رئيس التحرير: عادل صبري 11:26 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

25 يناير.. رحلة الشرطة من «درع الشعب» إلى «سوط النظام» في 56 عاما

25 يناير.. رحلة الشرطة من «درع الشعب» إلى «سوط النظام» في 56 عاما

1952 المصريون يغضبون من أجل الشرطة ..و2011 يثورون عليها

فادي الصاوي 24 يناير 2018 14:20

56 عاما هي الفترة الفاصلة  التي شهدت  تحولات  درامية في علاقة المصريين بجهاز الشرطة المدنية، في 26 يناير 1952 خرجت مظاهرات عارمة في القاهرة، اشترك فيها جنود الشرطة مع طلاب الجامعة، اعتراضا على قيام قوات الاحتلال البريطاني بمحاصرة قسم شرطة الإسماعيلية يوم25 يناير وقتل 56 شرطيًا وإصابة 80 آخرين بعد أن رفضت قوات الأمن إخلاء القسم ومبنى المحافظة وتسليم أسلحتهم.

 

 

تمر الأيام والسنوات، وتأتى ذكرى 25 يناير 2011، فيخرج ملايين المصريين، منددين بقسوة الشرطة المصرية التى كانت ترفع فى السابق شعار الشرطة فى خدمة الشعب إلى عصا فى يد النظام لقمع المواطنين، فكيف تحولت الشرطة من حماية للشعب إلى آلة بطش النظام؟

 

 

تأسست أول مدرسة للشرطة سنة 1896، وفي 1924، تأسس جهاز "البوليس السياسي بهدف حماية الملك من مؤامرات تهدد حكمه، بعدها امتد نشاط الجهاز ليشمل الحفاظ على أمن الجيش البريطاني في مصر ضد أي عمليات مقاومة يقوم بها المصريون، وانحل الجهاز في أغسطس 1952 وحل مكانه جهاز مباحث أمن الدولة سنة 1968 الذى تغيير اسمه إلى جهاز الأمن الوطني بعد ثورة يناير.

 

 

وتقول بسمة عبد العزيز طبيبة الأمراض النفسية والعصبية وصاحبة كتاب "إغراء السلطة المطلقة" التى رصدت فيه مسار العنف فى علاقة الشرطة بالمواطنين عبر التاريخ، إن العنف الممارس من رجال الأمن تجاه المواطنين قديم جدا ومن الصعب تحديد الحقبة الزمنية التى ظهر فيها.

 

 

وذكرت عبد العزيز المسئولة بمركز النديم لعلاج ضحايا  العنف والتعذيب، لـ"مصر العربية، أن المعاملة اليومية للمواطن غير المسيَّس فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت مبنية على الاحترام المتبادل، وكان العنف والتعذيب ضد الخصوم السياسيين، وذلك ﻷن النظام يرى أعدائه فى الشيوعيين والجماعات الإسلامية وليس المواطن العادي.

 

 

وأشارت إلى أنه فى عهد الرئيس محمد أنور السادات، تراجعت ظاهرة العنف ضد الخصوم السياسيين، وبدأ العنف ضد المواطنين العاديين يظهر في شكل حوادث فردية بسبب سياسات الانفتاح التى قام بها السادات وكانت ضد قطاع كبير من المواطنين الفقراء ومحدودي الدخل.

 

 

وأكدت "عبد العزيز "أنه في عهد حسني مبارك مارست الشرطة عنفا ممنهجا ضد المواطنين كافة، وبدأ مبارك عهده بحملة اعتقالات واسعة على خلفية اغتيال السادات، وظهر ما يسمى بحفلات الاستقبال داخل أقسام الشرطة، وأصبح هناك أدوات تعذيب تسلم كعهدة للضباط الجدد.

 

 

حسب قولها ظهر لأول مرة متهمون يعترفون بالجرائم تحت التعذيب، ثم يتم الافراج عنهم عند ظهور الجناة الحقيقيون، وبدأت الاستعانة بالبلطجية للاعتداء على معارضي النظام وتفريق المظاهرات، وتفاقم الأمر لدرجة استعانة ضباط شرطة بالبلطجية لمهام شخصية.

 


وأرجعت طبيبة الأمراض النفسية أسباب انتقال عنف الشرطة إلى المواطن العادي فى عهد مبارك، إلى كون المواطن أصبح عدوا محتملا لدى النظام بعد سياسات الخصخصة، فضلا عن عدم محاسبة أفراد الأمن على تجاوزهم تجاه المواطنين بالتالي أصبح أمرا معتادا لا يقابله أى شكل من أشكال العقاب.

 


وأشارت أيضًا إلى أن المناهج الدراسية التى يدرسها طلاب كلية الشرطة تغذى ممارسة العنف ضد المواطنين العاديين، مؤكدة أن مناهج حقوق الإنسان التى يدرسونها تدرس بشكل من الاستهزاء.

 


كما عددت "عبد العزيز" بعض المشاهد التى من شأنها تقليل احترام رجل الشرطة فى عيون المواطن العادي، ومنها تحرير رجل المرور مخالفة وتمزيقها بعد حصوله على مقابل مادي للتغاضي عن المخالفة، كذلك استخدام الشرطي لسلاحه الميري فى خناقة عادية مع المواطن العادي.

 

هل تغيرت الشرطة؟


من جانبه أكد الناشط الحقوقي جمال عيد، أن الشرطة اعترفت بالأخطاء التى ارتكبتها في حق الشعب المصري عقب ثورة 25 يناير، وكان من المفترض أن تتم عملية الاصلاح، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتم بتوظيف الداخلية لخدمة نظامه والتكريس للدولة البوليسية التى أسسها الرئيس الأسبق حسني مبارك.


وأوضح جمال عيد لـ"مصر العربية"، أن احترام القانون هو السبيل الوحيد، لتغيير الصورة السلبية عن رجال الشرطة فى عيون المواطنين .

 

 

"الداخلية زي ما هى لم تتغير".. بهذه العبارة أكد العميد حسين حمود، الخبير فى السياسات الأمنية، لـ"مصر العربية" أن هناك فريضة غائبة ألا وهى محاسبة بعض رجال الشرطة الذين انتهكوا حقوق المواطن المصرى، وكانوا سبباً فى ثورته، وترسيخ صورة ذهنية سيئة للجهاز بأسره، لافتا إلى أن ثمة فزاعة أمنية تهدف إلى محاولة طى صفحة ثورة 25 يناير - التى قامت ضد القمع الأمنى- ومحاولة إلهاء المواطنين وتحويل اهتمامهم من الرغبة فى الحصول على حقوقهم ومحاسبة أجهزة ومؤسسات الشرطة عما اقترفته فى حق الشعب آنذاك، إلى دعم الشرطة فى جهودها ضد الإرهاب، وطى صفحة الماضى.

 

وأشار حمودة إلى أنه قبيل ذكرى ثورة 25 يناير عامي 2016 و2017 وجه ندائين إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي للتنوية بخطورة عدم تحقيق أهداف الثورة والتنكيل برموزها، كما ناشد الرئيس بضرورة تغيير موعد عيد الشرطة من يوم 25 يناير إلى يوم 30 يونيو من كل عام، يوم انضمام الشرطة بحق إلى صفوف المواطنين، على أن يقتصر الاحتفال فى 25 يناير من كل عام، على عيد الثورة، والذكرى التاريخية لصمود رجال الشرطة فى مواجهة قوات الاحتلال الإنجليزى فى الإسماعيلية.

 

العميد حسين حمودة 

 

وعن أسباب عدم امتثال الشرطة لإرادة الشعب فى احترام حقوقه عند التعامل معها، ذكر حمودة سببين الأول فني، "حيث يشعر العاملون بأجهزة الأمن عندنا – فى دول العالم الثالث- بالغبن، حين يتعاملون مع الخارجين على القانون؛ إذ الأصل أن يكون التعامل معهم وفق القانون، ولكن معظمهم لأسباب يخرجون على القانون فى التعامل مع المجرمين، وعندها يصبحون هم والمجرمون سواء وهذا سبب لتكدير السلم الاجتماعي".

 

 

وأما السبب الثاني فسياسي ويتمثل فى انعدام الإرادة السياسية فى امتثال الشرطة للقانون والدستور، فحق التظاهر السلمي مكفول بالدستور المصري ولكن المواطن لا يمارسه نظرا للاحتيال عليه بقانون الطوارئ الذى جمد حق التظاهر.

ثورة 25 يناير
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان