رئيس التحرير: عادل صبري 03:37 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

المصالحة في مصر : الأسباب والاحتمالات

المصالحة في مصر : الأسباب والاحتمالات

تحليلات

المصالحة في مصر

مصر والمصالحة الوطنية : الأسباب والقضايا والسيناريوهات (1)

المصالحة في مصر : الأسباب والاحتمالات

مهند حامد شادي 09 أبريل 2015 22:19

مع إستمرار الحالة السياسية والاجتماعية في مصر في حالتها المأزومة فإن الحديث عن المصالحة يبرز بين الحين والآخر، إما للاستهلاك الإعلامي وإما لجس النبض من الاطراف المختلفة بناءا علي تحركات في أرض الواقع.

نحاول في هذا التقرير أن نرصد الأسباب المحتملة التي يمكن أن تؤدي لمصالحة بين النظام القائم وبين معارضيه – والاخوان علي رأسهم – مع بيان الاحتمالات الممكنة لذلك ، وكذلك الاشكالات التي يمكن أن تواجه هذه الأطروحة.

 

من أين تستمد أطروحة المصالحة قوتها؟

 

إن الحديث عن المصالحة بين النظام ومعارضيه في مصر لا يستمد قوته فقط من حديث الاعلام – بمختلف توجهاته – عنه، وإنما أيضا من عوامل موضوعية تتعلق بالنظام السياسي ومعارضيه والمشهد السياسي في المنطقة العربية ، والتي يمكن إجمالها في الآتي :

 

أولا : النظام الحاكم

 

أزمة الشرعية :


بالرغم من أن النظام الحالي يدعي دائما أنه قد قام علي اسس شرعية ، استنادا لثورة شعبية ( 30 يونيو ) تم البناء عليها بعدد من الاجراءات الانتخابية مثل الاستفتاء علي دستور 2014 والانتخابات الرئاسية، ومن ثم فإن شرعية النظام قائمة.


إلا أنه في الوقت ذاته فإن الشرعية لا تستمد من تصورات النظام عن نفسه وإنما من مصادر مختلفة تبدأ بالكيفية التي جاء بها النظام ( أو ما يمكن تسميته بالشرعية الدستورية ) ثم تمر برضا عموم الشعب عن أداء النظام تجاه متطلبات الشعب ( أو ما يمكن تسميته بشرعية الانجاز) وتنتهي عند قدرة النظام علي الحفاظ علي نفسه من السقوط ( أو ما يمكن تسميته بشرعية الأمر الواقع)، ويواجه النظام الحالي إشكالية في كل من الشرعية الدستورية وشرعية الانجاز، فتوصيف ما حدث في 30 يونيو يواجه عقبات كبري حتي بين من شارك في 30 يونيو، فمن لا يصف 30 يونيو بالثورة هو إما رافض كامل لها ( الاخوان علي سبيل المثال ) وإما يقبل بها كموجة ثورية ولكنه يرفض تبعاتها ( 3 يوليو ) ويعتبرها إنقلابا عسكريا ( مصر القوية مثالا ).


 ومن ثم فإنه حتي من شارك في 30 يونيو فهناك قسما منه يشكك في شرعية النظام الذي يرفض الفصل بين 30 يونيو و 3 يوليو ويستمد شرعيته من كلاهما كوحدة واحدة، ناهيك بالطبع عن من يرفض 30 يونيو بالكلية ويطالب بشرعية مختلفة.


أما شرعية الانجاز فإن هناك الكثير من الشواهد التي تؤيد موقف القائلين بأن النظام يفقد شعبيته بشكل تصاعدي منذ ذروة 30 يونيو وحتي الآن، وهو فقد نابع من قرارات النظام فيما تلي 30 يونيو من احداث، فهناك قسما قد نفر من كم الدماء الذي سال في عدد من الأحداث ( حتي ولو لم يكن مؤيدا لمطالب ضحايا هذه المجازر )، وهناك من قست عليه بعض الاجراءات التي مست أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية مثل قرارات رفع الدعم وغيرها، وهناك من تأثر بعدم تحقيق إنجاز ملموس يستطيع المواطن البسيط أن يشعر به.


ومن ثم فإن خلاصة القول في هذه النقطة ان النظام يعاني من أزمة في الشرعية، تبرز بقوة من قبل القطاع الرافض لترتيبات 3 يوليو ( سواء اتفق أو اختلف مع 30 يونيو )، وتتصاعد ببطء من قبل القطاع الذي يعاني من عدم الانجاز علي مستوي المجال الاقتصادي والاجتماعي.


غياب التنظيم السياسي :


إن أي نظام - ولو كان مستبدا –يجب ان توجد بيئة سياسية تعبر عنه، بحيث يمثل النظام فيها تنظيم سياسي ما، حزبا أو إتحادا أو غير ذلك، بحيث يكون التنظيم بمثابة اداة النظام في السيطرة علي جهاز الدولة الاداري، ومفرخة لقيادات جديدة للنظام، وكذلك وسيلة لاستيعاب قطاعات مختلفة من الشعب في داخل النظام لتأمينه من خطرهم أو لكسب ودهم أو للاستفادة منهم بأي شكل كان وغير ذلك من الوظائف.
والواقع الحالي أن نظام 30 يونيو لم يجد بعد تنظيمه السياسي الذي يعبر عنه، وهو ما وضح بشدة في دعوة السيسي – مرتين - للاحزاب السياسية للاتفاق علي قائمة موحدة لدخول انتخابات البرلمان المقبل، الامر الذي قوبل بالفشل حتي الآن.


وفي المقابل فإن التنظيم الوحيد الذي يمكن أن يعتمد عليه النظام – وهو المؤسسة العسكرية – لا يمكن الاعتماد عليه في الحياة السياسية بشكل صريح، إلا مع تغيير بنيوي في الجيش المصري لكي يكون أقرب للحالة الصينية، وفي ظل عدم حدوث ذلك حتي الىن أو حتي ظهور بوادر لذلك، فمن ثم فإن الاشكال يظل علي حاله، حيث لا يجد النظام حتي الآن تنظيما سياسيا يعبر عنه بل ولم ينجح – أو لم يسع – لبناء تنظيم خاص به.


ويعد غياب التنظيم السياسي إشكالا في قدرة النظام علي السيطرة علي مجمل الحياة السياسية وكذلك علي إنتاج رجالا مخلصين للنظام يستطيع الاعتماد عليهم ويمكنه الاحتفاظ بهم لفترات طويلة، فعلي عكس نظام مبارك الذي احتفظ برجالات محددة لفترات طويلة ( مثل صفوت الشريف وزكريا عزمي من الجيل القديم واحمد عز من الجيل الجديد ) فإن النظام الحالي عاجز عن إنتاج نخبته، فنجده يعتمد تارة علي عمرو موسي ثم ينسحب عمرو موسي من المشهد، ثم يعتمد فترة علي الجنزوري لكي ينسحب هو الآخر من المشهد، وبين الحين والآخر تطرأ أسماء مثل مراد موافي وغيرهم، بل وتطرأ كيانات وتنظيمات مثل حركة تمرد وحزبها أو الهيئات التي نشأت ضمن حملة السيسي للترشح للرئاسة مثل لجنة الشباب التي ضمت محمود بدر وحازم عبدالعظيم وغيرهم.


الأزمات الهيكلية


إن أي حديث عن حال النظام – أي نظام – في مصر يتجاهل ما تعانيه مصر من أزمات هيكلية علي المستوي السياسي والاقتصادي والاجتماعي لن ينجح في التوصيف الدقيق لحال النظام، وبالقياس علي النظام الحالي فإنه يحاول مواجهة هذه الأزمات التي تعصف به يمينا ويسارا في شكل أزمات مصغرة، ففي المستوي السياسي تبرز أزمة توحش الشرطة في الفترة الأخيرة تجاه الجميع وهو ما أدي لتزايد الشرائح الغاضبة من النظام ( مقتل شيماء الصباغ مثالا )، بينما تبرز أزمات انقطاع الكهرباء وتوفير البنزين علي المستوي الاقتصادي ، في حين تأتي أزمة مثل الصراع بين الهلايلة والدابودية في أسوان كمثال للأزمات الاجتماعية، وهذه الأزمات جميعها تنبع من أزمات هيكلية أساسية ( فساد وضعف المؤسسات ، تهالك قطاع الخدمات وغيرها).


وفي مقابل هذه الأزمات لا يبدو النظام لديه ما يكفي من الرؤية العميقة لحل هذه الأزمات الهيكلية، بل هو أقرب للحلول السريعة لمواجهة الأزمات الطارئة، وهو ما يفسر إختفاء المساعدات الخليجية والتي وصلت من 23 مليار دولار طبقا لتصريحات الحكومة إلي 30 مليار وفقا للتسريبات وصولا إلي 47 مليار طبقا لما ذكره موقع العربي الجديد، والتي يري عدد من المحللين أنه قد تم صرفها لمواجهة هذه الازمات الآنية والمتجددة.

 

ثانيا : معارضي النظام

إن جبهة معارضي النظام لم تتناقص منذ 30 يونيو وحتي الآن، فبالرغم من خروج بعض القوي من تحالف دعم الشرعية ، علي سبيل المثال ، مثل حزبي الوسط والوطن، فإنهما لم يتموضعا بجانب النظام، بل ظلا في جبهة المعارضة وذلك بإعلانهما مقاطعة الانتخابات البرلمانية.

 

بينما تظل جماعة الاخوان المسلمين علي موقفها الأول برفض ما حدث في 30 يونيو و3 يوليو واعتبار ما حدث إنقلاب عسكري علي شرعية الدكتور محمد مرسي، ولم تشهد الجماعة – بالرغم كل ما لحق بها من تنكيل وقمع – أي انشقاقات تفيد بالتحول ناحية النظام أو القبول به وبشرعيته.

 

في المقابل فإننا نشهد تزايدا في معارضي النظام، فنجد أحزابا مثل مصر القوية والدستور، بالرغم من مشاركتهما في 30 يونيو، وبالرغم من تأييد حزب الدستور لقرارات النظام لفترة طويلة ، فإنهما قد إتجها لمعارضة النظام ( علي اختلاف التوقيتات والاسباب)، وبينما وقف الدستور عند حد مقاطعة الانتخابات ، فإن مصر القوية قد صرح منذ فترة مبكرة للغاية بأن ما حدث في 3 يوليو هو إنقلاب عسكري.

 

الأمر الذي يعني أن – بالإضافة لشواهد متعدد أخري – أن النظام لم يكسب حلفاء جدد داخليا وإنما هو فعليا يخسر إما حلفاء قدامي وإما يفشل في القضاء علي أو علي الأقل تحييد أعداءه الأوائل.

 

من ناحية أخري فإن الجهة الأعنف في معارضة النظام، وهو التنظيم المسلح  "أنصار بيت المقدس"  في سيناء، مازال علي حاله بل إنه يشهد تطورات نوعية في أداءه، فمن استهداف بعض ناقلات الجنود إلي مهاجمة كمائن عسكرية ثم قواعد عسكرية وصولا لمهاجمة قطع بحرية وجوية، الأمر الذي يعني أن تهديدات التنظيم للنظام لم ينخفض طيلة الفترة الماضية بالرغم من حالة الحرب التي يشنها النظام في سيناء، بل علي العكس فإن التنظيم يبدو أنه يكسب مزيدا من القوة والارضية مكنته من أن يقيم كمائنه الأمنية التي "يقبض" فيها علي عناصر أمنية ويقتلهم.

 

ثالثا : المشهد الاقليمي

 

لقد شهدت المنطقة العربية تحولات عدة خلال الفترة الأخيرة، يمكننا أن نوجز اهمها فيما يتعلق بالتأثير علي امكانات المصالحة في مصر:

 

التغير السعودي :


مع مجيئ الملك سلمان فإن السياسة السعودية تجاه مصر شهدت تغيرا مرصودا، وهو الأمر الذي شهدنا آخره في ارتباك الخارجية المصرية في توضيح موقف مصر من عاصفة الحزم والذي انتقل من نفي مشاركة مصر إلي التأكيد علي مشاركة برية "لو لزم الأمر". بينما تشهد وجهات النظر السعودية والمصرية خلافات حول قضايا إقليمية متعددة ، ففي ليبيا يري الجانب السعودي أولوية الحل السياسي بينما اختار الجانب المصري الحل العسكري، أما في سوريا فمن الواضح أن الجانب المصري يعتبر أن الوصول لحل للأزمة السورية يجب أن يتضمن بشار الأسد، الأمر الذي يقف علي النقيض من الموقف السعودي، في حين يتحمس الجانب السعودي للتدخل العسكري في اليمن وهو ما جعله يباشر بالهجوم ويقوده، يظل الموقف المصري متذبذا تجاه المشاركة العسكرية بشكل كبير في اليمن.


إن كل هذه الاشارات قد تتبلور في تغير موقف السعودية تجاه ما يحدث في مصر، ليس في إتجاه الوقوف ضد النظام المصري وإنما ربما في إعادة تعريف الأعداء الاستراتيجيين وتراتبهم، بحيث تنخفض خطورة التيارات الاسلامية السياسية في مقابل الخطر الايراني وربما الخطر الجهادي (داعش) ، وهو ما أشار له عدد من الكتاب القريبين من السلطة السعودية، الأمر الذي قد يلقي بثقل في إتجاه المصالحة في مصر بهدف توحيد الجهود ضد الأعداء ذوي الأهمية الأكبر – من وجهة النظر السعودية -.


الوضع الليبي :


يعد الوضع الليبي مصدر تهديد للنظام في مصر، سواء بسبب سيطرة اسلاميين علي الجانب الغربي من ليبيا أو بسبب تزايد دخول السلاح من خلال الحدود الطويلة المشتركة أو حتي بسبب ظهور داعش وغيرها من الجماعات التي يمكن بسهولة أن تنقل عملياتها للجانب المصري ، وهو ربما ما كنا قد شهدناه في حادثة الفرافرة.


إن هذا يدفع – وقد دفع بالفعل – لامكانية التدخل المصري في ليبيا عسكريا لحسم الأمر من وجهة نظر النظام الحالي الذي يري أن الحل لن يكون من خلال التوسط بين الاطراف المتصارعة في ليبيا وإنما في نصرة أحد الأطراف (حفتر وبرلمان طبرق)، وهنا يطرح الأمر إشكالية هامة فالدخول في حرب مباشرة أو تدخل عسكري طويل الأمد يحتاج إلي إستقرار المشهد الداخلي بحيث يمكن ذلك من مساندة التدخل الخارجي سياسيا واقتصاديا، بالإضافة لتحمل تبعات هذا التدخل علي المستوي البعيد في حال إرتد الأمر للداخل المصري – وهو أمر يمكن حدوثه بالفعل-.


تطييف المشهد الاقليمي :


مع تصاعد الاحداث في اليمن بدا مشهد التطييف مكتملا، فالوتر الطائفي مشتعل في كل من العراق وسوريا، فجاءت اليمن كي تضع الحجر الأخير في البناء الطائفي للصراع الحالي.


فبغض النظر عن مدي علاقة الاختلاف الطائفي بمسببات الصراع الحقيقية، ومدي تأثير النزعة الطائفية علي صانعي القرار في كل من إيران والدولة العربية وعلي رأسها السعودية، فإنه تتبقي حقيقة أن أطراف الصراع قد اختاروا – عمدا أو عن غير عمد – اللجوء للورقة الطائفية في حسم الصراع، وهو الأمر الذي شهدنا ذروته في تحالف عاصفة الحزم والذي بدا وكأنه حلف "سني" في مواجهة حلف إيران "الشيعي".
إن استمرار هذا التطييف للمشهد سوف يعني الدفع بتغيرات في مواقف الأنظمة تجاه التيارات الاسلامية السياسية ، التي تدين بالمذهب السني في اغلبها، في محاولة لاكتساب مزيدا من الحلفاء في هذا الصراع الاقليمي.

 

احتمالات المصالحة

 

إن ما سبق كله يمهد لامكانية حدوث مصالحة بين النظام في مصر ومعارضيه، ولكنه في نفس الوقت لا ينتهي لحتمية حدوث المصالحة أو عن ملامحها إن حدثت، لهذا سوف نحاول وضع سيناريوهات التي يمكن فيها حدوث أو عدم حدوث المصالحة.

 

السيناريو الأول :

يفترض هذا السيناريو أن يفشل النظام في التعامل مع إشكاليات المذكورة سابقا، وقد يتم هذا إما بإنخفاض المساعدات الخليجية مع عدم وجود بديل ، وفشل المؤتمر الاقتصادي في الإتيان بنتائجه الاقتصادية (التي لن يمكن الحديث حقيقة عنها إلا في المستقبل القريب والمتوسط)، مما يفاقم من الازمات الآنية وتفجر الازمات الهيكلية. كما أنه يمكن أن يتم بفشل النظام في البناء علي الظروف الاقليمية التي يمكنه استغلالها مثل التقارب الجديد مع قطر وربما تركيا – كأعداء للنظام المصري في الوقت الحالي-.

 

ومن ثم يؤدي تشابك هذه العوامل وتفاقمها في الدفع بعجلة المصالحة مع معارضي النظام وذلك من أجل الحفاظ علي النظام نفسه من السقوط، بحيث يتم الاعتراف بشرعية النظام مع بعض التغييرات التي سوف يقبل بها النظام من أجل الاستمرار.

 

يتحكم في توقيت حدوث هذا السيناريو العامل الأكثر تأثيرا علي النظام وقت اقدامه علي عملية المصالحة، فإذا كانت العوامل الداخلية المتعلقة بشرعيته والازمات الهيكلية وغياب التنظيم السياسي فإنه علي الإغلب سوف يتأخر حدوث هذا السيناريو نظرا لقدرة النظام علي الحفاظ علي قوته الباطشة علي المجتمع وقواه السياسي والاجتماعية ، مما يعني عدم خشية النظام من نتائج هذه الاشكالات.

 

أما اذا كانت العوامل الأكثر تأثيرا هي العوامل الخارجية فإن ذلك من الممكن أن يبكر من حدوث خطوة المصالحة، وذلك نظرا لتصاعد حدة المواجهة مع إيران خلال الفترة الأخيرة.

 

السيناريو الثاني :

 

هو أن يستطيع النظام أن يتغلب علي إشكالياته الداخلية ، عن طريق الاستمرار في القبضة الأمنية التي سيسعي لترشيد استخدامها، مع نجاحه إما في خلق إئتلاف يمثله في البرلمان أو تأجيل البرلمان إلي أجل غير مسمي، في ظل بقاء الدعم الخليجي الذي يوفر له  بالإضافة لتغير الوضع الإقليمي بحيث تقل أهمية النظام ككل في المعادلة الاقليمية ومن ثم تنخفض أهمية حدوث مصالحة في الداخل المصري لعمل اصطفاف اقليمي في مواجهة إيران.

 

ومن ثم يستطيع النظام علي المستوي الداخلي التعامل مع إشكالياته ، وعلي المستوي الاقليمي التقليل من أعداءه السياسيين ( قطر وتركيا) ، بالإضافة لإجياد دور مناسب له في الصراع الاقليمي الحالي.

 

وهنا سوف يمضي النظام في تنكيله بالقوة السياسية الاكبر في معارضته – الاخوان المسلمين – لحين القضاء عليها بشكل كامل أو علي الأقل القضاء علي تواجدها السياسي بشكل حاسم لفترة زمنية طويلة، بالإضافة لاكتمال مؤسسات النظام السياسية ليعود مسيطرا علي مجمل الحياة السياسية في مصر، مع قدرته علي تجاوز ما يواجهه من أزمات اقتصادية واجتماعية في ظل اعلام يزلل له أي عقبات في الرأي العام.

 

السيناريو الثالث :

 

أن يستمر الوضع الحالي لفترة مقبلة من الزمن حتي تتزايد حدة التفاعلات الداخلية والاقليمية ،لتغليب أحد السيناريوهين السابقين. ومن ثم تستمر حالة عدم الاستقرار السياسي مع غياب أي أفق لانتهاء الازمة السياسية الحالية، الأمر الذي سوف يعني بالضرورة تفاقم الأزمة بالتدريج مما قد يدفعها للاقتراب من السيناريو الأول علي المستوي البعيد.

 

اشكالات المصالحة

 

أن أي حديث عن مصالحة سوف يستصحب عددا من الاشكالات الأساسية والتي يمكننا أن نجملها في صورة أسئلة ينبغي الاجابة عليها في حال وصلنا لعملية مصالحة حقيقية في مصر.

 

أولا : الدم

 

  • ما هو سيناريو التعامل مع الدم الذي سال ؟ هل سيتم اللجوء للقصاص أم للتصالح ودفع الديات أم التسامح مع إقرار الحقوق تاريخيا ؟
     
  • في حال تم اللجوء للقصاص، فكيف سيمكن التعامل مع القيادات من كل الأطراف والذين قد تطالهم سهام القصاص؟
     
  • في حال تم اللجوء للتصالح، فكيف يمكن ضمان قبول الرأي العام من كلا الطرفين بالعملية ، خاصة لدي الرأي العام الاسلامي؟
     

ثانيا : الشيطنة الاعلامية

 

  • كيف سيمكن مواجهة ما حدث من شيطنة لكل الأطراف؟
     
  • ماذا عن الانقسام المجتمعي الحاد الذي تسببت فيه هذه الشيطنة بقدر ليس بالقليل؟
     
  • ماذا عن وسائل الاعلام المشاركة في هذه العملية من كل الأطراف؟
     

ثالثا : الاحكام القضائية

 

  • كيف سيمكن التعامل مع الاحكام القضائية التي صدرت بحق المئات من معارضي النظام؟
     
  • ماذا عن القضايا التي لم يتم الحكم فيها حتي الآن؟
     
  • هل سيتم التفرقة بين الأفراد المحكوم عليهم أم سيكون هناك عفو شامل؟
     
  • في حال وجود عفو شامل كيف سيتم التعامل مع القضايا التي سقط بها ضحايا من أطراف أخري؟
     

رابعا : المؤسسات المنتخبة

 

  • أي دستور سيتم العمل به، هل 2012 أم 2014؟
     
  • ماذا عن مجلسي الشعب والشوري الذين تم حلهم؟
     
  • في حال انتخاب مجلس النواب ، هل سيستمر أم سيتم حله أيضا وعمل انتخابات جديدة ؟
     

خامسا : السيسي ومرسي

 

  • في حال حدوث مصالحة فهل ستكون بإستمرار السيسي في الحكم ام بخروجه من الحكم؟
     
  • اذا كان المصالحة ستعني خروج السيسي من الحكم فكيف سيتم التعامل معه؟ ومن سيدير المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد؟
     
  • ماذا عن محمد مرسي وكيف سيتم التعامل معه؟

 

إن كل ما سبق يعني أن الحديث عن المصالحة ليس محض أوهام ولكنه أيضا لا يخلو من التوهمات والأماني، كما أنه بالتأكيد لا يمكن أن نهمل أهمية المعلومات كعامل مرجح حقيقي في سيناريوهات المستقبل وحقيقة تأثير العوامل المختلفة علي مشهد المصالحة.

 

إقرأ المزيد

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان