أثارت الهجمات على منشآت النفط الرئيسية فى المملكة العربية السعودية مؤخرا، مخاوف الكثير من الدول حول مستقبل الطاقة وتأثير هذه الأوضاع عليها فى حالة تكرار حدوث مثل هذه الهجمات مستقبلا.
ما دعا البعض فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحديث عن إمكانية استخدام المخزون الاحتياطي من النفط الخاص بالدولة والذي يعد أضخم مخزون على مستوى العالم.
وتعرض مجمعان نفطيان في بقيق وخريص السعوديتين يتبعان عملاق الطاقة العالمي (أرامكو)، إلى هجوم بالقذائف عبر مسيرات، تبنتها جماعة الحوثي منذ أيام.
ويعتبر المجمعان، القلب النابض لعمليات أرامكو، في مرحلة ما بعد الاستخراج وقبل التصدير أو التكرير، إذ تتم معالجة معظم النفط فيهما، قبيل تحويلهما للموانئ أو للمصافي التكريرية المحلية.
وأدت الهجمات إلى ارتفاع أسعار النفط الخام 20% دفعة واحدة، إلا أن تصريحات سعودية وأمريكية، هدأت من هذا الصعود الكبير في أسعار النفط الخام مع بداية التعاملات الأسبوعية، بعد وصولها قرب أعلى مستوى في 4 شهور.
ومع ارتفاع أسعار النفط، كتب الرئيس دونالد ترامب تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، أشار فيها إلى أن بلاده قد تستخدم النفط من المخزون الاحتياطي لإبقاء مستوى إمداد الأسواق النفطية في حالة جيدة.
ويبلغ حجم الاحتياطي النفطي الأمريكي الذي أشار إليه، أكثر من 640 مليون برميل مخزنة في كهوف ملحية تحت ولايتي تكساس ولويزيانا.
وتعود فكرة الاحتفاظ بهذه "الاحتياطيات الاستراتيجية" في هذه الأماكن إلى سبعينيات القرن الماضي، ويتعين على جميع الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الاحتفاظ بكمية تعادل ما يكفي لتسعين يوماً من الواردات النفطية، بيد أن الولايات المتحدة تحتفظ بأكبر مخزون للطوارئ في العالم.
ولكن ما هو المخزون الاحتياطي الأمريكي؟
في الوقت الراهن، ثمة أربعة مواقع يتم تخزين النفط فيها بالقرب من فريبورت وويني في ولاية تكساس، وقرب بحيرة تشارلز وباتون روج في ولاية لويزيانا.
ويحتوي كل موقع من هذه المواقع على عدة كهوف ملحية من صنع الإنسان يصل عمقها إلى كيلو متر واحد تحت الأرض يجري تخزين النفط فيها.
وتعد هذه الطريقة في حفظ النفط حتى الآن أرخص بكثير من عملية تخزين النفط في خزانات فوق الأرض، كما أنها أكثر أماناً، لأن التركيب الكيميائي للملح والضغط الجيولوجي يمنعان أي تسرب للنفط.
ويعد موقع برايان موند بالقرب من فريبورت أكبر هذه المواقع لتخزين النفط، إذ تبلغ طاقة تخزينه ما يعادل 254 مليون برميل من النفط.
ويقول موقع المخزون الاحتياطي الإلكتروني، إنه في 13 سبتمبر، كان هناك 644.8 مليون برميل من النفط في هذه الكهوف.
ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، استخدم الأمريكيون ما معدله 20.5 مليون برميل من النفط يومياً في عام 2018، ما يعني أن ثمة ما يكفي البلاد من النفط لمدة 31 يوماً.
لماذا أُنشئ الاحتياطي النفطي؟
طرح السياسيون الأمريكيون فكرة مخزون النفط لأول مرة في أوائل سبعينيات القرن الماضي، بعد أن تسبب الحظر النفطي الذي فرضته دول الشرق الأوسط في ارتفاع كبير في الأسعار في جميع أنحاء العالم.
ورفض أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للنفط، وبضمنها إيران والعراق والكويت وقطر والسعودية، تصدير النفط إلى الولايات المتحدة لأنها دعمت إسرائيل في الحرب العربية – الإسرائيلية في أكتوبر عام 1973.
استمرت الحرب ثلاثة أسابيع فقط لكن الحظر النفطي، الذي استهدف أيضاً بلدان أخرى، استمر حتى مارس 1974، ما تسبب في ارتفاع الأسعار إلى أربعة أضعافها في جميع أنحاء العالم، لتصل من نحو 3 دولارات إلى 12 دولاراً للبرميل الواحد تقريبا.
وأصبحت صور السيارات التي تقف في طوابير عند مضخات البنزين في الدول المتضررة صور دائمة الانتشار عند تذكر هذه الأزمة.
وأقر الكونجرس الأمريكي قانون سياسة الطاقة وحفظها في عام 1975، وأُنشأ الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لمواجهة حالة حدوث مشكلة كبرى أخرى في الإمدادات النفطية.
كيف يعمل المخزون الاحتياطي؟
بموجب قانون عام 1975 الذي وقعه جيرالد فورد، يمكن للرئيس فقط السماح بسحب كميات من احتياطيات النفط إذا كان هناك "انقطاع شديد في إمدادات الطاقة".
وتفرض ظروف التخزين أنه لا يمكن نقل سوى كمية صغيرة من النفط من هذه الكهوف يومياً، وهذا يعني أنه حتى لو كانت ثمة أوامر من السلطة الرئاسية لإطلاقه، فقد يستغرق الأمر ما يقرب من أسبوعين لسدّ حاجة الأسواق.
وعلاوة على ذلك، فإن النفط غير مكرر بالكامل، وتجب معالجته وتكريره لاستخراج مشتقات الوقود الصالحة للاستخدام في السيارات والسفن والطائرات.
وقال وزير الطاقة الأمريكي، ريك بيري، لمحطة (سي إن بي سي) إنه من السابق لأوانه قليلاً الحديث عن الاعتماد على استخدام الاحتياطي النفطي بعد هجمات السعودية.
متى استخدم هذا الاحتياطي؟
استخدم الاحتياطي النفطي آخر مرة في عام 2011، عندما دفع تأثير الاضطرابات الناجمة عن انتفاضات الربيع العربي الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة إلى ضخ ما مجموعه 60 مليون برميل من النفط للحد من النقص والاضطراب الذي هيمن على إمدادات الطاقة حينها.
وسبق أن استخدمت الولايات المتحدة أعداداً كبيرة من براميل النفط في بضع مناسبات، إذ أذن الرئيس الأمريكي السابق، جورج دبليو بوش، باستخدام الاحتياطي خلال حرب الخليج عام 1991، كما سمح ابنه جورج بوش ببيع 11 مليون برميل في أعقاب إعصار كاترينا.
بيد أنه ثمة من ظل يتساءل ما فائدة الاحتفاظ بمثل هذا الاحتياطي الضخم في الوقت الذي يزداد فيه إنتاج الطاقة في الولايات المتحدة؟ وأوصى البعض في واشنطن بالتخلص منه بالكامل.
واقترح تقرير صادر عن مكتب المحاسبة الحكومية ذلك في عام 2014، قائلا إن هذا الاجراء يمكن أن يُخفض الأسعار للمستهلكين الأمريكيين، وفي عام 2017، ناقشت إدارة ترامب بيع نصف المخزون للمساعدة في معالجة العجز في الميزانية الفيدرالية.
وفي عهد الرئيس بيل كلينتون بيع 28 مليون برميل في عام 1997، ضمن خطوة تهدف إلى تقليل العجز في ميزانية الدولة.