«عيش وحلاوة بقى» كلمتان على سبيل المزاح اختتم بها النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25-30، حديثه عن رفضه للتعديلات الدستورية، ولكنها تحمل بين طياتها شيء يلامس واقع قد يلاحقه، إذ ألمح أن هؤلاء النواب المعرفين بالمعارض تحت قبة البرلمان يتعرضون لتهديدات بإسقاط عضويتهم لأنهم يسبحون بعيدًا عن تيار الأغلبية.
كان ذلك ختام مكالمة استغرقت دقائق معدودة أجرتها "مصر العربية" مع النائب عقب إعلان ائتلاف دعم مصر، ذو الأغلبية البرلمانية، تقدمها بطلب للبرلمان لإدخال تعديلات على الدستور، إذ أكد الحريري، عضو تكتل 25-30 الذي يمثل الأقلية بالبرلمان، أنهم سيرفضون هذه التعديلات.
بعد إعلانه «لا للتعديل»
"سنقول لا..ويكفينا أننا نقول لا في وجه هذا النظام، في وجه الأغلبية التي فرطت في الأرض ووافقت على اتفاقية تيران وصنافير، فمن يفرط في الأرض يفرط حاليًا في الدستور"، قالها الحريري، وأعقبها بالإشارة إلى ما يتعرضون له من ضغوط وتهديدات بسبب موقفهم المعارض.
لم يكتف الحريري بتصريحاته المعارضة، ومن قبل طرحه استفتاء على صفحته على فيس بوك، لرفض التعديلات الدستورية، بل عقد ورفاقه في تكتل 25-30، مؤتمرًا صحفيًا، أعلنوا خلاله رفضهم القاطع لهذه التعديلات.
بلاغ "مكالمة جنسية"
ما لبث أيام قليلة حتى توالت البلاغات إلى النائب ضد النائب هيثم الحريري، التي تطالب برفع الحصانة عنه وإسقاط عضويته، ما بين اتهامه لجمع بين راتبين، وأخرى تتهمه بنشر الفسق والتحرش الجنسي عبر الهاتف، بعد تسريب مكالمة جنسية منسوبة إليه، فضلًا عن التقارير الإخبارية والإعلامية عبر بعض المواقع وبرامج التوك شو، التي تشن ضده حملة هجوم ضارية هذه الأيام.
بالأمس تقدم المحامي سمير صبري، بدعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإدارى لإلزام رئيس البرلمان بدعوة لجنة القيم بالمجلس لإسقاط عضوية النائب هيثم الحريري لثبوت انتفاء شروط استمرارة فى عضوية المجلس وافتقاده شرط حسن السمعة.
أشار صبري، خلال دعوته، إلى أنَّ هناك العديد من البلاغات التي تقدمت ضد الحريري إلى النائب العام، والتي تطالب برفع الحصانة عنه، والتحقيق معه بتهمة التحريض على الفسق والتحرش الجنسي عبر الهاتف، ولارتكابه فعلًا فاضحًا متلبسًا به، وذلك من خلال التسريب الجنسي المنسوب له.
وقال المحامي، مقدم البلاغ: إنه بناء على هذه التهم تزول الحصانة عن عضو البرلمان إذا ضبطت الجريمة في حالة تلبس، إذ إن حالة التلبس هي حالة تسقط معها كل الحصانات؛ لأن الجريمة تكون مؤكدة، ومرتكبها معروف.
وكان المحامي محمد حامد سالم، قد تقدم ببلاغ إلى النائب العام يطالب فيه برفع الحصانة عنه والتحقيق معه بتهمة التحريض على الفسق والتحرش الجنسي عبر الهاتف، باعتبار أنه يكون قد فقد الثقة والاعتبار كونه نائبًا عن الشعب.
ذكر البلاغ المُقيد برقم 2106 لسنة 2019 عرائض النائب العام أنه يجب فتح التحقيق العاجل مع المبلغ ضده هيثم الحريرى، بشأن المقطع الصوتي المنسوب له المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي أثناء حديثه مع سيدة متزوجة تدعى «مروة أحمد» وفي هذا المقطع يحاول فيه إستدراجها للنزول من بيتها لمقابلته لممارسة الرذيلة مستخدمًا في ذلك عبارات وإيحاءات جنسية مشينة تلميحًا وتصريحًا تكشف عن علاقة آثمة بين المبلغ ضده وهذه السيدة المتزوجة التي تدعى مروة أحمد.
وسبق ذلك محضر آخر يحمل رقم 1166 إداري قسم محرم بك، يتهم فيه الحريري الجمع بين راتبين وتقاضيه رواتب وحوافز من شركة سيدي كرير للبتروكيماويات "عمله السابق"، بالإضافة إلى الراتب الذي يتقضاه من مجلس النواب وذلك بالمخالفة للقانون وفي السياق ذاته.
الحريري :«مش هخاف»
وعلق النائب هيثم الحريري على هذه التسريبات، عبر تغريدة له على تويتر قائلا: "سيقوم المحامي الخاص بي باتخاذ الإجراءات القانونية بشأن ما تم تداوله مؤخرًا.
وكان عضو تكتل 25-30 قد أكد، خلال مداخلة مداهفية مع الإعلامي وائل الإبراشي، أنه لن يخاف ولن يتراجع.
النائب يتراجع «التعديل ديمقراطية»
ولكن بعد كثرة البلاغات والحملات الموجهة ضد الحريري بدا أنه تراجع قليلًا عن نبرته تجاه رفض التعديلات الدستورية، فبعد أن كان يعلن صراحة أنه لا يجوز إجراء تعديلات على الدستور وأنه سيصوت بـ«لا»، عاد ليقول :"إن التعديلات الدستورية لها آلية لتعديله لا جدال عليها وإذا وافق المجلس فهذا قمة ممارسة الديمقراطية".
كما دعا الحريري المصريين للمشاركة الإيجابية والتصويت فى الاستفتاء، مضيفا:"علينا جميعًا أن نحترم إرادة المصريين".
وأوضح الحريري إجراءات المجلس لتعديل الدستور، بعد أن تقدم خُمس أعضاء المجلس بمقترحات لتعديل الدستور، إذ يعقد، غدًا الأربعاء، اجتماع مجلس النواب لمناقشة تقرير اللجنة العامة وتمنح الكلمة لعشرة نواب من المعارضين والمؤيدين على الأقل لإبداء أسباب الرفض والتأييد وسيكون القرار لأغلبية المجلس تصويتا نداء بالاسم.
وتابع :"ثم ينتقل الأمر إلى اللجنة التشريعية والدستورية لإجراء حوار مجتمعى حول أسباب ومبررات التعديل وتوضيح وجهتي النظر ويستمر الحوار لمدة لا تقل عن 60 يوم، ثم ويجري التصويت لأعضاء اللجنة التشريعية بأغلبية أعضاء اللجنة".
واستطرد:"أخيرا يتم التصويت على التعديلات فى صورتها النهائية نداء بالاسم ويكون القرار لأعضاء المجلس بموافقة ثلثى الاعضاء على الأقل".
انقلاب متابعي "الحريري"
بعد نشر الحريري هذا المنشور على صفحته على "فيس بوك" تعرض للكثير من التعليقات التي اعتبرته تراجع عن موقفه، إذ جاء تحت المنشور ما يزيد عن 600 تعليق جميعهم أدانوا هذا التراجع وهاجموه النائب.
بداية حاولنا الاتصال بـ"الحريري" للتعليق وتوضيح إذا ما كان قد تراجع عن موقفه بشأن التعديلات الدستورية كما نشرت بعض المواقع الإخبارية وكما اتضح من منشوره على حسابه الشخصي، إلا أن هاتفه مغلق.
علق ياسر نجم، أحد متابعي الحريري، ساخر:"بيقولك: قمة ممارسة الديموقراطية..
مش عارف ليه افتكرت اللوا عبد العاطي وهو بيقول على اختراع الكفتة : قمة التقدم العلمي".
محمد مصطفى موسى، علق هو الآخر على منشور الحريري قائلا:"الله يرحم ابوك
كان راجل"، وواصل ناشط آخر يحيى قدري:"مش ممكن ابن ابو العز يجيب ورا كده عشان تسجيل خايب لا يمثل اي جريمه ، فيه حاجه غلط".
وقال محمد محمد وهدان :"يابني انتا كومبارس ومعروفة يعني بلاش توجع دمغنا بعد كدة وائتلاف 25_30 كل الناس عارفه انكوا كومبارس وهنعمل وهنغير".
وعلق محمد ذكي :"شيل البوست احسنلك لو خايف ع سمعتك الطيبه شيل البوست لان كل الجرايد واخده وعامله منه اخبار انك بتأيد التعديلات. شيله"، وعلق آخر ساخر :"احترس من فضلك السياره ترجع إلى الخلف اقصد سياده النائب ببجيب ورا".
وقال خالد :"على فكرة يا باشمهندس انت شاب عادي زي اي شاب والمكالمه مكنش فيها اي شيء يدينك كل شاب في مصر له عشر مكالمات زي دي انما الفضيحه الحقيقة لشرف المعارض الشريف ابوالعز الحريري هي هذا البيان الخايب".
نجاح بـ 30 ألف صوت
و"هيثم" هو نجل أبو العز الحريري، الذي ترشح لمنص رئاسة الجمهورية عن حزب التحالف الشعبي اليساري عقب ثورة يناير، وهو كان سياسي يساري مخضرم ولكنه رحل عن عالمنا، ومن بعده سار نجله على دربه السياسي، إذ ترشح لمجلس النواب على مقاعد المستقليين، وقد فاز بالمنصب بحصوله على 30 ألف صوت، وهو ما اعتبره استكمالا لتاريخ والده الانتخابي.
والحريري حاصل على بكارليوس هندسة اتصالات دفعة 1999 من جامعة الأسكندرية، وهو من مواليد قسم غربال يونيو 1976، متزوج ولديه 3 أبناء، ويعمل حاليا مدير إدارة بشركة سيدى كرير للبتروكيماويات.
صراع دائم
ومنذ وصول "الحريري" إلى البرلمان وهو دائم الصراع مع رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال وبقية الأعضاء من الأغلبية البرلمانية، إذ ينضم هو للأقلية المتوحدة تحت تكتل "25-30"، والمعروفة بمعارضتها الدائمة للعديد من المواقف والقوانين التي تُعرض على البرلمان، وأبرزها اتفاقية "تيران وصنافير" التي اعتبروها "بيع للأرض.
وسبق أن أُحيل الحريري للجنة القيم البرلمانية أكثر من مرة بسبب مشاداته مع الأعضاء على خلفية مواقفه المعارضة.
أبرز مواقفه
ومن أبرز مواقف الحريري السابقة تأكيده على مصرية جزيرتي "تيران وصنافير" وأن إحالتها للبرلمان عدم احترام لأحكام القضاء.
ورفض الحريري قانون الخدمة المدنية وعلَّق قائلا: "القانون بيدبح الموظفين ولا يحقق الإصلاح الوظيفي"، الذي افق عليه المجلس في أغسطس الماضي.
وكذلك رفض الحريري قانون القيمة المضافة، ووصف الحكومة بأنها تستسهل وتمد يدها إلى "جيب" المواطن الفقير الأكثر تضررا، وعلَّق رئيس المجلس بعد المافقة على القانون بقوله «عجلة الإصلاح الاقتصادي تسير بقوة».
وكان الحريري قد علَّق الحرير على عزل هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي السابق، بقوله "نحن نحارب من يكشف الفساد ويفضح أمره"، وذلك بعد موافقة البرلمان على قانون إعفاء رؤساء هيئة أعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية المقدم من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
"احنا في دولة مش في معسكر"، جاء ردا من النائب البرلماني على استغاثة 26 من أهالي عمال الترسانة البحرية بعد محاكمتهم عسكريا.
طالب الحريري في البرلمان بزيادة بدل العدوى للأطباء، متهما الدولة بأنها لا تهتم بالصحة والتعليم كما ينبغي.
بعد انفجار الكنيسة البطرسية بالعباسية، طالب الحريري بإقالة وزير الداخلية بسبب الإهمال في تأمين المنشآت الحيوية.
إحالة للقيم
ويوم 7 يوليو لعام 2018، أُحيل النائب البرلماني هيثم الحريري، إلى لجنة القيم للتحقيق معه، بسبب الشكوى المقدمة ضده، من ثلاث نواب وهم محمد السويدي، غادة العجمي، ومي محمود و من ضمن التهم المقدمة ضده، شكوى من النائبتان "العجمي ومحمود"، بالتعدي عليهما، وارتكاب مخالفات جسيمة بحق النواب، حيث تطاول على النائبات المتقدمات ضده بالشكاوى بالسب، كما أنه نكل بعددٍ من أعضاء مجلس النواب عن طريق التليفون.
وقد سبق وأحيل الحريري إلى لجنة القيم، بسبب شكوى مقدمة ضده من قبل عدد من النواب، يتهمونه فيها بالتعدي عليهم بألفاظ نابية في جلسة تمرير اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، فضلاً عن تقدّم المحامي سمير صبري ببلاغ إلى النائب العام يتهمه فيه بـ"تعمّد الظهور على قنوات المعارضة في الخارج، في محاولة لضرب استقرار الدولة المصرية، ومهاجمة سياساتها الاقتصادية".
ومؤخرا أعلن تكتل (25-30) البرلماني، الذي يعد الحريري أحد رموزه، رفضه القاطع لإجراء أي تعديلات على الدستور المصري، سواء من حيث الشكل أو المضمون، والهادفة إلى استمرار الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحكم حتى عام 2034، معتبراً أن أي تعديل على مادة الرئاسة يصطدم مباشرة بنص المادة (226) من الدستور، والتي أقرت بعدم جواز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب الرئيس.
أبرز التعديلات الدستورية
و قرر مجلس النواب مناقشة التعديلات، الأربعاء 13 فبراير ومن أبرز التعديلات المقترحة على الدستور: مدّ فترة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، والسماح للرئيس عبد الفتاح السيسي بالترشح لولايتين جديدتين بعد انتهاء ولايته الثانية عام 2022، إذ أن الدستور الحالي ينص على ترشح الرئيس لولايتين فقط الواحدة منهم 4 سنوات.
وتضمن التعديلات، تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، واشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع، وإلغاء الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام.
وتشمل التعديلات المقترحة منح الرئيس صلاحيات في اختيار هيئات قضائية، وتقييد صلاحيات الرئيس المؤقت (في حال وجوده) بعدم السماح له بالترشح للرئاسة.
وهناك مقترح بإضافة إلى المادة 200 المتعلقة بمهام الجيش فقرة تنص على مهام جديدة، هي: "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد".
تُضاف إلى تشكيل مجلس النواب فقرة تنص على أنه "يُخصص ما لا يقل عن ربع عدد المقاعد للمرأة"، مع حذف عبارتي "والتمثيل المتكافئ للناخبين"، و"يجوز لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء فى مجلس النواب لا يزيد على 5%، ويحدد القانون كيفية ترشيحهم".
تتضمن التعديلات أيضا استحداث غرفة نيابية ثانية باسم مجلس الشيوخ (بجانب مجلس النواب)، وهي مماثلة لمجلس الشورى، الذي تم إلغاؤه عام 2013
ويتألف مجلس الشيوخ من ما لا يقل عن 250 عضوا لمدة 5 سنوات، على أن يُنتخب ثلثا الأعضاء بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، وتجرى الانتخابات طبقا لما ينظمه القانون، مع عدم استطاعة الغرفة الثانية مساءلة الحكومة.
وتشمل التعديلات حذف عبارة تنص على أن "مراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها" من اختصاصات هيئة مجلس قضايا الدولة، المعنية بالنظر في العقود الإدارية (دون توضيح مآل تلك المراجعات).