رئيس التحرير: عادل صبري 06:40 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

تبادل الأسرى بين التحالف والحوثي.. شعاع ضوء في نفق مظلم

تبادل الأسرى بين التحالف والحوثي.. شعاع ضوء في نفق مظلم

العرب والعالم

تبادل الأسرى

تبادل الأسرى بين التحالف والحوثي.. شعاع ضوء في نفق مظلم

أحمد علاء 01 فبراير 2019 22:50
لم يكن الاتفاق الذي تمّ التوصُّل إليه مؤخرًا بين التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، ومليشيا جماعة أنصار الله "الحوثي" الموالية لإيران مجرد تبادل أسير من طرفٍ بسبعة من الآخر، بقدر ما طرح الأمر تساؤلات عن مستقبل هذا الملف المتعثر في سياق الحرب الدائرة في هذا البلد.
 
أمس الأربعاء، جاء الإعلان عن وصول الأسير السعودي موسى بن شوعي عواجي إلى قاعدة الملك سلمان الجوية في الرياض، بعد أن أفرجت عنه مليشيا الحوثي مقابل إفراج المملكة عن سبعة من عناصرها.
 
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية عن المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي أنّ "الجهود المشتركة لقيادة التحالف والمبعوث الأممي مارتن جريفيث، نتج عنها إطلاق سراح الأسير السعودي لظروفه الصحية الصعبة، ولعدم تلقيه الرعاية الصحية اللازمة لدى المليشيا"، لافتًا إلى أنّ "قيادة القوات المشتركة للتحالف وافقت مقابل ذلك على إطلاق سبعة محتجزين من العناصر الحوثية".
 
وأضاف أنّ "هذا الأمر يأتي ضمن حرص قيادة القوات المشتركة للتحالف على استعادة الأسير السعودي وبما يتوافق مع اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب وكذلك القيم والمبادئ الإنسانية، واستمرار جهود استعادة بقية الأسرى من قوات التحالف".
 
ولفت المالكي إلى أنّ "مفاوضات الأسرى والمحتجزين لا تلقى الاهتمام الجاد من قبل مليشيا الحوثي التي كانت تمارس التعنت في هذا الشأن في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية دون مراعاة للجانب الإنساني"، موضحًا أنّ "الجماعة الانقلابية تحتجز آلاف اليمنيين، بينهم قيادات سياسية واجتماعية وعسكرية، وعلى رأسهم وزير الدفاع السابق اللواء الركن محمود الصبيحي، الذي تضمن قرار مجلس الأمن (2216/ 2015) إطلاق سراحه الفوري دون شروط".
 
جماعة الحوثي أعلنت عن الأمر هي الأخرى، وقالت إنّه تمّ نقل الأسير إلى بلاده بطائرة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر.
 
ونقلت قناة "المسيرة"، التابعة للحوثيين عن رئيس لجنة الأسرى عبد القادر المرتضى قوله: "تم نقل الأسير السعودي إلى بلاده عبر طائرة تابعة للصليب الأحمر بعد الإفراج عنه بمبادرة من قائد الثورة (عبد الملك الحوثي)".
 
وأضاف المرتضى: "تدخّلت عدة أطراف لإقناع السلطات السعودية بصفقة مستعجلة للإفراج عن الأسير السعودي دون جدوى".
 
قبل ذلك، كان المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام قد أعلن - في بيان - الاثنين الماضي: "أعلن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، مبادرة إنسانية، ونقل ذلك للمبعوث الأممي أننا على استعداد لتسليم الأسير السعودي المريض، الذي تجاهل النظام السعودي وضعه الصحي الحرج".
 
على الجانب الآخر، استقبل مطار صنعاء الدولي مساء أمس الأربعاء، سبعة أسرى حوثيين، أفرجت عنهم سلطات المملكة ضمن صفقة التبادل.
 
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر - في بيان على وقع التواصل الاجتماعي "تويتر" - إنّ طائرةً تابعةً للجنة هبطت في مطار صنعاء وأقلت سبعة يمنيين من مطار خميس مشيط في المملكة العربية السعودية.
 
وأضافت اللجنة: "رافقهم خلال الرحلة فريق مختص من اللجنة الدولية في اليمن بصفتها وسيط محايد سهل عملية النقل".
 
في خضم هذه التطورات، حلّق سربٌ من التساؤلات حول إمكانية تقديم تطور ملحوظ في ملف تبادل الأسرى، عقب ما تمّ الاتفاق عليه في اتفاق السويد الذي قطعته أطراف الحرب على نفسها في منتصف ديسمبر الماضي، بشأن تبادل الأسرى وجثث عناصر كلٍ منهما المحتجزة لدى الآخر. .
 
وكانت الأمم المتحدة قد أولت اهتمامًا لافتًا بهذا الملف لما يحمله من بعد إنساني غير خاضع لأي حسابات سياسية، في محاولة من أجل لم شمل الأسر التي فرّق الحرب شتاتها، وذلك وفقًا للأحكام القانونية ومواثيق وأعراف ومواثيق ومبادئ القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان وقوانين الجمهورية اليمنية ذات الصلة، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة أيضًا.
 
وعقب التوصّل لهذا الاتفاق، أعلن عن إشراف منظمة الصليب الأحمر الدولية على تسهيل عملية التبادل والإجراءات المتعلقة بها، ويكون تحت رعاية وإشراف من مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة باليمن، وتضمّن إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين تعسفيًا والمخفيين قسريًا والموضوعين تحت الإقامة الجبرية على ذمة الأحداث لدى جميع الأطراف بدون أي استثناءات أو شروط وذلك بهدف حل القضية بشكل كامل ونهائي.
 
وتضمّن كذلك أنّه لا يحق لأي طرف الامتناع عن تسليم أي شخص تم أسره أو اعتقاله أو احتجازه أو القبض عليه على ذمة الأحداث لأي سبب، وحال تبين وجود أي عناصر من "المشمولين" لا يزال محتجزًا على ذمة الأحداث بعد عملية التبادل فإنّ جميع الأطراف ملتزمة بإطلاق سراحهم على الفور دون قيد أو شرط.
 
وكان الهدف من إشراك منظمة الصليب الأحمر هو ضمان احترام المبادئ والإجراءات الإنسانية الأساسية التي تسهل الإفراج عن، أو نقل، أو الإعادة إلى الوطن، جميع الأشخاص المجردين من حريتهم، وأشارت الأمم المتحدة إلى أنّه لهذا الغرض ينبغي ضمان سلامة موظفي منظمة الصليب الأحمر خلال هذه العملية، وتوفير كافة التسهيلات اللازمة لها، لممارسة دورها كوسيط محايد لتسهيل تطبيق الاتفاق.
 
وفي وقتٍ علقت فيه الآمال على الاتفاق ليحل هذه المأساة الإنسانية، إلا أنّ عراقيل وصعوبات ألقت بهذه الآمال في نفقٍ شديد الظلمة، وسط اتهامات بين كلا الطرفين بشأن تعقيد الأزمة.
 
وطيلة الأيام الماضية، حمّلت الحكومة الشرعية اليمنية والتحالف العربي، مليشيا الحوثي بأنّها السبب في عرقلة تنفيذ اتفاق السويد، بما في ذلك ملف الأسرى.
 
في هذا السياق، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إن تعثر اتفاق السويد يعد فشلًا للعملية السلمية برمتها، واتهم جماعة الحوثيين بخرق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة غربي اليمن.
 
وأضاف خلال استقباله في الرياض مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن جريفيث ورئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة باتريك كاميرت - قبل أيام - أنّ الحكومة الشرعية ملتزمة باتفاق السويد، وأكّد ضرورة التقيد والإسراع بتنفيذ بنوده، ومنها ما يتعلق بوقف إطلاق النار، والانسحاب من الحديدة ومينائها، والوفاء بتعهدات ملف الأسرى والمعتقلين.
 
وطالب الرئيس اليمني، الأمم المتحدة بـ"وضع النقاط على الحروف وإحاطة المجتمع الدولي والجميع بمكامن القصور ومن يضع العراقيل أمام خطوات السلام وفرص نجاحها"، لافتا في هذا الصدد إلى "تعنت الانقلابين ومماطلتهم وعدم وفائهم على الدوام بتنفيذ أي عهد أو اتفاق من خلال مسيرتهم وتجاربهم السابقة".
 
لكن الرواية الحوثية تبدو مختلفة، فقال عبد القادر المرتضى رئيس لجنة الأسرى: "التحالف قدم لنا قائمة بها أكثر من 9 آلاف اسم، ونحن قدمنا قائمة بها 7500 اسم، وبدورنا قدمنا لهم إفادات عن أكثر من 80% من الكشف الذي تقدموا به، وكان هناك أكثر من 2000 اسم مكرر، وأيضًا أكثر من 1400 اسم.. تم إطلاق سراحهم بالإضافة إلى أسماء وهمية كانت بالكشوف غير مكتملة البيانات، ولم نستطع العثور عليها، بالإضافة إلى 1500 اسم كانوا موجودين لدينا".
 
وأضاف: "أبلغناهم أن لدينا مئات الجثث قد تكون للأشخاص الذين لم يتم التعرف على حقيقة وجودهم (مجهولي الهوية)، لكن الرد على مطالبتنا وكشوفنا من جانبهم كانت ضعيفة جدًا، ولم يفيدونا سوى عن 700 شخص من أصل 7500 شخص موجودين بالقائمة، وتلك كانت الإشكالية الأكبر والسبب الحقيقي وراء تعثر المشاورات".
 
وصرح "المرتضى" في هذا الصدد: "كان لابد من جولة ثانية يتم فيها إعادة البحث والتحري وتقديم الإفادات مرة أخرى، والرد على الملاحظات، وهو ما نحن فيه الآن بعد نقل العملية إلى الأردن.. للأسف الشديد الرد الذي أتى من قبل التحالف كان مخيبًا للآمال بشكل كبير جدًا، وأنكروا وجود الآلاف الذين نعرف أماكن سجنهم، وعلى تواصل معهم وبعضهم قد زارهم الصليب الأحمر وحملت رسائل منهم إلى ذويهم، وبعضهم تم التفاوض بشأنه من قبل مع التحالف، ولم يشيروا إلى أي من الأسرى ممن لدى الإمارات العربية المتحدة".
 
ولا يتوقف تعقيد الأزمة على التأخير ملف الأسرى، لكنّه يتعلق أكثر بمئات الخروقات التي أجهضت اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة.
 
تعليقًا على ذلك، يقول المحلل السياسي اليمني عمر محمد إنّ الحل السياسي إصبح بعيد المنال بسبب كثرة الانتهاكات والتجاوزات العسكرية بالإضافة إلى التأخير في تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى.
 
ويضيف في حديثٍ لـ"مصر العربية"، أنّ الهجوم الحوثي على قاعدة (العند) العسكرية التي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط كان سببًا رئيسيًّا أيضًا في عدم استكمال الحل السياسي أو التفاهمات على مستوى أكبر بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي.
 
ويرى "المحلل" أنّ إحداث تغيير عسكري يمكن أن يتم بالمحافظات الساحلية مثل الحديدة بشكل أوسع وأكبر لأنّها مفتوحة للطيران وذلك بتكثيف التحركات العسكرية في عدة محاور بريًّا وبحريًّا وجويًّا، مع  تجفيف منابع الفساد.
 
ويشير إلى أنّ الفاتورة ستكون كبيرة بالنسبة للضحايا المدنيين لهذه المنطقة المحورية، كما ستكون المحافظات الجبلية صعبة لخبرة وتمرس جماعة الحوثي في تلك المناطق.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان