رئيس التحرير: عادل صبري 08:17 مساءً | السبت 05 يوليو 2025 م | 09 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

ليبيا وروسيا والاستقرار.. 3 مصالح تدفع أوروبا نحو مصر

ليبيا وروسيا والاستقرار.. 3 مصالح تدفع أوروبا نحو مصر

تقارير

السيسي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند - أرشيفية

ليبيا وروسيا والاستقرار.. 3 مصالح تدفع أوروبا نحو مصر

وكالات 28 فبراير 2017 10:25

تعززت العلاقات المصرية الأوروبية بشكل لافت خلال الشهرين الماضيين، وسط مطالبات بين الجانبين بتعزيز التعاون المشترك في مستويات عدة بينها العسكري والاقتصادي، فيما اختفت تقريبا الانتقادات الأوروبية الرسمية لملف حقوق الإنسان في مصر.

هذا التغير يقف وراؤه، وفق خبراء معنيين تحدثت معهم الأناضول، 3 مصالح رئيسية، هي رغبة أوروبا في السيطرة على الأزمة في ليبيا التي تتزعم مصر ملف حلها خوفا من تداعيات ملف الهجرة غير الشرعية عبر المنفذ الليبي الرئيسي، 
فضلاً عن خشية أوروبا من نتائج عدم استقرار مصر على أمنها، وأخيرا تحجيم تصاعد النفوذ الروسي في المنطقة من بوابة مصر التي تربطها علاقات قوية مع موسكو.

**تقارب ملحوظ

 

وبحسب رصد الأناضول لبيانات رسمية مصرية، شهد العام الجاري، تقاربا ملحوظا في العلاقات المصرية الأوروبية، عبر اتصالات ولقاءات استمرت برغم توتر مصري إيطالي عقب مقتل الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، قبل نحو عام في القاهرة، وقرار للبرلمان الأوروبي في مارس 2016 بقطع مساعدات عسكرية عن القاهرة.

وهيمنت قضايا رئيسية بحسب الرصد ذاته على مجمل العلاقات، منها أزمتا ليبيا وسوريا، وتطوير العلاقات الاقتصادية، وملف الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب.

 

وبرزت القضايا الأمنية خلال هذين الشهرين عبر مباحثات عسكرية ومشاورات أمنية مصرية مع المجر وفرنسا واليونان ولندن. وكذلك لقاءات دبلوماسية مكثفة لوزير الخارجية المصري سامح شكري تركزت على القضايا الأمنية.

 

وكان أبزرها الشهر الماضي، خلال قمة باريس للسلام، وزيارة شكري لبرلين وتأكيده هناك على أن "ظاهرة الإرهاب باتت تهدد جميع الشعوب بلا استثناء، بما في ذلك أوروبا".

 

فضلا عن مباحثات دبلوماسية مصرية سويسرية وأوكرانية منفصلة بالقاهرة بجانب اجتماع بالقاهرة مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي.

 

وكانت أبرز الزيارات الأوروبية لمصر، زيارة وزير خارجية بريطانيا، بوريس جونسون، للقاهرة منذ أيام وإعلانه دعمها بضمان قرض يبلغ 150 مليون دولاراً أمريكياً. 

 

بخلاف زيارة معلنة بعد غد الخميس، للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للقاهرة، أكدت الأخيرة، أن "ألمانيا تعول على العمل مع مصر من أجل دعم استقرار ليبيا ... حتى نضع حد للهجرة غير الشرعية".

 

ومع خفوت الانتقادات الأوروبية للملف الحقوقي المصري، استقبل وزير الخارجية المصري، بالقاهرة ستافروس لمبريندس ممثل الاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، فيما أكد الأخير على "الأهمية الاستراتيجية لمصر بالنسبة للاتحاد الأوروبي".

 

كما خففت وزارة النقل الفيدرالية الألمانية، قيودا على حركة شركات الطيران الألماني بمصر بعد تشديدها في 2015.

 

**أزمة المهاجرين والسيطرة على ليبيا

القلق الأوروبي من الوضع الأمني في ليبيا، وتأثيره على نمو الهجرة غير الشرعية صوب أوروبا، يراه محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، سببا للتقارب الملحوظ المصري الأوروبي مؤخرا.

ويتفق معه، الخبير العسكري المصري، لواء متقاعد طلعت مسلم، الذي يرى أن "ليبيا منفذ رئيسي للهجرة غير الشرعية، وهناك انزعاج أوروبي من أي تدهور فيها".

ويؤكد مسلم للأناضول، أن "موقف مصر في دعم الاستقرار الليبي يقابل بتشجيع من أوروبا الراغبة في عدم الابتعاد عن مشهد ليبي ملتهب سيؤثر على أمنها".

وتشهد ليبيا صراعات مسلحة منذ عام 2011، جعلت من سواحلها منافذ رئيسية للاجئين للتوجه نحو أوروبا بأعداد تشكل أزمة أوروبية، وسط توجه مصري حالي لحل الأزمة الليبية".

**الاستقرار.. نظرة استراتيجية لمصر

سبب أخر، لتعزز العلاقات الأوروبية المصرية يتمثل في خشية القارة العجوز من عدم الاستقرار المحتمل واضطراب الأحوال بمصر في ظل ظروفها الحالية، وفق مسلم.

ويتفق معه السفير عادل الصفتي، وكيل أول وزارة الخارجية المصرية الأسبق، قائلا للأناضول: "أوروبا تنظر نظرة استراتيجية لمصر، باعتبارها عامل استقرار في المنطقة، ومن هنا يجب أن تتم قراءة العلاقات والتطور الحادث فيها".

وهو الأمر الذي يؤكد عليه جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، قائلا إن: "العلاقات المصرية الأوروبية تنمو نموا جيدا، وهناك انفراجة استراتيجية، وهذا يعود إلى أن أوروبا تعتبر مصر تشكل عاملا هاما للاستقرار في المنطقة، وبالتالي يجب دعم استقرارها لأنه لو حدث به شيء سيؤثر عليها".

ويتعرض النظام المصري الذي حاز دعما أوروبيا عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، في 2013، لأزمة كبيرة في شعبيته، وفق تقارير صحفية، لأسباب اقتصادية وأمنية.

واستقبلت أوروبا بسبب أزمات المنطقة أعدادا ضخمة من اللاجئين لاسيما من سوريا البالغ تعدادها قبل الثورة أكثر من 20 مليون نسمة، ما تسبب للقارة بأزمات كبيرة داخليا، في وقت يتجاوز تعداد المصريين 92 مليون نسمة، وتتخوف أوروبا من حدوث احتراب داخلي في مصر أو تفاقم الأزمة الاقتصادية بها ما قد يثير موجة لجوء أعتى على شواطئ الأوروبيين

**روسيا .. تحجيم النفوذ بالشرق يبدأ من مصر

ويضيف الأكاديمي المصري المتخصص في العلاقات الدولية، محمد حسين، سببا ثالثا متعلقا بتحجيم النفوذ الروسي في المنطقة.

ويقول: "هناك قلق أوروبي من تنامي العلاقات المصرية الروسية، خوفا من تمدد النفوذ الروسي في المنطقة على حساب أوروبا، وهذا ربما يفسر الاندفاع الأوروبي نحو مصر". 

بينما يقلل نظيره الأكاديمي جهاد عودة، من أن التقارب الأوربي مع مصر مرده قلق أوروبي من النفوذ الروسي، قائلا إن "النفوذ الروسي لن يكون كما سبق في الهيمنة، بل له سقف ولا يقلق أوروبا والعالم الذي يسعي لتهدئة أماكن التوتر".

في المقابل لا يستبعد الدبلوماسي المصري السابق، عادل الصفتي، أن يكون اجتماع ملف الهجرة غير الشرعية والوضع في ليبيا مع القلق من النفوذ الروسي في خلفية التحركات الأوروبية، قائلا "هذا وراد جدا".

وتجمع مصر علاقات قوية بموسكو، منذ وصول السيسي للحكم في 2014، وسط تحركات رئيسية روسية في المنطقة لاسيما في الملف السوري، وحديث دائم مع مصر حول الملف الليبي.

**الملف الحقوقي مقابل المصالح الاقتصادية

الصفتي، الذي يشغل منصب مقرر لجنة العلاقات الدولية بالمجلس المصري للشؤون الخارجية (رسمي) يتوقع مستقبلا مزدهرا بين الجانبين المصري والأوروبي، لاسيما على المستوى الاقتصادي.

ويشير إلى أن "أوروبا تقدم مساعدات جيدة لمصر، وسوقها هو الأكبر للمنتجات المصرية".

بينما يرى الأكاديمي محمد حسين، أن "المصالح ستبقي سببا لنمو العلاقات المصرية الأوروبية"، مستبعدا أن "تتوقف مصالح الدول بمقتل شخص"، في إشارة للموقف الأوروبي من مصر جراء مقتل ريجيني العام الماضي.

 

ومستشرفا تأثير التقارب الأوروبي المصري على ملف حقوق الإنسان، قال أحمد مفرح، الباحث الحقوقي المصري المتواجد في جنيف، للأناضول، إن هناك خفوتا وانخفاضا في وتيرة الانتقادات الأوروبية رسميا بخلاف منظمات المجتمع المدني، لأن الحكومات تبحث عن مصالحها.

واستدرك "لكن التصريحات الرسمية الدبلوماسية الأوروبية عن الأوضاع بمصر ستتغير من وقت لآخر مع التزامات أوروبية رئيسية بملف حقوق الإنسان عبر لفت نظر أو انتقاد لا يمكن أن تحيد عنه مهما كانت المصالح".

وتحفظ عن الرد بشأن إمكانية أن تحاول أوروبا تحقيق مصالحها بالضغط على مصر مستخدمة ورقة الملف الحقوقي، قائلا "هذا شأن سياسي أما حقوقيا فالحكومات الأوروبية لا تتغاضي عن الملف الحقوقي وإن خفت نقدها".

 

وشهدت قضايا مصرية لاسيما المتعلقة بانتهاكات تمس المجتمع المدني والسياسيين المحبوسين، انتقادات أوروبية، في مقابل موقف مصري رسمي رافضا ذلك معتبرا تدخلا سافرا في شؤون البلاد.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان