رئيس التحرير: عادل صبري 05:24 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

نيجيريا 2014.. "بوكو حرام" أكثر جرأة ودموية

نيجيريا 2014.. بوكو حرام أكثر جرأة ودموية

شئون دولية

بوكو حرام

نيجيريا 2014.. "بوكو حرام" أكثر جرأة ودموية

الأناضول 22 ديسمبر 2014 14:31

بعد مقتل نحو 9 آلاف شخص، ونزوح نحو 1.5 مليون آخرين، يعتبر عام 2014 الأكثر دموية خلال خمس سنوات من تمرد جماعة "بوكو حرام" النيجيرية المتشددة.

 

ولتسليط الضوء على شدة هجمات المسلحين هذا العام، قالت "شبكة أمن نيجيريا"، وهي منظمة غير حكومية متخصصة في تتبع الإصابات، إن أكثر من 940 شخصًا قتلوا في هجمات المسلحين خلال شهر نوفمبر وحده.
 

ووفقا للمجموعة، كان شهر مايو، أكثر الشهور دموية بعدد قتلى يقدر بأكثر من 4000 شخص.


وفي أواخر عام 2003، بدأت "بوكو حرام" عملها كجماعة دينية في مدينة مايدوغوري، العاصمة الإقليمية لولاية "بورنو" (شمال شرق)، على يد مؤسسها محمد يوسف، وهو رجل دين إسلامي محلي.

 

كان يشار إليها باثنين من الأسماء، هما "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، أو الحركة "اليوسفية".

 

وفي غضون سنوات قليلة، توسعت الجماعة في عدد أعضائها وانتشارها حيث وسعت أنشطتها، وأغلبها يتعلق بالدعوة والمشاريع الاقتصادية على نطاق ضيق، إلى ولايات شمالية أخرى.
 

في ذروة أنشطتها الدعوية، كان جحافل من الناس يسافرون من مختلف أجزاء الشمال إلى مايدوغوري للاستماع إلى وعظ يوسف.
 

في 27 يوليو 2009، شن موالون للجماعة هجوما على مركز شرطة في أعقاب حملة أمنية على أعضائها على خلفية انتهاك مزعوم للقانون والنظام، ما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخصا.
 

إلا أن مقتل يوسف نفسه بعد ثلاثة أيام أثناء احتجازه لدى الشرطة كان إيذانا ببدء العنف الهائل لجماعته.
 

ويشير المحللون، رغم ذلك، إلى أن هجمات الجماعة غير المبررة، بدأت فقط بعد أن تولى الرجل الثاني غير المعروف آنذاك أبو بكر شيكاو قيادة الجماعة خلفا لرجل الدين القتيل.
 

ومنذ ذلك الحين، كثفت الجماعة هجماتها على المجتمعات السكنية، ولا سيما في الولايات الشمالية الشرقية الثلاثة بورنو، ويوبي وأداماوا، علاوة على هجمات بين الفينة والأخرى في العاصمة الاتحادية أبوجا، ومدينة كانو (شمال غرب)، والولايات الشمالية الأخرى.
 

ولكن لا يزال 2014، الأكثر دموية خلال سنوات التمرد، في ظل تزايد الهجمات، وأعداد الضحايا، وطوفان النازحين، وعمليات الاستيلاء على المدن والقرى.

وفي حديث للأناضول، قال الحاج يوسف حسن، وهو زعيم محلي عاصر ظهور تمرد "بوكو حرام" في مايدوغوري منذ عام 2009 حتى الآن: "كل يوم تقريبا في عام 2014، كان يشوبه هجوم قاتل من بوكو حرام، خلافا للأعوام السابقة".

وأضاف: "قتلت بوكو حرام بمزيد من القسوة هذا العام، ومعظم الهجمات سجلت مقتل العشرات، إن لم يكن المئات، من الضحايا".

وتابع: "بدأ المسلحون اختطاف المراهقين، وتجنيد الشبان كجنود مشاه هذا العام، لم يكن لدينا كل هذه الأشياء الفظيعة منذ عام 2009".

ووفقا لإحصائيات، قتل 7 آلاف شخص على الأقل في هجمات بوكو حرام بين شهري يناير، ويونيو الماضيين فقط، وهو رقم يفوق بكثير إجمالي عدد الضحايا في عام 2013، وأعلى من السنوات السابقة.

ووقع أول هجوم لجماعة "بوكو حرام" في عام 2014 في مايدوغوري في 14 يناير/ كانون الثاني عندما داهمت سيارة محملة بقنابل بدائية الصنع منطقة مزدحمة، ما أسفر عن مقتل 43 شخصا على الأقل.

وبعد خمسة أيام، هاجم المتمردون منطقة "ألاغارنو" النائية جنوبي ولاية "بورنو"، ما أسفر عن مقتل 18 شخصا.

في 20 يناير/ كانون الثاني، فتح المسلحون النار، وقتلوا أكثر من 85 شخصا في مساجد مختلفة في كوندوغا، التي تبعد حوالي 35 كلم من مايدوغوري، في حين قتل أكثر من 130 مصليا في كنيسة بقرية "واغا تشاواكا"، في ولاية "أداماوا" المجاورة في 30 يناير/ كانون الثاني.

وقتل أكثر من 1000 شخص في الفترة بين شهري فبراير، ومارس، بينما قال الجيش إنه قتل أكثر من 600 من عناصر "بوكو حرام" في هجوم على معقلها الشهير في غابة "سامبيسا" يوم 9 مارس/ آذار.

ولكن "بوكو حرام"، صعدت من مستوى أنشطتها، ليلة 14 أبريل الماضي باختطاف 276 تلميذة على الأقل من مدرسة ثانوية حكومية في بلدة "تشيبوك"، جنوبي "بورنو"، وهي الواقعة التي تصدرت أخبارها عناوين الصحف العالمية.

في وقت سابق من ذلك اليوم، قتل نحو 106 شخصا في انفجار ضخم في موقف مزدحم للحافلات بإحدى ضواحي العاصمة النيجيرية أبوجا.
 

وربما يكون هذان الحادثان الأسوأ في عام 2014، وفقا للأب جدعون أوباسوغي، مدير إدارة الاتصال الاجتماعي في إبراشية "مايدوغوري" التابعة للكنيسة الكاثوليكية.
 

و قال رجل الدين المسيحي: "هناك وقائع منفردة، وربما لم يتم الإبلاغ عنها، لحالات اختطاف فتيات خلال هجمات بوكو حرام في سنوات سابقة، ولكن لم يسبق على الإطلاق اختطاف هذا العدد الكبير من المراهقات حتى إبريل من هذا العام"، مشيرا إلى أن التمرد زاد في عام 2014.
 

وفي وقت لاحق، عرض زعيم "بوكو حرام"، أبو بكر شيكاو، في تسجيل مصور مبادلة الفتيات المخطوفات بناشطين تابعين للجماعة تحتجزهم السلطات النيجيرية.

وفي وقت لاحق، تمكنت 57 فتاة على الأقل من الفرار من خاطفيهم، فيما لا يزال مصير بقية الفتيات مجهولا.

وحتى الوقت الراهن، لم تؤت جهود الحكومة لإنقاذ الفتيات ثمارها، ما أذكى مشاعر من الاستياء والإحباط في صفوف أولياء أمورهن.
 

والأسبوع الماضي، تم اختطاف 200 على الأقل من النساء والفتيات والرجال في ولاية "بورنو"، في حين قتل أكثر من 34 آخرين.

ولم يسمع شيئا عن الضحايا المختطفين حتى وقت كتابة هذا التقرير.
 

وفي مايو، داهم المسلحون وأحرقوا ما لا يقل عن 13 قرية زراعية في منطقة "غوزا" الجبلية، حوالي 187 كلم إلى الجنوب من مايدوغوري، ما أدى إلى مقتل أكثر من 230 شخصا، وفقا لما قاله لوكالة الأناضول النائب في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) النيجيري "علي ندومي"، الذي يمثل جنوب ولاية "بورنو"، مضيفا أن أنه تم تشريد أكثر من 12 ألف شخص.
 

وفي يونيو، الماضي، لم تمنع الفرحة بمشاركة منتخب كرة القدم النيجيري في بطولة كأس العالم، جماعة بوكو حرام عن شن هجماتها، حيث قتلت ما لا يقل عن 61 من مشجعي كرة القدم في هجومين منفصلين بالقنابل على مراكز لمشاهدة المباريات في موبي بولاية أداماوا، وداماتورو بولاية "يوبي"، وتبنت المسؤولية عن الهجمات.
 

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "بولاما مالي غوبيو" المتحدث باسم منتدى حكماء ولاية "بورنو"، إن "بوكو حرام أصبحت أكثر جرأة، وأشد فتكا، ولا يمكن ردعها بطريقة أو بأخرى خلال هذا العام".

وألقى "غوبيو" باللائمة في هذا التصعيد على "سوء التعامل مع التمرد" من جانب السلطات النيجيرية، وقال إن "الحكومة الاتحادية لا تفعل ما يكفي".
 

من جانبه، أشار "جو دوكو"، وهو صحفي مقيم في مدينة "داماتورو"، إلى أن قتل 42 طالبا في مدرسة بولاية "يوبي" في 6 يوليو/ تموز، و40 آخرين في 29 سبتمبر/ أيلول كان أسوأ ما فعلته بوكو حرام في عام 2013.

