"الفرقة" تلك آفة القوى السياسية في مصر، لاسيما في السنوات القليلة الأخيرة، فرغم أن بعضهم يقف في خندق "المعارضة" إلا أنهم لم يستطعوا توحيد صفوفهم، فكثيرا ما كانت تفرقهم الأيديولوجيات السياسية، إلا أنهم توحدوا جميعا في تضامنهم مع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية.
فمنذ إلقاء القبض على أبو الفتوح، أمس الأول الأربعاء، وتوالت الأحزاب والحركات السياسية اليسارية والليبرالية والناصرية والثورية في إصدار بيانات تضامنا معه، بينما أظهرت كوادر ورموز إعلامية محسوبة على "تحالف دعم الشرعية" "شماتة" واضحة فيه، رغم أن جماعة الإخوان بجبهتيها أصدرت بيانا تتضامن مع أبو الفتوح.
وبين "شماتة بعض المحسوبين على الإخوان" وتضامن التيارات السياسية الأخرى مع أبو الفتوح، يقف فريق ثالث لايزال يرى أن رئيس حزب "مصر القوية" محسوبا على الإخوان ولم ينشق عنهم، وهذا ما ورد في بيان وزارة الداخلية الذي أكد أن أبو الفتوح يعقد لقاءات مع قيادات جماعة الإخوان في لندن.
وقررت النيابة حبس أبو الفتوح 15 يوما على ذمة التحقيق، في اتهامه بنشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتولي قيادة بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصيةِ للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وشرعية الخروج على الحاكم، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
وتأتي هذه الاتهامات على خلفية تحريات بتواصل أبو الفتوح مع أعضاء بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، والاتفاق معهم على إجراء حوار مع قناة الجزيرة القطرية من لندن في 11 فبراير الجاري، وإدلائه بتصريحات تمس الدولة المصرية وأجهزتها وتتضمن شائعات كاذبة، بحسب بيان وزارة الداخلية.
الكاتب علاء الأسواني، كان عضوا بحركة كفاية وتحالف 30 يونيو المؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، قبل أن يتحول إلى معارضا للنظام لاختلافه مع طريقة إدارته للبلاد، ولكن لم تمنعه أيديولوجيته المختلفة تماما مع أبو الفتوح من المطالبة بالإفراج عنه.
وفي تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب قال الأسواني :"اختلف فكريا وسياسيا مع أبو الفتوح لكني أدافع عن حقه في معاملة عادلة، لماذا تم إلقاء القبض عليه؟، هل بتهمة أنه ظهر على قناة الجزيرة؟، فهناك كثيرون ظهروا على هذه القناة وبعضهم مؤيد للنظام، فلماذا لم يتم إلقاء القبض عليهم؟".
وأضاف الأسواني:" هل تهمة أبو الفتوح أنه عبر عن رأي لا يعجب النظام الحاكم حاليا، هل أصبح إبداء الرأي جريمة؟".
كما أعرب المحامي خالد علي، المعروف بانتمائه اليساري، عن تضامنه مع أبو الفتوح، عبر صفحته على الفيس بوك، قائلا:"كل التضامن مع حزب مصر القوية ضد الهجمة الأمنية، كل الدعم لأبو الفتوح ومحمد القصاص حتى إطلاق سراحمها ونيل حرياتهما".
الناصري حمدين صباحي، القيادي بتيار الكرامة، هو أيضا تضامن مع أبو الفتوح، وهو ما أعرب عنه خلال تدوين على موقع تويتر، قائلا:" الحرية لعبد المنعم أبو الفتوح".
وأبدى القيادي بحركة شباب 6 إبريل شريف الروبي، عبر صفحته على الفيس بوك، عن تضامنه مع أبو الفتوح رغم اختلافه معه قائلا:" اختلف مع أبو الفتوح ولكن يظل أمامي رجل محارب داخل أرض الوطن".
واستنكرت الحركة المدنية إلقاء القبض على أبو الفتوح، معتبرة أن هذه الخطوة وما سبقها من خطوات تدفع بالأوضاع إلى صدام واسع يطول كل التيارات السياسية ولا يترك معارضا خارج السجون، وتسد الطريق أمام أى محاولة للإصلاح وتكرس للحكم الاستبدادى.
كما أدان حزب الدستور الليبرالي القبض على أبو الفتوح، معتبرا أن احتجاز رئيس أحد الأحزاب الشرعية في مصر هو استمرار لنشر أجواء الترهيب في مواجهة المعارضين لسياسات النظام الحالي، رغم أنهم يعملون في إطار الضمانات الواردة في القانون والدستور.
وأضاف الدستور، في بيان صحفي، إنه بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع مواقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، فإن ما صرح به في عدد من المقابلات التي أجراها خارج مصر تدخل بالتأكيد في إطار حرية الرأي والتعبير، خاصة وأنه كرر مرارا تمسكه بالعمل السلمي، ورفضه القاطع لاستخدام العنف.
تلك الحالة من تضامن مختلف القوى السياسية مع أبو الفتوح انتقدها البعض، وهو ما علق عليه أحمد فوزي، القيادي بالحزب المصري الديمقراطي، قائلا"لا أعرف لما يشكرنا الناس على الحضور مع أبو الفتوح، أو لما يستغرب البعض الآخر ويسبنا ويهاجمنا أننا ندافع عنه".
وتابع فوزي:"احنا ولاد نبيل الهلالى وأحمد سيف الإسلام، المحامين اليسارين اللى علمونا إن الدفاع عن المتهمين فى تهم سياسية لا تتوافر فيها حد أدنى من المعايير العادلة و الدفاع عن حق الناس فى بناء تنظيمتها المستقلة، و حقها فى الإدلاء بأرائها وأفكارها، واجب علينا لا نشكر عليه، أما الى مش فاهم أو بيشتم، ده مفيش رجا فيه".
وفي المقابل أبدى بعض الرموز التي تحسبها السلطة على جماعة الإخوان وتحالف "دعم الشرعية" "شماتة" في إلقاء القبض على أبو الفتوح، وذلك رغم أن الجماعة بجبهتيها أعلنت في بيان رسمي تضامنها مع رئيس حزب مصر القوية.
وكان القيادي الأخواني طلعت فهمي، قال إن أبو الفتوح "أحد رموز العمل الوطني المصري، وموقفه من الإخوان معلن ومعروف للجميع"، في إشارة إلى إعلان أبو الفتوح قبل سنوات انفصاله عن الجماعة.
واعتبر فهمي في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأناضول أنّ "وصف أبو الفتوح بأنه من الإخوان لا يعدو عن كونه توظيفا لمحاولات الشيطنة التي يروّج لها هذا النظام بحق خيرة أبناء الوطن ممن يدفعون حريتهم ثمنا لنهضة مصر واستقلال قرارها".
وكان أبو الفتوح عضوا بمكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1987 حتى 2009، ذلك الانتماء الذي دفع ثمنه في السجن عام 1991 لمدة 5 سنوات، ولكن بعد ثورة يناير قررت الجماعة فصله من عضويتها بعد أن أعلنت ترشحه للانتخابات الرئاسية.
ومن بين من أظهرو "شماتة" في القبض على أبو الفتوح، عمرو عبد الهادي - عضو مؤسس جبهة الضمير-، قائلا :"لم يشفع لابو الفتوح دعمه تمرد، حشده إلى ٣٠ يونيه، تأييده خارطة الطريق، جلوسه مع عدلي منصور، لن ينقذك الا التوحد خلف شرعية الرئيس محمد مرسي".
وتابع عبد الهادي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك : "اللي بيلوموا على مكلومي الإخوان و الخوات شماتتهم في أبو الفتوح رمادي اللون يسمع و يقرا شهادة جمال سلطان صحفي السلطة عن اخر مكالمة معه قبل اعتقاله، ابو الفتوح ما قصر لغاية اخر مكالمه بيهاجم الإخوان و مندوب الداخلية إلي بيتصنت على المكالمة انتقم منه علشان هاجم الإخوان طبعا".
وعلق أيضا القيادي الإخواني نادر أمين قائلا :"أبوالفتوح حبيب والهلباوى ونوح ومازالت الإخوان تنظف الخبث من صفوفها وترجع قويه بالرصاص مثلما كانت بافعال وليس بتصريحات".
فيما كان الهجوم الأشرس هو تعليق صابر مشهور، المذيع بإحدى القنوات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، والذي أذاع فيديو بث مباشر على صفحته على الفيس بوك، يهاجمه فيه بعد إلقاء القبض عليه.
وقال مشعور :"الخائن عبد المنعم أبو الفتوح اللهم احشره في نار جهنم بما شارك من سفك دماء المسلمين والمسلمات والأطفال في رابعة والنهضة وسيناء وكل شوارع مصر، اللهم احشر من يدافع عن الخائن عبد المعم ابو الفتوح في النار معه".
وتابع :"أول من نظم مظاهرة عند الاتحادية لرحيل مرسي كان حزب مصر "المنافقة أو الطرية"، أول من شق عصا الطاعة لحاكم مسلم منتخب، أبو الفتوح شارك في الانقلاب العسكري وقابل عدلي منصور وقال نقدر للسيسي الدور الوطني، هو رجل قاتل ومن يقتل مؤمن عامدا متعمدا فجزاؤه نار جنهم".
فيما أصدرت جماعة الإخوان، بيانا صحفيًا، أعلنوا فيه دعمهم لعبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، كما أصدر شباب الإخوان المعارض للمرشد المؤقت محمود عزت، بيانا صحفيا أعلنوا فيه دعمهم لعبد المنعم أبو الفتوح، وذلك عبر موقع شباب الإخوان الرسمي المعروف باسم "إخوان أونلاين".
ولم تكن هذه المرة الأولى التى يقبع بها خلف القضبان، فعلى مدى حقبة ثلاث رؤساء ظل يناضل عن آرائه وأفكاره، وحين يفيض بالسلطة الكيل يكون مصيره السجن.
وانغمس أبو الفتوح خلال فترة دراسته بكلية طب القصر العينى جامعة القاهرة فى العمل العام، حيث شغل منصب رئيس اتحاد كليته ثم رئيس اتحاد الجامعة، ولم يؤثر هذا على دراسته فحصل علي بكالوريوس بتقدير جيد جدا، لكنه حرم من التعيين بسبب نشاطه السياسي واعتقل لعدة أشهر ضمن اعتقالات سبتمبر 1981 الشهيرة فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بسبب اعتراضه على اتفاقية كامب ديفيد.
يذكر أن نقاش جمعه هو والسادات حينما كان أبو الفتوح رئيس اتحاد لجامعة القاهرة، واتهم خلاله السادات بأن من يعمل حوله هو مجموعة من المنافقين، متعللاً بمنع الشيخ محمد الغزالي من الخطابة، واعتقال طلاب تظاهروا في الحرم الجامعي، رغم كل هذا واصل تفوقه الدراسي، وحصل على ماجيستر إدارة المستشفيات كلية التجارة جامعة حلوان.