشروع عابر».. هل تنجح محاولات السعودية والإمارات في إنتاج عملة رقمية؟

العرب والعالم

مشروع عابر بين السعودية والإمارات

«مشروع عابر».. هل تنجح محاولات السعودية والإمارات في إنتاج عملة رقمية؟

وائل مجدي 10 فبراير 2019 11:24

تستمر المحاولات السعودية الإماراتية المملكة لإنشاء عملة رقمية موحدة، تستخدم في نظم المدفوعات التجارية المشتركة بين البلدين، من خلال تقنيات سلسلة الكتل والسجلات الموزعة.

 

وأعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" والبنك المركزي الإماراتي "UAECB" عن تبنيهما خططًا لإطلاق مشروع العملة الرقمية المشتركة "عابر"، بهدف السماح بشيوع المعاملات المالية عبر أحدث وسائل التكنولوجيا التي تعمل بالطاقة الكهربائية بين المؤسستين الماليتين.

 

ويعتبر المشروع نتاجًا للعديد من المحادثات حول تطبيق تقنية الـ blockchain في المملكة والإمارات. ففي أكتوبر 2018، أعلن المسؤولون عن خطط لإنشاء لوائح تسمح بالعروض الأولية للعملة في البلاد؛ لتحريك الرؤية لعملة رقمية رسمية خطوة إلى الأمام.

 

وتأتي الخطوة في إطار تعزيز مستويات التنسيق المالي بين الإمارات والسعودية، وسط ترجيحات بأن تعطي التجربة زخما أكبر لوتيرة العلاقات الاقتصادية بين الجارين.

 

ويعد الهدف من إطلاق مشروع "عابر" هو استكشاف آفاق استخدام تقنية البلوك تشين في التعاملات المصرفية بين الدولتين.

 

ما هي العملات الرقمية؟

 

 

العملات الرقمية أو العملات الإلكترونية ( البيتكوين ) هي عبارة عن عملات افتراضية يتم تداولها من خلال الإنترنت وهى غير مطبوعة أو يتم سكها من قبل سلطات نقدية ولا يوجد لها أى سلطة منظمة لها كالبنوك المركزية.

 

وتستخدم فى عمليات شراء السلع والخدمات والتعامل على بعض الخدمات المالية الإلكترونية فى أسواق السلع الأجلة وغيرها بالإضافة إلى قابليتها للتحويل أمام الدولار واليورو بأسعار تتغير على مدار اليوم فى البورصات العالمية.

 

وأبرز فوائد التعامل بتلك العملات الرقمية هو أنها ذات نظام تشفير عالى ودقيق للغاية ويصعب إتمام عمليات قرصنة على الحسابات الإفتراضية الرقمية التى تحتويها نظرا لأنها تعتمد على نظام قواعد البيانات التشاركية وهى ذات معدلات قبول عالية ومتزايدة عالميا.

 

كما أنها تتميز بصعوبة تتبعها من قبل السلطات الرقابية الدولية والمحلية وبالتالى فإن أبرز المخاطر المرتبطة بتداولها هو إمكانية استخدامها فى تمويل الإرهاب وغسل الأموال عبر التحويل من الحسابات المصرفية إلى العملات الرقمية.

 

كيف يعمل مشروع عابر؟

 

وتعمل العملات الرقمية عن طريق شبكات الـ blockchain الخاصة بها؛ حيث يتم إنشاء جميع العملات الرقمية وتخزينها وتبادلها على شبكات «البلوكتشين» المنفصلة الخاصة بها.

 

وشبكة البلوكتشين الخاصة بالعملة الرقمية هي دفتر الأستاذ العام لجميع معاملات تلك العملة التي حدثت من أي وقت مضى. بحيث يتم تجميع المعاملات الجديدة على هيئة «كتل»، ويتم تأكيد كل كتلة والتحقق من صحتها من قبل العديد من المستخدمين في جميع أنحاء الشبكة، قبل إضافتها في نهاية السلسلة، علمًا بأن كل مستخدم يمتلك نسخته الخاصة من دفتر الأستاذ، ويتم تحديثه باستمرار.

 

وهذه الشبكات لا مركزية، بخلاف النقود التقليدية والأوراق البنكية والعملة المعدنية، والسمة المميزة التي تعطي قيمة العملة المشفرة ميزة على الخيارات الاقتصادية الأخرى هي أنها غير تمييزية ومتاحة بسهولة.

 

وعندما يتم استخراج العملات الرقمية على الـ blockchains أو نقلها بين المستخدمين، يجب أن يتم تخزينها حتى يكون المالك الجديد مستعدًا لاستخدامها، وهنا تظهر محافظ العملات الرقمية.

 

وهذه المحافظ هي ببساطة قطعة من البرمجيات قادرة على إسكان العملات الرقمية بشكل آمن لفترة غير محددة من الزمن، وتحتوي جميع محافظ العملات الرقمية على مفتاح عام ومفتاح خاص واحد على الأقل.

 

المرحلة التجريبية

 

 

ومن المُقرر أن تركز المرحلة الأولى من تجربة العملة الرقمية المشتركة على الجوانب الفنية لإصدار عملة رقمية مشتركة؛ ففي البداية سيقتصر استخدام عابر على عدد صغير من البنوك في كل دولة. ويتمثل الهدف الرئيس من هذه التجربة في تقليل تكاليف التحويلات واختبار قدرة هذه العملة على العمل بمثابة « نظام احتياطي إضافي للمدفوعات المركزية المحلية».

 

ويُعد مشروع العملة المشترك السعودي الإماراتي أحد المبادرات السبعة التي أعلنتها اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، والتي اجتمعت في 19 يناير الماضي في أبو ظبي، بهدف مواصلة العمل على المبادرات المشتركة.

 

وخلال المرحلة التجريبية، سيتم استهداف المشروع المشترك في البنوك بقصد  فهم أفضل لتداعيات تكنولوجيا الـ Blockchain وتسهيل المدفوعات عبر الحدود، على أن يتم استخدام  قاعدة بيانات موزعة بين البنوك المركزية ومقدمي الخدمات المالية الأصغر من كل من المملكة والإمارات.

 

كذلك يهدف البرنامج التجريبي إلى تقييم تأثير هذه العملة على السياسات المالية الحالية، وكذلك معالجة قضايا مثل أمن العميل والمخاطر واللوائح.

 

وتتطلع الإمارات إلى الانضمام إلى قائمة الوجهات الرائدة لشركات الـ blockchain في عام 2019 من خلال إنشاء إطار قانوني جديد مؤيد للتشفير.

 

وفي المملكة، أبرمت السلطات الجمركية مؤخراً مخططاً تجريبياً يربط بين برنامجها التجاري «FASAH» عبر الحدود مع البنية التحتية لـ«TradeLens» التابعة لشركة IBM وشركة مايرسك.

 

مزايا وتحديات

 

 

فيرى محمد حسن، مدير أكاديمية "كافيو" للوساطة المالية أن "السعودية والإمارات لديهما القدرة على إطلاق عملة رقمية مشتركة، لكن هذه العملة سوف يكون لها طابع خاص يميزها عن باقي العملات الرقمية، نظرا لإصدارها ودعمها من قبل السلطات الحكومية في البلدين".

 

وأضاف: "الهدف من العملات الرقمية منذ ظهورها هو توفير الوقت المستغرق في تحويل الأموال من دولة إلى أخرى، علاوة على إخراج الطرف الثالث، أي البنوك، من معادلة تحويل الأموال، مما يؤدي إلى اختفاء تكلفة التعاملات المالية التي تتقاضاها البنوك والمؤسسات المصرفية والمالية".

 

وأوضح حسن أن العملة الرقمية السعودية الإمارتية المنتظرة سوف تكون في البداية عملة "خدمية"، أي أنها سوف تستخدم في الأساس "في التعاملات بين البنوك، وبين المؤسسات المحلية، ولذا، لن تكون قابلة للتداول بين الأشخاص مثل عملة البيتكوين، وهو ما يضمن استقرار قيمتها".

 

وتوقع حسن أن يتحول العالم إلى العملات والأصول الرقمية بالكامل خلال خمسين سنة.

وأشار إلى أن هناك فائدة عظيمة قد يجنيها الاقتصاد في البلدين، تتمثل في القضاء على الاقتصاد الموازي، "إذ يقتضي التحول إلى استخدام العملات الرقمية في البلدين تقليل السيولة المتداولة بشكل مباشر في الأسواق خارج القطاع المصرفي".

 

وقال محمد زيدان، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى مؤسسة "ثنكماركتس"، لبي بي سي : "هناك خطة أعلنها محافظ البنك المركزي الإماراتي تتضمن دراسة استراتيجية لتوفير الاحتياجات التكنولوجية، والتشريعية، والتنظيمية اللازمة لإطلاق العملة الرقمية الجديدة. وأعتقد أن الدولتين لديهما الإمكانيات اللازمة لإدارة هذه العملة بنجاح".

 

وأضاف: "تبني الحكومتين للعملة الجديدة سوف يزيل أي عوائق قد تواجهها في المستقبل".

 

وعلى صعيد المخاطر المتعلقة بالتعامل بالعملات الرقمية، حذر حسن من أن التحول إلى استخدام العملات الرقمية قد يشكل ضغطا على السلطات المالية والنقدية في البلدين. ويضيف حسن: "التحول إلى عملة متداولة تخضع لسعر السوق يعد تحديا كبيرا ويتعلق بمستوى القدرة على وضع التشريعات التي تحصن الاقتصاد ضد أي مخاطر محتملة للعملة الرقمية الجديدة".

 

وقال زيدان: "مثل بقية العملات الرقمية، سوف تكون العملة الرقمية 'عابر ' عرضة للمخاطر، وخاصة فيما يتعلق بوضعها القانوني. لكن هذه العقبة يمكن التغلب عليها عن طريق إصدار تشريعات واضحة تنظم كل الجوانب المتعلقة بالتعامل بهذه العملة".

 

وحذر زيدان من تحد آخر يتمثل في القدرة على الحماية الإلكترونية. وقال زيدان: "سمعنا جميعا عن عمليات القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها أكبر منصات تداول العملات الرقمية".

 

وأضاف: "التقلبات التي تشهدها أسواق المال وأسواق العملات الرقمية تعتبر من أهم المخاطر التي تواجه هذا المشروع أيضا، إذ ليس من المعلوم حتى الآن ما إذا كانت السلطات النقدية في السعودية والإمارات سوف تربط سعر صرف العملة بالعملة المحلية أم بالدولار الأمريكي، وكلا الخيارين يجعل العملة الرقمية عرضة لتقلبات السوق الحادة".

 

وتتمتع العملات المشفرة أو الرقمية بالعديد من المزايا التي تسهم في تطوير التعاملات المالية، وتحسين مستوى جودة الخدمات المالية، لأن الأصول المتداولة إلكترونيا تعتمد على النظام اللامركزي في التعاملات.

 

لكنها في نفس الوقت تنطوي على بعض المخاطر، منها أن التعاملات في عالم البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى يمكن المتعاملين من عدم الإفصاح عن هويتهم، مما يزيد من خطورة استخدامها في ممارسات غير مشروعة.

 

كما تنطوي تعاملات العملات الرقمية على قدر كبير من التذبذب صعودا وهبوطا، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار قيمتها في وقت قياسي.

 

وهناك قدر بالغ من الصعوبة يواجه العملات الرقمية على مستوى الاعتراف بوضعها القانوني لدى عدد من الدول الاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

 

وقد رفضت هيئة الأوراق المالية والسندات في الولايات المتحدة في 2018 عددا كبيرا من طلبات تقدمت بها شركات لتشغيل منصات التداول في العملات الرقمية لتأسيس صناديق استثمار متبادلة بالبيتكوين، نظرا لما يمثله تأسيس هذه الصناديق من دعم للوضع القانوني لهذا النوع من العملات.

 

وتعرضت العملات الرقمية لهزة عنيفة في 2018 أحدثت تراجعا حادا في إجمالي حجم تعاملات أسواق الأصول الرقمية هبط إلى حوالي 114 مليار دولار، مقابل حجم التعاملات المسجل في أوائل فبراير الماضي الذي بلغ حوالي 449 مليار دولار.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان