السياسة سيتم تجمديها.. وسأعتزل العمل السياسي إذا لم يُفتح المجال العام
البحث عن مرشح بجوار السيسي إهانة للانتخابات والرئيس
قررنا مقاطعة الانتخابات ولسنا ممولين من الخارج
نؤيد الجيش والشرطة في الحرب على الإرهاب ونتمنى الآمان لمصر
"البلد بدون معارضة شكلها باهت و4 سنين جايين بالشكل ده صعب أوي"
لابد أن النظام يأخذ الشباب المعارض على طريقه حتى لا يتطرف
بعض المنظمات الحقوقية الدولية متحيزة ضد مصر..ويجب تخفيف أحكام الإعدام
منذ أن كان طفلا وهو يشارك مع الفدائيين في مقاومة الاحتلال في مصر، ربما كان في العاشرة من عمره آنذاك، ولما بلغ أشده شارك في العديد من الحركات السياسية والتي انتقلت من مقاومة الاحتلال إلى التظاهر ضد الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد، حتى أنه من متقدمي الصفوف في أول مظاهرة عام 2004 رفعت شعار "كفاية" لحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
سنوات عديدة قضاها "جورج إسحاق" عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، في العمل السياسي تحمل على إثرها وعلى كبر سنه العديد من الملاحقات الأمنية والاعتقالات، ولكن بدى أن الأوضاع التي تمر البلاد بها حاليا قد تدفعه إلى أن ينهي مسيرته في العمل السياسي.
يقول إسحاق، في حوار لـ"مصر العربية" أنه قدم الكثير في العمل العام والسياسي ويفكر حاليا في الاعتزال، مؤكدا أنه إذا لم يتم فتح المجال العام ويستمع النظام للسياسيين ويسمح لهم بعرض وجهات نظرهم فسيتعزل العمل السياسي.
وأوضح إسحاق أن القوى المدنية تريد أن تشارك في قضايا الوطن، وهي ليست ممولة كما يردد البعض، مشددا أنهم يؤيدون الجيش والشرطة في الحرب على الإرهاب ولا يمكن أن يزايد عليهم أحد، وإلى نص الحوار...
بداية كيف ترى المشهد السياسي الراهن في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية؟
المشهد كله غير واضح، ويبدو أن السياسة في هذه الفترة سيتم تنحيتها جانبا لأنهم يفضلون الاستقرار على السياسة، وأرى أن السياسة سيتم تجميدها في مصر المرحلة القادمة، ولننتظر ماذا سيكون التحول الجديد بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية.
كيف رأيت ترشح موسى مصطفى موسى للانتخابات الرئاسية؟
شخصيا أنا أريد من المسؤولين أن يحاسبوا من أوصلوا المشهد إلى هذا الحد لأن من أوصل المشهد إلى هذا الشكل هو الذي يُحاسب، فكيف نظل نمنع هذا من الترشح ونحارب هذا، ونلقي القبض على آخر، حتى وصلنا إلى أنه قبل غلق باب الترشح بـ 24 ساعة نبحث عن مرشح آخر، هذا المشهد إهانة للانتخابات وللرئيس ولكل الدنيا "ميصحش كده" مصر دولة كبيرة.
ولكن البعض يلوم على القوى المدنية أنها لم تجهز نفسها للدفع بمرشح قوي للانتخابات الرئاسية؟
هذا صحيح إلى حد كبير، ولكن بعض الناس حاولت بالفعل منهم محمد أنور السادات وخالد علي، والفريق سامي عنان رغم تحفظاتنا عليه إلا أنه تقدم، وكذلك الفريق أحمد شفيق حاول، ولكن المشهد كان مربكا جدا، وكنا نريد أن نشارك في الانتخابات ولكن في ظل هذا المناخ غير معقول.
بما ترد على حملة الهجوم ضد الحركة المدنية الديمقراطية لاتخاذها قرارا بمقاطعة الانتخابات؟
كلنا كنا ننتظر أن نشارك في الانتخابات ولكن كيف نشارك في هذا المناخ المرتبك المشوه الذي كنا نأمل أن يكون فيه رجل رشيد يوقف هذه المهزلة ولكن لم نجد.
والدستور يعطي الحق في الإدلاء بالرأي في المرشح أو إبطال الصوت أو المقاطعة، ونحن قررنا مقاطعة الانتخابات، ولكننا لسنا ممولين من الخارج ولسنا ضد مصر، وفي نفس الوقت أصدرنا بيانين محترمين لتأييد ما يحدث في سيناء وتأييد الجيش والشرطة، لأنه موقف لا يمكن أن يزايد عليه أحد وإلا يكون منحرف عن الوطنية المصرية.
كلنا نعمل من أجل الوطن الذي سنظل ندافع عنه ونقول كلمة حق في سبيله إلى المنتهى، ونحن نؤيد العملية الشاملة في سيناء، ونقدر الشهداء الذين سقطوا من الجيش والشرطة والمدنيين، ولا أحد يستطيع أن يزايد علينا.
ولكن هناك من يقول إن المقاطعة تخالف الدستور ويتهم الداعين إليها بالتحريض ضد الدولة..ما رأيك؟
نحن من حقنا أن نقاطع ومن حقنا ننتخب ومن حقنا نطبل صوتنا، هذا حق دستوري لا يستطيع أحد أن ينازعنا فيه.
والإعلام الداعر هو الذي يشوه في صورة الناس، هل من المعقول أن يتهم أحد الدكتور محمد أبو الغار بأنه كان يريد تلقي تمويلا من الخارج، هل يعلمون كم يكسب أبو الغار يوميا حتى ينتظر الفتات، فنحن على سبيل المثال في حركة كفاية لم يجرؤ أحد أن يتهمنا بالتمويل من الخارج، ومن يتعامل مع الخارج هو يعلم نفسه جيدا.
وما تعليقك على التلويح بتجميد عضويتك في المجلس القومي لحقوق الإنسان، بعد قراره بتجميد عضوية أي شخص يحمل رأيا سياسيا في الانتخابات؟
لم يحدث تجميد عضويتي.. ولن أجاوب لأنه كلام فارغ.
لك باعا طويلا في العمل السياسي..ترى كيف تغيرت الأوضاع من عهد مبارك حتى الآن؟
مواجهة المعارضة حاليا أشد بكثير مما كانت عليه سابقا، "أيام حركة كفاية لما حد كان يتقبض عليه يقعد 15 يوم ويطلع أو يضرب ويطلع"، لكن ما نراه الآن أن يظل أحد في الحبس الاحتياطي عامين فهذا كثير جدا.
كيف تابعت إلقاء القبض على الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية؟
هناك تهم موجهة ومن الضروري أن نحتكم إلى القضاء العادل، وننتظر ما ستؤول إليه المحاكمة.
رأيك في قرار حزبي الوسط ومصر القوية بتجميد نشاطهم الحزبي احتجاجا على الأوضاع الراهنة؟
من حقهم.. ولكن أنا ضد أن ننسحب من الساحة، لأن المعارضة الوطنية جزء من الدولة، والمعارضة الحقيقية هي من تضع البدائل على ما تعترض عليه كما يحدث في التيار الديمقراطي والحركة المدنية الديمقراطية.
وماذا يمكن أن تقدم الحركة المدنية الديمقراطية للحياة السياسية؟
نحن نحاول أن نبني مجتمع مدني ديمقراطي حقيقي.
وماذا عن الملاحقة الأمنية التي يمكن أن تهدد عملكم في ظل البلاغات المقدمة ضد أعضاء الحركة؟
أي شخص يتصدى للعمل العام من الضروري أن يتحمل ما يفعل "مفيش هروب" ومن لديه قوة وصبر يتحمل، طالما نحن يعمل في إطار القانون والسلمية "محدش له عنده حاجة"، أما الاتهامات بالخيانة والعمالة فهذه ليست روح مصر التي اعتادنا عليها.
تعالت أصوات مؤخرا تطالب بحل الأحزاب الضعيفة..رأيك؟
أغلب الأحزاب ضعيفة نعم ولا أحد يمكنه أن ينكر ذلك، ولكن السبب في ضعفها هو الحصار الذي تتعرض له وغق المجال العام، على سبيل المثال لا تستطيع الأحزاب المعارضة أن تعقد مؤتمر جماهيري تدعو فيه الناس، كما حدث مع أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، تم منعه من حجز قاعة للإعلان عن رأيه في الانتخابات الرئاسية القادمة.
كل المعارضين ممنوعين أن يظهرو في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة بتعليمات، وهذا ما تسبب في "خنقة" ولابد من ضرورة فتح المجال العام، وأتمنى أن يتم فتحها بعد الانتخابات الرئاسية.
في رأيك ما خطورة إقصاء المعارضة من الحياة السياسية؟
بلد بدون معارضة شكلها باهت، ليس لها لا لون ولا طعم، لابد أن يكون هناك معارضة وطنية إيجابية ونحن نمثل جزء منها.
ماذا تتوقع إذا استمرت نفس الممارسات الحالية تجاه الأحزاب المعارضة؟
"4 سنين جايين بالشكل ده هيبقى صعب أوي"
تتوقع هل تؤدي الأوضاع الراهنة إلى ثورة أخرى كما حدث في يناير 2011؟
لن تقوم ثورة جديدة.. الخوف كله أن يحدث فوضى ونحن ضد هذا تماما، لذلك نطالب بفتح المجال العام، حتى لا يكون هناك ضغط أكثر من اللازم، لأن فتح المجال العام وتثقيف الناس يساعد على وقف الإرهاب.
الشباب الصغير حين يتعرض لضغط شديد قد يُغير اتجاهه وهذا ما نخاف منه، ولا نتمى لمصر إلا كل سلامة وآمان، لأننا ليس لدينا استعداد أن نتحمل ما تحملناه.
كيف تابعت انضمام الشاب "عمر الديب" إلى تنظيم داعش الإرهابي؟
هذا ما نخشاه ونحذر منه طوال الوقت، لابد أن يعطي النظام فرصة للشباب للتعبير عن رأيهم حتى المعارضين لابد أن يسمعهم وينظر في مطالبهم ويأخذهم على طريقه وهذا الحل الأمثل.
على سبيل المثال لا يُعقل أن نجد في السجون متطرفين مع سجناء عاديين أو جنائيين مع سياسيين، هذا الموضوع خطير ويتطلب نظرة مختلفة.
كيف تابعت حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تفويض جديد لمواجهة الأشرار؟
التفويض كان مقبولا في مرحلة معينة كانت هناك ثورة ورفض لجماعة الإخوان المسلمين والشعب هو من خرج يطالب بالتغيير والدستور حينها كان معطلا ولم يكن هناك من يحكم البلاد، أما الآن فيوجد دستور وقانون ودولة بكافة مؤسساتها، وإذا أراد الرئيس أمرا عليه بإجراء استفتاء لكن التفويض "خلاص زمنه راح".
ومن هم أهل الشر الذين يقصدهم السيسي في رأيك؟
"أنا مش عارف والله يقصد مين بأهل الشر"، هذا تعبير غامض هل يقصد اللصوص والفاسدين ومن يسرق وينهب البلاد أم من لا أعرف.
تقييمك لوضع المجتمع المدني في مصر حاليا؟
قانون الجمعيات الأهلية قانون جائر لابد أن يتغير لإتاحة الفرصة للجمعيات الأهلية للعمل الحقيقي، لأن الحكومة بكل إمكانياتها لا يمكن أن تغطي احتياجات الناس، والعمل الأهلي يساعد كثيرا في مجالات متعدة في مستشفيات ومدارس وعلاج، وضروري يعود مرة أخرى بقانون محترم.
وإذا كان هناك خوفا من التمويلات الأجنبية، فنحن مع مراقبة الأموال وتكون بميزانية واضحة وشفافة وتخضع لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات،حتى نعلم فيما تُنفق لأنه حدث فساد بالفعل في بعض الجمعيات لذلك لابد أن يكون هناك رقابة ولكن أيضا لابد من فتح المجال مرة أخرى للعمل الأهلي.
هناك من يرى بضرورة عدم الحديث عن الحريات وحقوق الإنسان لأن مصر تحارب الإرهاب.. ما رأيك؟
"ما احنا خرسانين خلقة .. هو حد قادر ينطق" نحن جميعا ضد الإرهاب ولا شك أنه خطر داهم علينا جميعا، ونرى ما يفعله الإرهاب في الدول المجاورة، ونحن مع الجيش والشرطة في محاربة الإرهاب.
ولكن ليس هناك مانع من أنه في ظل الحرب على الإرهاب نحافظ على حقوق الناس، ليس هناك تناقض بين الاثنين، فقط هي تحتاج إلى محترفين يعلمون كيف يتعاملون مع الاثنين معا.
رأيك هل المواجهة المسلحة وحدها تكفي للقضاء على الإرهاب..أم تحتاج إلى وسائل أخرى إلى جانبها؟
طوال الوقت ونحن نقدر تضحيات الجيش والشرطة، ولكن هناك جوانب أخرى لابد من أخذها في الاعتبار بجانب المواجهة المسلحة، مثل التعليم والتثقيف، ووقف بث الخطاب العدواني والكراهية عبر وسائل الإعلام، ﻷن هذا لا يجدي إطلاقا بل يستفز الناس، نحن نريد مجتمع سلمي ديمقراطي.
بعض المنظمات الدولية مثل "العفو الدولية" وغيرها تنقد الأوضاع في مصر ..هل تتفق معها؟
أنا كحقوقي أرى أن منظمة العفو الدولية متحيزة إلى حد كبير وفيها أخطاء مهنية في الرصد، وعلى سبيل المثال هناك مركز حقوقي في لندن يقول إن السجناء في مصر أكثر من 100 ألف سجين، وهذا كلام مرسل، فبعض هذه المنظمات متحيز ويبالغ في تقديره للأوضاع.
وماذا عن وضع السجون المصرية في رأيك؟
أنا لم أزر السجون، لأني أرى أنها لابد أن تكون بالإخطار وليس بالموافقة المسبقة "بنروح نلاقي الدنيا مرتبة وجميلة وده مش الواقع".
هل تتفق مع مطالبات وقف أحكام الإعدام؟
وسط التوتر الحالي وما يفعله أهل الشر الذي يقصده الرئيس، أراى أن أحكام الإعدام لابد أن تخفف إلى حد كبير، ولا يُعدم إلا من قتل الناس ودمر، لكن أحكام الإعدام المستمرة ضروري أن يتم تخففيها.
رسالتك للرئيس عبد الفتاح السيسي إذا فاز بولاية ثانية؟
افتح المجال العام واسمع للمعارضين، الشيء الوحيد الذي اكتسبناه من ثورة 25 يناير هو حق المشاركة، والناس تريد المشاركة في قضايا الوطن، استمع وجهة نظرنا بمنتهى الوضوح والصراحة لأننا من أهل هذا الوطن.
هل لديك تخوف من ممارسة العمل السياسي في الوقت الحالي؟
من يمارس العمل السياسي لا يخاف ومن لديه موقف لا يخاف طالما أننا نعمل بشكل قانوني وسلمي، "أما اللي بيشتغل من تحت لتحت، وبيعمل اتصالات جانبية، ده اللي يتخاف منه، أنا اللي بقوله جوه الأوضة بقوله برا الأوضة".
البعض اعتزل العمل السياسي..هل تفكر في هذا؟
أنا أتمنى وأفكر بعد أن أديت كل ما هو مطلوب مني، فأنا أمارس العمل السياسي والعام منذ عام 1966 حتى الآن "كفاية بقى".
ما الذي يمكن أن يدفعك إلى هذه الخطوة؟
إذا لم يتم فتح المجال العام، وأُعطيت الفرصة للأحزاب لتمارس عملها، وأن يقول السياسيون وجهة نظرهم ويُستمع إليهم سوف أعتزل العمل السياسي.
وما رسالتك للقوى المدنية؟
لابد أن تستمروا في رسالتكم وتقديم رؤيتكم، وأنا أراهن على شباب الحركة المدنية الديمقراطية.