فيديو| الحد الأدنى للأجور.. رحلة مطلبية شاقة من عبد الناصر للسيسي

الحد الأدنى للأجور

نحو 15 عاما من المطالبات الشعبية والمجتمعية برفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الارتفاع المطرد في أسعار السلع والخدمات، بحيث يضمن حياة كريمة للمواطن البسيط، حتى وافق مجلس الوزراء برفع الحد الأدنى للأجور لموظفي الدولة بقيمة تتراوح من 2000 حتى 7000 جنيه.

 

منذ أيام، وافق مجلس الوزراء على مشروع قرار بشأن، تقرير الحد الأدنى للأجور للموظفين والعاملين لدى أجهزة الدولة والهيئات العامة الاقتصادية، من المخاطبين بقانون الخدمة المدنية، وغير المخاطبين به، وفقا للقانون رقم 79 لسنة 2019 الخاص بربط الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2019-2020 .

 

ويقضي المشروع بتحديد الحد الأدنى للأجور للعاملين بأجر لدى أجهزة الدولة المختلفة، حيث تضمن أن يكون الحد الأدنى لإجمالي الأجر الذي يستحقه الموظف أو العامل، اعتبارًا من أول يوليو 2019 عند شغله للدرجة الوظيفية.

ويكون الأجرة الدرجة الممتازة 7 آلاف جنيه شهريًا، والعالية 5 آلاف، وبالنسبة لمدير عام 4 آلاف، والدرجة الأولى 3500، والثانية 3 آلاف، والثالثة 2600، والرابعة 2400، بينما الخامسة 2200، والسادسة 2000 جنيه .

 

ونص مشروع القرار على أن يزيد الحد الأدنى للراتب الشهري بمبلغ 100 جنيه بعد قضاء مدة 3 سنوات في الدرجة الوظيفية الواحدة، أو عند الترقية لمستوى وظيفي أعلى داخل ذات الدرجة، كما تضمن مشروع القرار صرف حافز تكميلي يمثل الفرق بين إجمالي الأجر الذي يتم الحصول عليه وبين الحد الأدنى المقرر له. 

غير أن  الدكتور زياد بهاء الدين يرى أن رفع الحد الأدنى للأجور يجب أن يمتد للجميع، قطاعا عاما وخاصا، إذ يعتبره حق اقتصادى أساسى وأحد أهم أدوات الحماية الاجتماعية التى لا ينبغى أن تكون محلا للتفرقة بين المواطنين، مطالبا بشموله كل من يتقاضى أجرا أيا كان مصدره وطبيعة عمله.   

 

ويقول بهاء الدين في مقاله (انصافا للحد الأدنى للأجور ) إن هناك صعوبة في تطبيق الحد الأدنى للأجور على القطاع الخاص الذى يعانى بالفعل من زيادة التكاليف، مشيرا إلى أن سياسة الدولة يجب أن تتجه إلى خفض هذه التكاليف، والحد من الرسوم المبالغ فيها بما يجعل زيادة التكلفة المترتبة على تطبيق الحد الأدنى للأجور متوازنة مع وفورات أخرى يستفيد منها القطاع الخاص. 

ويوضح بهاء الدين أن هناك أثر لزيادة الأجور الحكومية على التضخم، خاصة فى أعقاب موجة الغلاء الفاحشة التى أطاحت فى العامين الماضيين بأحلام ومدخرات الكثيرين. وفى تقديرى أنه حتى لو كان لهذه الزيادة أثر تضخمى فإن لها أيضا أثر توزيعى، وهو الأهم، لأنها ترجح كفة محدودى. 

 

رحلة زيادة الأجور و إقرار حد أدنى للمرتب بدأت منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث وصل أول حد أدي للأجورإلى ١٨ قرشـًا في اليوم، بما يعادل ٥ جنيهات شهريـًا، كانت تكفي لشراء ٣٤ كيلو جرامـًا من اللحم، بحسب تقارير صحفية. 

 

شهد  الحد الأدنى للأجور ارتفاعا تدريجيا و يبدو أنه مرتبط بزيادة الأسعار حينها من 9 جنيهات شهريا وفقا للقانون رقم 58 لسنة 1961 حتى وصل إلى 35 جنيها شهريا، وفقا للقانون رقم 53 لسنة 1984، كما كان هناك حد أدنى للأجور للقطاع الخاص.   

 

وبالنسبة للقطاع الخاص ارتفع الحد الأدنى لأجر العاملين فيه من 40 قرشـًا يوميـًا (لمن هم 18 سنة فأكثر) أو 30 قرشا يوميا (لمن هم أقل من 18 سنة) وفقـًا للقانون رقم 64 لسنة 1974 إلى 35 جنيهـًا وفقـًا لقانون رقم 53 لسنة 1984 .

ومع بداية فتح الباب لسياسة الانفتاح الاقتصادي في عهد  الرئيس الراحل أنور السادات بلغ الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل ١٦ جنيها بموجب القانونين ٤٧، ٤٨ لسنة ١٩٧٨ المنظمين لشؤون العاملين بالدولة وموظفي القطاع العام.

 

وبحسب تقارير صخفية فأن هذا المبلغ كان يعادل ثمن ٣٢٠ كيلو جرامـًا من الأرز بسعر ٥ قروش للكيلو، وقتها. ووصل الراتب الكلي لخريج الجامعة في بداية اشتغاله بالجهاز الحكومي إلى ٢٨ جنيهـًا أواخر عصر السادات، لكن رغم حدوث طفرة كبيرة في ارتفاع الأسعار في عهد مبارك إلا أنه لم يتم تحديد حد أدنى للأجور. 

 

لكن الرئيس الأسبق حسني مبارك اضطر إلى  إصدار  ثلاث قوانين لرفع الحد الأدنى للأجر في القطاعين العام  والخاص في في 1981 و1984، لكن في عام 2006 بعد أعواما من تبني سياسة الإصلاح الاقتصادي ارتفعت الأصوات بمطلب تحديد الحد الأدنى للأجور وانتشرت الاضرابات والتظاهرات العمالية. 

وتبنت الحركات السياسية والعمالية هذا المطلب وتوصلوا في عام 2008 إلى رقم 1200 جنيه كحد أدنى للأجور في القطاعين العام و الخاص وكان رقم منسوب إلى معادلة سعرية تمثل سلة السلع الأساسية و يتغير الحد الأدنى  مع تغير مستويات الأسعار لهذه السلة و تسمى السلة الغذائية. 

 

لكن رجال الأعمال حينها رفضوا فكرة الحد الأدنى، موضحين أنه سيؤثر على الاستثمارات في السياحة والملابس وغيرها من الصناعات كثيفة العمالة، وسيقلل من تنافسيتها ويرددون أنها صناعات مأزومة من الأساس، وبعضهم يطالب بحد أدنى يتفاوت بين الصناعات، بل وبين المحافظات، بحسب الباحثة فاطمة رمضان بمقال لها على المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. 

 

في عام 2006 ظهرت وثيقة من رجال الأعمال، لتفيد بأن 35 جنيهـًا في بداية ثمانينيات القرن العشرين أصبحت قيمتها تعادل 214 جنيهـًا في 2006. رفض رجال الأعمال الالتزام بهذا المبلغ الضئيل وضغطوا على الحكومة حتى لا يتم الأخذ بهذا التصحيح.

واستجابة لتلك المطالب، ظهر مشروع للمجلس القومي للأجور طالب حينها بمبلغ ٤٠٠ جنيه شهريـًا كحد أدنى، ومقترح اتحاد العام لنقابات عمال مصر (الحكومي)الذي طالب بـ٦٠٠ جنيه، فيما قدرت حسابات القومي للأجور في 2009 الحد الأدنى الكافي لضرورات الحياة بمبلغ ٥٣٠ جنيهـًا، في حين طالب اتحاد العمال بـ٨٠٠ جنيه . 

 

في ٣٠ مارس ٢٠١٠،ألزمت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة الحكومة بتحديد الحد الأدنى للأجور بمبلغ ١٢٠٠ جنيه ومع تجاهل الحكومة تنفيذ الحُكم، استشكل أصحاب الدعوى أمام المحكمة، وطالبوا بإلزام الحكومة بالتنفيذ وصدر الحُكم في ٢٦ أكتوبر ٢٠١٠ .

 

وبعد الحكم، حسم المجلس القومي للأجور بزيادة الحد الأدنى للأجور من ١١٢ جنيهـًا وفق القانون الصادر عام ١٩٨٤ شاملة التأمينات والعلاوات إلى ٤٠٠ جنيه لجميع العاملين في مصر، وهو القرار الذي وافقت عليه الحكومة وممثلو منظمات أصحاب الأعمال، ورفضه ممثلو العمال في المجلس، بحسب تقارير صحفية. 

وبعد ثورة يناير التي كان أحد مطالبها العدالة الاجتماعية، أعلن الدكتور سمير رضوان، وزير المالية، أن الحد الأدنى للأجور ٧٠٠ جنيه، بزيادة ٢٥٠ جنيهـًا عن الحد الأدنى وقتها، على أن يصل خلال ٥ سنوات من تطبيقه إلى ١٢٠٠ جنيه، لكن الاتحادات العمالية رفضت ذلك، واعتبرت أن المبلغ غير كاف مقارنة  بالأسعار. 

 

وبعد أحداث 30 يونيو،أعلن الدكتور  حازم الببلاوي رئيس الوزراء حينها في 18 سبتمبر 2013، أن الحكومة أقرت الحد الأدنى لإجمالي ما يتقاضاه العاملون بالحكومة بـ1200 جنيه، وأن حدًّا أدنى مماثلًا سيقر لعمال القطاع الخاص من خلال المجلس القومي للأجور طبقاً لقانون العمل. 

 

وفي 2015، حكومة إبراهيم محلب، قررت تطبيق الحد الأدنى للأجور بمبلغ ١٢٠٠ جنيه لكن  النقابات العمالية قالت إن "المبلغ أصبح أقل من أسعار السوق"، وطالبوا برفع المبلغ إلى ١٥٠٠ جنيه. وفي الوقت نفسه، لم تلتزم بعض المؤسسات الحكومية بقرار محلب ولم تقم بتطبيق الحد الأدنى البالغ ١٢٠٠ جنيه حتى عام 2015 . 

وفي المقابل رفضت بعض الجهات الحكومية تنفيذ لقانون رقم 63 لعام 2014 الذى حدد الحد الأقصى بـ 35 ضعف الحد الأدنى، وهو ما يعادل 42 ألف جنيه، وقابلته بعض الجهات بالرفض فى قطاعات البترول والبنوك والاتصالات وبعض الجهات السيادية، وجهات قضائية منها المحكمة الدستورية العليا التي  أوضحت أن هذا القانون لايسري عليها

 

مقالات متعلقة