رئيس التحرير: عادل صبري 10:50 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

تناقضات عصر الانفتاح في السعودية.. ناشطات يدفعن الثمن

تناقضات عصر الانفتاح في السعودية.. ناشطات يدفعن الثمن

العرب والعالم

الانفتاح في السعودية

تناقضات عصر الانفتاح في السعودية.. ناشطات يدفعن الثمن

أحلام حسنين 14 أغسطس 2019 14:30

شهدت المملكة العربية السعودية حالة من الانفتاح منذ تولي الأمير محمد بن سلمان، مقاليد ولاية العهد، إذ اتخذ العديد من القرارات التي خفف بها من القيود الاجتماعية التي فرضتها المملكة لعقود طويلة، ولاسيما فيما يتعلق بالقيود المفروضة على المرأة السعودية، ومع ذلك لاتزال تواجه المملكة اتهامات بانتهاك حقوق المرأة ولاسيما الناشطات السعوديات.

 

وتشهد المملكة منذ عام 2017، موجة من الانفتاح يقودها ولي العهد محمد بن سلمان ضمن مشروعه "رؤية 2030".

 

الانفتاح 

 

وشملت التغييرات المجال الفني والثقافي والاجتماعي، وشهدت السماح بحضور دور السينما والنوادي الرياضية، وأنهت حظر النساء من قيادة السيارات، ومؤخرا صدر قرارا بإسقاط نظام ولاية الرجال، بعد أن اعتقلت المملكة ناشطات كن يطالبن بإسقاط الولاية.

 

 

كما سمحت المملكة بمنح المرأة الحقوق ذاتها التي يكفلها القانون للرجل فيما يتعلق بالسفر لمن تجاوزوا 21 عاما،وألغيت المادة الثالثة من النظام والتي كانت تنص على "يجوز أن يشمل جواز السفر زوجة حامله السعودية وبناته غير المتزوجات وأبنائه القصر، وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية".

 

ورغم ما حققته المملكة من انفتاح حظى على إشادة الداخل والخارج، إلا أن هذه القرارات شابهها بعض المنغصات التي تؤرق المملكة، منها اعتقال ناشطات سعوديات في مجال حقوق المرأة، على رأسهن لجين الهذلول"، و12 أخريات احتجزتهن المملكة قبل أكثر من عام.

 

 

قصة لجين الهذلول

 

فقبل نحو 5 أعوام حاولت ناشطة سعودية القيادة عبر الحدود السعودية الإماراتية، تدعو بفعلتها رفع حظر القيادة على المرأة التي لطالما فرضتها المملكة لعقود طويلة، قبل أن تقرر المملكة  السماح للمرأة بالقيادة في يونيو 2018، ولكن كان مصير تلك الفتاة الحبس لأكثر من عام، وحتى تظفر بحريتها عليها أن تسجل فيديو تنفي فيه تعرضها للتعذيب أثناء الاحتجاز، ولكن ماذا فعلت تلك الفتاة؟.

 

"لجين الهذلول" هي ناشطة سعودية بارزة، سطع اسمها باعتبارها إحدى الناشطات المدافعات عن حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية، لاسيما بعد تعرضها للاعتقال مرتين، عاد يظهر اسمها مجددا على الساحة هذه الأيام، بعد رفضها عرضا بالإفراج عنها مقابل بيان مصور بالفيديو تنفي فيه تعرضها للتعذيب والتحرش أثناء احتجازها.

 

 

يقول أشقاء الهذلول إن سعود القحطاني، وهو مستشار بارز لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان حاضرا خلال بعض جلسات التعذيب وهددها بالاغتصاب والقتل.

 

وكان المدعي العام السعودي قد قال إن مكتبه حقق في تلك المزاعم وخلص إلى أنها غير صحيحة.

 

وقال وليد الهذلول شقيق لجين، على صفحته على تويتر ، إنها وافقت في البداية على توقيع وثيقة تنفي فيها تعرضها للتعذيب والتحرش.

 

وأضاف أن الأسرة التزمت الصمت في الآونة الأخيرة على أمل حل القضية في سرية، ولكن أمن الدولة طلب منها في مقابلة مؤخرا تسجيل النفي في فيديو في إطار اتفاق الإفراج عنها.

 

وقال وليد في تغريدة له "الظهور في فيديو أنها لم تتعرض لتعذيب.. هذه مطالب غير واقعية"، مؤكدا أن لجين رفضت هذا العرض.

 

وتعود شهرة لجين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى عام 2014، بعد محاولتها القيادة عبر الحدود السعودية الإماراتية، إذ كانت تدعو إلى رفع حظر قيادة السيارات على النساء  في المملكة.

 

كما شاركت لحين بحملة ضد نظام "الولاية"، الذي كان يمنح السلطة لأب أو أخ أو زوج أو ابن امرأة لاتخاذ قرارات حاسمة نيابة عنها لكنه سقط بدوره منذ أسابيع.

وقد اعتقلت لجين مرتين من قبل مرة منهما لمدة 73 يوما في عام 2014 بعد أن حاولت قيادة سيارتها من الإمارات إلى السعودية.

 

وكانت السلطات السعودية قد احتجزت لجين الهذلول، وما لا يقل عن 12 من النشطاء في الدفاع عن حقوق المرأة، قبل ما يزيد عن عام.

 

وبحسب منظمات حقوقية فإن بعض الاتهامات الموجهة للمحتجزات مشمولة في قانون الجرائم الإلكترونية بالمملكة والذي يعاقب على تلك الجرائم بما يصل إلى السجن خمس سنوات.

 

وقال شقيق لجين الهذلول إن من بين الاتهامات الموجة لشقيقته التواصل مع ما بين 15 و20 صحفيا أجنبيا في السعودية ومحاولة التقدم لشغل وظيفة في الأمم المتحدة وحضور دورة تدريبية عن الخصوصية الرقمية

 

وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن ثلاثة من المحتجزات على الأقل، من بينهن الهذلول، تعرضن للحبس الانفرادي لأشهر وانتهاكات تشمل الصدمات الكهربائية والجلد والتحرش الجنسي.

 

بينما نفى مسؤولون سعوديون مزاعم تعرض الناشطات للتعذيب وقالوا إن احتجازهن جاء للاشتباه في إضرارهن بمصالح السعودية وتقديم الدعم لعناصر معادية في الخارج.

 

ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي بعد على طلب للتعليق على ما صرحت به أسرة الهذلول يوم الثلاثاء بشأن عرض الإفراج عنها.

 

وجاء في تقرير صحفي نشره موقع "الحرة"، نقلا عن مصادر مطلعة، إنه في مارس الماضي الهذلول ومحتجزات أخريات ذكرن الانتهاكات التي تعرضن لها خلال جلسة مغلقة في المحكمة.عرض الإفراج.

 

انتقادات دولية

وفي يوليو الماضي صادق مجلس النواب الأميركي، بأغلبية ساحقة على مشروعي قرار متعلقين بالسعودية، أحدهما يطالب بفرض عقوبات على المسؤولين عن قتل الصحفي جمال خاشقجي، ويدين الآخر انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.

 

وأدان مشروع القرار الآخر حملات الاعتقال وانتهاك حقوق الناشطات في السعودية، ووفق مشروع القرار، يُطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو الإبلاغ عن مدى تورط قوات الأمن والجيش السعوديين في انتهاكات حقوق الإنسان.

 

ووقع أكثر من عشرين عضوا جمهوريا وديمقراطيا بالكونغرس على رسالة شديدة اللهجة لبومبيو يطالبونه فيها بالضغط على المملكة لاحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لمواطنيها، والإفراج الفوري عن نشطاء حقوق المرأة.

 

وجاء بالرسالة أن منظمة فريدوم هاوس وغيرها من المنظمات الحقوقية "صنفت السعودية على أنها واحدة من أسوأ منتهكي الحقوق السياسية والحريات المدنية في العالم،.

 

وأضاف أعضاء الكونغرس العشرون في الرسالة أن الرياض اعتقلت الناشطات في مجال حقوق المرأة بالسعودية، ثم زجت في السجون عام 2019 بالأفراد الذين تربطهم صلات بالنشطاء المسجونين حاليًا والذين يدعمون الإصلاحات الاجتماعية.

 

انجازات ناقصة

 

وفي 6 أغسطس الجاري أشادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بـ"المكتسبات المهمة" للنساء السعوديات بعد التعديلات التي أقرتها المملكة، على نظام وثاق السفر والأحوال المدنية، وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عن ناشطات حقوق المرأة.

 

وذكرت "هيومن رايتس ووتش"، في بيان، أن المكتسبات العريضة للنساء السعوديات التي أعلنتها السعودية جاءت بينما تقبع العديد من الناشطات اللاتي طالبن بهذه الإصلاحات رهن المحاكمة أو في الاحتجاز، انتقاما منهن على نشاطهن الحقوقي.

 

إصلاحات تشوبها المرارة

 

وقالت روثنا بيغم، باحثة حقوق المرأة بمنظمة هيومين رايتس ووتش، إن الإصلاحات القانونية السعودية التي طال انتظارها تمد النساء السعوديات بدرجة أكبر من السيطرة على حياتهن،  لكنه انتصار تشوبه المرارة، فالنساء السعوديات الشجاعات اللاتي طالبن بهذه التغييرات ما زلن وراء القضبان أو تواجهن محاكمات جائرة.

 

وأضافت بيغم "على السلطات السعودية أن تُفرِج فورا عن ناشطات حقوق المرأة اللاتي طالبن تحديدا بالإصلاحات التي اعتمدتها الحكومة وتسقِط جميع الاتهامات ضدهن. ينبغي أن تكون هذه بداية نهاية نظام ولاية الرجل سيئ السمعة، وأن تعمل الحكومة فورا على تفكيك ما تبقى منه".

 

واعتبرت "هيومن رايتس ووتش" أن التعديلات الجديدة هي "الإصلاحات الأكثر جذرية لحقوق المرأة في السعودية على الإطلاق، وهي أول ضربة حقيقية لنظام ولاية الرجل في البلاد الذي سمح للرجال بالتحكم إلى حد كبير بحياة النساء السعوديات منذ المولد إلى الممات".

 

وأضافت المنظمة أن "التطورات الأخيرة تزامنت في مجال حقوق المرأة في السعودية مع اشتداد حملة القمع على المعارضين، والنشطاء الحقوقيين، ورجال الدين المستقلين. وفي 2018، امتد هذا القمع إلى ناشطات حقوقيات بارزات بالمملكة كن يطالبن بإنهاء نظام ولاية الرجل".

 

مطالب بالإفراج 

 

في السياق نفسه انت منظمة العفو الدولية، قد أصدرت بيانا في 3 أغسطس الجاري، قالت فيه إنه يجب على المملكة العربية السعودية متابعة الإصلاحات الحاسمة التي تم الإعلان عنها أمس الجمعة لتعزيز حقوق المرأة عن طريق إنهاء اضطهاد المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة، والإفراج، فوراً ودون قيد أو شرط، عن المحتجزات والمحتجزين حاليًا بسبب نشاطهم السلمي.

 

وقالت مديرة البحوث للشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية، لين معلوف، إن "الإصلاحات تمثل خطوة إيجابية مهمة طال انتظارها من أجل تعزيز حقوق المرأة، لافتة إلى أن العديد من هؤلاء الناشطات والناشطين محتجزين حاليًا، أو يحاكمون أو يواجهون حظر السفر بسبب نشاطهم السلمي.

 

وأشارت إلى أنه العديد من الناشطات في مجال حقوق المرأة، ممّن احتُجزن خلال موجة من الاعتقالات في العام الماضي، تعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي وغيره من ضروب المعاملة السيئة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من احتجازهن، إذ تم احتجازهن بمعزل عن العالم الخارجي من دون السماح لهن بالاتصال بأسرهن أو محاميهن".

 

وفي مارس 2019 وجهت أكثر من ثلاثين دولة غربية انتقادات صريحة إلى السعودية بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة.

 

وانتقدت 36 دولة، من بينها ألمانيا، المملكة العربية السعودية أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة. 

 

ودعا البيان المشترك السعودية إلى إطلاق سراح الحقوقيات المعتقلات: لوجين الهذلول، سمر بدوي ، نوف عبد العزيز، إيمان النفجان، عزيزة يوسف، نسيمة السادة، هتون الفاسي، أمل الحربي وشهدان العنزي.

 

ويزعم نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان في السعودية أن النساء المعتقلات، بما في ذلك الذين شنوا حملات من أجل الحق في قيادة السيارة، تعرضن للصدمات الكهربائية والجلد والاعتداء الجنسي وأشكال التعذيب الأخرى.

 

هذا ولم يرد على الفور رد من السعودية على تلك الاتهامات،  غير أن وكيل النيابة العامة السعودية كان قد قال لصحيفة الشرق الأوسط، إن مكتبه اطلع على تقارير إعلامية عن تعرض النساء للتعذيب ولم يجد دليلا على ذلك ووصف التقارير بالكاذبة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان