أبدى عدد من المثقفين استياءهم من قرار الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها كعاصمة لدولة الاحتلال، مشددين على أن ذلك القرار يعكس التحولات المصيرية في منطقة الشرق الأوسط، وأنه هدية مجانية لإسرائيل.
الروائي أشرف الصباغ أوضح أنه كان من المتوقع أن يقدم ترامب على تلك الخطوة، معتقدًا أنه لم يقم بهذه الخطوة من دون التشاور مع أطراف عربية معينة، قد يكون من بينها أيضا أطراف فلسطينية، وأن هذه الخطوة المعقدة بكل تشابكاتها، تعكس أحد أهم جوانب التحولات الدولية، وكذلك التحولات المصيرية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال "الصباغ" في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أن هناك مواقف مختلفة حول القرار فروسيا والصين لهما موقف أقرب إلى التأرجح و المناورة، وبعض الدول الأوروبية تتخذ مواقف فضفاضة، أما الدول العربية، فهي كالعادة، توجد مواقف للشعوب والمجتمعات، ومواقف معاكسة لها من الأنظمة السياسية، حتى إذا كانت الأخيرة تطلق التصريحات العنترية ضد قرار ترامب، وضد الممارسات الإسرائيلية، لأن القرار مرتبط عمليا بتحركات أنظمة وحكومات عربية، وينطلق أيضا من إيمان ترامب بقوة قراره وقدرته على تنفيذه، بصرف النظر عن كل "الهياج" الإعلامي والسياسي للأنظمة العربية وللإعلام العربي.
وأشار "الصباغ" إلى أن قرار ترامب يفتح قنوات جديدة للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكن وفق قواعد جديدة تماما تتلاءم مع التحولات الإقليمية والدولية، أي أن ذلك يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة، ومع نظرتها لشكل العالم والمنطقة على المديين المتوسط والبعيد.
وأضاف "الصباغ" نحن نعرف جيدًا كل المناورات الدولية بشأن القضية الفلسطينية على مدى ما يقرب من سبعين عاما، وليس جديد علينا أن نسمع عن انتفاضات وثورات، وعن امتعاضات أوروبية، وانتقادات روسية وصينية، ولكن كل ذلك لم يأت بأي نتائج خلال السبعين عاما الماضية. وإذا أضفنا التناقضات والانقسامات والخلافات الفلسطينية – الفلسطينية، وتلاعبات العديد من القوى الفلسطينية بقضية الشعب الفلسطيني التاريخية والإنسانية، سنجد أننا أمام خطوة أمريكية غير مسبوقة، لا تمثل فيها فلسطين سوى ورقة بسيطة ضمن جملة من الأوراق التي تعتبر أدوات واشنطن للدخول إلى مرحلة جديدة من نظام عالمي.
وتابع "الصباغ" أن تلك المرحلة ربما يدرك بوادرها بعض الدول مثل روسيا والصين وعدد من الدول الأوروبية الفاعلة، وبالتالي، سنشهد ترتيبات ومناورات جديدة تتسم بالتسويف وبالتصريحات الفضفاضة، والأخرى الساخنة و"الجبارة"، غير أن كل ذلك مجرد رد فعل تقليدي، تعودنا عليه، وستمر خطوة ترامب وسط كل تلك التصريحات والتحركات والمطالبات.
وأكمل "الصباغ" بأن ترامب لم يقدم على خطوته من دون هدف، إنها خطوة لإعادة ترسيم المنطقة، وفق رؤية أمريكية جديدة، والزعماء العرب يدركون أيضا أن القطار يتحرك بسرعة، ومن لن يستطيع اللحاق به، سوف يبقى على المحطة طويلا، وربما إلى الأبد، وهكذا تتعامل الأنظمة العربية مع القرار، ومع قرارات مصيرية أخرى، وتترك الشعوب للقيام بمظاهرات واحتجاجات، وتمنح الإعلام فرصة لإظهار غضب لا يختلف عن غضب السنوات السبعين الماضية، وذلك من أجل الحفاظ على ماء وجوههم من جهة، ولتبرير مواقفهم المقبلة من جهة أخرى.
ووصف الروائي إبراهيم عبد المجيد قرار ترامب بـ"الطائش" سيتسبب في بداية مرعبة ستشمل العالم كله، لأنه يدعي أنه يحارب الإرهاب، ولكنه يدفع العرب والمسلمين لاستخدام كل الطرق التي لا يتوقعها أحد، وهناك العديد من الخطوات الكثيرة التي نفذت من أجل السلام وكانت على حساب الشعب الفلسطيني، وكان ممكن استثمارها بأن لا يضيع حقهم كاملًا، ولكن ترامب استثمر كل الاتفاقيات السابقة للإضرار بالشعب الفلسطيني.
وأوضح عبد المجيد في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أنه لم يعد أمام الشعب الفلسطيني إلا الكفاح المسلح، وعلى الدولة الفلسطينية أن تنتهى من كل الاعترافات القديمة، وخاصة أن القرار أظهر تناقض كبير بين الشعوب العربية، وبين سياسة الحكام العرب، التي لا تأتي بشئ لصالح القضية الفلسطينية.
وعن رد فعل الحكام العرب على قرار ترامب استنكر "عبد المجيد" الموقف قائلًا : رد تقليدي يتم بعد كل موقف وكان واضح من البداية نية ترامب، وكان المفروض الموقف والمواجهه قبل القرار كان ممكن يتردد.
وأكد "عبد المجيد" أن المظاهرات التي خرجت في جميع أنحاء العالم ظهر اليوم الجمعة سيكون لها تأثير، لأن الرأي العالمي يتابع كل ذلك، وخاصة أن هناك الكثير من دول العالم غير موافقة على قرار ترامب، في ترامب، وآسيا وأفريقيا وأمريكا.
سيد محمود، صحافي وشاعر مصري، أكد أن القرار يفجر منطقة الشرق الأوسط أكثر من تفجيرها، بالإضافة إلى الصراعات الطائفية والمذهبية التي أصبحت علامة من علامات المنطقة في الفترة الأخيرة، والقرار يعطل كل فرص التسوية مع إسرائيل، ويعتبر كنوع من الهدايا المجانية لإسرائيل، وخاصة أنه لم يلزمها بأي أمر تجاه الشعب الفلسطيني، والأمر يعيد إنتاج الفكرة التي تقول"وعد من لا يملك لمن لا يستحق".
وتابع "محمود" في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أن رد الفعل الغربي الرافض لهذا القرار تأكيد على عدم عدالة موقف ترامب، بدءًا من الاتحاد الأوربي، مشيرًا إلى أن ترامب استثمر الوضع العربي الحالي من انقسام عربي واضح جدًا من بين الدول الكبيرة، والأزمات الداخلية في الدول العربية مثل مصر والوضع الأمني الموجود بها، والسعودية لديها صراعات داخلية في الأسرة الحاكمة، وصراع مع اليمن، وإدارة الأزمة الخليجية فيما يتعلق مع قطر، وسوريا واليمن والعراق، وبالتالي هو قرار من حيث التوقيت ترامب درس التوقيت جيدًا.