رجل مصاب ينزف في الطريق، يزحف ناحية الحائط للهرب من القناص الذي أصابه، لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، خشية أن تستهدفه رصاصات القناصة.
مثل هذا المشهد يتكرر يوميًا في جميع أنحاء سوريا، حسبما قالت صحيفة "ذا اندبندنت" البريطانية في عددها الصادر اليوم، مع تحجُّر قلوب قناصة النظام، الذين يتراهنون فيما بينهم على علب السجائر مقابل استهداف أجزاء معينة من أجساد المدنيين، مثل بطون النساء الحوامل.
لكن اللاجئ السوري إلى تركيا أحمد حيدر يأمل أنن يساعد اختراعه المصابين، من خلال الوصول إليهم في مثل هذه الظروف الصعبة. ويتجسد هذا الاختراع فيما يطلق عليه "مسعف آلي" لديه القدرة على التقاط المصابين أو القتلى بين أذرعه المحصنة ضد رصاصات القناصة،عبر توجيهه بنظام تحكم عن بعد، عوضا عن الانسان الذي قد لايسلم من قنص شبيحة ورجال الأسد.
ويروي حيدر دوافع اهتمامه بهذا الاختراع رغم أنه يحتاج إلى تمويل وشركات راعية، فيقول "شقيق أحد تلاميذي أُصيب في رجله، كانت لحظة لا تُنسى، فبعدها بدقائق قليلة، أُصيب برصاصة قاتلة في الرقبة أودت بحياته"..
الكارثة لم تتوقف عند حد قنصه- كما يقول حيدر- وإنما كيفية نقله من مكان الحادث، فقد استغرق 30 دقيقة مؤلمة لأخذ جثمانه بعيدا بسبب تهديد القناصة، فلم يتجرأ أحد على الاقتراب منه خشية أن يكون هو الضحية التالية.
وأوضح حيدر: "اعتادنا استخدام الحبال والمتاريس المعدنية من أجل انتشال الجثث من الشوارع".
وبعد أن أصيب حيدر بالفزع من هذا المشهد القاسي، قرر حيدر تطبيق معرفته بتقنيات الروبوت، لكي يصنع واحدًا يمكنه الوصول إلى الضحية بسرعة.
وبالتالي انتقل حيدر إلى تركيا المجاورة ليقابل صديق له منذ الطفولة يُدعى بلال وهو مهندس ميكانيكي، حيث فقد بلال اثنين من أقربائه، ظلت جثة أحدهم في الشارع لأسبوع كامل.
وتعاون الاثنان –بحسب الصحيفة- لضمان عدم مواجهة الآخرين نفس مصير أقرباء بلال.
وكانت النتيجة هي "مسعف" قادرة على نقل أجساد المصابين بعيدا عن القناصة إلى المستشفى الميداني.
وهذا المسعف الآلي –حسبما أفادت الصحيفة- يحمي الضحية داخل جسدها المعدني من تلقي مزيد من الرصاصات، على عكس النماذج التي طوّرها الجيش الأمريكي والجيش الإسرائيلي.
ويسعى حيدر لجعل أبعاد المسعف الآلي 2.2 متر ارتفاع مع عرض يصل إلى 1 متر حتى يمكنه احتواء المصاب بداخلها.
ويضيف"يمكن استخدم أجزاء البلدوزر في صناعة المسعف الآلي، إنها أشبه الدبابة، باحتوائها على 5 كاميرات، وذراعين معدنيين يزنان وحدهما 177 كيلو ملحقين بالجزء الأمامي، ومن أجل حماية الضحية فإن الهيكل بأكمله سيكون مُغطى بصفائح مدرعة".
وتبلغ تكلفة انتاج النموذج الحالي للمسعف الآلي 25 ألف دولار، تم توفير 15 ألف منها رغم صعوبة الحصول على التمويل.
ونقلت الصحيفة عن حيدر قوله –بشؤم- أن هناك البعض مستعد لتمويل المشروع، مشيرا إلى أن بعض جماعات مسلحة علمت بالأمر وتحاول إجباره على تحويل اختراعه إلى سلاح، رغم عدم رغبته في ذلك، ما اضطره إلى الاختباء لأنه أصبح غير "غير آمن".
وقال حيدر أن هذه ليست المرة الأولى التي تجبره مهاراته في مجال البرمجة على الاختباء، ففي عام 2011 حاول صديق له تجنيده لصالح الجيش السوري الإلكتروني الذي يخترق وسائل إعلام المعارضة ومواقع نشطائها وكذلك مواقع الحكومة التي يعتبرها الجيش السوري الإلكتروني صديقة للمعارضة، كما أن حيدر عُرض عليه تنفيذ خدمته العسكرية لمدة عامين في القرصنة.
وبدلا من ذلك، هرب حيدر وانضم لجماعة القراصنة، قراصنة حلب، ويأمل حيدر في إمكانية التعاون مع المنظمات غير الحكومية لانتاج المسعف الآلي بمجرد الانتهاء من النموذج الأولي للجهاز.
وقد أعربت منظمة أطباء بلا حدود عن اهتمامها برؤية المسعف الآلي بمجرد الانتهاء من صناعتها، كما أن مجموعة الدراسات "جوجل آيدياز" تود استضافة حيدر في مؤتمر.
وقال حيدر: "ما يحزنني هو أن شركة مثل هوندا تنفق الملايين من الدولارات لتطوير إنسان آلي يمكنه فقط أن يرقص، دعك من ذلك، فالناس يموتون هنا في سوريا".