من غرفة صغيرة تحت بير السلم إلى مدرجات "طب الاسكندرية" الكبيرة، سجّلت طالبة من أسرة بسيطة قصة نجاح بطعم الكفاح، لتنضم لتلك النماذج التي احتفى بها جمهور السوشيال ميديا ووسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية.
وتناولت شبكات التواصل الاجتماعي قصص إبراهيم بائع الفريسكا وآية بائعة الأحذية، والآن انضمت "هبة" لقائمة الشرف، فثلاثتهم مروا بظروف قاسية، ولكنهم تقدموا صفوف أوائل الثانوية العامة، وبلغوا حلمهم بالالتحاق بطب الإسكندرية.
تواصلت "مصر العربية" مع الطالبة هبة حامد صاحبة الـ 99.15%، لتروي لنا قصة كفاحها على مدار العام أثناء استذكار دروسها في غرفة بسيطة ببير السلم حيث تقطن بها هي وباقي أفراد أسرتها التي تحرس العقار، إلى أن تمكنت للوصول لحلمها وحلم والدها بدخول كلية الطب والانضمام لقائمة أوائل الثانوية العامة.
ففي ركن صغير خصصه له والدها تحت بير السلم لا تتجاوز مساحته الـ متر ونصف في متر ونصف، كانت تخلو "هبة" ابنة حارس العقار بكتبها تستذكر دروسها طوال العام على مدار 10 ساعات متقطعة يوميًا.
لا وجود هنا في تلك الغرفة البسيطة لعالم الفضاء الإلكتروني الواسع، فقط الكتب والمذكرات هي مصدر تلك الفتاة لمراجعة دروسها، وبعد معاناة واجتهاد طوال العالم أهدت "هبة" لوالدها فرحة من نوع خاص بعدما تكلل تعبها بنجاح كبير ومجموع جعلها من أوائل الجمهورية.
فرحة كبيرة طرقت بقوة أبواب تلك الغرفة الصغيرة التي تقبع فيها "هبة" وباقي أفراد أسرتها، ولكن قصة الكفاح هذه كان لعم حامد والد الفتاة دور فيها، فهو كان بمثابة جندي مجهول في هذا المشهد.
فقبل ليلة الامتحان كان الأب يصطحب طفلته الصغيرة ذات الـ 3 أعوام خارج غرفتهم البسيطة، حتى يتسنى لابنته طالبة الثانوية العامة أن تخلد إلى النوم دون أن يعكر صفوها أحد، في محاولة منه لتهيئة الأجواء لها قدر الإمكان ووفقًا لما هو متاح.
كان "عم حامد" يجوب بالصغيرة ذهابًا وإيابًا مع حلول الليل أمام البيت إلى أن يغلبها هي الأخرى النوم فيدخل بها، وهو التعب الذي سرعان ما تلاشي بعد حصول ابنته الأكبر على مجموع 99.15%.
ولكن الأيام كانت تخبئ لهم مفاجأة أكبر؛ ففرحة الأب بـ "الدكتورة هبة" أول طبيبة في العيلة - على حد قوله- لم تقتصر على الأهل فقط، فسرعان ما انتشرت قصة ابنته عبر الفضاء الإلكتروني وتقاسم الفرحة معه الكثيرون.
وتهافتت على "هبة" الكاميرات والمداخلات المتلفزة من هنا وهناك لعرض قصة كفاح ونجاح تلك الفتاة التي ولدت من رحم الأزمة مثلما كان الحال مع بائع الفريسكا وبائعة الأحذية ايضًا.
بعد التحاق "هبة" بطب الإسكندرية، يراودها حلم بسيط بأن تحصل على منحة دراسية ترحم والدها بها من عناء المصاريف التي قد تثقل كاهله خلال فترة تعليمها الجامعية.
أما والدها فطلب في خجل توفير انترنت وتليفون أرضي لأن "هبة" بالتأكيد ستكون في حاجة ماسة إليه أثناء دراسة الطب.
أخبرتنا "هبة" أنَّ جامعة الإسكندرية تواصلت معها وطالبتها بالتوجه يوم السبت لتقديم ورقها، قائلة: "لم تضح لي الصورة بعد ولكني أتمنى الحصول على منحة وتوصيل النت لغرفتنا البسيطة".
وكما يقول المثل للنجاح ألف أب؛ لم تنس الفتاة المتفوقة أن تخبرنا عن كم الفرحة التي غمرها بها الجيران من سكان العقار إثر علمهم بنجاحها قائلة: "كل واحد فيهم جابلي هدية بمناسبة نجاحي".
اقرأ ايضًا:
من بائع الفريسكا لبائعة الأحذية.. قصص نجاح ولدت من رحم المعاناة