رئيس التحرير: عادل صبري 05:44 صباحاً | الاثنين 07 يوليو 2025 م | 11 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

علاقات السودان و«معسكر حفتر».. ماذا بعد الزيارة السرية؟

علاقات السودان و«معسكر حفتر».. ماذا بعد الزيارة السرية؟

أحمد علاء 08 أبريل 2018 17:54
"زيارة سرية، ماذا بعد؟".. عرجت العلاقات السودانية الليبية على تطور جديد، مفاده زيارة أجراها سرًا وفد عسكري ليبي إلى الخرطوم.
 
صحيفة "الشرق الأوسط" نقلت عن مصدر ليبي وصفته بـ"المطلع"، قوله إنّ وفدًا عسكريًّا رفيعًا مما أسماه "الجيش الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر زار للمرة الأولى قبل أيام الخرطوم سرًا، بوساطة مصرية وإماراتية، بعد سنوات من العداء المتبادل مع حكومة السودان.
 
وقال المصدر إنّ الوفد الذي ضمّ اثنين من كبار قيادات الجيش الوطني، بينهما عبد السلام الحاسي قائد غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش، زار الخرطوم والتقى مسؤولين أمنيين وعسكريين لبحث تحسين العلاقات الثنائية، والتفاهم لحل ما وصفه بنقاط الخلاف العالقة بين الطرفين.
 
واعتبر أنّ هذه الزيارة تمت على خلفية التقارب، الذي تم مؤخرًا بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، ما ساهم في نجاح الوساطة المصرية لتقريب وجهات النظر بين حفتر والخرطوم، ولفت إلى أنّ الإمارات لعبت أيضًا دورًا إيجابيًّا في هذا الصدد.
 
 
وأضاف المصدر أنّ من بين الشخصيات السودانية التي التقاها الوفد العسكري الليبي، رئيس جهاز الأمن السودانية وقيادات من الجيش السوداني، رافضًا الإفصاح عمّا إذا كان الوفد الليبي التقى الرئيس البشير.
 
وبحسب الصحيفة، جاءت هذه الزيارة "غير المعلنة" لتنهي أعوامًا من التوتر في العلاقات بين السودان والسلطات التي تهيمن على منطقة شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب والحكومة الموالية له والقوات التي يقودها حفتر.
 
واعتاد مسؤولون في شرق ليبيا توجيه الاتهامات إلى السودان بدعم جماعات إرهابية تقاتلهم، وهو ما كانت الخرطوم تنفيه باستمرار وتتهم حفتر بإيواء ودعم مسلحي دارفور.
 
ففي يونيو الماضي، اتهم العقيد أحمد المسماري المتحدث باسم القوات الليبية التي يقودها حفتر، السودان بدعم "جماعات إرهابية" في ليبيا، وقال إنَّ "الخرطوم تدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا وتوفِّر لهم التدريب والسلاح الذي تحصلت عليه تلك الجماعات من قطر وإيران عبر ممرات وفَّرتها حكومة الخرطوم".
 
الخارجية السودانية ردَّت على الاتهام، فأعربت عن رفضها التام لما جاء على لسان "المسماري" حول صلة بلادها بأطراف على الساحة الليبية، مؤكدةً مواصلة السودان لدوره في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار للشعب الليبي الشقيق.
 
 
الخرطوم أكَّدت أنَّ "تصريحات المتحدث العسكري الليبي احتشدت بالمغالطات والأخطاء الواضحة في أسماء وصفات بعض القيادات السودانية، الأمر الذي فضح عجز من يقفون وراءها".
 
وأضافت: "السودان ظلَّ ملتزمًا بمبادئ حسن الجوار وطرفًا فاعلًا في جهود تحقيق الأمن والاستقرار في كافة دول المنطقة وشريكًا أصيلًا في محاربة ظواهر الارهاب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وذلك بشهادة الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والإقليميين، فضلًا عن دوره المهم عبر آلية دول جوار ليبيا بشهادة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا وحكومة الوفاق الوطني الليبي المعترف بها دوليًّا".
 
السودان نفسه كان قد اتهم ليبيا، بأنّها "ساهمت في رواج تجارة البشر في البلاد"، وقال إسماعيل عمر تيراب نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في يوليو الماضي، إنَّ "انهيار الأوضاع الأمنية في ليبيا أدَّى لانفتاح النشاط الإجرامي وانتشار عصابات الاتجار بالبشر وترويج المخدرات في السودان".
 
وأشار إلى أنَّ "حدود السودان مع ليبيا التي تبلغ نحو سبعة آلاف كيلو متر ساعدت في ازدهار نشاط تلك العصابات الإجرامية".
 
سبق ذلك أيضًا قرار إغلاق القنصلية العامة لجمهورية السودان في الكفرة جنوب شرق ليبيا في 26 يوليو، وأكد بيان صادر عن الخارجية أن إغلاق "القنصلية السودانية" جاء بسبب ممارسات موظفي القنصلية والتي تتنافى مع الوضعية التي حددتها الاتفاقيات الدولية لموظفي البعثات الدبلوماسية والقنصليات والتي تصب في خانة المساس في الأمن القومي الليبي".
 
وفي أبريل 2015، اعتقل القنصل السوداني في بنغازي، وأكد وكيل وزارة الخارجية في الحكومة المؤقتة أنَّ "توقيف القنصل السوداني جاء لإجرائه جولات مشبوهة غير قانونية في العديد من المناطق بالشرق الليبي، كانت آخرها زيارة سجن عسكري مهم دون إذن".
 
وفي سبتمبر 2014، اتهمت الحكومة الليبية المؤقتة المكلفة من قبل مجلس النواب، السودان بدعم مليشيات "متطرفة" مناوئة للسلطات الليبية، مطالبةً بسحب الملحق العسكري السوداني من ليبيا باعتبار أنَّه "شخص غير مرغوب فيه".
 
 
على الجانب الآخر من الاتهامات، تقول حكومة الخرطوم إنَّ ليبيا تقوم بإيواء بعض جماعات دارفور المسلحة في معسكرات خصصت لهذا الغرض داخل الأراضي الليبية، ففي أغسطس 2015، استدعت القوات المسلحة السودانية الملحق العسكري الليبي بالخرطوم على خلفية احتجاج على ما أسمته إيواء لمتمردي حركة "مني أركو مناوي" المعارضة لنظام الحكم في السودان، وتقديم الدعم والمساندة لها وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية تهديدًا للأمن القومي.
 
وفي فبراير 2016، اتهمت الحكومة السودانية، من قالت إنَّها "جهة معروفة" في ليبيا بمد الحركات المتمردة في دارفور بالمال والسلاح للقتال في مدينة الكفرة، لكنَّ متحدثًا باسم "العدل والمساواة" شجب هذه التصريحات وعدها تحريضًا جديدًا من الحكومة السودانية .
 
وفي أبريل 2017، اتهم نائب الرئيس السوداني حسبو عبد الرحمن حركات التمرد المسلحة في بلاده بالقتال كـ"مرتزقة" في ليبيا وجنوب السودان، وقال إنَّ "حركات التمرد في السودان ما زالت مستمرة في ارتكاب جرائم القتل والخطف والنهب والتجنيد القسري للأطفال والمدنيين، وتهريب البشر والقتال والارتزاق في دولتي ليبيا وجنوب السودان"، مشيرًا إلى أنَّ "المقاتلين المرتزقة يستهدفون الأسرى والجرحى ويقتلون ويحرقون دون رادع ديني، ونشاطهم يخالف الأسس القانونية والأعراف الدولية".
 
وفي يونيو الماضي، اتهمت الخارجية السودانية، "قوات حفتر" بتهديد الأمن والاستقرار في السودان من خلال دعمها بالأسلحة والعتاد لقوات الحركات الدارفورية.
 
وسط هذه الاتهامات، فإنّ محاولات وقعت بالفعل من أجل التقريب بين البلدين وذلك على اختلاف الأطراف الليبية المشاركة فيها، ففي مارس الماضي، بحث وزير الخارجية المفوض بحكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة، والرئيس البشير، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين.
 
الخرطوم أيضًا كانت قد احتضنت في ديسمبر 2014، أعمال اجتماعات المؤتمر الخامس لوزراء خارجية دول الجوار الليبي بحضور مبعوثي الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي وزراء خارجية السودان ومصر وليبيا وتونس والجزائر وتشاد والنيجر، وسبق ذلك روح طيبة ظهرت في تصريحات متبادلة من مسؤولي البلدين.
 
وفي أكتوبر 2014، زار رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني الخرطوم والتقى البشير، حيث أكد الرئيس السوداني استعداد بلاده للتوسط وتقديم كل ما يلزم لتحقيق المصالحة في ليبيا، وتبنت الحكومة السودانية خطة محورية إقليمية "من دول الجوار الليبي" لحل الأزمة هناك توافقت عليها الحكومتان.
 
 
تعليقًا على تلك الزيارة "السرية"، يقول المتخصص في الشؤون الليبية الدكتور زياد عقل: "كان هناك نوع من الانشغال بالخلاف في الشرق الليبي".
 
ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "هذا الانشغال أدّى إلى الانصراف في العلاقات بالجنوب نوعًا ما، وبالتالي بدأت العلاقات مع السودان تكون مع جماعات غير مؤسسية داخل ليبيا، ومع ميليشيات أكثر منها داخل الدولة نفسها".
 
ويتابع: "في الفترة الأخيرة، أصبح هناك نوعٌ من التمدد في النفوذ العسكري والسياسي لمعسكر شرق وليبيا والجيش الوطني في الجنوب، وهذا معناه فتح قنوات اتصال مع السودان".
 
ويعتقد "عقل" أنّ هذا التعاون راجع إلى ضرورة العمل على ضبط الحدود وأيضًا في في ملف الهجرة غير الشرعية وشبكات التهريب، لا سيّما أنّ الجنوب الليبي مُعرض لأن يكون أحد مناطق إعادة تمركز تنظيم "الدولة".
 
ويشير إلى أنّ هذا الأمر أدّى إلى أن يكون هناك اهتمام مؤسسي بأن يكون هناك تواصل مع حكومة شرق ليبيا وبين السودان، الذي لم يكن موجودًا من قبل وكان يتم بشكل غير رسمي.
 
"سرية الزيارة" يقول عنها "عقل": "السودان في الفترة الأخيرة يمر بإعادة بناء تحالفاته الإقليمية، وبالتالي نجد مثلًا أنّ هناك تواصلًا مع تركيا وأيضًا مع مصر من آنٍ لآخر، ومع ليبيا".
 
ويضيف: "السودان يمر بمرحلة عدم استقرار مع حلفائه الإقليميين، وبالتالي فالفترة الراهنة مناسبة جدًا من أجل فتح قنوات للتفاوض عن نوعية التعاون الذي قد يسود  في المرحلة المقبلة".
 
ويتوقع "عقل" تطورًا إيجابيًّا في مستقبل التعاون بين الخرطوم و"معسكر حفتر"، ويقول: "الواقع العسكري والاستراتيجي داخل ليبيا يرجح كفة حفتر أكثر من أي فصيل عسكري آخر، وهذا سينعكس على جودة علاقاته الخارجية لا سيّما مع دول الجوار وبخاصةً الدول التي ليست هي جزءًا من الملف، مثل تشاد والسودان والنيجر".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان