رئيس التحرير: عادل صبري 01:13 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«حرب الوكالة».. لماذا تعجز السعودية والإمارات عن هزيمة إيران في اليمن؟

«حرب الوكالة».. لماذا تعجز السعودية والإمارات عن هزيمة إيران في اليمن؟

العرب والعالم

الحرب في اليمن

«حرب الوكالة».. لماذا تعجز السعودية والإمارات عن هزيمة إيران في اليمن؟

أحمد علاء 20 يوليو 2018 20:22
"ترتيبهما متقدم، إمكانياتهما كبيرة، لكنّهما عاجزتان عن حسم المعارك".. هذا مخلص ما ورد في تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية، تحدثت فيه عن دور التحالف العربي، وتحديدًا السعودية والإمارات في اليمن.
 
يقول التقرير إنّه في التقرير السنوي العالمي لمؤسسة "يو إس نيوز آند ورلد ريبورت" الأمريكية لقائمة أقوى الدول، حلت السعودية والإمارات في الترتيب التاسع والعاشر باعتبارهما أقوى دول العالم، ومع ذلك فإنّ هاتين القوتين العسكريتين تتورطان للسنة الرابعة في نزاع تشهده اليمن، أحد أفقر بلدان العالم، ضد المتمردين المدعومين (الحوثيين) من إيران.
 
الجيشان السعودي والإماراتي - بحسب التقرير - من أفضل الجيوش الممولة والمجهزة في العالم، ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تجاوزت السعودية روسيا حتى عام 2017 مع ثالث أكبر إنفاق عسكري في العالم، حيث بلغ مجموع إنفاقها العسكري 69.4 مليار دولار.
 
كما صنّف مركز الأبحاث السعودية ثاني أكبر مستوردي الأسلحة في كل من 2015 و2016، مشيرًا إلى أن هذه الواردات زادت بنسبة أكثر من 200% في السنوات الست الماضية.
 
ومع ذلك، فإنّ قدرات الجيش السعودي المحدودة معروفة، وعلى الرغم من ميزانيته ومشتريات الأسلحة واسعة النطاق، فإنّه يعاني من نقص في الخبرة والاعتماد على التزود بالوقود ونقل الإمدادات من الولايات المتحدة، ومن مشكلة القوى البشرية.
 
وينقل التقرير عن يوئيل جوزانسكي الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، قوله: "لم يخوضوا حربًا منذ عام 1991، بينما على الجانب الآخر يمتلك الحوثيون عقودًا من تجارب حرب العصابات والقتال في هذه التضاريس الوعرة".
 
ويتحدث التقرير عن الأزمة في اليمنة: "انزلق التحالف العربي الذي يقاتل في اليمن، بقيادة السعودية والإمارات، إلى طريق مسدود في الأسابيع الأخيرة بعد محاولة الاستيلاء على مدينة الحديدة الرئيسية من الحوثيين المدعومين من إيران".
 
ويذكر: "إيران، التي تحارب مختلف الحروب بالوكالة في الشرق الأوسط، تواجه اتهامات من قبل وكالات الاستخبارات الأمريكية والسعودية بتسليح الحوثيين بالأسلحة والصواريخ التي تستهدف حاليًّا مدينة جازان الاقتصادية السعودية، حيث تلبي شركة أرامكو السعودية دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمساعدة في استقرار سوق النفط العالمية، وبناء مصفاة بطاقة 400 ألف برميل يوميًّا ومن المتوقع أن تصبح جاهزة للعمل بشكل كامل في 2019".
 
وبحسب التقرير، "يدعي التحالف أنّ هدفه هو قطع خط الإمداد الرئيسي للحوثيين وإجبار المجموعة على الجلوس على طاولة المفاوضات، ومع ذلك، تم إحراز تقدم طفيف منذ إطلاق الحملة في 12 يونيو الماضي، حيث يتم الدفاع عن مدينة البحر الأحمر بشدة من خلال الألغام الأرضية والبحرية، وتخشى الأمم المتحدة من أن تؤدي الحملة إلى المزيد من المجاعة على نطاق واسع، لأن الميناء هو شريان الحياة لدولة فقيرة ويعتقد أن 8.4 مليون نسمة على وشك المجاعة.
 
في اليمن، يلاحظ جوزانسكي أنّ الإماراتيين، وليس السعوديين، هم من يتولون مهمة العمليات العسكرية الثقيلة، وأنّ السعوديين يقدمون بالدرجة الأولى الدعم الجوي، في حين أنّ الإمارات لديها قوات فعلية على الأرض وإن كان العديد منهم مرتزقة من دول مثل السودان، يشكلون قوة مقاتلة لا يستهان بها، بل إن الإمارات قد اكتسبت لنفسها لقب "سبارتا الصغيرة" لدى الجيش الأمريكي.
 
بحسب التقرير، فإنّ الإماراتيين، مثل السعوديين، مجهزون بشكل جيد للغاية بأحدث أنظمة الأسلحة، التي يتم شراؤها بمواردها المالية الهائلة، ويذكر معهد أبحاث ستوكهولم أنّ الإمارات يجب أن تكون مدرجة ضمن أفضل 15 دولة على صعيد الإنفاق العسكري في العالم، لكنه لاحظ أن نقص البيانات المتاحة قد أدى إلى غياب البلاد عن الاستطلاع.
 
بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس السعوديين، اكتسبت الإمارات خبرة عملية واسعة في دول مثل أفغانستان والصومال والبوسنة، يقود قواتها، على الأقل جزئيًّا الجنرال الأسترالي السابق مايك هيندمارش، الذي يشغل حاليًّا منصب قائد الحرس الجمهوري لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو قسم عسكري يضم وحدات تقليدية ومتخصصة تعمل في اليمن.
 
ويشرح جوزانسكي، مدى انتشار القوات المسلحة لدولة الإمارات، مشيرًا إلى أنّها الدولة العربية الوحيدة التي فتحت قاعدة عسكرية خارج حدودها مع قاعدة بحرية وجوية في إريتريا، حيث تتطلع إلى مزيد من القواعد على البحر الأحمر وفي ليبيا.
 
ومع ذلك، فإنّ مشاركة الإمارات في اليمن تواجهها انتقادات داخلية، والذي تمّ تسليط الضوء عليها في الأسبوع الماضي بسبب تقارير عن انشقاق لأمير إماراتي إلى قطر، والذي كان يخشى على حياته بعد انتقاد الحرب، واتهام الإمارات بإخفاء الأعداد الحقيقية لحصيلة الجنود الإماراتيين القتلى في اليمن، وقد أعلنت الإمارات الأسبوع الماضي أنّها مدت الخدمة العسكرية الإجبارية للرجال الإماراتيين من 12 إلى 16 شهرًا.
 
سعوديًّا، يوضح التقرير أنّ الجيش السعودي يمتلك بنية تشغيلية مركزية للغاية، وهي سمة مشتركة في العديد من البلدان غير الديمقراطية، حيث تأتي القيادة والولاء من الأعلى، والأمراء وغيرهم من أفراد العائلة المالكة لا يخدمون باعتبارهم جنودًا، وهي عدم مساواة لا تساعد في رفع الروح المعنوية بين القوات.
 
ويختم التقرير بأنّ عدم قدرة التحالف العربي على الفوز أو حتى التقدم في اليمن لديه تشخيص ذو شقين، حقيقة أنّ الحوثيين في موقع جيد لصد القوات الأجنبية المقاتلة، وحقيقة أنّ الجيش السعودي يعاني من عدم فعاليته النظامية على الرغم من الجهود التي تبذلها الإمارات لجلب قوتها في الحرب.
 
تدخل التحالف العربي في اليمن بدأ في مارس 2015، بداعي استعادة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومواجهة الحوثيين - المدعومين من طهران، لكنّ الرياض (قائدة التحالف) لم تحسم الحرب إلى الآن.
 
حتى نهاية العام الماضي، تسبّبت الحرب في مقتل نحو 10 آلاف شخص ونزوح 3 ملايين نسمة، في حرب لا يُعرف إن كانت السعودية دخلتها أم تورطت فيها، فهي عسكريًّا لم تهزم الحوثيين، ولم تفرض سيطرة الرئيس (هادي) الذي دخلت لإعادة شرعيته المسلوبة.
 
إنسانيًّا، يرزح أكثر من سكان اليمن تحت غول الجوع، دون أن يكون هناك أمل لنهاية قريبة لهذه المأساة الإنسانية، حيث أنّ قرابة ثلث سكان اليمن، 8.4 ملايين نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم 29 مليون نسمة، يعتمدون بشكل كلي على المعونات الغذائية، ولولاها لكانوا سيموتون جوعًا، وهذا الرقم ارتفع خلال العام الماضي بمقدار الربع.
 
وكالات الإغاثة الدولية - بدورها - حذّرت من أنّ أجزاءً من اليمن قد تكون قريبة من الموت جوعًا، وبخاصةً أنّها تعتمد اعتمادًا كاملًا على المساعدات التي فشلت الوكالات في إيصالها بسبب الحرب.
 
وحتى هذه اللحظة، لا تُعرف أعداد الوفيات من جراء الأزمة الإنسانية، فالسلطات غير قادرة على إجراء إحصاء دقيق لذلك، في وقت سابق أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة"، أواخر العام الماضي، أن نحو 50 ألف طفل يمني يمكن أن يكونوا ماتوا خلال العام 2017 بسبب الجوع.
 
"لماذا يعجز التحالف عن حسم الحرب؟"، سؤالٌ طرحه "مصر العربية" على الدكتور عمر الشرعبي المحلل السياسي والباحث المتخصص في الشؤون الاستراتيجية وإدارة الأزمات.
 
يقول الشرعبي: "لعل الحرب في اليمن من قبل التحالف منذ ثلاث سنوات وأكثر سبّبت الكثير والكثير من المآسي والأزمات الصحية والاقتصادية وغيرها من الأزمات، وكل ذلك لعدم حسم الحرب أو السعي لحسمها من التحالف والحكومة الشرعية ويعود ذلك لأسباب كثيرة منها أنّ هناك أطرافًا دولية تريد إطالة أمد وزمن الحرب لبيع الكثير والكثير من صفقات السلاح".
 
ويضيف في حوارٍ مع "مصر العربية" يُنشر لاحقًا: "من الناحية الإقليمية، هنالك أطراف تريد عدم انتصار جانب سياسي أو حزبي مثل حزب الإصلاح على جماعة الحوثيين حتى لا يصبح البديل السياسي الديني كبديل سياسي ديني آخر من وجهة نظرهم".
 
ويتابع: "لا ننسى فساد بعض قيادات الحكومة الشرعية كان سببًا مهمًا وجوهريًّا في إطالة الحرب إجمالًا وعدم كفاءة الحكومة الشرعية في إدارة الدولة ومرافقها في المناطق المحررة وعدم تسليم المرتبات بانتظام للموظفين الحكوميين مما جعل المواطن يراها أنموذج سيئ بامتياز حيث لا تقل فسادآ عن فساد جماعة الحوثيين".
 
ويضع الشرعبي "سيناريوهين" للأزمة، الأول أنّ يظل التلكؤ موجود من قبل قوات التحالف وبالذات الحكومة الشرعية في بعض الأماكن يقابله تموضع جديد للحوثيين وتطوير مستمر لمنظوماتهم الصاروخية والذي سوف يضرب ضربات مستمرة للدول المشاركة بالتحالف وبالذات السعودية واطالة الحرب.
 
أمّا السناريو الثاني، أن تسعى قوات التحالف للحسم في جبهات كثيرة عن طريق أولًا استبدال القيادات الحكومية والعسكرية الفاسدة للحكومة الشرعية، وثانيًّا الاستعانة بأهل الخبرة الجيوسياسية والاستراتيجية وإدارة الازمات لوضع خطط قصيرة ثلاثة شهور ومتوسطة وستة شهور وطويلة الأمد لا تتجاوز السنة مع إرفاقها بعدد من السناريوهات للمواجهة العسكرية في وقتها.
 
ويختم الشرعبي: "من يظن أن يحارب إيران في اليمن فهو واهم وضرب من الخيال لأن إيران قوتها من قوة سيطرتها على النفط العراقي اقتصاديًّا ودعمهم لجناعة الحوثيين سياسيًّا أو حتى بشكل بسيط عسكريًّا وإنما الهدف منه إبعاد البوصلة عن سوريا والأهم إنهاك المملكة العربية السعودية اقتصاديًّا واستنزافها ماليًّا كما يحدث حاليًّا بأن أنهكتها المملكة في سوريا".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان