"الحقوني بموت" استغاثة لأشخاص كانت تفصلهم بين الحياة والموت بضعة أيام، ربما ودّوا لو أن أحدًا استمع لهم ولبّ النداء، اجتمع عليهم ألم المرض الذي لا علاج له، ونقص الإمكانيات بالمستشفيات، طافت استغاثاتهم في فضاء "الشوشيال ميديا" حتى وارت أجسادهم التراب.
فهذا صحفي ظلّ يصارع فيروس كورونا الذي اخترق جسده وأنهكه 14 يومًا، ولكن لم يعبأ المسئولون بالقطاع الطبي بتلك النيران التي كانت تشتعل في جسده مع ارتفاع درجة حراراته، فنشر استغاثة على "فيس بوك" وتوفى بعدها بأيام قليلة.
ومريض آخر في ريعان شبابه وثق لحظات وفاته على سرير الموت بأحد مستشفيات العزل، بعد استغاثات بالأطباء والممرضين لإنقاذه وتسكين آلمه.
وثالثة كانت تعمل بقطاع الأخبار بـ"ماسبيرو" نشرت هي الأخرى استغاثة بعد إصاباتها بفيروس كورونا، عسى أحد ينقذها من مستشفى حميات إمبابة، التي لم تجد فيها سريرًا أو مكانًا لمداواتها.
ثلاث قصص، ربما كان هناك غيرها لم نعلمها، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية، أثارت تعاطف الكثيرين، لاسيما استغاثات أصحابها قبل وفاتهم متأثرين بإصابتهم بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19.
"الحقوني أنا بموت"
"ياناس الحقوني، عاوز علاج،آآآآآآآآآه، يامستشفى ياتمريض يادكتارة، الحقوني، انا بموت، ياناس الحقوني، انا سخن اوي ياجدعان، درجة حرارتي نار، انا من الساعة 6 الصبح مرمي، السخونية بقالها 6 ساعات، ياناس هموت واشوف دكتور، اااه ااه الحقوني انا بموت، يامسشتفى يادكتارة يامدير يامريض".
ما سبق كانت استغاثة من الشاب محمد النادي، الذي وافته المنية أمس متأثرا بفيروس كورونا المستجد، بينما كان على سرير إحدى مستشفيات العزل يصارع الموت.
بث نادي مقاطع فيديو بدى فيهم حجم الألم الذي يعاني منه إثر إصابته بكورونا، وما يلاقيه من إهمال في المستشفى، ففي إحدى الفيديو كان يستغيث بصوت متهدج "انقلوني أنا بموت، انقلوني من هنا"، ثم لفظ بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.
وقبل وجه نادي رسالة إلى الناس قائلا :"كلمتين أول ما قدرت أكتبهم كتبتهم، أنا بقالي أسبوع في العناية المركزة لأنه عملي مضاعفات كتير في جسمي، خصوصًا الكلى والرئة، ياما اتقالي خليك في بيتك بلاش خروج وأنا ولا حياة لمن تنادي، ذلاً مني وراء لقمة العيش الكاذبة، لكني أحمد الله الواحد الأحد".
وتابع: "أرجوكم بلاش استهتار لأنه مرض مش سهل وقاتل وبيدمر كل حتة فيك، محدش بيموت من الجوع متغامرش بحياتك، المرض منتشر جدًا في مصر وخصوصًا المنوفية".
وواصل "النادي": "أنا للأسف عديت اخواتي، ابقى في بيتك إنه قاتل لعين وادعولي من قبلكم بنية للشفاء العاجل من هذا الفيروس، فضلا وليس أمرًا جزاكم الله خيرًا".
استغاثة "رشا حلمي"
رشاد حلمي، المحاسبة بقطاع الاخبار مبني ماسبيرو، كانت هي الأخرى تستغيث بأن أحد ينقذها من مستشفى حميات إمبابة، غير أنها توفت فجر اليوم.
على أحد المجموعات الخاصة بماسبيرو، كتبت رشا "الحقونى انا زميلتكم فى قطاع الاخبار وعندى كورونا ورمونى بالمستشفى "حميات امبابة" ومفيش سرير ولا اماكن".
وبحسب الرعاية الطبية بالهيئة الوطنية للإعلام، فإن أخر دخول لرشا حلمي الجعفري، مبني ماسبيرو كان يوم ١٩ مارس، وذلك لمنحها اجازة استثنائيه للأمراض المزمنه طبقاً لقراررئيس مجلس الوزراء، حيث كانت تعالج الزميلة من أمراض السكر والتهاب مزمن بالكبد.
دخلت رشا حلمي، ذات الـ 38 عاما، مستشفى الحميات يوم الأحد الماضي، وهي تعاني من التهاب رئوي نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، وتوفيت صباح اليوم الثلاثاء.
وفرضت حالة طوارئ داخل مبنى ماسبيرو، بعدما توفيت رشا حلمي، متأثرةً بإصابتها بفيروس كورونا.
استغاثة أول صحفي
وفي السابع والعشرين من شهر إبريل المنصرم، توفى الصحفي محمود رياض، إثر إصابته بفيروس كورونا، ليكون أول حالة وفاة بالفيروس المستجد بين أعضاء نقابة الصحفيين في مصر.
قضي الصحفي محمود رياض نحو 3 أسابيع مع فيروس كورونا، فبعدما أجرى التحليل الأول والثاني، لم تظهر أعراض الفيروس، حتى تدهورت حالته الصحية جاءت نتيجة آخرعينة إيجابية.
قبل وفاته روى الصحفي، عبر حسابه على فيس بوك، ما حدث معه من مماطلة من المسؤولين بالقطاع الصحي، كانت سببا في تدهور صحته، قبل أن يتم حجزه بمستشفى العزل بالعجوزة هو وزوجته وأولاده.
وقال ريضا :"الناس اللي بتسأل عن صحتى فيروس كورونا ، تعب متواصل وحرارة مرتفعه نار 14يوم ،خلال تلك الفترة تواصلت رقم الصحة 105،كلام فارغ انك مقصر في صحتك. ، هذا ويحسب لمجلس النقابة عدم تركه لى ومعه مجلس الرابطة ، فكان القرار الذهاب الى الحميات ليتواصل العذاب والمرض ، يوم للتحايل لعمل مسح ، يقولون خلص".
وواصل حديثه :" تخل الجميع حتى تم المسح ،48ساعة لتظهر النتيجة مع أنه ربع ساعة فى العالم ، ثم نتيجة خطأ ليتم مسح جديد بعد 3ايام ، وانتظر النتيجة من المعامل 48ساعةولوطلعت إيجابية انتظر الإسعاف 48ساعة ، داسبع ايام أليسوا كافيين لموت أى شخص , مثلما حدث مع الكثير ، أنا منذ14يوم متعذب ، دعواتكم ومحدش يسكت على نفسه ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وإلى الأن مافيش خطوات جادة".