تدور حالة واسعة من الجدل هذه الأيام حول تعديل قانون الإيجار القديم، في ظل ما يتخوف منه البعض بأن يكون هذا القانون بمثابة قنبلة موقتة تؤدي إلى أزمة أو انفجار مجتمعي بين المالك والمستأجر، وهو ما دفع بعض النواب للتقدم بمشاريع قوانين لحل أزمة الإيجار القديم.
ولمحاولة البحث عن حلول ترضي جميع الأطراف اقترح نواب أن يكون هناك صندوق تابع لمجلس الوزراء وتحت إشراف وزارة التضامن يقدم دعم مالي للمستأجرين غير القادرين.
بداية يصل عدد الوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم يبلغ 3 مليون و 19 ألف 856 وحدة، وذلك بحسب ما ذكره النائب محمد فؤاد على صفحته على فيس بوك.
وأشار فؤاد، في بيان له أن إجمالي عدد الوحدات السكنية ما بين إيجار قديم، وإيجار جديد، أو إيجار مفروش أو حتى تمليك يبلغ 38 مليون وحدة، ويشكل التمليك فيها 60 %، بينما لا يتعدي الإيجار القديم سوى 10%.
وأضاف :"3 ملايين و 19 ألفًا و856 وحدة إيجار قديم، إضافة إلى 2 مليون و26 ألفًا و674 وحدة إيجار جديد، و38 ألفًا و117 وحدة إيجار مفروش، و9 ملايين و903 آلاف، و233 وحدة خالية “لم يتم حيازتها".
مشروع قانون 3 أجزاء
ومن جانبه قال عبد المنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، إنه أعد مشروع قانون للإيجار القديم، سيتقدم به في دورة الانعقاد القادمة في أول أكتوبر، يعتبرها تنهي حالة الجدل والخلاف حول تعديل قانون الإيجار القديم.
وأوضح العليمي لـ"مصر العربية" أن مشروع القانون مقسم إلى 3 أجزاء، الأول يتعلق بالأماكن الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1977 والقوانين السابقة عليه، وبد من قانون 121 لسنة 1986، وقانون رقم 52 لسنة 1996.
وأضاف أنه خلال الفترة الأولى التي يحكمها قانون رقم 49 لسنة 1977 ، كانت العلاقة الإدارية بين المالك والمستأجر معدومة، لأن قيمة الإيجار كان يحددها لجنة مختصة بذلك، وكان التشريع متدخل بشكل صارم.
أما الفترة الثانية فهي تخضع من يوليو 1981 إلى 30 يناير 1996، أي الخاضعة للقانون رقم 136، وفيها أطلقت حرية العلاقة الإدارية بين المالك والمستأجر للنظام العام، بشرط الالتزام بقيمة الإيجار المحددة بالقانون وهي لا تزيد عن 7% من قيمة الأراض والمباني وثلثي المساحة تخصص للإيجار.
زيادة 12 و8 أمثال و20% علاوة
واقترح العليمي "زيادة القيمة الإيجارية للأماكن الخاضعة للقانون رقم 49 لسنة 1977 والسابقة عليه، بـ 12 مثل الأجرة القانونية الحالية، في المقابل تزيد القيمة الإيجارية للأماكن الخاضعة للقانون رقم 186 لسنة 1981، بـ 8 أمثال.
كما يتضمن مشروع القانون الذي أعده "العليمي" نصا بإضافة 20% علاوة تحصل من الأجرة القانونية خلال 10 سنوات.
وينص مشروع تعديل قانون الإيجار القديم على أنه: "تمتد العلاقة الإيجارية لمن له حق البقاء في العين المؤجرة وفقًا للقانون رقم 49 لسنة 1977، لمدة 10 سنوات، بعدها يحوز للمستأجر أن يتعاقد مع المالك وفقًا لأحكام القانون المدني، على أن يسري المقترح على كلًا من الأشخاص الاعتبارية والطبيعية، سواء بالوحدات السكنية أو غير السكنية.
دعم مالي لغير القادرين
ولأنه قد يكون هناك بعض المستأجرين غير قادرين على دفع الزيادات في القيمة الإيجارية الجديدة، وضع النائب عبد المنعم العليمي، مقترحا في مشروع القانون الذي أعده، وهو تقديم دعم مالي لهؤلاء المستأجرين.
وأوضح العليمي أنه يمكن إنشاء صندوق له مجلس إدارة وموارد مالية يتبع وزارة التضامن، ويتشكل بقرار من مجلس الوزراء، لدعم الأسرة الفقيرة من المستأجرين بالإيجار القديم.
أما عن موارد هذا الصندوق، يقترح العليمي أن تكون من خلال تحصيل 3% من قيمة الزيادة التي يحصل عليها المالك طبقا للقانون الجديد، بما يحقق التكافل والعدالة الاجتماعية .
وعن احتمالية رفض الملاك لدفع هذه النسبة، قال العليمي إنه لا يحق له الاعتراض لأن القانون حقق له زيادة تصل في خلال الـ 10 سنوات إلى سعر السوق، ومن ثم يمكن أن تتحقق العدالة للأطراف كافة.
ولفت إلى أنه لا يمكن إخلاء أو طرد أي مستأجر لطالما أنه يتفاوض مع المالك على زيادة القيمة الإيجاربة بما يرضي المالك.
وأشار إلى أنه وفقا لمشروع القانون فسيتم فتح الأماكن المغلقة، لأن المستأجر في هذه الحالة إما أن يتركها أو يفتحها ويدفع القيمة الإيجارية الجديدة، ومن ثم تستفيد الحكومة أيضا من الضريبة العقارية.
العقوبة..سجن
وقد حدد النائب عبد المنعم العليمي بعض العقوبات على الملاك والمستأجرين حال مخالفة قانون الإيجار القديم، بعد إقراره.
ونوه العليمي إلى أنه قد يرفض بعض المستأجرين دفع الزيادة في القيمة الإيجارية التي سيحددها القانون، وفي هذه الحالة يكون هناك عقوبة الحبس من 24 ساعة حتى 3 سنوات.
وشدد العليمي أن العقوبة تكون للمالك أو المستأجر إذا خالف أحدهم القانون، وعلى أراض الأمور المستعجلة طرد المستاجر حال مخالفة القانون.
وكان مجلس النواب قد أرجأ مناقشة وإصدار مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن الإيجار القديم للوحدات الإدارية والتجارية المؤجرة للأشخاص الاعتبارية إلى دور الانعقاد الخامس والأخير للمجلس والذي يبدأ في أكتوبر المقبل.
تعديل بأمر "الدستورية"
ويأتي تعديل قانون الإيجار القديم، استجابة من الحكومة للحكم الصادر من المحكمة الدستورية في شهر مايو 2018، والذي قضت فيه بـ "عدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 "في شأن بعض الأحكام الخاصة، بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها في غير الغرض السكني".
وحدد حكم المحكمة الدستورية، اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي السنوي لمجلس النواب، اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 مايو 2018 ، وبالتالى فإن آثار هذا الحكم سيجرى تطبيقه عقب انتهاء دور الانعقاد الحالي، وبذلك أصبح إقرار مشروع القانون أمرا واجبا خلال هذا الدور.
مشروع قانون الحكومة
وينص مشروع القانون المقدم من الحكومة في مادته الأولى على أن تسري أحكام هذا القانون على الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتباريين العام والخاص لغير غرض السكنى التي يحكمها القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والقانون رقم 136 لسنة 1981 والقانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وبعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية والقوانين الخاصة بإيجار الأماكن الصادرة قبلها.
كما تنص المادة الثانية من المشروع على امتداد عقود إيجار الأماكن التي يسري عليها أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 لصالح المستأجر لمدة 5 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون، وفي جميع الأحوال تنتهي تلك العقود بقوة القانون ودون الحاجة لاتخاذ أي إجراء أو صدور حكم قضائي بانتهاء المدة المنصوص عليها.
وتحدد المادة الثالثة الأجرة القانونية المستحقة عند صدور هذا القانون بخمسة أمثال القيمة الإيجارية القانونية المحددة طبقًا لأحكام قوانين إيجار الأماكن مع زيادة سنوية للأجرة القانونية وبصفة دورية في مثل هذا الموعد من الأعوام التالية بنسبة 15% من قيمة آخر أجرة قانونية وذلك لمدة أربع سنوات.
وتضمنت المادة الرابعة التزام المستأجرين بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك في اليوم التالي لانتهاء المدة القانونية (الخمس سنوات) المشار إليها بالمادة الثانية من المشروع، وتضمنت هذه المادة أنه في حالة امتناع المستأجر عن تسليم العين المؤجرة إلى صاحبها حيث أعطت للمؤجر أو المالك الحق أن يتقدم بطلب إلى قاضى الأمور الوقتية المختص بالمحكمة التى يقع بدائرتها العقار ليأمر بالطرد وتسليم المكان خاليًا من الأشخاص والمنقولات دون أن يخل ذلك بحق المالك أو المؤجر في التعويض إن كان له مقتضى.
تعديلات لجنة الإسكان
فيما صوت أعضاء لجنة الإسكان، خلال مناقشة القانون المقدم من الحكومة، وأخذ رأي اللجنة عليه على مواد القانون بالموافقة، على أن يطبق على الأشخاص العاديين والاعتباريين على السواء للأماكن غير السكنية، وليس على الأشخاص الاعتباريين فقط كما ورد في مشروع الحكومة، حتى لا يكون هناك شبهة عدم دستورية.
ووسعت موافقة اللجنة على ضم الأشخاص العاديين في القانون من مجال تطبيقه فيما يخص الوحدات التجارية والإدارية والمحال التجارية، وذلك عقب الانتهاء من إقرار القانون بشكل نهائي.