"ميلزمنيش أي حاجة حرام".. جملةٌ صارمة جرت على لسان سائق توك بسيط يُعاني من ضيق ذات اليد وأمراض عدة، عندما عثر أثناء عمله على حقيبة تحوي بداخلها مجوهرات، فحينها لم يتردَّد لحظة في بدء رحلة البحث عن صاحبها إلى أن تكللت مساعيه في نهاية المطاف بالنجاح وعثر عليه ليعيد له تلك الثروة التي كانت بين يديه، وهو ما جعله يُلقب بسائق التوك توك الأمين.

عقب تلك الواقعة، أصبح السائق محطًّا للأنظار واهتمامًا من جانب وسائل الإعلام والدولة أيضًا التي اتخذت قرارًا بعلاجه على نفقتها الخاصة ليجني في غضون ساعات قليلة ثمار فعله الطيب دون أن يطلب مساعدة أو عونًا من أحد..

بداية القصة

بدأت القصة حينما كان يعمل محمد صبري عبد العزيز على التوك توك، ففجأة أثناء سيره استوقفه كيس أسود اللون، مُلقى على الأسفلت، يحوي شيئًا ما بداخله، فأمسك به ووضعه عند الدواسة بالقرب من قدمه، ثم عاد عند المسجد إلى جوار الموقف وفتحه كي يرى ما به فإذا به يفاجأ بأنه يحوى مجوهرات،  حسبما سرد القصة خلال مداخلة له مع الإعلامي وائل الابراشي مقدم برنامج التاسعة مساءً على القناة الأولى. 

عاد إلى البيت وأعطى الكيس لزوجته حيث قرر أن ينتظر أمام أحد المساجد للنداء على صاحبه عبر مكبرات الصوت، مرّ الظهر والعصر والمغرب وعندما رفع أذان العشاء توجه إلى المسجد وهناك التقى بـ شقيق زوجته ويدعى "نور" وروى له قصة هذا الكيس. 

كانت المفاجأة هنا بالنسبة له حينما أخبره  "نور" أن هناك شخصًا بالفعل يبحث عن هذه الحقيبة التي تحوى المجوهرات من خلاله منشور دونه عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

لم يتردد "عم صبري" وسرعان ما أحضر الحقيبة وتوجه بها إلى المحل حيث يتواجد صاحبها وأعاد له تلك الأمانة التي عثر عليها.

يقول السائق الأمين، خلال مداخلته الهاتفية: "ميلزمنيش أي حاجة حرام"، وافاد بأن زوجته قالت ايضًا:"50 جنيه حلال أحسن من ألف حرام". 

"عم صبري" يعاني من مشكلات عدة في قدمه.. لم تمر ساعات قليلة على مداخلته حتى تفاعلت الحكومة مع حالته.. 

ثمار الأمانة

ففي استجابة لتلك الحالة الإنسانية، وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتكفل الدولة بعلاج سائق التوك التوك الأمين  محمد صبري، لما أظهره من سلوك يتسم بالأمانة والنزاهة، لكونه عثر على حقيبة مجوهرات، وبذل مساعي حتى أعادها إلى صاحبها.

وعرض الدكتور حسام المصري تقريرًا على رئيس مجلس الوزراء، أوضح خلاله الإجراءات التي تم اتخاذها مع الحالة، حيث أشار إلى أنه تم نقل المريض برفقة طبيب من مجلس الوزراء، إلى مستشفى الحلمية العسكري، وذلك بالتنسيق مع اللواء طبيب "طارق لطفي" مدير المستشفى، الذي أمر بتحويله إلى قسم جراحات الحروق والتجميل برئاسة اللواء طبيب طارق المنوفي لوضع بروتوكول العلاج المناسب.

وأشار إلى أنه تم أخذ عينة خلايا من القرحة الموجودة بساق المريض لعمل مزرعة وتحليل أنسجة، كما تم عمل غيار جراحي للساق المصابة، وعمل الأشاعات اللازمة على الأوعية الدموية بذات الساق، لافتأً إلى أنه استكمالاً لبروتوكول العلاج تم سحب عينات دم كاملة من المريض لعمل الفحوصات اللازمة.

وأكد المستشار الطبي لرئيس الوزراء أن لجنة الاستغاثات الطبية تتابع حالة المواطن "محمد صبري" عن كثب وتوفر كافة الدعم الطبي والمعنوي اللازم له.

من جانبه، ثمّن رئيس الوزراء السلوك الإيجابي الذي قام به المواطن "محمد صبري"، والذي يعكس حقيقة معدن المصريين الأصيل، وأمانة هذا السائق، مضيفاً أن الحكومة إذ تقدر هذا التصرف فإنها تحرص على علاج المواطن باعتبار ذلك أقل ما يمكن تقديمه له.