لم يكن يمتلك ورقًا ليذاكرعليه، لكنه لم يقف مكتوف الأيدي، فسرعان ما أوجد البديل رغم سنه الصغير حيث كان يجلب الأكياس البلاستيكية ويكتب عليها المعادلات الكيميائية والرياضية والكلمات الانجليزية أثناء جلوسه إلى جوار والده على فرشة الخضار ليساعده..
هكذا كان حال ذاك الصبي الأقصري فما بين المدرسة ومساعدة والده في بيع الخضاريقضى يومه، ويدخر بعض من المال إلى جانب ما يمده به وابيه لاستكمال تعليمه، إلا أن الأب فارق الحياة وبدأ الصغير رحلته الشاقة في "بيع الخضار" ولكنه استطاع في نهاية المطاف أن يحقق حلمه في عالم السباحة والتدريب واصبح لديه اكاديمية في صعيد مصر لتعليم الصغار.
بائع الخضار المكافح الذي حقق حلمه بعد قصة عناء طويلة استمرت لما بعد الجامعة لحين دخوله في مجال التدريب بالسباحة يدعى صالح محمد خضري، خريج بكالريوس التربية الرياضية، جامعة أسيوطـ، يقول الشاب الأقصري" خلال مداخلة هاتفية له عبر برنامج التاسعة مساءً المذاع عبر القناة الأولى: "اتذكر حينما كنت اجلس على عربة الخضار لأساعد والدي ولم أكن امتلك ورق دشت لأذاكر عليه، فأنظر حولي وامد يدي لأسحب بعض من الأكياس البلاستيكية الملونة وأشرع في الكتابة عليها كبديل لا بأس منه".
وتابع: إلا إنه مع الوقت فارق أبي الحياة، فقررت استكمال العمل على فرشة الخضار في موسم الصيف وحينما يأتي الشتاء اصرف ما ادخرته من مال لجلب ملابس الجامعة وادفع منه مصاريف الكلية والسكن.
هكذا ظل حال هذا البائع المكافح ما بين الجامعة وفرشة الخضار، لم يغبعن مُخيلته يومًا حلم أن يصبح مدربًا في السباحة يومًا ما، فإذا به يفاجئ ذات ليلة بأستاذه الجامعي يشيد بموهبته الواضحة في السباحة فناداه ليسأله عما يقوم به في الصيف فأخبره "صالح" أنه يبيع الخضار، فبداله استاذه الرد: "لا لا لا انت موهوب ومميز في السباحة انت تيجي معايا في الصيف تمرن معايا في نادي هليوبلس"، منذ تلك اللحظة بات بائع الخضار تتخطفه كبرى الأندية..
انتبه "صالح" لمهارته في مجال التدريب، التي سلط استاذه الضوء عليها، لذا فكر في أن يستثمرها في بلده الأم "الأقصر"، فيقول: افتتحت أول اكاديمية تخصصية، حيث قمت باستئجار حمام سباحة من أحد الفنادق الصغيرة، وكنت طيلة فترة الصيف ادرب ومعي اثنين مساعدين، ولكن كانت تقابلنا مشكلة في الشتاء تتمثل في عدم وجود حمام سباحة دافئ.
ظل بائع الخضار المثابر يلهث وراء حلمه دون أن يستسلم وتمكن مع الوقت من فتح اكاديمية سباحة بها حمام بمياه يمكن النزول فيها خلال فصل الشتاء.
مرت الأيام وحقق "صالح" أحلام كان يراها كثيرًا ممن حوله صعبة المنال ولكنه آمن بها وظل ورائها فكتب الله له النجاح الكبير في نهاية المطاف، يشارك فريق بائع الخضار في بطولات داخلية ويحلم أن يتمكن مع الوقت أن يتخطى حاجز تلك الحدود وتكون لهم مشاركات أكبر تصل إلى حد المنافسات العالمية .
لم يكتف "بائع الخضار السابق ومدرب السباحة الحالي" بهذا بل إنه بات يتنقل بين البلدان العربية، لاكتساب مهارات جديدة في مجاله الجديد الذي اختاره لنفسه وهو التدريب في السباحة.