لم تتغافل ذاكرة المصريين يوماً عن ذكر الحقبة الناصرية و استدعائها إلى الساحة السياسية كلما سنحت الفرصة لذلك، حتى مع الحركات السياسية مثل كفاية و 6 إبريل و غيرها.
ففي العام الذي يتمكن فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من الإطاحة بالرئيس الأول لمصر بعد ثورة الـ 23 من يوليو 1952، يولد كل من حمدين صباحي و عبد الفتاح السيسي، المرشحين المتنافسين على رئاسة البلاد لانتخابات الرئاسة 2014 المزمع إجراؤها يومي 26 و 27 مايو الجاري.
فقد شهد عام 1954 ميلاد مرشحين لرئاسة مصر و هما صباحي و السيسي و الإطاحة برئيس لها عقب ثورتها في يوليو و هو اللواء محمد نجيب و بداية لحكم رئيس أخر و هو اليوزباشي جمال عبد الناصر الذي أطاح بنجيب في انقلابه عليه عام 1954.
هذه المفارقات يبدو أنها كانت طريقاً لرسم خريطة السياسة و الرئاسة على السواء في مصر، حتى وصلنا إلى هذه الفترة من تاريخ مصر و كأن التاريخ يعيد نفسه و بنفس الأحداث و بنفس التوصيف و الإنتماءات للأشخاص الذين يتولون دفة التغيير و المعارضة، مع اختلاف الأسماء فحسب.
ففي نوفمبر عام 1954 صدر حكم من محكمة الشعب العسكرية آنذاك برئاسة حسين الشافعي و عضوية السادات و كمال الدين حسين، بإعدام 7 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بسبب اتهامهم باغتيال عبد الناصر في حادث المنشية الشهير بالإسكندرية ليكون رادعاً لأعضاء الجماعة لتتخلى عن معارضة النظام و نشر فكرها بين الأوساط المختلفة من الشعب المصري و ترك اعتصامهم الذي كان داعماً لنجيب آنذاك.
و نلحظ أن نفس سيناريو 1954 هوما يحدث الأن مع أعضاء نفس الجماعة عقب أحداث 3 يوليو 2013، حيث أحكام الإعدام و من قبلها أحداث الفض لاعتصامي رابعة العدوية و النهضة، التي شهدت قتلاً لأعضاء الإخوان المسلمين و مناصري الرئيس المعزول محمد مرسي، و الذين قُدروا بالمئات بحسب التصريحات الرسمية و الألاف بحسب التصريحات الحقوقية للمنظمات الحقوقية الدولية غير الرسمية.
المرشحان الرئاسيان في الانتخابات الرئاسية 2014 صباحي و السيسي دائماً ما تحاول حملة كل منهما استدعاء سيرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و نسبتها لمرشحها دون الأخر، غير أن المراقبين يرون شبهاً واضحاً بارزاً بين ناصر و السيسي تتضح سماته بينهما بسبب أنهما عسكريان أصلاً.
و مما يحدث في الشارع المصري، نجد مؤيدي السيسي يرفعون صورة ناصر بجوار صورة مرشحهم و كذا يفعل مؤيدو صباحي الناصري الفكر و التوجه السياسي والمعروف عنه ذلك.
أما عن أسر الرؤساء السابقين، فقد اشترك حكيم نجل الرئيس جمال عبد الناصر في مؤتمرات جماهيرية و وفود رسمية لدعم السيسي و لم يساند صباحي ذي الحديث المستمر عن أنه ابن التجربة الناصرية حتى النخاع، كما استقبل السيسي أرملة الرئيس السادات و نجلهما جمال اللذان أكدا دعمهما له دون صباحي و قد كان الرئيس الأسبق مبارك قد صرح عبر محاميه فريد الديب أن السيسي هو الأنسب لقيادة مصر و حكمها في المرحلة الراهنة و أنه سيعطي صوته له حال سُمح له بذلك قضائياً.
لكن الأكيد رغم هذه المفارقات كما يرى كل المصريين هو وصول السيسي لسدة الحكم في الانتخابات الرئاسية 2014 ، بيد أن السؤال الأهم الأن الذي بات يطرح نفسه على المشهد المصري بقوة، هو ماذا بعد وصوله للقصر؟؟
إقرأ أيضا