رئيس التحرير: عادل صبري 09:04 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

عاصفة غضب ضد فتوى زواج المسلمة بغير مسلم.. وآمنة نصير: تصريح مجتزأ

عاصفة غضب ضد فتوى زواج المسلمة بغير مسلم.. وآمنة نصير: تصريح مجتزأ

أخبار مصر

امنة نصير عضو مجلس النواب واستاذة الفلسفة الاسلامية

عاصفة غضب ضد فتوى زواج المسلمة بغير مسلم.. وآمنة نصير: تصريح مجتزأ

أحلام حسنين 18 نوفمبر 2020 23:09

دائمًا ما تثير تصريحاتها حالة من الجدل؛ فتارةً تصف النقاب بأنه عادة يهودية، وتارة أخرى تجيز تعطر النساء، ومؤخرًا قالت بجواز زواج المسلمة بغير مسلم، هكذا تثير الدكتور آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الجدال حول مسائل فقهية، إلا أنّ تصريحاتها الأخيرة قوبلت بغضب شديد على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

فخلال الساعات الماضية اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي غضبًا بسبب تصريحات نصير، بشأن إباحة زواج المسلمة من غير مسلم، والتي ردّ عليها كل من دار الإفتاء والأزهر الشريف، بالتأكيد على حرمة هذا الزواج شرعًا، إلا أنها عادت لتقول إن تصريحات تم اقتطاعها من سياقها. 

 

فتوى إباحة الزواج من غير المسلم

 

بداية قالت الدكتورة آمنة نصير، خلال استضافتها ببرنامج «بتوقيت الحدث» المذاع على قناة «الحدث اليوم الفضائية»، أنه لا يوجد مشكلة في زواج المسلمة من غير المسلم، إذا طبق غير المسلم مع زوجته المسلمة، ما يطبقه المسلم مع زوجته المسيحية أو اليهودية، حيث لا يكرهها على تغيير دينها أو منعها من مسجدها، ولا يحرمها من قرآنها أو صلاتها.

 

وأوضحت نصير، أنّه فى حال زواج المسلمة من غير المسلم، فإنّ الأولاد سينتسبون للزوج، ولهذا كان رأي الفقهاء هو رفض زواج المسلمة من غير المسلم حتى لا تتسرب المسلمات إلى اليهودية والمسيحية.

 

 

نصير: تصريح مستقطع

 

وبعد حالة الجدال التي أثارتها التصريحات، أصدرت الدكتورة آمنة نصير، بيانًا أكّدت فيه أنه تمّ اجتزاء حديثها عن زواج المسلمة من أهل الكتاب من سياقه، ووضعه كأنّه تصريح منها وموافقة منها عليه.

 

وأوضحت أنَّ حديثها جاء تحديدًا ردًا على أحد أسئلة الحلقة عن وجود نص قرآني يُحرم زواج المرأة المسلمة من رجل من أهل الكتاب، وكان رد الدكتورة نصير عليه أنّه لا يوجد نص قرآني صريح في ذلك الشأن بالتحديد، ولكن التحريم جاء من إجماع الفقهاء كي لا يتسرب الأبناء إلى دين الأب غير المسلم.

 

وشدّدت نصير على تأكيدها القاطع وتأييدها لما جاء من رأي جمهور الفقهاء من تحريم كي لا يتسرب الأبناء أو يتشتت إيمانهم بين الأم المسلمة والأب المنتمي لأهل الكتاب.

 

وتابعت أنّ الزواج من مشرك أو مشركة هو محرم تحريمًا قطعيًا لوجود النص القرآني الصريح بتحريم ذلك، ولا يجوز فيه ثمة اجتهاد من أي نوع، منوهة إلى أهمية التجديد في الدين وخطابه وضرورة الاجتهاد في القضايا الفقهية المستجدة دون القضايا التي نزل فيها النص القرآني، وهو ما عاشت تقوم به طيلة مسيرتها العلمية.

 

وأهابت نصير، بالكافة الالتزام بأمانة الكلمة، وصدق النقل، وعدم الاقتطاع من السياق لتحقيق سبق أو إثارة قضايا جدلية في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي.

 

الأزهر: حرام وباطل

 

وردا على تصريحات الدكتور آمنة نصير، أصدر مركز الأزهر للفتاوى الإلكترونية، بيانا اليوم الأربعاء، أكد فيه عدم جواز زواج المسلمة من غير مسلم، موضحا أن الإسلام عظم قيم الرحمة والتعايش والتسامح مع جميع الناس، وأمر بها أتباعه، ودعا  إلى البرِّ والإحسان في معاملة غير المسلمين، وأجاز البيع والشراء وكافة المعاملات معهم؛ إذا لم تشتمل على مُحرَّم أو معصية في الشَّريعة الإسلامية، وانضبطت بضوابطها التي تحفظ الأموال والقِيَم كافة.

 

وأضاف مركز الأزهر، أن عَقْد الزواج في الإسلام عَقْد شرعي، قوامه الدِّين والمودة والرَّحمة، وتوثيقه المدني يحفظ الحُقوق لأصحابها، وقد حرم الإسلام زواج المُسلِمة من غير المُسلم مطلقا بنص واضح في القرآن الكريم، قال فيه سبحانه وتعالى :"{وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. [البقرة: 221]

 

وأكد الأزهر أن علماء الإسلام قديما وحديثا أجمعوا على حرمة زواج المسلمة من غير المسلم،  لعموم الآية المَذكورة، ولم يُخالِف في ذلك منهم أحد، ولو وقع لكان باطلًا.

 

وأوضح أنه لا يجوز -كذلك- زواج المُسلِم من غير المُسلمة، باستثناء ما إذا كانت من أهل الكتاب؛ يهودية أو مسيحيّة، ما لم يُخشَ على دينه أو دين أولاده؛ لعموم قول الله سبحانه في الآية المذكورة نفسها: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ..} [البقرة: 221]، باستثناء ما استثناه قوله سبحانه: {..وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم..} [المائدة:5].

 

الحكمة من التحريم

 

وبين مركز الأزهر الشريف للفتاوى الإلكترونية الحكمة من إباحة زواج المسلم من الكتابية مع عدم جواز العكس، يمكن تلخيصها في الآتي:

 

-  أن المُسلم يؤمن بجميع الأنبياء ويُعظِّمهم، ويُعظِّم الكتب التي جاءوا بها من عند الله سُبحانه؛ بل لا يتم إيمانه إلا بهذا.

- المُسلم مأمور بتمكين زوجته الكتابيَّة من إقامة شعائر دينها، والذهاب إلى دار عبادتها، ومُحرَّم عليه إهانة مُقدَّساتها.

- المُسلم مأمور شرعًا بحُسْن عِشرة زوجته، سواء أكانت مُسلمة أم كِتابيَّة، والمودّة والرّحمة والسَّكينة بهذا مرجوَّة في أسرة المُسلم والكتابيَّة.

-طاعة الزَّوجة المُسلمة لزوجها واجبة عليها، ولو أبيح زواجها من غير المُسلم لتعارضت طاعته مع طاعة الله سُبحانه.

- غير المُسلم لا يؤمن بالإسلام ولا نبيه ﷺ، ولا تُلزِمه شريعته بتمكين المُسلمة من أداء شعائر دينها، أو احترام مُقدَّساتها، الأمر الذي يُؤثر -ولا شك- على المَودَّة بينهما، وأداء حقوق بعضهما إلى بعض.

 

وأوضح الأزهر أن التسليم والانقياد هما أساسا تعامل المُسلم مع ما جاءه من وَحْي الله سُبحانه، مع إعمال الفهم في حِكَم الشَّرع الشَّريف، والإيمان أن في الاستجابة لأوامر الإسلام حياة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. [الأنفال: 24]

 

رأي الطيب

 

وأجاب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على حكم زواج المسلمة من غير المسلم، في لقاء جاء في عام 2017 بالبرلمان الألماني، بنموذجية كافية لتوضيح تلك المسألة.

 

وقال فضيلته إن الزواج في الإسلام ليس مشروعاً مدنيًا، إنما هو عقد دينى والقرآن الكريم استخدم مرتين كلمة الميثاق الغليظ مرة وصف بها الميثاق الذى أخذه على النبيين في بيان الهدى الإلهى للناس والمرة الثانية وصف به علاقة الزواج بين الرجل والمرأة فالميثاق الغليظ ذكر مرتين في القرآن مرة أخذه الله على الأنبياء والمرة الثانية أخذته النساء من الرجال.

 

وأضاف شيخ الأزهر، أن المسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلا؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن ديننا يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة، ويمنع الزوج من إهانة مقدساتها؛ لأنه يؤمن بها؛ ولذا فإن المودة غير مفقودة في زواج المسلم من غير المسلمة.

 

وأوضح أن زواج المسلمة من غير المسلم، يختلف عن المثال السابق، فهو لا يؤمن برسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة -إن تزوجها- من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها؛ لأن الإسلام لاحق على المسيحية؛ ولذا فهو يؤذيها بعدم احترام دينها والتعرض لرسولها ومقدساتها، ولذا فإن المودة مفقودة في زواج المسلمة من غير المسلم؛ ولذا منعها الإسلام.

 

 

الإفتاء: حرام شرعًا

 

وبدورها أصدرت  دار الإفتاء المصرية، اليوم الأربعاء، بيانًا تؤكد فيه أن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج بغير المسلم مطلقًا؛ لا من اليهود ولا من النصارى، ولا من غيرهما من غير المسلمين؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾.

 

وأوضحت دار الإفتاء في فتوى لها، أن الإسلام أجاز للمسلم أن يتزوج من أهل الكتاب، ولكنه لم يجز لغير المسلم أن يتزوج مسلمة؛ حيث إن المسلم مؤمن بجميع الأنبياء والمرسلين، ودينه يأمره باحترامهم وتقديسهم.

 

وأشارت دار الإفتاء إلى أنه إذا تزوج الكتابية غير المسلمة أحست معه بالاحترام، وأدت شعائر دينها في أمان وسلام؛ لأنه يقرّ بدينها ويؤمن بجميع الأنبياء والرسل مع إيمانه وإقراره بأن دين الإسلام هو المهيمن على سائر الأديان ورسالة الله الأخيرة إلى العالمين، وأن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وربما دعاها هذا الخلق الحسن وهذه الأريحية في التعامل إلى حب الإسلام والدخول فيه.

 

ولفتت دار الإفتاء، إلى أن غير المسلم ليس مؤمنًا بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيًّا ورسولًا، فإذا تزوج من المسلمة فلن تستطيع أداء دينها في أمان وسلام، ولن تشعر بالاحترام الكافي لدينها ونبيها صلى الله عليه وآله وسلم، مما يجعل الحياة الزوجية قلقة ومزعزعة، أما الإسلام فهو نسق مفتوح يؤمن بكل الأنبياء وتتسع صدور أتباعه لكل الخلق.

 

الأدلة على التحريم

 

وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن الأدلة على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم كثيرة منها قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾، وإنما قال: ﴿وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ أي يحل لكم أن تطعموهم من طعامكم؛ للتنبيه على أن الحكم في الذبائح مختلف عن المناكحة؛ فإن إباحة الذبائح حاصلة في الجانبين، بخلاف إباحة المناكحات فإنها في جانب واحد؛ هو حِلُّ زواج المسلم من الكتابية، بخلاف العكس؛ فلا يحل للكتابي أن يتزوج بمسلمة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان