رئيس التحرير: عادل صبري 12:27 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

في أشعار نزار والبرغوثي ودرويش.. متى تبصر القدس العتيقة؟!

في أشعار نزار والبرغوثي ودرويش.. متى تبصر القدس العتيقة؟!

ميديا

القدس

في أشعار نزار والبرغوثي ودرويش.. متى تبصر القدس العتيقة؟!

كرمة أيمن 06 ديسمبر 2017 14:46

"سلام.. لأرض خلقت للسلام وما رأت يومًا سلامًا".. هذه هي القدس، مدينة الزيتون وقبة الصخرة وزهرة المدائن، التي ألهمت الشعراء وانتفضت كلماتهم للحفاظ على هويتهم ومدينتهم من أيدي العدو المغتصب.

لم تكن القدس يومًا مثل أي مدينة، فلها قدسيتها في الأديان السماوية، ولها مكانة خاصة في قلوب المسلمين لأنها ثالث أقدس المدن بعد مكة والمدينة المنورة، وهي أولى القبلتين، والموقع الذي عرج منه سيدنا محمد إلى السماء.

ومع قيام حرب 48، بدأ الاحتلال الإسرائيلي يتمكن شيئًا فشيئًا من الأراضي الفلسطينية، ومع تفاقم الأزمة تفاقم الإبداع ليلهب الشعوب العربية لتصحو من غفلتها وتحاول استعادة القدس من أيدي العدو، إلا أنّ الأشعار التي ألهبت القلوب نارًا مدافعة عن قضية الاستقلال سرعان ما كانت تنطفأ على طاولة الحُكام.

وكانت القدس، جوهرة العديد من القصائد العربية لشعراء كبار أمثال محمود درويش، وتميم البرغوثي ونزار قباني، ليتوجهوا بأشعارهم للدفاع عن الهوية العربية والوقوف ضد الاستعمار بالكلمة.

اختار الشعراء عدة أسماء مجازية لوصف القدس منها: "مدينة الزيتون"، "مدينة السلام"، "أورشليم" و"يبوس"، و"قبة الصخرة".

نزار قباني في عشق مدينة السلام

وعلى الرغم من أن الشاعر السوري نزار قباني، عرف بقصائده الرومانسية، إلا أن القدس احتلت مكانًا خاصًا في قلبه، فقال فيها:


بكيت حتى انتهت الدموع ... صليت حتى ذابت الشموع

ركعت حتى ملني الركوع ... سألت عن محمد فيك وعن يسوع

يا قدس، يا مدينةً تفوح أنبياء ... يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء

يا قدس، يا منارة الشرائع ... يا طفلةً جميلةً محروقة الأصابع

حزينةٌ عيناك، يا مدينة البتول ... يا واحةً ظليلةً مر بها الرسول

حزينةٌ حجارة الشوارع ... حزينةٌ مآذن الجوامع

يا قدس، يا جميلةً تلتف بالسواد

من يقرع الأجراس في كنيسة القيامة؟

صبيحة الآحاد .. من يحمل الألعاب للأولاد؟

في ليلة الميلاد .. يا قدس، يا مدينة الأحزان

يا دمعةً كبيرةً تجول في الأجفان

من يوقف العدوان؟

يا قدس.. يا مدينتي

يا قدس.. يا حبيبتي

غداً.. غداً.. سيزهر الليمون

وتفرح السنابل الخضراء والزيتون... وتضحك العيون

يا بلدي .. يا بلد السلام والزيتون


محمود درويش عاشق من فلسطين

"قصب هياكلنا وعروشنا قصب.. في كل مئذنة حاو ومغتصب.. يدعو لأندلس إن حوصرت حلب"، و"وليسَ لنا فِي الحنين يَد.. وفي البُعد كان لنا ألف يَد.. سلامٌ عليك، افتقدتكَ جدًا.. وعليّ السَلام فِيما افتقِد!"، "بلَدٌ يُولَدُ من قبر بَلَد.. ولصوصٌ يعبدون الله كي يعبدهم شَعبٌ.. ملوكٌ للأبد وعبيدٌ للأبد".

كلمات وأقوال مأثورة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي خصص جزء كبير من أشعاره ليحكي قصة القدس ومعاركها من أجل السلام.

قصيدة "عاشق من فلسطين":

عيونك شوكة في القلب توجعني..
وأعبدها وأحميها من الريح
وأغمدها وراء الليل والأوجاع..
أغمدها فيشعل جرحها ضوء المصابيح
ويجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي
وأنسى، بعد حين، في لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا وراء، الباب، إثنين!
كلامك كان أغنية
وكنت أحاول الإنشاد
ولكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّ
ة كلامك.. كالسنونو طار من بيت
ي فهاجر باب منزلنا، وعتبتنا الخريفيّة
وراءك، حيث شاء الشوق..
وانكسرت مرايانا فصار الحزن ألفين
ولملمنا شظايا الصوت!
لم نتقن سوى مرثية الوطن

ويروي محمود درويش تاريخ المدينة بقصيدة "في القدس":
 

في القدس، أَعني داخلَ السُّور القديمِ

أَسيرُ من زَمَنٍ إلى زَمَنٍ بلا ذكرى

تُصوِّبُني فإن الأنبياءَ هناك يقتسمون تاريخَ المقدَّس

يصعدون إلى السماء ويرجعون أَقلَّ إحباطاً وحزناً، فالمحبَّةُ

والسلام مُقَدَّسَان وقادمان إلى المدينة

كنت أَمشي فوق مُنْحَدَرٍ وأَهْجِسُ: كيف

يختلف الرُّواةُ على كلام الضوء في حَجَرٍ؟

أَمِنْ حَجَر شحيحِ الضوء تندلعُ الحروبُ؟

أسير في نومي، أَحملق في منامي، لا

أرى أحداً ورائي، لا أرى أَحداً أمامي

كُلُّ هذا الضوءِ لي، أَمشي أخفُّ، أطيرُ

ثم أَصير غيري في التَّجَلِّي

أَمشي كأنِّي واحدٌ غيْري وجُرْحي وَرْدَةٌ

بيضاءُ إنجيليَّةٌ ويدايَ مثل حمامتَيْنِ

على الصليب تُحلِّقان وتحملان الأرضَ

لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في

التجلِّي، لا مكانَ و لا زمان فمن أَنا؟

أَنا لا أنا في حضرة المعراج

ماذا بعد؟ صاحت فجأة جنديّةٌ:

هُوَ أَنتَ ثانيةً؟ أَلم أَقتلْكَ؟

قلت: قَتَلْتني ونسيتُ مثلك أن أَموت.



اﻷخوان الرحباني في حضرة زهرة المدائن

أما اﻷخوان رحباني، فكتبوا لنا تلك القصيدة التي لامست القلوب بصوت فيزور، ليردد كل من "يا قدس يا زهرة المدائن":


لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي ... لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن

يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي ... عيوننا إليك ترحل كل يوم

تدور في أروقة المعابد ... تعانق الكنائس القديمة

وتمسح الحزن عن المساجد ... يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء

عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّني أصلّي



ولم تكن هذه الأغنية الوحيدة التي غنتها عصفورة الشرق "فيروز" للقدس، فمن كلمات واشعار الأخوين رحباني أنشدت قصيدة "القدس العتيقة":
 

مريت بالشوارع ... شوارع القدس العتيقة

قدام الدكاكين... الـ بقيت من فلسطين

حكينا سوى الخبرية ... وعطيوني مزهرية

قالوا لي هيدي هدية ... من الناس الناطرين


تميم البرغوثي المشتاق للقدس

القدس كانت همه وشغله الشاغل، لِمَ لا وهو فلسطيني الأصل، رغم مولده في مصر، فأبوه الشاعر الفلسطيني مريد برغوثي المقيم في مصر، وأمه الكاتبة المصرية رضوى عاشور.

ويغلب على موضوعات شعره القضية الفلسطينية وقضايا الوطن العربي، وصف الشاعر تميم البرغوثي توقد أشواقه بعد أن منُع من الصلاة في المسجد الأقصى، وعاد خائباً يلاحقه طيف المدينة، فقال بقصيدته "في القدس"، التي اكسبته شهرة عندما ألقها في إحدى الفضائيات العربية ببرنامج "أمير الشعراء".

مررنا على دار الحبيب فردنا ... عن الدار قانون الأعادي وسورها

فقلت لنفسي ربما هي نعمة ... فماذا ترى في القدس حين تزورها

ترى كل ما لا تستطيع احتماله ... إذا ما بدت من جانب الدرب دورها

وما كل نفس حين تلقى حبيبها تسر ... ولا كل الغياب يضيرها

فإن سرها قبل الفراق لقاؤه ... فليس بمأمون عليها سرورها

متى تبصر القدس العتيقة مرة ... فسوف تراها العين حيث تديرها

في القدس بائع خضرة من جورجيا برمٌ بزوجته ...
يفكر في قضاء إجازة ..أو في طلاء البيت

في القدس توراة وكهل جاء من ... منهاتن العليا يفقه فتية البولون في أحكامها

في القدس شرطي من الأحباش يغلق شارعاً في السوق.. رشاشٌ على مستوطن لم يبلغ العشرين قبعة تحيي حائط المبكى

وسياح من الإفرنج شقر لا يرون القدس إطلاقاً .. تراهم يأخذون لبعضهم صوراً مع امرأة تبيع الفجل في الساحات طول اليوم..

في القدس دب الجند منتعلين فوق الغيم ... في القدس صلينا على الإسفلت

في القدس من في القدس إلا أنت..

 

القدس عاصمة فلسطين الأبدية
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان