رئيس التحرير: عادل صبري 11:55 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

بإعادة التأهيل وخطة قومية.. هل تلجأ مصر لاستخدام «مياه الصرف» في الزراعة؟

بإعادة التأهيل وخطة قومية.. هل تلجأ مصر لاستخدام «مياه الصرف» في الزراعة؟

أخبار مصر

استخدام مياه الصرف في الري

وهذا رأي الخبراء..

بإعادة التأهيل وخطة قومية.. هل تلجأ مصر لاستخدام «مياه الصرف» في الزراعة؟

متابعات 21 فبراير 2021 19:45

تتفاوض وزارة الري مع البنك الإفريقي للتنمية للحصول على قرض لتنفيذ مشروع إعادة تأهيل نظام الصرف الصحي الزراعي.

 

وتعتزم الوزارة تطوير الشبكة القديمة التي تغطي 600 ألف فدان من الأراضي الزراعية، 450 ألفا منها في الوجه البحري و150 ألف فدان في الصعيد، وكذلك توسيع وتعميق قنوات الصرف التي تخدم 100 ألف فدان في أنحاء البلاد.

 

ويستهدف المشروع رفع جودة مياه الصرف من أجل إعادة استخدامها في الرّي، وذلك ضمن الخطة القومية طويلة المدى للمياه في مصر (2017-2037)، بتكلفة 50 مليار دولار، والتي تستهدف التغلب على المشكلات المتعلقة بنقص المياه، وتعظيم الاستفادة منها.

 

ولم تستقر وزارة الري حتى الآن على قيمة القرض الذي تسعى لتأمينه للمشروع. ومن المقرر توفير التمويل اللازم للمشروع من البنك الإفريقي للتنمية، بالإضافة إلى مساهمة الدولة بجزء من تكلفة المشروع.

 

تكثف الحكومة جهودها لتعزيز البنية التحتية للمياه في مصر مؤخرا، وتتضمن الخطة طويلة الأجل إدخال نظم الرى الحديثة والتكنولوجية، وزراعة محاصيل أقل استهلاكا للمياه، وبناء محطات تحلية للمياه.

 

ويعد التوسع في شبكات الري لترشيد استخدام المياه في الزراعة من السياسات التي تعتبرها الحكومة أولوية في 2021، وتعتزم الحكومة تقديم القروض والدعم الفني للمزارعين، وستكون المساحة المستهدفة 300 ألف فدان، وفق ما صرح به المتحدث باسم وزارة الري والموارد المائية محمد غانم في يناير الماضي.

 

لكن الأمر ليس سهلًا: بلغت تكلفة تحسين البنية التحتية لشبكة مياه القاهرة وحدها ما يقرب من 5.5 مليار جنيه خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما أكّده رئيس شركة الصرف الصحي بالقاهرة عادل حسن العام الماضي.

 

ومن المتوقع أن تصل تكلفة إعادة تأهيل وتنظيف مصرف كتشنر الذي يمر بمحافظات الغربية والدقهلية وكفر الشيخ 481 مليون يورو.

 

وهناك أيضًا مشروع إنشاء أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في العالم في بحر البقر، والذي من المنتظر أن تصل تكلفته الإجمالية إلى 25 مليار جنيه.

 

وتراجع إيراد مصر من مياه نهر النيل بنحو 5 مليارات متر مكعب في عام 2019، جراء تراجع معدل هطول الأمطار على الهضبة الإثيوبية، وأعلنت حالة الطوارئ القصوى بمحافظات الجمهورية.

 

ومن المتوقع أن تتراجع حصة مصر من المياه بصورة أكبر مع تشغيل سد النهضة وكذلك بسبب تغير المناخ.

 

تأثير الصرف على الري:

لمواجهة نقص "مياه الري"، قد يلجأ بعض المزارعين إلى الري بمياه الصرف الصحي أو الزراعي غير المعالجة لتوفير احتياجاتهم المائية، وري مزروعاتهم، لشح المياه العذبة، فيما يتجه البعض إلى استخدام مياه الصرف الصحي غير المعالج إلى تبوير الأراضي، وذلك لبيعها كأرض بناء تدر عليه دخلًا كبيرًا، إلا أنَّ استخدام مياه "الصرف الصحي" في الري قد يحول الإنتاج الزراعي إلى سموم.

 

وقد أشارت دراسة أجرتها وزارة البيئة على الممرات المائية والقنوات بدلتا نهر النيل، إلى أن تركيزات المواد الضارة في هذه المجاري المائية والترع تجاوزت الحدود المسموح بها، موضحة أن "تركيز المواد العضوية (الطلب البيوكيميائي على الأكسجين) قد تجاوز الحد المسموح به (6 ملجم/لتر) في جميع القنوات".

كما وجدت الدراسة، أن متوسط تركيزات الأمونيا في معظم نقاط الرصد في قنوات الدلتا قد تجاوز الحدود المسموح بها، وأن عدد خلايا البكتيريا القولونية يتجاوز الحدود الآمنة (1,000 خلية لكل 100 ملليتر) التي تحددها منظمة الصحة العالمية، ووفقًا لخبراء طبيين، قد تكون هناك صلة بين ارتفاع عدد حالات الفشل الكلوي وسرطان الكبد وأمراض الجهاز التنفسي، ناتجة عن استخدام مياه غير نظيفة لري الخضروات ومزارع الفاكهة.

آراء الخبراء
يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن ري بعض الزراعات بمياه الصرف الصحي أو الصرف الزراعي يرجع لعدة أسباب، منها: عدم وصول المياه العذبة إلى تلك الزراعات، حيث تكون غالبًا على أطراف المحافظات، ومن الأسباب أيضا ردم الترع والمساقي وعدم تطهيرها، هذا بالإضافة إلى تبوير الأرض لتحويلها إلى أراضي مباني، لافتًا إلى أن الري بمياه الصرف الصحي والزراعي غير المعالج يؤدي إلى إصابة الإنسان والحيوان بأمراض خطيرة، وذلك لأن النباتات التي تروى بهذه المياه تظل عالقة بها.

ويطالب أبو صدام في تصريح لصحيفة الأهرام الحكومية، الجهات الرقابية بضرورة متابعة المزروعات التي تروى بمياه الصرف الصحي، ومعاقبة الفلاحين الذين يقومون باستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالج لري الأراضي الزراعية، مشددًا على ضرورة سن قوانين تجرم ذلك، فمن الممكن أن تروى الزراعات بالصرف الصحي أو الزراعي، ولكن بعد معالجتها لضمان صلاحيتها للري.

أطراف القرى
ومن جانبه، يشير مجدي البسطويسي، نقيب الفلاحين بمحافظة دمياط، إلى أن هناك بعض المنازل لم يتم وضعها على منظومة الصرف الصحي، وتقع هذه المنازل على أطراف القرى منها منطقة كفر البطيخ، والتي يتم صب الصرف الصحي لها أمام طلمبات نمرة 2 مختلطة بها مياه الصرف الحقلي، وتقوم بالصرف في مياه البحر أو الترع التي يتم ري المحاصيل منها، لافتًا إلى أن "بحر بسنديلة" بكفر الغاب ناتج عن مياه الصرف الحقلي، لذلك نطالب المسئولين بمعالجة مياه الصرف الحقلي "الزراعي" بدلا من صرفها في مياه البحر الأبيض المتوسط، واستغلالها في زراعة مساحات الأرز بدلا من إهدارها، لأنه في جميع الأحوال لا تصل إلينا مياه نهر النيل، ونحن على أتم استعداد لسداد 100 جنيه لكل فدان مزروع في هذه المنطقة لشراء ماكينات الري بالجهود الذاتية، وإعادة تدوير المياه مرة أخري، ولكن نحتاج إلى موافقة من وزارة الري.

تطهير الترع والمساقي
وفي السياق ذاته، يقول الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع التخطيط والمتابعة بوزارة الزراعة، إن وزارة الري تقوم بتطهير كافة الترع والمساقي الرئيسية والرسمية، مشيرًا إلى أن هناك بعض المساقي والترع للمنتفعين هم من يقومون بتطهيرها، ووزارة الري تقوم بالتعامل مع أية شكاوي تخص تطهير الترع والمصارف وحل المشكلة على الفور.

المحاذير الصحية
وعلى الجانب الآخر، توضح الدكتورة مايسة شوقي، أستاذ الصحة العامة وطب المجتمع بكلية طب جامعة القاهرة، ونائب وزير الصحة و السكان سابقا، بشأن "استخدام مياه الصرف الصحي في الري"، أننا نعي تمامًا أن مصر تواجه تحديًا صعبًا بشأن توفير المياه بوجه عام، فمحدودية حصة مصر من مياه النيل "55.5 مليار متر مكعب سنويًا"، هذا بالإضافة إلي الزيادة السكانية يشكلان تهديدًا للأمن المائي المصري، ويؤخذ في الاعتبار التزام الدولة بتوفير مياه صالحة للشرب، وكذلك مياه للري معا.

وأضافت، أن الأمم المتحدة في أكدت في تقريرها عن تنمية المياه في العالم 2017 على ضرورة اعتبار الكميات الهائلة من مياه الصرف الصحي الناجمة عن النشاطات الإنسانية المختلفة، موردًا ثمينًا، وليس مشكلة تنتظر حلاً، كما يدعو إلى صحوة عالمية ونقلة نوعية في التعامل مع المياه وتنميتها عالميًا، مع التشديد على شعار "مياه الصرف مورد غير مستغل".

وتشير الدكتورة مايسة شوقي، إلى أن الكود المصرى501 /2005، الذي يصرح بالاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالج في زراعة أشجار إنتاج الطاقة لإنتاج الوقود الحيوي كمصدر للطاقة المتجددة ونباتات الألياف مثل الكتان  التيل ونباتات إنتاج الزيوت مثل الكانولا، وعباد الشمس، وفول الصويا، وكذلك نباتات الزينة والزهور، والأشجار الخشبية التي يمكن زراعتها في الغابات.

 

مضيفة، كما يجب الأخذ في الاعتبار التشريعات والقوانين المنظمة لاستخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة مثل قانون البيئة رقم (4) لسنة 1994: والذي يهتم بالشروط والمواصفات القياسية لنوعية مياه الصرف الصحي المعالج، وكذلك المخالفات والعقوبات المقررة للمخالفين، وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة، رقم (603) لسنة 2002، والذي ينص على: منع استخدام مياه الصرف الصحي المعالج وغير المعالج في ري الزراعات التقليدية، وقصر استخدامها في ري الأشجار الخشبية وأشجار الزينة، وكذا مراعاة التدابير الوقائية لعمال الزراعة عند استخدام مثل هذه النوعية من المياه.

أمراض خطيرة
ولفتت أستاذ الصحة العامة إلى عدة محاذير صحية من استعمال مياه الصرف الصحي في الري بدون معالجة، فالنتروجين الذائب يتأكسد إلى نترات، ويسبب أمراضًا للإنسان وتختزنه بعض النباتات في أنسجتها بنسبة عالية مثل (البنجر- الجزر- الكرنب- الفجل- الكرفس- الخس- السبانخ- الخيار – الفاصوليا)، مما يفقدها الطعم وتغير لونها ورائحتها، وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للإنسان فتسبب فقر دم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار، أما العناصر الثقيلة ( مثل النيكل – الكوبالت- الزئبق – الرصاص- الكادميوم)، فلها تأثير صحي سلبي علي المخ والأعصاب والكلي واللثة والأسنان، مضيفة أنها تسبب أيضا أمراض الدم و القلب والأورام.

وأشارت، إلى أن وجود العديد من البكتريا الضارة بنسب تتجاوز الملايين من بكتريا القولون البرازية، والتي تعتبر المصدر الأساسي للأمراض المعوية، ومنها بكتريا "السالمونيلا" المتسببة أمراض التيفود وبكتريا الشيجلا التي تسبب أمراض الإسهال، بالإضافة إلي وجود العديد من بويضات الطفيليات المسببة لكثير من الأمراض مثل الإسكارس والديدان الكبدية.

وأثنت الدكتورة مايسة شوقي، علي دور الدولة في تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الصحي بعد معالجتها مثل زراعة الغابات الشجرية في جميع المحافظات، وفى الظهير الصحراوي، بالقرب من محطات إنتاج الصرف، بالتنسيق مع الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وإدارة التشجير بوزارة الزراعة ووزارة البيئة وزراعة الأشجار الخشبية كحزام أخضر بهدف نشر المساحات الخضراء بطول الطريق الدائري للقاهرة الكبرى لتجميل العاصمة وحماية البيئة من التلوث، وتحقيق عائد اقتصادي كبير من الأشجار التي يمكن زراعتها.

 

ولفتت إلى أن التعاون الفني الدولي في مجال تعظيم الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالج في زراعة الأشجار الخشبية، أسفر عن إقامة العديد من الغابات الصناعية منها 120 فدانًا بمدينة السادات محافظة المنوفية، بالتعاون مع الصين و500 فدان بسرابيوم بمحافظة الإسماعيلية بالتعاون مع تونس.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان