رئيس التحرير: عادل صبري 02:08 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

مع توقعات بانخفاض فيضان النيل.. استقبال حذر لعام مائي جديد في مصر

مع توقعات بانخفاض فيضان النيل.. استقبال حذر لعام مائي جديد في مصر

صحافة أجنبية

انخفاض منسوب المياه يضر بالزراعة في مصر

مع توقعات بانخفاض فيضان النيل.. استقبال حذر لعام مائي جديد في مصر

محمد عمر 30 أغسطس 2019 21:40

سلط موقع مونيتور الأمريكي، الضوء على أزمة جديدة قد تطال مصر هذا العام، متمثلة في انخفاض جديد في مياه نهر النيل، على خلفية استمرار إثيوبيا في بناء سد النهضة.

 

الموقع قال في تقرير له: إنه مع انتهاء السنة المائية في مصر بـ31 يوليو الماضي، سجلت وزارة الموارد المائية والري انخفاض إيراد نهر النيل من مياه الفيضان الواردة من الهضبة الإثيوبية والبحيرات الاستوائية بقدر 5 مليار متر مكعّب للسنة المائيّة 2018/2019، عن العام الماضي.

 

ووفقاً لبيان أصدرته وزارة الموارد المائيّة في 27 يوليو الماضي، بعد انعقاد اللجنة الدائمة لتنظيم إيراد نهر النيل برئاسة وزير الموارد المائيّة والريّ الدكتور محمد عبد العاطي، تم رفع حالة الطوارئ القصوى في كل المحافظات لتنظيم المياه وإدارتها مع بداية موسم الفيضان والسنة المائية الجديدة التي بدأت في 1 أغسطس من أجل توفير الاحتياجات المائيّة للبلاد، خصوصاً مياه الشرب والاستخدامات المنزليّة.

 

وعن خطورة انخفاض إيراد النهر، أوضح المتحدّث باسم وزارة الموارد المائيّة والريّ محمّد السباعي في حديث لـ"المونيتور"، أن "الانخفاض المقدّر بـ5 مليار متر مكعّب هو من إجمالي إيراد النهر السنوي للعام المائيّ المنتهي في 31 يوليو، وليس العام المائي الجديد، ولن تتأثّر الحصّة المائيّة السنوية لمصر المقدّرة بـ55.5 مليار متر مكعّب من هذا الانخفاض"، وقال: "وفقاً لبيانات مركز التنبّؤ بالفيضان حول كميّات الأمطار التي سقطت على الهضبة الإثيوبيّة والاستوائيّة خلال الموسم المطريّ الحاليّ، فإنّ معدّلات الفيضان لا تزال متوسّطة".

 

يصل بحيرة السدّ العاليّ (ناصر) إيراد سنويّ من مياه النيل يقدّر في المتوسّط بـ84 مليار متر مكعّب من المياه، وهو حصيلة مياه الأمطار التي تسقط على الهضبة الإثيوبيّة والبحيرات الاستوائيّة وتجري في حوض النيل بعد فقدان نسب كبيرة منها في المستنقعات والبحر، وتحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعّب من المياه سنويّاً من هذا الإيراد، بينما تحصل السودان على 18.5 مليار متر مكعّب وفقاً لاتفاقيّة تقاسم الحصص المائيّة لنهر النيل الموقّعة في عام 1959، بينما يتمّ تخزين باقي إيراد النهر في بحيرة السدّ العاليّ واعتباره مخزوناً استراتيجيّاً في حال نقص مياه الفيضان أو التعرّض لموجات الجفاف.

 

ويبدأ موسم الفيضان في مصر رسميّاً في 1 أغسطس من كل عام، وهو بداية السنة المائية مع وصول أولى بشائر الإيراد السنوي من المياه إلى بحيرة السدّ العاليّ، نتيجة تفريغ المياه من السدود السودانيّة (الروصيرص، سنار، مروي، أعالي عطبرة، ستيت، وخشم القربة)، استعداداً لتخزين مياه الفيضان الواردة من الهضبة الإثيوبية.

 

وعن مفهوم حالة الطوارئ التي تعيشها مصر، قال محمّد السباعي: "إنّ إعلان الطوارئ يعني رفع الاستعدادات القصوى للقطاعات كافّة في وزارة الريّ من أجل المتابعة الدوريّة لحالة المياه في مجرى النهر الرئيسيّ وكلّ الترع والقنوات المائيّة في المحافظات".

 

أضاف: "لقد تغيّرت وظيفة مهندس الري في مصر، إذ لم نعد ندير فيضان المياه، ولكن ندير ندرتها، ونضع خططاً دقيقة للتعامل معها، بما لا يضرّ بالمصالح والاحتياجات الرئيسيّة للمواطنين".

 

وأشار إلى أنه "بجانب انخفاض إيراد النهر، تتعامل مصر مع فجوة مائية تتسع كل عام، فالاحتياجات الداخلية تقدر الآن بـ114 مليار متر مكعّب سنويّاً، بينما يتوافر 59.4 مليار متر مكعّب فقط من المياه السطحيّة الجارية"، وقال: "يتم سدّ العجز المائيّ من خلال مشاريع إعادة تدوير المياه، التي توفّر 24 مليار متر مكعّب من المياه، إذ أصبحت مصر الآن من أعلى الدول في كفاءة استخدام المياه التي تصل إلى 95 في المئة بحسب تقديرات دولية. كما تستورد مصر ما يعادل الـ34 مليار متر مكعّب من المياه في صورة منتجات غذائيّة وصناعيّة".

 

ورغم الندرة المائية التي تعيشها مصر مع اتّساع الفجوة المائيّة، قال السباعي: "إنّ السنة المائيّة 2018/2019 انتهت بشكل جيّد، إذ تمّ التعامل مع التحدّيات والمشكلات اليوميّة التي يعاني منها الفلاّحون بوسائل عدّة تمّ إقرارها في استراتيجيّة الموارد المائيّة لعام 2037، وهي الخطّة العشرينيّة بين 9 وزارات التي تتعامل مع نقص الموارد المائيّة من خلال 4 محاور تستهدف تنمية الموارد المائيّة وتحسين نوعيّة المياه وترشيد استخداماتها وتهيئة البيئة المحيطة من خلال التوعية المجتمعيّة".

 

ورأى متخصّصون في الشأن المائي المصري أن الانخفاض المرصود في إيراد نهر النيل من مياه الفيضان قد لا يمثّل خطراً كبيراً بالوقت الحالي، في ظل المخزون الاستراتيجيّ لمصر من المياه في بحيرة السد العالي، فضلاً عن عدم وجود أحداث مناخيّة خطيرة مثل موجة الجفاف التي أصابت حوض النيل في الثمانينيّات.

 

وقال أستاذ المياه والجيولوجيا في جامعة القاهرة عبّاس شراقي خلال حديث لـ"المونيتور": "إنّ الندرة المائيّة التي تعيشها مصر الآن تتمثّل بشكل أساسيّ في انخفاض نصيب الفرد من المياه بسبب الزيادة السكانيّة، وليس في انخفاض نسب المياه الواردة إلى مصر من الهضبة الإثيوبيّة أو البحيرات الاستوائيّة".

 

أضاف: "إنّ الموسم المطريّ الرئيسيّ في إثيوبيا، الذي يغذّي نهر النيل يكون في يوليو، وأغسطس، وسبتمبر، وتصل المياه إلى مصر بعد 3 أسابيع من بداية الموسم المطريّ، ولا يمكن الحكم على كميّة المياه الواردة في الفيضان، إلاّ مع انتهاء الموسم في سبتمبر".

 

وأكد أنه "لا يمكن الحسم بالدخول في مرحلة الخطر الحقيقيّ، طالما أنّ هناك مخزوناً استراتيجيّاً للمياه في بحيرة ناصر، والأرقام الرسميّة تشير إلى أن منسوب المياه في البحيرة حتّى الآن في الحدود الآمنة"، وقال: "إنّ التحدّي الأهمّ هو الإبقاء على هذه المعدّلات الآمنة من المياه في البحيرة".

 

ويعتبر انخفاض إيراد نهر النيل تحدّياً كبيراً أمام الإدارة المصرية، فرغم تأخير إثيوبيا في ملء خزّان سدّ النّهضة المقدّرة سعته بـ74 مليار متر مكعّب من المياه بسبب توتّر الأوضاع الداخليّة منذ استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي هيلاماريم ديسالين في 15 فبراير من عام 2018 ومقتل مدير مشروع سدّ النهضة في 26 يوليو من عام 2018 وإحالة مسؤولين في السدّ على المحاكمة بتهم الفساد، إلا أن القاهرة على الجانب الآخر لم تتوصّل حتّى الآن إلى اتفاق واضح مع إثيوبيا لوضع قواعد مشتركة لملء خزان السد تتّفق عليها الأطراف كافّة لعدم إلحاق الضرر.

 

وبدأت القاهرة بخطوات رسميّة لإعادة مسار التفاوض مع إثيوبيا والسودان في شأن ملء خزّان السدّ، حيث زار وفد رسميّ برئاسة محمّد عبد العاطي في 31 يوليو السودان وإثيوبيا للبحث في استكمال المفاوضات. كما سلّم إثيوبيا رؤية مصر لقواعد ملء سدّ النهضة.

 

وعن مدى فعاليّة هذه التحرّكات، قال السباعي: "إن هناك ثقة كبيرة بين القيادات الآن في مصر وإثيوبيا والسودان، وندرك تقدير الأطراف لدقّة الموقف، حيث تتمّ إدارة الملف من خلال اتفاقيّات ومعاهدات تقضي بعدم إلحاق الضرر بأيّ طرف".

 

وتستقبل مصر العام المائيّ الجديد 2019/2020 بحذر من خلال خطط واستراتيجيات لمواجهة ندرة المياه وإدارتها، بعد أن كان شهر أغسطس علامة مميّزة في التاريخ المصري القديم للاحتفال بوفاء النيل مع قدوم الفيضان

النص الأصلي

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان