رئيس التحرير: عادل صبري 09:34 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«العمل مجانًا بمشروعات الدولة».. هل قاربت أزمة «الحبس الاحتياطي» على الانتهاء؟

«العمل مجانًا بمشروعات الدولة».. هل قاربت أزمة «الحبس الاحتياطي» على الانتهاء؟

أخبار مصر

الحبس الاحتياطي.. هل ينتهي قريبا؟

«العمل مجانًا بمشروعات الدولة».. هل قاربت أزمة «الحبس الاحتياطي» على الانتهاء؟

علي أحمد 16 يناير 2019 17:45

أكثر من ألف شخص في 4 محافظات فقط، يقبعون خلف القضبان لأكثر من عامين، لا يعلمون أي مصير ينتظرهم هل سيظفرون بالبراءة وترى أعينهم الشمس من جديد؟ أم سيقضون أعوامًا جديدة من العقاب، ولأن هذا الوضع الذي هم عليه الآن نال كثيرا من انتقادات الحقوقيين، راح أحد النواب يتقدم بمشروع قانون اقترح فيه تطبيق العقوبات البديلة عن "الحبس الاحتياطي"، ليفتح بابًا جديدًا من الجدال والانتقاد.

 

كان رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، علاء عابد، تقدم بمشروع قانون العقوبات البديلة للحبس الاحتياطي. واقترح عابد أن تستبدل عقوبة الحبس الاحتياطي بالعمل مجانًا، في أحد مشروعات الدولة.

 

وقال عابد، في تصريحات للصحفيين البرلمانيين: إن مشروع القانون حدد هذه العقوبات، ومنها العمل دون مقابل في مشروعات قومية تخدم المجتمع، لمدة مساوية لمدة العقوبة، أو الإقامة الجبرية، من خلال إلزام المحكوم عليه بعدم مغادرة محل إقامة محدد أو نطاق مكاني معين.

 

وأكد النائب علاء عابد، أن مشروع القانون يلزم المحبوس بالحضور لمركز الشرطة في أوقات محددة، ويحظر عليه ارتياد أماكن محددة ونطاق جغرافي معين ذي صلة بالجريمة،.

وأشار إلى أن مشروع القانون أعطى الحق لمصلحة السجون، وبناء على طلب المسجون، أن تطلب استبدال العقوبة الأصلية بإحدى العقوبات البديلة.

 

وأضاف عابد، أن مشروع القانون يعاقب بالحبس والغرامة، أو إحدى العقوبتين، كل من هرب من تنفيذ أي من العقوبات البديلة، ويعاقب بذات العقوبة كل من ساعد شخصًا على الهرب من تنفيذ عقوبة بديلة.

 

في الإحصائيات الرسمية لا تجد رقمًا محددًا حول أعداد المحبوسين احتياطيًا في مصر ومن تجاوز منهم مدة الحبس الاحتياطي التي يحددها القانون، نظرًا لوجود حركة مستمرة بين الحبس وإخلاء السبيل، ولكن ذهبت تقارير بعض المنظمات الحقوقية، إلى أنه يوجد ما يزيد عن 1400 شخصًا على الأقل في السجون تعددت مدة حبسهم الاحتياطي المنصوص عليها بالقانون، حسبما ورد في تقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

 

ما هو "الحبس الاحتياطي

 

والحبس الاحتياطي، هو إجراء إجراء احترازي، الغرص منه ضمان عدم هروب المتهم أو الإضرار بالتحقيق أو العبث باﻷدلة، ولكن في السنوات القليلة الماضية طفت عليه بعض التعديلات التي كانت محل اعتراض من الجماعة الحقوقية، إذ رأت أنه يُستخدم كـ"عقوبة" للمتهم وليس مجرد إجراء احترازي.

 

ووضعت المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية، حدًّا أقصى للحبس الاحتياطي يتراوح بين 18 شهرًا وعامين في الجنايات، وفي 2013 عدل الرئيس المؤقت عدلي منصور الفقرة الأخيرة من المادة 143 لإلغاء الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بالنسبة إلى المحكوم عليهم بالإعدام أو المؤبد في مرحلة النقض أو إعادة المحاكمة فقط.

 

ولكن يبقى العامان كحد أقصى للحبس الاحتياطي ساريًا على كل المحبوسين احتياطيًّا الذين صدرت ضدهم أحكام بعقوبة غير الإعدام والسجن المؤبد، والذين لم تصدر ضدهم أحكام بعد.

 

وفي شهر فبراير 2018 وافق مجلس النواب على تعديل المادة 129 من تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، بشأن مدد الحبس الاحتياطى الجديدة.

 

ونص التعديل على :"لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطى أو التدابير على ثلاثة أشهر فى مواد الجنح ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة فى هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة وفقا لأحكام الفقرة الأولى من المادة 140 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم".

 

وطبقا للتعديل إذا كانت التهم المنسوبة إليه جناية، فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطى أو التدابير على خمسة أشهر إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بالحبس أو التدابير مدة لا تزيد على خمس وأربعين يوما، قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير على حسب الأحوال.

 

وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطى في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز ستة أشهر فى الجنح، واثنا عشر شهرًا، للحبس، وثمانية عشر شهرا مادون ذلك، وسنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام.

 

"مستفادون من الحبس الاحتياطي"

 

هكذا كانت مدد الحبس الاحتياطي التي نص عليها القانون، ولكن ماذا يحدث على أرض الواقع في السجون؟، هل جميع من انقضت مدته يحصل على إخلاء سبيل لحين إصدار حكم في قضيته، أم أنه يظل قيد الحبس متجاوزا المدة المنصوص عليها في القانون؟.

 

في الواقع لا يمكن إحصاء من استفاد بالمدد المنصوص عليها في القانون ومن تجاوزها، ولكن في هذا وذاك حالات بعينها تظل بارزة وتفرض نفسها على الساحة، فليس كل المحاكم تتفق في الاعتراف بالحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الحنائية.

 

ومن أبرز من استفاد بالحد الأقصى للحبس الاحتياطي كان الرئيس الأسبق حسني مبارك  ونجليه ووزراءه، إذ حصلوا على إخلاء سبيل لانقضاء مدة السنتين المنصوص عليهم في القانون، وكذلك رئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي، خرج من السجن بعد عامين من الحبس الاحتياطي.

 

فبعد 6 سنوات قضاها مبارك فى السجن، حصل على إخلاء سبيل عام 2017 بعد انقضاء مدة الحبس الاحتياطى المقررة عليه، وخرج نجلاه "جمال وعلاء" من السجن فى يناير 2015،  بسبب انقضاء مدة فترة الحبس الاحتياطى، وعادا مرة أخرى إلى سجن طرة بعد الحكم الصادر ضدهما بـ3 سنوات فى قضية القصور الرئاسية لأول مرة، ولكنهما تقدما باستشكال لعدم قانونية وجودهما بالسجن؛ لأنهما استوفيا فترة العقوبة فى حالة ضم جميع فترات حبسهما منذ 2011، وأخلى سبيلهما بعدما ضمت المحكمة جميع فترات سجنهما فى جميع القضايا السابقة.

 

كما أخلت محكمة الجنايات سبيل وزير البترول السابق سامح فهمى بدون ضمانات، لتجاوزه مدة الحبس الاحتياطي، بعد أن قضى 23 شهرًا فى الحبس الاحتياطى، بعد صدور الحكم عليه بالسجن المشدد 15 عاما، وتكرر الأمر مع رجل الأعمال أحمد عز عام 2017،  إذ أخلى سبيله بعد تجاوزه مدة الحبس الاحتياطى، كما أخلى سبيل رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف عام 2016، مستفيدًا من تجاوزه لمدة الحبس الاحتياطى.

 

"جعفر..حبس فوق المدة"

 

وفي المقابل هناك من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي ولايزال يقبع في غياهب السجون، من أولئك الباحث والصحفي هشام جعفر، مدير مؤسسة مدى للتنمية الإعلامية، إذ يمضي عامه الرابع في الحبس الاحتياطي، رغم تدهور حالته الصحية.

 

وهشام جعفر، ذو الـ 54 عاما، محبوس احتياطيًا منذ إلقاء القبض عليه في أكتوبر 2015، على ذمية القضية رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا، وكان من المفترض انقضاء مدة الحبس الاحتياطي في أكتوبر عام 2018، غير أنه لايزال قيد الحبس الاحتياطي مع التجديد.

 

وقضى هشام جعفر، بحسب زوجته، أكثر من عام ونصف في حبسانفرادي في "سجن العقرب"، لا يسمح له بالتريض خارج زنزانته، وممنوع عنه الزيارة، حتى أن زوجته قالت في شكوى لـ"منظمة العفو الدولية" إن أهله لم يتمكنوا من زيارته من مارس 2017 حتى نهاية 2018 إلا  مرات فقط لمدة تقل عن 15 دقيقة، فضلا عن معاناته من أزمة صحية نتيجة حبسه في ظروف غير إنسانية.

 

"شوكان" 5 أعوام حبس احتياطي 

 

ومن قبل "جعفر" كان هناك الصحفي "محمود شوكان" الذي قضى نحو 5 أعوام رهن الحبس الاحتياطي قبل أن تصدر المحكمة، في سبتمبر الماضي، حكمها ضده بـ 5 أعوام في قضية "فض اعتصام رابعة"، إذ ظل محبوسا احتياطيا حتى صدور الحكم، ولايزال محبوسا حتى الآن لقضاء "عقوبة إضافية"، وهي "الإكراه البدني" لعدم قدرته على دفع التعويضات التي فرضتها المحكمة عليه بالملايين، نظيرا لما تم إتلافه.

 

عقوبات بديلة للحبس الاحتياطي

 

ولأن الحبس الاحتياطي يظل دائما محور جدل وانتقاد الجماعة الحقوقية، التي تعتبره يُستخدم حاليا كنوع من العقوبة ضد المتهم، جاء مقترح النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان، الذي تقدم به إلى مجلس النواب، وهو مشروع قانون العقوبات البديلة للحبس الاحتياطي.

 

بحسب عابد، خلال تصريحات للمحررين البرلمانيين، فإن القانون حدد عقوبات بديل لـ"الحبس الاحتياطي"، لذا اقترح أن يكون من ضمن هذه العقوبات العمل في مشروعات قومية تخدم المجتمع دون مقابل لمدة مساوية لمدة العقوبة، والالتزام بجبر الضرر والتعويض الناتج عن الجريمة، والإقامة الجبرية، من خلال إلزام المحكوم عليه بعدم مغادرة محل إقامة محدد أو نطاق مكاني معين.

 

ووفقا لمشروع القانون الذي تقدم به "عابد" يلتزم المتهم بالحضور لمركز الشرطة فى أوقات محددة، ويحظر على المتهم ارتياد مكان أو أماكن محددة، وذلك بحظر ارتياد نطاق جغرافى معين ذات صلة بالجريمة، منوها إلى أن مشروع القانون أعطى الحق لمصلحة السجون وبناء على طلب المسجون أن تطلب استبدال العقوبة الأصلية بإحدى العقوبات البديلة.

 

وينص مشروع القانون، وفقا لـ"عابد" على العقاب بالحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين على كل من هرب من تنفيذ أى من العقوبات البديلة، ويعاقب بذات العقوبة كل من ساعد شخصا على الهرب من تنفيذ عقوبة بديلة.

 

نجيدة:مقبول ولكنه سخرة

 

أثار مشروع القانون الذي تقدم به النائب علاء عابد، حول العقوبات البديلة للحبس الاحتياطي، حالة من الجدل في الأوساط الحقوقية، إذ اعتبر بعضهم أنه بمثابة دعوة للعودة إلى "العبودية" و"السخرة"، وأن فيه انتهاك لحق المتهم، ويخالف فلسفة القانون.

 

فمن جانبه قال طارق نجيدة، المحامي الحقوقي، إنه لا مانع من استبدال أي عقوبة كبديل للحبس الاحتياطي في هذا التوقيت كعقوبة "التشغيل"، لأن الحبس الاحتياطي يُستخدم حاليا كعقوبة ضد المتهم.

 

وأضاف نجيدة لـ"مصر العربية" أن الحبس الاحتياطي في الأساس ليس عقوبة، وإنما هو إجراء احترازي، وتقوم فلسفته على التحفظ على المتهم طوال فترة التحقيق والبحث عن الأدلة، ويمكن استبدال هذا الإجراء بـ"التشغيل" تخفيفا عن المتهمين.

 

وتابع:"يجوز استبدال عقوبة الحبس البسيط بالتشغيل، ولكن ألا يستوي المحكوم عليه بالحبس البسيط في قضية جنح على سبيل المثال وقضايا أخرى، فعقوبة التشغيل يمكن القبول بها تحت وطأة أن الحبس الاحتياطي يُعامل كعقوبة في الوقت الحالي".

 

وأردف:"ولكن التشغيل هذا يعد عقوبة وهو يخالف فلسفة القانون، فضلا عن أنه بدون مقابل وهو يعني سخرة، وفيه انتهاك شديد لحق المتهم".

 

ورأى نجيدة أن البديل عن "الحبس الاحتياطي" أنه يتم استخدامه في أضيق الحدود، ويمكن التضييق على حرية المتهم بتدابير أخرى، منها مثلا منعه من الخروج من المنزل، أو منعه من الخروج من مدينته، أو إلزامه بالذهاب إلى دار اجتماعية أو مكان معين ساعة في اليوم، لضمان عدم هروبه وتأثيره على الأدلة.

 

عيد: "عبودية"

 

وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن الحبس الاحتياطي من الأساس ليس عقوبة، ولكنه تدبير احترازي، يمكن استبداله بإلزام المتهم عدم الخروج  من منزله أو من محافظته، أما العقوبة فتكون حين تصدر المحكمة حكمها.

 

وأضاف عيد لـ"مصر العربية" أن طرح مشروع قانون لاستخدام "التشغيل بدون مقابل" كعقوبة بديلة للحبس الاحتياطي، فهذا "عار على الحركة الحقوقية"، بحد وصفه، إذ اعتبر أنه استبدال للحبس الاحتياطي بـ"العمل بالسخرة".

 

وتابع عيد:"في أي بلد ديمقراطي طرح مثل هذا الاقتراح بالعمل بالسخرة المفترض أن يُعاقب مقترح مشروع القانون"، لافتا إلى أن هناك الكثير من المتهمين الذين يقبعون في السجن رغم انقضاء مدة الحبس الاحتياطي، وهو ما يعد في القانون "اختطاف" أو "أسر"، بحد قوله.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان