رئيس التحرير: عادل صبري 01:28 صباحاً | الأحد 06 يوليو 2025 م | 10 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

«دماء خاشقجي».. هل تروي ظمأ الأزمة الخليجية؟

«دماء خاشقجي».. هل تروي ظمأ الأزمة الخليجية؟

العرب والعالم

جمال خاشقجي

«دماء خاشقجي».. هل تروي ظمأ الأزمة الخليجية؟

أحمد علاء 05 نوفمبر 2018 21:08
"حصار قطر".. سيكون هذا الملف هو الأهم على طاولة القمة الخليجية الأمريكية التي تمّ تأجيلها لأكثر من مرة، والتي أعلن موعدها النهائي.
 
خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي قال إنّ القمة الخليجية الأمريكية ستعقد في يناير المقبل، مؤكدًا أنّ هذا الموعد هو المتفق عليه، وأنّه ليس هناك أي جديد بشأنها.
 
وأضاف أنّه "سيعقد اجتماع للجنة الوزارية، لمتابعة مدى تنفيذ القرارات الصادرة عن الدورة الحالية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية".
 
وصرّح المسؤول: "رئاسة الكويت الدورة الحالية مستمرة، ووجهنا دعوة للأشقاء في دول المجلس لعقد اجتماع للجنة الوزارية، لمتابعة تنفيذ القرارات.. هذا الاجتماع سيعقد، وخصوصا بعد أن تسلَمنا موافقة الدول الأعضاء".
 
يمكن إطلاق وصف "المعقد" على هذه القمة، إذ تحدّد لها على مدار الأشهر الماضية أكثر من موعد إلا أنّ ذلك لم يتم، وكان من الواضح أنّ مفخخاتها أكثر من مبررات انعقادها.
 
كان من المعلن أنّ انعقاد هذه القمة يهدف في المقام الأول إلى إيجاد حل عاجل للأزمة الخليجية المستعرة منذ الخامس من يونيو من العام الماضي.
 
في هذا اليوم الذي تزامن مع ذكرى نكسة العرب في حرب يونيو 1967، قررت دول السعودية ومصر والبحرين والإمارات قطع علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها حصارًا جويًّا وبريًّا وبحريًّا بداعي دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة وتحدثت عن محاولات للنيل من سيادتها واستقلال قرارها الوطني.
 
وكخطوة في سبيل حل الأزمة، تقدمت الدول الأربع - عبر الوسيط الكويتي - بقائمة من المطالب، ضمّت 13 بندًا، مقابل رفع الإجراءات العقابية عن قطر، غير أن الأخيرة رفضت جميع هذه المطالب، واعتبرتها تدخلًا في سيادتها الوطنية.
 
وبالمقابل، طلبت قطر علنا، وعبر الوسيط الكويتي ومسؤولي الدول الغربية، من الدول العربية الأربع الجلوس إلى طاولة الحوار، للتوصل إلى حل للأزمة، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، وتبذل الكويت جهود وساطة للتقريب بين الجانبين، إلا أنها لم تثمر عن أي تقدم حتى الآن.
 
تثير القمة الخليجية الأمريكية المرتقبة الكثير من الجدل، لا سيّما لتزامنها مع أحداث جسام، ربما تغيّر الكثير من المواقف على الطاولة.
 
أول هذه الملفات هي قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، والطريقة الوحشية التي تصف ما يخرج عن تقارير تركية ودولية بشأن الجريمة، فضلًا عما يدور من مزاعم بشأن علاقة الأسرة الحاكمة في السعودية لا سيّما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بجريمة الاغتيال.
 
ومنذ اليوم الأول لاختفاء جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر الماضي، مرورًا بالتسريبات حول الطريقة الوحشية لاغتياله وصولًا إلى الاعتراف السعودي بالأمر، فإنّ القضية لم تخلُ من موائمات وصفقات سياسية.
 
وقد تردّد في الآونة الأخيرة عن ضغوط تُمارس على السعودية من أجل وقف حصار قطر، حيث كشف تقرير لوكالة "بلومبيرج" الأمريكية، عن ضغوط تمارسها واشنطن على الرياض من أجل إنهاء "الحصار".
 
ونقلت الوكالة الأمريكية عن ثلاثة مصادر على إطلاع بالجهود الأمريكية حول هذا الموضوع، أنّ السعودية ما زالت تتأرجح في موقفها من تلك الضغوط، مشيرةً إلى أنّ الجهود الأمريكية جاءت في إطار الضغوط التي تُمارَس على السعودية عقب مقتل خاشقجي.
 
وفي خطوة فُسّرت بأنّها تؤكد ما يمكن الميل إلى اعتباره نوعًا من الرضوخ للضغوط أو على الأقل تقديم تنازلات في هذا الصدد، تحدّث الأمير ابن سلمان عن قطر بتصريحات لم تخلُ من مخاطبة الود.
 
قال ابن سلمان - خلال كلمة له في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار": "اقتصاد قطر قوي، وسيكون مختلفًا ومتطورًا بعد خمس سنوات.. دول المنطقة هي أوروبا الجديدة اقتصاديًّا".
 
على الدرب نفسه، سار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي خاطب الود، قائلًا إنّ "تركيا دولة صديقة، والتنسيق العسكري مع قطر لم يتأثر بالتوترات".
 
وأضاف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، على هامش حوار المنامة، الذي يُعقد سنويًّا في البحرين، أنّ دول الخليج العربي، ومعها مصر والأردن، ماضية بالمشاورات حول تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي المعروف باسم "ميسا" أو الناتو العربي، معربًا عن اعتقاده بأنّ النزاع مع قطر لن يكون له تأثير على التحالف.
 
كما كشف عن وجود "تمارين" بين دول الخليج تشمل قطر، إضافة لوجود مسؤولين سعوديين في قاعدة العديد العسكرية القطرية في الدوحة.
 
في سياق غير بعيد، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن طبيعة العرض الذي قدمه الأمير خالد الفيصل، مستشار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على الأتراك خلال زيارته إلى تركيا، من أجل طي قضية مقتل خاشقجي.
 
الصحيفة نقلت عن مصدر مقرب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ "الفيصل عرض إنهاء حصار قطر فضلًا عن إغراءات مالية واستثمارات داخل تركيا مقابل طيّ هذا الملف".
 
وعن طبيعة الإغراءات المالية، كشف المصدر أنّ "الإغراءات تضمّنت مساعدات لتحسين وضع الاقتصاد التركي بسبب أزمة الليرة".
 
الضغط في ملف خاشقجي شبيه بما يمكن استغلاله في ملف حرب اليمن، وهذه الضغوط بدأت بالفعل، فبشكل غير مسبوق بدأت واشنطن تتحدث عن ضرورة وقف الأعمال القتالية في اليمن وحدّدت مهلة 30 يومًا لذلك.
 
كما أنّ أزمة اغتيال الصحفي السعودي والطريقة البشعة التي تمت بها الجريمة فتحت الباب أمام انتقادات حادة لما يتهم به التحالف العربي الذي تقوده السعودية من انتهاكات ضد المدنيين في اليمن.
 
ولا يمكن استبعاد إعلان الكويت موافقة كل دول الخليج على المشاركة في القمة الأمريكية الخليجية عن كل هذه التطورات السياسية والحقوقية.
 
في معرض حديثه عن هذه التطورات، يقول المحلل السياسي السعودي الدكتور أحمد الشهري إنّ هذه التصريحات السعودية الجديدة تحمل الكثير من الأمل من أجل عودة الأسرة الخليجية لا سيّما القطرية والسعودية كما كانت من قبل.
 
ويضيف في تصريحات متلفزة، أنّ مجلس التعاون الخليجي موقع أكثر من 17 اتفاقية أمنية، لا تزال سارية إلى الآن، تتعلق بمكافحة الإرهاب والمخدرات وحرس الحدود وإدارة المخاطر والدفاع المدني، مؤكّدًا أنّ هذه الاتفاقيات يحكمها ميثاق شرق التعاون الخليجي.
 
ويشير إلى أنّ هذه الاتفاقيات لم يطرأ عليها أي شيء، بينما التوقف كان فيما يخص الاتفاقيات البينية ما بين السعودية وقطر أو البحرين وقطر، أمّا ما يتعلق بالمنظومة الخليجية فإنّها تسير كما خطط لها.
 
ويوضح "الشهري" أنّ المقاطعة لم تشمل إلا ما يخص العلاقات البينية بين السعودية وقطر، أمّا ما يدخل في الاتفاقية الشاملة لدول مجلس التعاون الخليجي فلا أحد يستطيع التعدي عليها.
 
خلافًا لذلك، يقول المحلل السياسي على الهيل إنّ الإشارات الإيجابية الصادرة عن السعودية هي ناتجة عمّا وصفها بـ" العزلة الدولية" التي يجد النظام السعودي متورطًا فيها.
 
وفي تصريحات متلفزة، يضع الهيل تفسيرًا لهذه العزلة وهي اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
 
ويوضح أنّ محاصرة قطر من قبل الدول الأربع كان بمثابة إعلان حرب ضد الدوحة، من خلال فرض حصار بري وبحري وجوي عليها وفرض مقاطعة دبلوماسية وقنصلية معها.
 
ومع تصاعد الأحداث والتهابها في قضية مقتل خاشقجي والطريقة البشعة التي أريقت دماءه بها، فقد تحدّثت العديد من التقارير عن استفادة قطرية مما يحدث، تحديدًا فيما يتعلق بملف رفع الحصار المطبق عليها من قبل الدول الأربع.
 
اتفاقًا مع ذلك، يقول الباحث في مجال الدفاع أندرياس الذي شغل في السابق منصب مستشار للجيش القطري: "لن أتفاجأ في حال استفاد القطريون بشكل غير مباشر مما يحدث الآن (مقتل خاشقجي).. على السعوديين أن يقدموا تنازلات".
 
كما يذكر كريستيان أولريشسن الباحث في جامعة "رايس": "أعتقد أنّه إذا كانت الحكومة الأمريكية ترغب في إنهاء أزمة قطر فبوسعها ممارسة نفوذ على السعودية كورقة مساومة في مقتل خاشقجي".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان