طوال السنوات الأربعة الماضية أثار مقتل الباحث الإيطالي ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني اهتماما كبيرا لدى الرأي العام المصري والإيطالي والأوروبي، وسط إصرار الجانب الإيطالي على التوصل إلى الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة، وهو ما أكدت عليه القاهرة أيضا، فيما كان يُجرى التنسيق بين فريقي النيابة المصرية والإيطالية بهدف تحقيق العدالة.
تسلسل الأحداث
تعود بداية أحداث قضية ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني، إلى يوم 31 يناير عام 2016 حين دعت وزارة الخارجية الإيطالية السلطات المصرية إلى البحث عن طالب إيطالي يُدعى ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني اختفى بشكل غامض في القاهرة مساء ليلة 25 يناير.
وريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني هو باحث دراسات عليا في جامعة كامبريدج، كان قد أجرى بحثا لنيل درجة الدكتوراه في القاهرة فيما يتعلق بالملف العمالي.
وبعد نحو 9 أيام من اختفائه ليلة 25 يناير عُثر على جثته في صباح يوم 3 فبراير 2016، على حافة طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وجثمانه نصف عار ويبدو عليه آثار تعذيب في مناطق متفرقه من جسده، وقطع في الأذن ونزيف حاد وكسر في الجمجمة، أحدثت نزيفا داخليا أدت إلى وفاته، وفقا لتقرير الطب الشرعي.
وبمجرد العثور على جثة ريجيني مقتولا وعليه أثار تعذيب، أمر النائب العام في يوم 4 فبراير 2016 وكان حينها المستشار نبيل صادق، بفتح تحقيقات موسعة، للكشف عن ملابسات الحادث، وفي اليوم التالي وصلت بعثة إيطالية لبحث أسباب مقتل الباحث الإيطالي.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تقدم بالعزاء إلى عائلة الباحث الإيطالي ريجيني، ووعدهم بأن جهات التحقيق في مصر ستصل إلى معرفة المسؤول عن هذه الجريمة، قائلا "أنا أخاطبكم كأب قبل كوني رئيساً، نفهم الألم والمعاناة الناتجة عن فقدان ابن، شعور بالمرارة والاضطراب يكسر القلب، وأنا أفهم ذلك، وقلبي معكم ودعواتي إليكم".
وأضاف السيسي، "أعدكم أننا سنبذل قصارى جهودنا للتوصل إلى الحقيقة، ونحن نعمل الآن مع السلطات الإيطالية لتسليم هؤلاء المجرمين ومعاقبتهم لقتل ابنكم".
وأخذت قضية مقتل ريجيني نوعا من أشكال التصعيد من قبل البرلمان الأوروبي، الذي قد دعا في جلسته يوم 10 مارس 2016 دول الاتحاد لوقف المساعدات عن مصر على خلفية مقتل ريجيني، وهو ما أثار انتقاد البرلمان المصري الذي اعتبره تدخلا غير مقبولا في الشأن المصري.
وفي يوم 14 مارس عام 2016 زار المدعي العام الإيطالي نظيره المصري بالقاهرة لمتابعة التحقيقات في قضية مقتل ريجيني، وما لبث إلا أن أعلنت الشرطة المصرية يوم 25 مارس تصفية عصابة إجرامية أثناء تبادل إطلاق النار، وعثورها لدى أحدهم على جواز سفر الباحث الإيطالي ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني ومقتنياته الشخصية.
وبحسب بيان وزارة الداخلية المصرية فإن التشكيل العصابي، الذي تمت تصفيته، قد تخصص في انتحال صفة ضباط شرطة واختطاف الأجانب وسرقتهم بالإكراه.
ولكن الجانب الإيطالي أصر على استكمال سير التحقيقات في القضية، إذ اعتبر أنه لا يوجد دليل قاطع بضلوع التشكيل العصابي الذي تمكنت الشرطة المصرية من تصفيه في قتل ريجيني".
وفي يوم 5 إبريل هدد وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني بالتصعيد في قضية مقتل ريجيني بالقاهرة حال عدم التعاون بشكل كامل في التحقيقات، وفي يوم 8 أبريل 2016، استدعت إيطاليا سفيرها في مصر للتباحث بشأن مقتل الطالب ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني في القاهرة.
وشهدت العلاقات بين مصر وإيطاليا بعض التوترات بسبب قضية مقتل ريجيني، حيث صرحت الخارجية الإيطالية بعدم رضاها عن تعاون مصر في التحقيقات، وهو ما علق عليه السفير سامح شكري، وزير الخارجية المصري، قائلا :"نبرته تقلقني ولا تعكس إدراك مصالح البلدين".
وفي يوم 29 يونيو 2016 وعلى خلفية التوترات التي أحدثتها قضية ريجيني، قرر البرلمان الإيطالي وقف تزويد مصر بقطع غيار حربية.
ولم يمض وقت طويل حتى عادت العلاقات المصرية الإيطالية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والعسكري، وتبادل الزيارات بين المسؤولين والوزراء من الجانبين، وعاد السفير الإيطالي إلى القاهرة في 13 سبتمبر 2017.
وبعد أشهر من التحقيقات أصدر النائب العام المصري بيانا مشتركا مع نظيره الإيطالي في يوم 10 سبتمبر 2016، جاء فيه إن ن ريجيني كان تحت مراقبة أجهزة الأمن المصرية قبيل اختفائه، وأن الشرطة المصرية أوقفت تحقيقاتها بعدما تأكدت أنه لا يمارس أي أنشطة تضر بالأمن القومي المصري.
أما الجانب الإيطالي فقد أشار إلى ضلوع 5 من رجال الأمن في مقتل ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني، وفقا لما ذكرته وكالة "رويترز" نقلا عن مصدر قضائي إيطالي، وطالبت إيطاليا بإدراج هؤلاء الـ 5 كمشتبه بهم وفق القانون الإيطالي، إلا أن النيابة المصرية رفضت بسبب نقص الأدلة.
ولفترة من الوقت حل الصمت على قضية ريجيني، إلا أنها عادت مرة أخرى للسطح بعدما أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، في 15 يناير 2020، بتشكيل فريق تحقيق جديد في واقعة مقتل «ريجيني»، بعد لقائه بعدد من المحققين الإيطاليين.
وفي مطلع يوليو 2020 بحث النائب العام ملف تحقيقات مقتل ريجيني مع نظيره الإيطالي في لقائهما عبر تقنية الفيديو، وعقد فريقي التحقيقين المصري والإيطالي اجتماعات يومي 28 من شهر أكتوبر الماضي بالقاهرة، و5 نوفمبر المنصرم بالعاصمة الإيطالية بروما، لبحث تطورات الملف.
وأسفرت الاجتماعات عن صدور بيان مشترك في 30 نوفمبر 2020، أسدلت فيه النيابة المصرية على قضية مقتل ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني، بينما تشتبه إيطاليا في 5 من رجال الأمن المصري.
الرواية المصرية
أكدت النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية، أن مرتكب واقعة قتل الطالب الإيطالي «ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني» لا يزال مجهولًا، وأنها ستتصرف في ملف تحقيقات الواقعة بغلقه مؤقتا.
وقالت النيابة في بيان مشترك مع نظيرتها في روما، أمس الاثنين، إنها ستكلف جهات البحث والتحري بموالاة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوصول إلى مرتكب الجريمة، مشيرة إلى أن نيابة الجمهورية بروما تتفهم قرار النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية".
وأعلنت النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية أنها توصلت إلى أدلة ثابتة على ارتكاب أفراد تشكيل عصابي واقعة سرقة متعلقات الطالب المجني عليه بالإكراه، حيث عثر على تلك المتعلقات بمسكن أحد أفراد التشكيل، وأيدت شهادات بعض الشهود ذلك.
وأشارت النيابة المصري إلى أنّه ثبت من التحقيقات ارتكاب التشكيل جرائم مماثلة كان من بين المجني عليهم فيها أجانب؛ منهم «إيطالي الجنسية» خلاف الطالب المجني عليه، وأنهم استعملوا في ارتكاب جرائمهم وثائق مزورة تنسبهم –على غير الحقيقة- إلى جهة أمنية مصرية، وسوف تتصرف «النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية» في تلك الواقعة على هذا النحو.
وأضافت النيابة، إن ذلك يأتي في إطار التعاون القضائي المتبادل والمستمر بين النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية ونيابة الجمهورية بروما على مدار السنوات الماضية وحتى الآن، وبعد عقد العديد من الاجتماعات بين الطرفين، وآخرها اجتماع فريقي التحقيق بالنيابتين يومي 28 من شهر أكتوبر الماضي بالقاهرة، و5 نوفمبر الجاري بالعاصمة الإيطالية بروما.
الرواية الإيطالية
من جانبها أعلنت نيابة الجمهورية في روما، عن نيّتها في إنهاء التحقيقات الواقعة في اشتباه 5 أفراد منتمية لأجهزة أمنية بتصرفات فردية منهم، دون صلة بأية جهات أو مؤسسات حكومية مصرية، مشيرةً إلى أنها ستعرض هذا الاشتباه جاء وفق الإجراءات القضائية الإيطالية على قاضي التحقيقات الأولية في روما لتقييمه واتخاذ الإجراءات القضائية بشأنه.
بدورها عبرت النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية عن اعتراضها وتحفظها على هذا الاشتباه، لأنه دون دليل ثابت ولا تؤيده، وتؤكد تفهمها للقرارات المستقلة التي تتخذها نيابة روما.
اهتمام إعلامي
وقد حظت تطورات قضية ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني الأخيرة على اهتمام مقدمي برامج التوك شو، حيث تناولها كل من الإعلامي عمرو أديب في برنامج الحكاية، وإيمان الحصري في برنامج مساء دي إم سي، وأحمد موسى في برنامج على مسؤوليني، ولبنى عسل في برنامج الحياة اليوم، ولميس الحديدي في برنامج كلمة أخيرة.
وعلق الإعلامي أسامة كمال، على إصدار النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية، بيانا مشتركا، مع النيابة بروما بشأن قضية مقتل الباحث الإيطالي ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني، بأن النيابتين في مصر وإيطاليا يتعاونان ووافقوا على الاستمرار في التعاون، رغم إغلاق الملف في مصر.
وأضاف كمال، مقدم برنامج 90 دقيقة عبر فضائية المحور، أن النيابة المصرية ترى أن المتهمين الرئيسيين في مقتل ريجيني تشكيل عصابي لمجموعة من الأجانب، لافتا إلى أن النيابة في إيطاليا ترى أن خمسة ينتمون للأجهزة الأمنية ارتكبوا الجريمة.
وتابع :"كل شخص ينظر إلى مجموعة من الأدلة والبراهين لكن في النهاية التعاون هو الموجود منذ وقوع الجريمة، محدش قال للنيابة طلعي بيان والنبي، تم إرساله منذ ساعة ونصف إلينا وليس تحت ضغط إعلامي أو إخواني، وخلصت الأمور إلى هذه النتيجة".
العلاقات بين البلدين
وتعليقا على بيان النيابة العامة المصرية" target="_blank">النيابة العامة المصرية والإيطالية، قال الإعلامي أحمد موسى، إن العلاقات المصرية الإيطالية الممتدة منذ آلاف السنين، لم تتأثر ولم تنقطع قط حتى في وقت أزمة الطالب "جوليو ريجيي"، لافتا إلى أن الرئيس السيسي زار إيطالي في بداية الزيارات الرئاسية عام 2014.
وأضاف موسى، خلال تقديمه برنامج على مسؤوليتي عبر فضائية صدى البلد، أن العلاقة متميزة بين الرئيس السيسي ورئيس الوزراء الإيطالي، وهناك تعاون في كافة المجالات السياحية والعسكرية، وغيرها، منوها إلى أن مصر واجهت الهجرة غير شرعية، وحمت إيطاليا من عشرات الآلاف من الهجرات غير الشرعية.
وأشار موسى إلى أن هناك تعاملات اقتصادية كبيرة بين مصر وإيطاليا منها شركة ايني للبترول، والتي تنقب عن البترول في شرق المتوسط، إضافةً إلى عدد كبير من الشركات الإيطالية التي تعمل في مصر، لافتا إلى أنه هناك أيضا تعاون عسكري كبير بين البلدين.
في السياق نفسه قال الإعلامي نشأت الديهي، إن العلاقات المصرية الإيطالية راسخة ولا يمكن أن يعكرها أفراد، معتبرا مقتل ريجيني مجرد أخطاء فردية غير مؤسسية.
وأضاف الديهي، خلال تقديمه برنامج" بالورقة والقلم" الذي يعرض عبر فضائية "TEN"، أن العلاقات المصرية والإيطالية متواصلة على المستوى التجاري والسياحي والاقتصادي، منوها إلى أن أهل الشر يحاولون إشعال الفتن بين البلدين.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد تلقى اتصالاً هاتفيًا من جوزيبي كونتي رئيس وزراء إيطاليا، في 20 نوفمبر 2020، وتباحثا حول العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين، كما استعرضا آخر مستجدات التعاون المشترك بين الجانبين بشأن التحقيقات الجارية في قضية الباحث الإيطالي ريجيني" target="_blank">جوليو ريجيني.