حذر اقتصاديون ومؤسسات دولية من دخول الاقتصاد العالمي حالة من الركود المدمر في ظل التصعيد المتواصل بين الغرب وإيران في منطقة الشرق الأوسط، والحروب التجارية التي تقودها واشنطن.
وأكدوا أن الأوضاع تنذر باندلاع حرب أوسع نطاقا تعصف بأسواق الطاقة والسلع الرئيسية العالمية بشكل عام.
وتوقعوا أزمة مالية قد تجتاح أسواق العالم، بسبب أيضا السياسات المالية والاقتصادية والتجارية للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب التي طالت حتى حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي.
وهو ما سلط عليه قادة دول مجموعة العشرين الضوء حيث حذروا من مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمى وسط تنامى التوترات التجارية والجغرافية السياسية فى إطار انطلاق اجتماع القمة فى مدينة أوساكا اليابانية.
الخبير الاقتصادي، أحمد العادلي، قال إن التوترات قي منطقة الخليج وعوامل الحروب التجارية والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، والتخوفات الاقتصادية العالمية، قللت من آفاق النمو الاقتصادي للعام الجاري، وتوقعات بامتدادها للعام المقبل.
وأوضح أن استمرار التوترات في مناطق النزاع مثل منطقة الخليج وإيران واليمن وأمريكا اللاتينية تضغط على الاقتصاد العالمي.
وأضاف: " لا يمكن أن يصب أي توتر سياسي في مصلحة الاقتصاد العالمي، رغم استفادة تجارة السلاح، لكونه يخيف الاستثمار وتراجع الإنتاج والتشغيل والتجارة".
وفي أبريل الماضي، خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لنمو التجارة إلى 2.6 بالمئة في 2019، مقابل 3.7 بالمئة في توقعات سابقة، و3 بالمئة في 2018.
وتواجه بكين توترات تجارية مع واشنطن (معلقة حاليا)، ما دفع صندوق النقد الدولي لإطلاق تحذيرات من تضرر الاقتصاد العالمي بسبب النزاع القائم.
ونشبت حرب تجارية بين أكبر اقتصاديين في العالم، منذ مارس 2018، أسفرت عن تبادل رفع الرسوم الجمركية على سلع بمئات المليارات من الدولارات.
وتوقعت "بلومبرج" - في سياق تقرير نشرته على موقعها اليوم السبت حمل عنوان "كيف تؤثر حرب في المنطقة على أسواق السلع العالمية"- أن يقترب سعر الخام في الأسواق من حاجز 100 دولار للبرميل، إلى جانب ارتفاع حاد في تكاليف التأمين على ممرات الملاحة البحرية وتعرض بنى تحتية نفطية ومصرفية لهجمات محتملة.
ونقلت "بلومبرج" عن مدير مركز دراسات الطاقة التابع لجامعة رايس بمدينة هيوستن الأمريكية كين ميدلوك قوله "قد يتخطى سعر خام برنت القياسي عتبة 100 دولار ليصل إلى 150 دولارا للبرميل مع بداية الحرب المحتملة.
فيما قد يصل أسعار الخام الأمريكي إلى 90 دولارا للبرميل.. وذلك كرد فعل أولي قبل أن تنهار الأسعار كليا على إثر التأثيرات السلبية للحرب على معدل الطلب العالمي".
و لفت إلى أن قدرة الدول المصدرة والمستوردة على توفير ممرات آمنة عبر مضيق هرمز ستلعب دورا كبيرا في تحديد معدلات الزيادة في الأسعار.
من جانبه، رجح ديفيد هيويت، خبير في شئون النفط والطاقة لدى شركة "ماكوري كابيتال"، حسبما نقلت "بلومبرج"، أن تفوق معدلات الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي المسال مثيلتها في أسعار النفط بنسبة قد تصل إلى الضعف؛ نظرا إلى نسبة صادرات الغاز العابرة لمضيق هرمز تعد أكبر مقارنة بنظيرتها النفطية.
كما توقع خبراء تأثر المنشآت النفطية سلبا مع استمرار التصعيد بين طهران والغرب، حيث أعرب البعض عن تخوفه من تعرض منشآت النفط القريبة من السواحل إلى هجمات مباشرة، في حين رأى البعض الآخر أنه حتى وإن لم يتم استهداف مباشر لمنشآت النفط، فمجرد طرح الفكرة سيدفع الشركات الأجنبية لإخلاء مقراتها على الفور وبالتالي تعطل الإنتاج".
وتوقعت "بلومبرج " أن تكون كبرى الاقتصادات الآسيوية في مقدمتها اليابان والهند وكوريا الجنوبية الأكثر تضررا في حال نشوب حرب في المنطقة نظرا لاعتمادها الكبير على الخام في صناعاتها، مشيرة إلى أن واردات الهند من المعدن الأسود تفوق 80% وأن ثلثي هذه النسبة يأتي منطقة الشرق الأوسط.
ولفتت إلى أن كل 10% زيادة في أسعار برميل النفط الواحد، سيقابله 4ر0% زيادة في عجز الحساب الجاري في البلاد.
وكانت قوات الحرس الثوري الإيراني أعلنت أمس احتجاز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، بحجة أنها لم تلتزم بتعليمات الملاحة البحرية، حيث جرى اقتيادها إلى ميناء بندر عباس الإيراني المطل على المضيق، في تطور خطير ينذر بنشوب حرب في المنطقة التي تزداد فيها التوتّرات منذ أكثر من شهرين.
وحذر وزير الخارجية البريطانية جيريمي هانت، إيران من العواقب الوخيمة، إذا لم تفرج عن الناقلة، واعتبر أن الأمر غير مقبول، في حين قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن التصعيد الإيراني تجاه بريطانيا يؤكد أنه كان محقا بشأن موقفه من إيران، ولمّح للصحفيين إلى إمكانية أن يكون الحرس الثوري الإيراني قد احتجز أكثر من ناقلة.