رئيس التحرير: عادل صبري 06:53 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الزلزال السعودي في مجلس الأمن.. الأسباب والنتائج

الزلزال السعودي في مجلس الأمن.. الأسباب والنتائج

العرب والعالم

وزير الخارجية سعود الفيصل

الزلزال السعودي في مجلس الأمن.. الأسباب والنتائج

مصر العربية 22 أكتوبر 2013 12:41

القرار السعودي المفاجئ؛ بالاعتذار عن قبول عضوية مجلس الأمن غير الدائمة مؤخرًا، طرح العديد من التساؤلات حول المكاسب والخسائر السياسية لهذا القرار،

 

كما طرح أيضاَ تساؤلات مشروعة حول الدوافع الحقيقية وراء الرفض السعودي الفريد من نوعه، فقد رأي بعض المحللين أنه ما كان ينبغي على المملكة الاعتذار مهما كانت دوافعها؛ لأنها بذلك فوتت على العرب فرصة التواجد في ساحة مجلس الأمن الواسعة للتعبير مباشرة عن المواقف العربية الغاضبة مما يجري من انحيازات فاضحة في المؤسسة الدولية، خاصة أن العامين المقبلين سوف يشهدان تحولات سياسية ساخنة تتطلب وجود صوت عربي قوي ومعتدل في المجلس، في حين يري المؤيدون للقرار السعودي أنها ليست في حاجة لهذا المقعد؛ على أساس أنها قادرة على التواصل مع العواصم الدولية المؤثرة من دون الحاجة إلى هذه العضوية غير الدائمة.


المرجّح أن القرار السعودي لم يكن موجهًا لمجلس الأمن ولا للمجتمع الدولي، بقدر توجيهه مباشرة إلى صانع القرار في البيت الأبيض للتعبير عن القلق السعودي من التغيرات الجديدة و"الجذرية " في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة بشكل عام والسعودية بشكل خاص.

 

لقد اختارت السعودية أن تتقدم للترشح للمقعد وتحشد جهودها من أجل الحرص على الفوز، ثم تعتذر بشكل مفاجئ مما أحدث تلك الصدمة الاحتجاجية المدوية التي أرادت أن تبلغها إلى واشنطن والمجتمع الدولي، خاصة أن الاعتذار جاء في أعقاب امتناع وزير الخارجية السعودي عن إلقاء كلمة بلاده أمام اجتماع الجمعية العامة الأخير للأمم المتحدة، ولم تقم بتوزيع الكلمة على الأعضاء كما تقضي الأعراف الدولية.


لماذا لجأت المملكة إلى هذا الأسلوب غير المألوف عن السياسة السعودية التي اعتادت طوال تاريخها التعامل بهدوء بعيدًا عن الصخب والصدمات؟ الإجابة على هذا السؤال يعود إلى التحولات الأخيرة في السياسة الأمريكية التي تثير مخاوف الدولة السعودية وتتوقع أن يكون لها تبعات مأساوية على المنطقة العربية في المستقبل، وربما تؤدي إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار في دول الشرق الأوسط.


فلا يمكن فصل الاعتذار السعودي عن قبول عضوية مجلس الأمن عن التقارب المفاجئ بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب التفاهم الأمريكي الروسي بشأن حل الأزمة السورية واختصار تلك الأزمة الإنسانية الكبيرة في قضية تفكيك ترسانة الأسلحة الكيماوية الذي لم يستفد منه سوي كل من إسرائيل والنظام السوري نفسه.. هذا التحول غير المسبوق في السياسة الأمريكية؛ جعل السعودية تعتبر أن وجودها بمجلس الأمن في هذه اللحظة الضبابية لم يعد ذو قيمة، خاصة في ضوء التفاهمات المسبقة بين الأعضاء الدائمين فيما يتعلق بالملف السوري والقضية الفلسطينية.


لقد أصبح من المؤكد أن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما يتبني سياسة جديدة تتعلق بشبكة تحالفات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل عام وتجاه السعودية بشكل خاص.. هذه السياسية الجديدة فرضت على السعودية تحديات جديدة بعضها داخلي مرتبط بإحداث تغييرات شاملة في فلسفة نظام الحكم في ظل الثورات التي تشهدها المنطقة العربية، وأيضًا على الصعيد الخارجي، حيث طرح التحول الأمريكي ضرورة أن تبدأ السعودية في الاعتماد على آليات جديدة فيما يتعلق بمواجهة القوى الإقليمية، والتخلي عن سياسة المحور الواحد التي ظلت قائمة لسنوات طويلة.


فإذا كانت النداءات الداخلية في السعودية تتعالى للمطالبة بتنويع مصادر دخل، وعدم الاعتماد على النفط مصدر وحيد للدخل القومي؛ فإنها في نفس الوقت أصبحت في أمس الحاجة لتنويع تحالفاتها الإقليمية والدولية، لكن مثل هذه الخطوة تبقي مرهونة بإجراء إصلاحات داخلية شاملة والبحث عن أسلوب جديدة لنظام الحكم، يتواكب مع رياح التغير التي تعصف بالعالم العربي في السنوات الأخيرة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان