تواجه المعارضة المصرية ما تعتبره مشهدًا انتخابيًا “غير نزيه”، بعد إعلان ترشح موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، في الثواني الأخيرة قبل غلق باب الترشح.
وأعلنت بالفعل عدة حركات وأحزاب وشخصيات عامة معارضة، مقاطعتها للانتخابات الرئاسية المقررة مارس المقبل، ومنها: "6 أبريل” و”الاشتراكيين الثوريين” والإخوان، وأحزاب الدستور و مصر القوية والتحالف الشعبي والكرامة".
وقبل أيام أعلنت "الحركة المدنية الديمقراطية" مقاطعتها لانتخابات الرئاسة، داعية المواطنين إلى عدم المشاركة في عملية الاقتراع .
وأوضحت الحركة، في بيان تلاه المتحدث باسمها، يحيى حسين عبد الهادي، الثلاثاء الماضي، أن أعضاءها لم يحددوا موقفهم من الانتخابات الرئاسية إلا بعد اكتمال المشهد الذي مررته أجهزة الأمن.
وقالت الحركة إنها تنأى بنفسها عن المشاركة في الانتخابات، التي وصفتها بـ "المسرحية العبثية".
ودعت الحركة الشعب المصري إلى المشاركة في هذا الموقف الرافض لإجراء الانتخابات الرئاسية "في ظل المشهد الراهن"، معتبرة أن النظام الحالي طرد أي مرشح معارض يحاول منافسة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويضم تحالف "الحركة المدنية الديمقراطية" 150 شخصية عامة، أبرزهم المرشح الرئاسي السابق وزعيم التيار الشعبي، حمدين صباحي، والمحامي الحقوقي خالد علي، والبرلماني السابق محمد أنور السادات، والمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات سابقا، وجورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان.
كما تضم عددا من القوى السياسية بينها "حزب الدستور"، و"الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي"، و"حزب الإصلاح والتنمية"، و"التحالف الشعبي الاشتراكي"، و"تيار الكرامة"، و"مصر الحرية"، و"حزب العدل".
وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر أعلنت أن المرحلة الأولى من التصويت على انتخاب الرئيس المصري ستجري خارج البلاد أيام 16 و17 و18 مارس المقبل، لتعقبها المرحلة الثانية من الاقتراع داخل مصر أيام 26 و27 و28 من الشهر ذاته.
وقوبل هذا الإعلان، ببلاغ إلى النائب العام المستشار نبيل صادق قدمه المحامي محمد حامد سالم، ضد 13 عضواً، وهم «خالد داوود رئيس حزب الدستور، ويحيى حسين عبد الهادي، ومحمد سامي رئيس حزب الكرامة، وحمدين عبد العاطي عبد المقصود صباحي وشهرته حمدين صباحي، وداوود عبد السيد، مخرج سينمائي، وفريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي، وأحمد فوزي الأمين العام السابق في الحزب المصري الديمقراطي، ومدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الديمقراطي، وأحمد البرعي وزير التضامن الأسبق، وعمرو حلمي وزير الصحة الأسبق، وجورج إسحاق، وأحمد دراج، وعبد العليم داوود»، يتهمهم فيه بالتحريض على قلب نظام الحكم، والإضرار بالاقتصاد والأمن القومي المصري.
في الأثناء، هاجم الرئيس عبدالفتاح السيسي، من سماهم بالأشرار، وطالب خلال افتتاح حقل "ظهر" للبترول، أمس بتفويض جديد لمواجهتهم وهو ما رد عليه مساء الجمعة حمدين صباحي في بيان شديد اللهجة.
الحركة المدنية الديموقراطية ترد:
وقالت الحركة المدنية الديموقراطية في بيان لها: "تعقيبا على التصريحات الأخيرة للسيد الرئيس والمرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي".
إن الأحزاب والشخصيات المؤتلفة في الحركة المدنية الديموقراطية، ومن منطلق تعاملها بالجدية اللازمة مع التصريحات الصادرة عن الرئيس والمرشح الرئاسي أثناء افتتاح حقل غاز ظهر، وفى ضوء مواد الدستور المُلزِمة للجميع، تستشعر عميق القلق من بعض ما قد تحمله هذه التصريحات من دلالات وإشارات، وتؤكد على الملاحظات التالية:
١- إذا كان المقصود من التصريح بأن ما حدث منذ سبع سنوات لن يتكرر هو ثورة ٢٥ يناير التي مجدتها ديباجة الدستور ومنها يستمد النظام القائم شرعيته، فإن هذه الثورة تمثل واحدة من أكثر صفحات التاريخ المصري إشراقاً رغم ما يقوم به البعض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية من تشويهها ورغم إيداع شبابها في السجون.
والتفسير الوحيد الذى يمكن أن نقبله لهذا التصريح هو أن الممارسات الفاسدة واللاديموقراطية والمستبدة لنظام مبارك التي أدت إلي اندلاع الثورة لن تتكرر، فالثورة ملك الشعب صاحب السيادة.
٢- إن نظام مصر السياسي يقوم وفقاً للدستور علي مبدأ تداول السلطة، وإن تفريغ الساحة السياسية من المرشحين بدعوى الحفاظ علي الأمن أمرٌ يخالف الدستور ولا يرعي أمناً.
إن محاولة ربط الأمن بشخص الرئيس وبقائه في منصبه هو نوعٌ من محاولة إشاعة الخوف لدي الناخب المصري بما يقوض مبدأ حرية ونزاهة المنافسة الانتخابية.
ومن منطلق إيمان الحركة المدنية الديموقراطية بأن مواجهة الإرهاب وداعميه واجبٌ وطنىٌ فإننا نجدد تأكيدنا على أن مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن هو واجب كل مؤسسات الدولة تشريعيةً وتنفيذيةً وقضائيةً وليست مهمةً منوطةً بمرشحٍ رئاسي واحدٍ مهما علا قدره وعظمت إنجازاته لوطنه، فالوطن ملك الجميع ودرء الخطر عنه واجب الجميع.
٣- إن الحركة المدنية الديموقراطية قد عجزت عن فهم تصريح الرئيس أن سيادته ليس سياسياً وأن الدول لا تبني بالكلام. وتنوه الحركة أن الحكم في كافة النظم، ديموقراطية كانت أم مستبدة، هو في جوهره ممارسةٌ للسياسة حتي لدي هؤلاء الذين يزدرون السياسة، وأن السياسة الرشيدة هي سياسة البرامج والأفعال المتوافق عليها بين كل قوي المجتمع، وأن هذا التوافق لا يتحقق إلا بالحوار أي بالكلام، وأن الدول لا تبني بالسكوت وقمع الكلمة وازدراء السياسيين بل بالكلام والحوار والتوافق والتعددية الحزبية وفقا لدستورنا، وأن الاستئثار بالقرارات المصيرية مع مطالبة الجميع بالصمت بحجة أن الوطن في خطر هو في ذاته عين الخطر المحدق بالوطن.
٤- كما تتساءل الحركة عن فحوى التفويض الجديد الذي قد يطلبه الرئيس من المصريين، ونؤكد أن الدول لا تُدار بالتفويضات وحشد المؤيدين في تجمعات سابقة التجهيز، بل تدار بالدستور واحترام الحريات.
ونتساءل عن محل التفويض هذه المرة؟ هل هو تفويضٌ لوأد الحريات؟ أم قمع المعارضة؟ أم انتهاك الدستور؟.
إذا أراد الرئيس تفويضاً لأمرٍ لا يدخل في اختصاصه فلديه إمكانية دستورية في طرح الأمور الهامة علي الاستفتاء، كأن يستفتي الشعب في القروض المنهمرة باسم مصر أو في إنشاء العواصم والمنتجعات الفاخرة أو في غير ذلك.
هذا خطابنا للشعب المصري تعقيباً علي هذه التصريحات.
عاشت مصر وطناً ينعم بالأمن والتقدم والحرية والتعددية.
**دعوات للمقاطعة
قبيل أيام من غلق باب الترشح، الإثنين الماضي، دعت شخصيات بارزة وأحزاب معارضة، عبر بيانات وتصريحات صحفية، إلى مقاطعتها الانتخابات الرئاسية.
ففي 28 يناير الماضي، دعا معارضون بارزون، بينهم مرشحون رئاسيون سابقون، عبر بيان، إلى مقاطعة الانتخابات، فيما تصاعدت الدعوة ذاتها من قبل تيارات وأحزاب وحركات أخرى.
ومن بين الداعين حركتا "6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين" وجماعة الإخوان وأحزاب يسارية وليبرالية، بينها "الدستور" و"مصر القوية" و"التحالف الشعبي" و"الكرامة"، بجانب شخصيات عامة.
في المقابل، وفي اليوم نفسه، قال محمد بهاء أبو شقة، المتحدث باسم الحملة الانتخابية للسيسي، خلال مؤتمر صحفي، إن مصر "ليست بصدد إجراء استفتاء، ولكن انتخابات رئاسية".
ورداً على سؤال بشأن نزاهة الرئاسيات، أجاب أبو شقة: "اعتدنا على هجوم استباقي على الانتخابات، وأثير هذا التساؤل عام 2014، وخرج المراقبون يشهدون بنزاهة الانتخابات".
**جبهة معارضة
بعد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، تتجه قوى معارضة في مصر إلى تشكيل جبهة معارضة جامعة.
ودعا بيان موقع من عشرات المعارضين، يمثلون غالبية أطياف المعارضة، الأربعاء الماضي، إلى "تشكيل جبهة تدرس الخطوات والخيارات القادمة، وتستدعي الشراكة الشعبية فيها".
الدبلوماسي المصري السابق، معصوم مرزوق، وهو قيادي بحزب "تيار الكرامة"، قال في تصريحات صحفية إن "استراتيجية المعارضة تتجه إلى بناء جبهة عريضة".
وأضاف مرزوق أنه "إزاء الوضع الحالي لم يبق أمام المعارضة سوى الدعوة إلى المقاطعة الإيجابية، بحيث تصل الرسالة إلى الحاكم بمدى الرفض".