رئيس التحرير: عادل صبري 04:42 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

مايو.. أفقر أحياء الخرطوم

مايو.. أفقر أحياء الخرطوم

العرب والعالم

صورة أرشيفية

مأوى الفارين من جحيم النزاعات المسلحة..

مايو.. أفقر أحياء الخرطوم

الخرطوم : محمد سعيد 03 نوفمبر 2013 15:48

يتدبر عبد الجبار إبراهيم مستلزمات الغذاء بالاعتماد على إعانات مالية توفرها الحكومة شهريا، لكنه يائس من تلبية احتياجات أفراد عائلته بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات بعد أن طبقت الحكومة السودانية عملية رفع الدعم عن المحروقات في سبتمبر الماضي، فكان سكان حي مايو الذي يسكنه في مقدمة الذين خرجوا في مظاهرات غاضبة رافضة لقرار الحكومة.

 

وزادت تكهنات الخبراء الاقتصاديين بوطأة الأوضاع الاقتصادية وسط الطبقات المتوسطة والفقراء حال عدم اتخاذ الحكومة إجراءات ناجحة بإجراء إصلاحات "سياسية واقتصادية جذرية وسريعة وفعالة".

 

وتشير إحصائيات غير رسمية إلى وجود أكثر من 200 ألف شخص يقل دخلهم اليومي عن دولار واحد في اليوم بحي مايو، ويفضل معظم سكان الحي العمل في المهن الهامشية، لكن المدينة التي عانت من الإهمال عقودا ترى أنها على موعد مع "التاريخ"، بعد أن قرر الحكومة بناء مدينة رياضية ضخمة على أحدث طراز لا يفصلها عن الحي البائس سوى أمتار قليلة.

ويقول عبد الجبار الذي تقاعد من سلك التعليم ويحصل على راتب شهري من وزارة الرعاية الاجتماعية يبلغ حوالي 150 جنيها أي ما يعادل 7 دولارات وهي تدابير اتخذتها السلطات السودانية عقب عملية رفع الدعم عن المحروقات في سبتمبر المنصرم: "نعيش أوضاعا قاسية لكننا نحاول كسب أموال من خلال المهن الهامشية أو اللجوء إلى أعمال البناء وغسيل السيارات... يخرج ابني حسن باكرا لجلب المال من وسط الخرطوم فهو يعمل ماسحا للأحذية بمحطة حافلات جاكسون".

ويعتقد عبد الجبار الذي يقيم في منزل متهالك بإيجار شهري يلامس 200 جنيها بحي مايو الشعبي جنوب الخرطوم، أن الإعانات بالكاد تلبي احتياجات أفراد عائلته بنسبة 30%.

ويضطر آلاف السكان بحي مايو إلى استجلاب مياه الشرب من مسافات بعيدة لعدم توفر بنيات تحتية لأكثر من 300 ألف شخص يقيمون بالحي الذي يقع جنوب الخرطوم ويعيش معظمهم تحت خط الفقر بحسب إحصائيات غير رسمية.  

ويقول حسين دوكاي الذي يدير ورشة بدائية، إن بناء المدينة الرياضية سيوفر الوظائف والأعمال لسكان حي مايو لكنه قلق من بطء العمل في الإنشاءات، كما أن الوحدة الصحية التي تقع وسط الحي الفقير تعاني من نقص المعينات الطبية والخدمية وبالكاد يحصل السكان على الرعاية الأولية وبعض الإسعافات الطبية.

وبحسب رئيس لجنة أطباء السودان الشيخ إبراهيم فإن آلاف السكان بحي مايو يعانون من عدم وجود الرعاية الصحية والحصول على الرعاية الصحية بأسعار عالية في ظل الأزمة الاقتصادية وتراجع الإنفاق الحكومي في مجال الرعاية الصحية.

لكن وزارة الرعاية الاجتماعية شددت على أنها تصرف إعانات شهرية لأكثر من 100 ألف عائلة في أنحاء السودان وتعتزم تغطية مليوني أسرة فقيرة بحسب إحصائيات ميدانية صدرت قبل عامين.

وقالت وزيرة الرعاية الاجتماعية مشاعر الدولب للصحفيين، إن الإعانات الشهرية مكنت آلاف العائلات من تلبية احتياجاتها الضرورية وتعهد بالمضي قدما في عملية الإنفاق الاجتماعي لتشمل 500 ألف عائلة في المرحلة الثانية، وتابعت: "هناك خطة لإدخال مليون أسرة في خدمات التأمين الصحي".

لكن الخبير الاقتصادي خالد التجاني النور يستبعد تلبية الدعم الحكومي لاحتياجات الفقراء و"الطبقات السحيقة "، مبينا أن الأوضاع الاقتصادية تتجه نحو الانهيار الكامل باعتماد 77% من الموازنة العامة على الفصل الأول "المرتبات"، وقال: "ستكون وبالا على المجتمعات السحيقة".

وقال النور وهو اقتصادي مرموق: "هناك مليونا أسرة فقيرة في أنحاء السودان وأطراف الخرطوم وبالكاد يحصلون على وجبة واحدة في اليوم"، ويشترط  الخبير الاقتصادي التوسع في الإنتاج لامتصاص البطالة واستيعاب العمال في وظائف المشاريع الإنتاجية، وتقليل الإنفاق الحكومي وإجراء مصالحات سياسية لكبح إنفاق التسليح.

وقال مصعب السناري الذي يدير مطمعا للوجبات الشعبية بحي مايو، إن مرتادي المحل في حالة انحسار بعد زيادة أسعار الطلبات بنسبة 50% عما كانت عليها قبل الإجراءات الحكومية المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات وزيادة الدولار الجمركي من 4,2 إلى 5,7 دولار، وقال السناري: "أوضاعنا تتجه إلى الهاوية".

بيد أن وزيرة الرعاية الاجتماعية أشارت إلى أنها تعتزم إدخال أكثر من 70 ألف امرأة في عملية الحصول على قروض بنكية واستئناف مشاريع تدر الأرباح لإعانة عائلاتهن، وتعهدت بالتوسع في التمويل ليشمل 120 ألف امرأة فقيرة في المرحلة المقبلة.

ويمتد حي مايو لأكثر من 8 كيلومترات جنوب الخرطوم ويقطنه فارون من النزاعات المسلحة في إقليم دارفور وجنوب كردفان، وعادة ما يعمل سكانها في الأعمال الهامشية بوسط الخرطوم.

ولم تقتصر الإجراءات الاقتصادية في التأثير على الأوضاع المعيشية، فالعملية طالت وجبات الإفطار وسط تلاميذ المدارس بأطراف الخرطوم.

وقالت حواء حسين وهي والدة أحد التلاميذ إنها خيرت ابنها بين العودة إلى المنزل لتناول الإفطار أو البقاء إلى حين وجبة الغداء لعدم قدرتها على توفير ثمن الإفطار الذي يبلغ أكثر من 5 جنيهات.

وأعربت مسؤولة في منظمة يونيسيف التابعة للأمم المتحدة عن قلقها من تراجع الإنفاق الحكومي للرعاية الصحية والتعليمية وسط المجتمعات الكادحة، وقالت: "ينبغي علينا أن نكون قلقين حيال تدهور الأوضاع الاقتصادية وسط النساء والأطفال، خاصة في تلك الأحياء الشعبية".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان