نشرت "روبن رايت"، أستاذة العلوم السياسة بمعهد الولايات المتحدة للسلام، ومركز وودرو ولسون الدولي للأساتذة بواشنطن، مقالا في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تحت عنوان "مصر مقبلة على توترات سياسية واقتصادية كبيرة".
وجاء في مقال رايت "من المرجح للاحتفالات في مصر والتي تمثلت في الهتافات والألعاب النارية في ميدان التحرير أن تكون قصيرة الأجل، فسوف يشهد العام المقبل اضطرابات أكثر مما شهده العام الماضي، متمثلة في توترات سياسية أعظم وصدمات اقتصادية كبرى".
أولاً: الانقلاب العسكري هو انقلاب على السلطة الشرعية وليس له معنى آخر كما يردده البعض، فقد انقض الجيش المصري على الرئيس المنتخب ديمقراطيا، وعيّن رئيس قضاة المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد بطريقة غير شرعية، كما أن الجيش نشر دبابات في الشوارع المصرية وأغلق القنوات الإعلامية الداعمة لـ"محمد مرسي"، فضلا عن أنه أشرك نفسه في مجال العدالة التعسفية باعتقال عشرات المسؤولين الحكوميين وكبار أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بمن فيهم "محمد مرسي" نفسه رغم أنه الرئيس المدني الوحيد الذي تم انتخابه بطريقة ديمقراطية في مصر على الإطلاق، والآن يصوب الجيش المصري النيران على مصريين ويقتلهم.
ثانيًا: إن الأزمة الحالية ليست حول من يحكم، لكنها تتعلق أكثر بالطريقة الأساسية التي تُحكم بها مصر، فقد تم تعليق العمل بالدستور، والآن سيتوجهون نحو تعديل الدستور أو إعادة صياغته؛ وهي العملية التي من شأنها إشعال الانقسامات الحادة بين المصريين مثلما حدث سابقا خلال الفترة الانتقالية الأولى، فالدستور تم عمله لإنهاء الخلافات وليس إشعال شرارة خلافات أخرى جديدة.
ثالثا: كانت الأحزاب الليبرالية والعلمانية غير مهنية وانجرفت عن وظيفتها الرئيسية إلى حد كبير خلال العام الماضي، فقد منعها الغرور والحماقة من تشكيل ائتلاف بديل ذو قيمة، وانشغلت بالتشاجر والتنازع في وقت ثمين تبني مصر فيه نفسها.
رابعًا: كانت ممارسات "محمد مرسي" من واقع حيازته على "الأغلبية" الانتخابية، حيث أن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها "مرسي" منظمة تنظيما شديدا، وحزبها الحرية والعدالة هو أكبر الأحزاب في مصر وهو جد الأحزاب الإسلامية الحديثة.
وأخيرًا: لا ينبغي على العالم الخارجي أن يقبل الانقلاب العسكري ببساطة، نظرا لأنه أطاح بزعيم لمجرد أنهم لا يحبونه أو يثقون فيه، ففي عام 2011 اتخذت الولايات المتحدة إحدى أهم قراراتها في السياسة الخارجية عندما تخلت عن الحكام المستبدين -أو على الأقل بعضهم- والذين كانوا قد ساعدتهم أمريكا للبقاء طويلا في السلطة، فالولايات المتحدة تحتاج الآن إلى توضيح أن الغايات لا تبرر الوسيلة في مصر؛ وهي السياسة التي اتبعها الشرق الأوسط لآلاف السنين.