وقال: "ولكن حتى هذه (الهجمات) لا يمكن، مقارنتها بمختلف الهجمات، وعمليات القتل التي وقعت في عام 2014، ومن بينها تفجير مسجد في مدينة كانو في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني"، في إشارة إلى مقتل أكثر من 120 مسلما، يؤدون صلاة الجمعة، عندما استهدف انتحاريان مسجدًا كبيرًا بوسط مدينة كانو.

وبينما كان المزارعون في الولايات الشمال الشرقية يعدون أرضهم للزراعة في أوائل شهر يوليو الماضي، شن مسلحو "بوكو حرام"، عدة هجمات، ونهبوا 35 قرية على الأقل تقع في نطاق 12 مجلس حكم محلي في ولايات بورنو، وأداماوا، ويوبي.

وداهمت جماعة "بوكو حرام" قرية "دامبوا"، التي تبعد 85 كلم من مايدوغوري، في يولي، واستولت عليها في أغسطس للمرة الأولى، قبل أن تسيطر على 12 حكومة محلية في الولايات الثلاث، معلنة إياها جزءا من "الخلافة الإسلامية".

ومنذ ذلك الحين، استعاد الجيش النيجيري اثنتين من هذه الحكومات المحلية الاثنتا عشرة، هما موبي الشمالية والجنوبية في ولاية أداماوا، بينما لا تزال البقية تحت سيطرة "بوكو حرام".

وأوضح "دوكو"، الصحفي من داماتورو، أن "بوكو حرام غيرت من أسلوب الكر والفر في السنوات السابقة إلى هجمات أكثر جرأة وسيطرة على مناطق، واقتطاع أقاليم، حيث لم يتم السيطرة على أقاليم في السنوات السابقة".

واتهم الناجون الذين فروا من هذه المناطق المسلحين بتنفيذ عمليات إعدام عشوائي للسكان المحليين على خلفية اتهامهم بانتهاك قواعد الخلافة الإسلامية بالزنا والسرقة أو التعاون مع الحكومة النيجيرية.

وقدرت الوكالة الوطنية لإدارة الطوارئ، عدد النازحين الداخليين بسبب التمرد في عام 2014 بأكثر من 800 ألف شخص.
 

وقال الممثل القُطري للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنجيليس ديكونغ أتانغا، الأسبوع الماضي إن عدد النيجيريين الذين لجاوا إلى مختلف معسكرات النازحين الدولية ارتفع إلى 1.5 مليون شخص في عام 2014.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن تصاعد هجمات "بوكو حرام" على القرى في الولايات الشمالية الشرقية أدى لتحويل المزيد من النيجيريين إلى لاجئين.

وأغلقت السلطات معظم المدارس في المنطقة الشمالية، ما اضطر ملايين الشباب لترك دراستهم.
 

وتشير الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن ائتلاف منظمات المجتمع المدني في نيجيريا، إلى أن أكثر من 800 مبنى مدرسة دمرت في حين تضرر 194.7 ألف طالب بالتمرد في شمال شرق البلاد.

ومع قرب حلول الانتخابات العامة المزمعة في فبراير المقبل، يخشى ويتوقع كثير من النيجيريين المزيد من هجمات "بوكو حرام".
 

في حين يشكك العديد من السياسيين في شمال شرق البلاد في إمكانية انعقاد الانتخابات في منطقتهم على الرغم من تأكيدات الرئيس غودلاك جوناثان والجيش.

من جانبه، اعتبر محافظ ولاية "بورنو"، كاشيم شيتيما في تصريح لمحطة تلفزيونية خاصة، قبل أيام قليلة، أن "مواصلة الحديث عن الانتخابات مسألة حساسة".

وأضاف: "في بورنو وحدها، أكثر من مليوني شخص شردوا داخليا بينما قتل الآلاف هذا العام فقط".

من جانبه، قال المتحدث باسم الجيش العميد أولاجيدي لالاي إن الجيش سوف يستخدم كل السبل المتاحة لإنهاء التمرد في وقت قريب.

بينما قال أبو بكر معاذو وهو كاتب وخبير سياسي في شؤون تمرد "بوكو حرام" في حديث لوكالة الأناضول: "ليس هناك شك أن بوكو حرام شهدت أفضل أيامها في العام المنقضي".


وأضاف: "ما لم يتوقف الجيش عن كونه (ينتهج استراتيجية) دفاعيا، ربما لا نشهد نهاية لهذه الأزمة في أي وقت قريب".

اقرأ أيضا 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان